“مؤتمر تبليسي عن “الأمم المغيّبة، المجابهة للجرائم

tiflis-konferans

عقد خلال الأسبوع الماضي في العاصمة الجورجية تبليسي وتحديدا في الفترة بين 19-21 مارس/آذار – 2010، مؤتمرا هاما يعني بالشؤون القوقازية شمل المهتمين من شراكسة الشتات والوطن الأم ومشاركين آخرين من أمم وشعوب القوقاز ومن الجنسيات الأخرى، بالتعاون بين “مؤسّسة جيمستاون” الأميركيّة و”جامعة إليا” في جورجيا و”المعهد الدولي للدراسات القوقازيّة”، وأعطي المؤتمر عنوان: “الأمم المغيّبة، المجابهة للجرائم: الشّركس وشعوب شمال القوقاز بين الماضي والمستقبل” (تبليسي، 19 – 20 آذار/مارس 2010)، وسارت الأمور خلال مدة انعقاد المؤتمر كما يلي:

في مساء يوم التاسع عشر من مارس/آذار، تم عقد تجمع للمشاركين الذين وصلوا إلى تبليسي، وتم الترحيب بالحاضرين من قبل منظمي المؤتمر وكذلك قام ممثلي الوفود المشاركة بالقاء كلمات قصيرة نيابة عن وفودهم والجهات التي يمثلونها، وتخلل ذلك تناول المرطبات والمأكولات الخفيفة حيث بدأت النشاطات المختلفة إتّصالاتها وتم التعارف بين المشاركين الذين حضروا من جهات ودول مختلفة بلغت خمسة عشر دولة.

صباح يوم العشرين من مارس/آذار، ابتدأت جلسات المؤتمر من خلال جلسة افتتاحية تضمنت كلمات مؤسسة جيمستاون وجامعة إيليا والمعهد الدولي للدراسات القوقازية، تلاها كلمات ممثلي المجتمعات الشركسية في الولايات المتحدة الأميركية والوطن الأم والأردن وإسرائيل وألمانيا ومشاركين آخرين، حيث كانت في معظمها تتعلق بتبعات القضية الشركسية والتأكيد على حق الإعتراف بالمذابح الجماعية التي اقترفت بحق الأمّة  الشركسية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

من أهم نتائج ذلك اليوم أنّ الشراكسة المشاركين قرروا توجيه رسالة إلى البرلمان الجورجي للإعتراف بالمذابح الجماعية التي حدثت ضد الأمة الشركسسية وما رافقها من قتل وتطهير عرقي وتهجير.

في الحادي والعشرين من مارس/آذار، وهو اليوم الُثالث والأخير للمؤتمر كانت المواضيع زاخرة عن أمم وشعوب قوقازية أخرى وكذلك عن القضية الشركسية بالإضافة إلى أمور متصلة بحقوق الإنسان القوقازي وحقه في العيش حرّا كريما، وكان لافتا للإنتباه حضور سيدة من جمهورية قباردينو-بلقاريا وأخرى من جمهورية الشيشان واخرى من داغستان وسيدتان من أوسيتيا الشمالية، حيث تحدثن جميعا عن الخروقات الروسية المتعمدة لحقوق الإنسان، وعند نهاية المؤتمر تمت قراءة بيان ختامي عن الأمور التي تهم الشعوب القوقازية والمرتكزات المستقبلية المأمولة.

وسيتم قريبا نشر كافة الوثائق المكتوبة والمسموعة والمرئيّة، والتي تتعلق بالمؤتمرعلى الموقع الألكتروني التالي وبلغات متعددة منها الإنجليزية والروسية:

