شراكسة شمال نيو جيرسي “في المنفى” يطلقون احتجاجاً اولمبياً

شراكسة شمال نيو جيرسي “في المنفى” يطلقون احتجاجاً اولمبياً

بقلم أندريا ألكسندر

الشراكسة في شمال نيو جيرسي سيقصدون الألعاب الأولمبية في فانكوفر حاملين رسالة إلى شعوب العالم مفادها: إذا سمحتم بانطلاق أولمبياد سوتشي  2014 كما هو مخطط له في روسيا، فستتزلجون على قبور أجدادنا المضطهدين.

 

في هذه الصورة أعضاء المعهد الشركسي الذين سيسافرون إلى الأولمبياد، من  اليسار، ليزا جركسي، تامبي بارسيك، زيد فوتش، وتمارا بارسيك.
في هذه الصورة
أعضاء المعهد الشركسي الذين سيسافرون إلى الأولمبياد، من
اليسار، ليزا جركسي، تامبي بارسيك، زيد فوتش، وتمارا بارسيك.

 أعضاء من المعهد الثقافي الشركسي في توتوا يطلقون حملة مع المؤسسات الشقيقة على نطاق العالم لمنع إقامة  أولمبياد 2014 الشتوي في  سوتشي – العاصمة السابقة لوطنهم التاريخي السليب.

و يقول هؤلاء أن جيوش روسيا طردت أجدادهم بوحشية منذ قرابة 150 عاماً من المنطقة الواقعة بين البحر الأسود و جبال القوقاز، وقد عاش أحفاد الناجين منذ ذاك حياة المنفى، و لا يريد هؤلاء أن يشهدوا احتفالاً وألعاباً على أرض وطنهم المأساوي.

و ينوي عشرة أعضاء من المعهد التوجه إلى أولمبياد فانكوفر بقصد لفت الانتباه إلى تاريخهم. وسينضمون إلى أعضاء من الجالية الشركسية في كاليفورنيا للاحتجاج على موقع الأولمبياد الروسي بينما يشاهد العالم الألعاب .

“لقد ركزنا  جهودنا في السنوات الأربعة أو الخمس الماضية حول هذا الموضوع ”  قال إياد  يوغار  من هاكنساك . “قد يكون أكثر فعالياتنا تنسيقاً  ذهابنا إلى الأولمبياد لنخبر الناس: أن المكان الذي ستذهبون إليه بعد أربعة سنوات هو المكان عينه الذي مات فيه آبائنا و أمهاتنا .”

يتركز  معظم الشراكسة في مجتمعات مقاطعة باسييك: واين، هاليدون، بروسبيكت بارك  وهاوثورن .

و يمثلون التجمع الأكبر في الولايات المتحدة، بتعداد يقارب الخمسة آلاف شخص.  و يقيم الشراكسة منذ أرغموا على العيش في المنفى سنة 1864، مبعثرين على امتداد العالم – في تركيا، سوريا، الأردن، وفي مناطق من أوروبا والولايات المتحدة  وإسرائيل .

حقائق سريعة:

يشكل الخمسة آلاف شركسي  المستقرون شمال نيو جيرسي في مقاطعة باسييك، أكبر تجمع لهم في الولايات المتحدة. و نورد  هنا تقديرات لبعض أكبر الجاليات الشركسية حول العالم:

منطقة القوقاز في روسيا : 690  ألفاً

تركيا:  خمسة ملايين

ألمانيا : 100 ألف

الأردن : 100 ألف

سوريا: 100ألف

فرنسا : 15 ألف

إسرائيل: خمسة آلا ف

المصدر: المعهد الثقافي الشركسي ومعلومات من الباحث المستقل  ستيفن د  شينفيلد

الحكومة الروسية تشكك في رواية الشراكسة لتاريخهم.  و قد أصدر يفغيني خوريشكو الملحق الصحفي بالسفارة الروسية في واشنطن  يوم الاثنين تصريحاً يقول فيه، “لم يتعرض الشراكسة لإبادة  جماعية. و كل المزاعم في هذا السياق ليس لها أساس”.

لكن إياد يوغار يقول: ربما يصر الروس على عدم حصول الإبادة الجماعية  لأن هذا المصطلح  لم يكن دارجاً حين  أبيد أجداد الشراكسة.  ويضيف لكن المؤرخين الروس كتبوا عن هذه الأحداث التي حصلت منذ أجيال مضت ووثقوها.