http://www.caucasus-studies.ge/index.php?id=1〈=eng

Share Button

عفواً،،،، لكن الشراكسة ليسوا اغبياء

عفواً،،،، لكن الشراكسة ليسوا اغبياء

بقلم: علي كشت

نشر الموقع  الشركسي الشهير (circassianworld)  بتاريخ 25/3/2010 مقالاً بعنوان “جرائم بعض الامم يتم اخفاءها اكثر من غيرها” المقال تناول المؤتمر الذي اقيم في العاصمة الجورجية تبليسي تحت عنوان” الامم المنسية جرائم دائمة: الشراكسة وسكان شمال القفقاس بين الماضي والحاضر” في الفترة ما بين 20-21 اذار الجاري، ويرى المقال ان هذا المؤتمر والذي نظم بالتعاون ما بين مؤسسة جيمس تاون في الولايات المتحدة الامريكية وبين الجامعة الدولية للدراسات القفقاسية في تبليسي قد طرح وجهة النظر الامريكية-الجورجية والتي هي منحازة الى الجانب الجورجي في صراعه مع الجانب الابخازي ، وان المؤتمر خدم المصالح الجورجية فهو لم يشير الى ما سماه”الابادة الجماعية الجورجية بحق الابخاز” وقدم كاتب المقال خلفية تاريخية موغلة في القدم ليظهر ان جورجيا في القرن الثامن عشر انضمت طواعية لروسيا ولم تشارك فيما سماه”الحرب القفقاسية الكبرى” وان جورجيا سمحت لروسيا بوضع قدم لها في القفقاس لمحاصرة المنطقة الشمالية له، الكاتب تحدث عن المأساة الشركسية وعن عملية التهجير التي اقترفت بحق الشراكسة، وقام الكاتب بعقد مقارنة بين السياسة الروسية القيصرية بحق الشراكسة وبين السياسة الجورجية الحديثة في يومنا الحالي بحق الابخاز بقصد اظهار التشابه بين الممارسات الروسية والجورجية ،وطرح كاتب المقال العديد من التساؤلات والافترضات في محاولة للتشكيك في مصداقية المؤتمر مثل: لماذا كان المؤتمر يهدف الى اظهار حق تاريخي للشعب الشركسي المتمثل في الابادة الجماعية المرتكبة في حقه على يد روسيا ولكنه لم يتحدث عن الممارسات الجورجية بحق الابخاز في الزمان الحالي؟! خاصة ان جميع هذه الشعوب متشابهة؟! ويفترض الكاتب ان المؤتمر كان يهدف في الحقيقة الى تعميق مشاعر الكراهية اتجاه روسيا واحداث انقسام في المجتمعات الشركسية خاصة في الشتات حسب قوله كون الشراكسة يدعمون القضية الابخازية.

   المقال في الحقيقة جدير بالاهتمام ليس بسبب ما احتواه من انتقادات شكلية للمؤتمر مدار الحديث بل لان المقال كشف النقاب عن تيار فكري جديد على الساحة الشركسية هذا التيار يتبنى الافكار والشعارات البراقة والرنانة فمثلاً يدعم هذا التيار مشروع عودة الشراكسة الى ارض وطنهم ويعمل على تحقيق هذا الهدف كما يركز على رفع مستوى التواصل والترابط بين المجتمعات الشركسية في المهجر والوطن ، وهو يرى انه لا بد من تغليب ما يسمى”سياسة الواقع والمنطق”و” أن المهجر الشركسي والأبخازي بعمومه مقتنع بأن التاريخ والجغرافيا فرضا أمرا واقعا وأن مسألة العلاقة مع روسيا رغم كل تعقيداتها أصبحت جزء لايتجزأ من مستقبل هذين الشعبين” وبالتالي فان لا بد من ايجاد صيغة للتعايش والتأقلم مع السياسات الروسية وعدم التعامل معها على انها خصم او عدو بل دولة يعيش الشراكسة في كنفها تماماً كما يعيشون في كنف الدول الاخرى في المهجر وهي تستحق الاحترام والولاء والانتماء بغية المحافظة على نسق معين من العلاقات الودية التي تضمن تحقيق ما يمكن من مصالح الشعب الشركسي دون اللجوء الى اسلوب المواجهة والاصطدام العقيم امام دولة بعظمة وقدرة روسيا وكون هذا التيار يملك عدد ضخم من” المتفلسفين” اقصد الفلاسفة فانه يعشق التاريخ لانه يؤمن ان التاريخ يصاغ حسب كاتبه، هذا التيار الفكري يحمل في طياته العديد من علامات الريبة والخوف من حقيقته وهنا تكمن خطورته.

وبالعودة الى المقال السابق فانه يمكن ملاحظة ما يلي:

  • يلاحظ ان الكاتب ابتعد عن المصداقية والموضوعية فاخذ من الحقائق التاريخية ما يريده وترك ما لا يريده، الا انه بفعله هذا ناقض نفسه بنفسه فهو ذكر انه في عام 1882 وعلى اثر احتلال روسيا للاراضي الابخازية والشركسية واكتساب جورجيا لبعض تلك الاراضي بسماح الروس للمستوطنين الجورجين بالاستيطان مكانهم وصفت  احدى الصحف الجورجية انذاك وهي صحيفة (شورما) ذلك بانه””اكثر اللحظات روعة في تاريخ الامة الجورجية” ، ولكنه كان قد ذكر بان جورجيا خضعت وانضمت الى روسيا في القرن الثامن عشر اي قبل تاريخ نشر هذا الخبر بعشرات السنين وبالتالي فانه من الطبيعي ان تكتب صحيفة تحت الاحتلال الروسي مثل هذا الخبر ، وفي ذات الوقت يظهر جلياً وباعتراف الكاتب بان روسيا هي من  طردت الشركس والابخاز واتت بالجورجيين لكنه لا يهاجم روسيا رغم ما فعلته بل ينتقد صحيفة جورجية لنشرها مثل هذا الخبر ويرى ان الجرم الجورجي افظع بكثير من الجرم الروسي؟!!.
  • المقال كان عبارة عن نشر لمفاهيم ومصطلحات مغلوطة يهدف نشرها بين ابناء الشعب الشركسي حتى تستخدم في المستقبل سلاحاً وحجة ضدهم، فلوحظ استخدام عبارة او الاصطلاح الذي يستخدمه الكتاب الروس دوماً لتشويه التاريخ الشركسي الا وهو”الحرب او الحروب القفقاسية الكبرى” وهذا مفهوم خاطئ يظهر انه كان هناك حرب بين الشعوب القفقاسية نفسها وهو ما يروج له الروس في تزييفهم للتاريخ باظهار منطقة القفقاس وخاصة الشركسية منها على انها منطقة مليئة بالصراعات والاقتتال بين شعوبها وان الروس باحتلالهم لهذه المنطقة كانوا مجبرين اولاً للحفاظ على حدودهم وعدم انتقال الفوضى الى بلادهم وثانيا لنقل التطور والحداثة للقفقاسيين الجهلة المتوحشين، ان الاصح لاي مفكر او كاتب قفقاسي او شركسي ان يستخدم مصطلح “الحرب الروسية-القفقاسية” او الروسية- الشركسية للدلالة على الغزو واحتلال الروسي لارض القفقاس، كما اصر المقال على ذكر”روسيا القيصرية” بالتحديد على انها هي من هجرت وارتكبت الابادة الجماعية بحق الشراكسة بشكل يفهم منه ان روسيا الفدرالية الحالية بريئة مما اقترفته روسيا القيصرية، حيث لم يشير الكاتب الى رفض روسيا الديمقراطية الاعتراف على الاقل بما اقترفته روسيا القيصرية حتى يومنا هذا رغم الدعوات الشركسية لها بذلك، ان هذين المفهومين او الفكرتين يتم ترويجهم من التيار الفكري الجديد واذا ما نجح في ذلك فهذا سيؤدي الى حالة من التناقض والفوضى في التاريخ الشركسي مما يصعب جعل العالم يتفهم حقيقة القضية الشركسية.