“إن الوثائق تثبت أن ثلاثة ملايين من الشراكسة كانوا يعيشون في وقت ما في القوقاز، أما الآن فيعيش تسعون بالمائة من الشراكسة في الشتات حول العالم مع بقاء عدد ضئيل منهم في القوقاز” كما يقول إياد يوغار.

إن المنطقة التي يقول الشراكسة أن الروس حاربوهم للسيطرة عليها  مائتي عام  هي المنطقة الخصبة شمال غرب جبال القوقاز و التي استوطنها أجدادهم منذ القدم – و المحشورة لسوء الحظ  بين الإمبراطوريتين الروسية و العثمانية.

و لقد تمكنت القوات الروسية خلال عامين في ستينات القرن التاسع عشر من طرد الشراكسة من وطنهم , فأجبرتهم على مغادرة قراهم دافعة إياهم نحو ساحل البحر الأسود حول سوتشي الحالية . حيث كان عليهم انتظار السفن التي نقلتهم إلى مناطق شتى على امتداد الإمبراطورية العثمانية. ولقد مات الكثيرون منهم خلال الانتظار أو أثناء الرحلة.

و لقد حاول مجموعة من الشراكسة عام 1864 العودة إلى الوطن لكنهم هزموا في معركة دموية على جبل أصبح يدعى “التل الأحمر”.

“وستقام مصاعد التزلج و مبارياته على هذا التل الأحمر بالذات” بحسب قول زاك بارسيك، رئيس المعهد الشركسي المحلي . “وستقام منافسات التزلج الأولمبية على المزاليج العادية و ألواح التزلج على هذا الجبل نفسه”.           

و هو يقول أن الشراكسة يطالبون بنقل الأولمبياد إلى أي مكان آخر في روسيا أو حول العالم.

و يقارن بارسيك إقامة الأولمبياد في هذا الموقع  بإقامته في دارفور أو  معتقل أوشفيتز النازي.

“أظن أن العالم سيجد من  السخف إقامة  أولمبياد في أحد هذه المواقع” حسب قول بارسيك.

إن اختيار سوتشي لأولمبياد 2014  دفع الشراكسة  للاعتقاد  بأن هذه هي فرصتهم الأخيرة  ليستعيدوا حقوقهم و ارتباطهم مع  وطنهم. و يقول البروفيسور مايكل خودروفسكي المختص بتاريخ الإمبراطورية الروسية من جامعة لويولا، إن شكوى الشراكسة عادلة لأن الروس  يتكتمون على مأساة  هؤلاء و لا يعترفون بها. و لكن النضال من أجل حق العودة معقد ومثقلٌ سياسياً.

“إن أي طرح لقضية عودة المهجرين إلى منطقة يستوطنها آخرون منذ أجيال عديدة”، يقول خودروفسكي “يعني أن العودة تلك تستلزم طرد أحد ما  من هناك”.

و لكن هذا لم يقلل من حماسة الشراكسة المحليين. فهم يقولون أنهم يناضلون للمحافظة على ثقافتهم من الضياع في المنفى. و يخشون أن يضفي قيام الأولمبياد في سوتشي الشرعية على إدعاءات الروس بأحقيتهم في المنطقة، تاركاً الشراكسة  طي النسيان.

“سيكون يوماً حزيناً للشراكسة، إذا أقيم هذا الأولمبياد وظل العالم جاهلاً بمأساة  الشراكسة”، كما تقول تمارا بارسيك 27 سنة من هاليدون.  “لمن السخرية أن يقام الأولمبياد على بقعة من الأرض شهدت معاناة و موت كثير من الناس، و لا أتوقع أن يتقبل شعب في هذا العالم شيئاً مماثلاً.”

و يخشى جانتي باشا  28سنة، الذي سيرافق تمارا و ابن عمها زاك بارسيك في الرحلة إلى فانكوفر هذا الأسبوع، أن تكون هذه فرصة الشراكسة الأخيرة لتصحيح ما اقترف بحقهم في الماضي.

“إذا أقيم هذا الأولمبياد هناك فسيمحى شعبنا،  وستمحى الجريمة المقترفة بحقنا” و يعقب جانتي باشا قائلاً

“لأن ذلك يعني أن العالم بأسره يقول لروسيا: بوركت، لم يحدث شيء هنا!  لذلك دعونا نأتي إلى سوتشي و نحتفل بالسلام بين الشعوب”.

E-mail:alexandera@northjerey.com

Share Button