  • المقال كان يهدف الى المساواة بين الممارسات روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر وممارسات جورجيا في القرن الحالي حيث يوجه الكاتب سؤال في نهاية المقال قائلاً” لماذا يتم الدعوة الى تطبيق القاعدة القانونية المتعلقة بالابادة الجماعية بانها لا تسقط بالتقادم  على الصراع الشركسي – الروسي ولا تطبق على الصراع الجورجي الابخازي؟!!” وهنا يظن الكاتب انه بدهائه وذكائه قد احرج واخجل من شارك في المؤتمر، لكنه ينسى ان يوجه السؤال الحقيقي هنا ” من قام بافتعال الصراع الجورجي-الابخازي ما هو السبب وراء الصراع الجورجي-الابخازي؟!” من الذي اعطى الاراضي الابخازية للجورجيا بعد ان تم احتلالها في القرن التاسع عشر(قبل مجئ ستالين) من الذي ارتكب اولاً الابادة الجماعية بحق الابخاز وهجرهم من ارضهم؟! من الذي سمح للجورجيين بالاستيطان في ابخازيا في القرن التاسع عشر وبالتالي احدث الصراع بينهم؟!
  • المقال شدد على المقارنة بين الممارسات روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر بحق الشراكسة وممارسات جورجيا في القرن الحالي بحق الابخاز لكنه لم يشير الى الممارسات الروسية الحالية بحق الابخاز فهو لم يذكر ممارسات الدولة الروسية ابان الحرب الجورجية- الابخازية في التسعينيات عندما منعت المقاتلين والمساعدات الشركسية والقفقاسية من الوصول الى ابخازيا لتسهيل ودعم الجورجين في قضائهم على الابخاز هذا الكلام مثبت في كتاب البرفسور موسى شنبة (انتصار الوحدة في شمال القفقاس) الذي اعتقل من قبل الروس انذاك بسبب دعمه وتاييده للقضية الابخازية بل انه شارك بنفسه في تلك الحرب عندما تراس كونفدرالية شعوب شمال القفقاس ، وهو لم يشير الى الحصار الروسي لابخازيا طوال سنوات طويلة الفائتة.
  • يستمر الكاتب في نشر وجهة النظر المتبناة من قبل روسيا فهو يذكر وباكثر من موضع في مقالته الى الهجرة الشركسية ولكن بصورة مريبة ومبطنة وتثير العديد من علامات الاستفهام، فهو يقول ان الشراكسة وبعد انتهاء الحرب في عام 1864 طلب منهم ترك مناطقهم الجبلية والنزول الى سهول الكوبان وعندما رفضوا ذلك تم تهجيرهم لانهم فضلوا الهجرة على النزول الى المناطق السهلية حسب اوامر الروسية انذاك، اي انه وبطريقة ما يريد الكاتب ان يقول ان عناد وغباء الشراكسة هو السبب في تهجيرهم ، وهذا الامر يتطابق مع الروايات الروسية الحالية التي ترى ان مفهوم الابادة الجماعية يقصد به التطهير العرقي بحق شعب او مجموعة من الناس بهدف فناءها عن الوجود وان الروس قتلوا الشراكسة اثناء الحرب فقط اما بعد انتهاءها فان الشراكسة تركوا اراضهم بسبب رفضهم النزول الى الاماكن السهلية اي ان الروس لم يكونوا يسعون الى افناء الشعب الشركسي بل ان الشراكسة تم تخييرهم واختاروا بملئ ارادتهم وبالتالي ليس هناك ابادة جماعية مرتكبة بحق الشراكسة او لم يهدف الروس لذلك.
  • المقال حاول التشكيك ونزع الشرعية عن المؤتمر واظهاره بصورة المؤتمر المفتقد للمصداقية والموضوعية والهادف الى التفريق بين الشراكسة وتعظيم مشاعر الكراهية اتجاه روسيا، ولكن وبالنظر الى بعض المشاركين في المؤتمر فان وجودهم يعطي المؤتمر الشرعية اللازمة له فهو استضاف شخصيات تعتبر من رموز القومية الشركسية ولا يمكن المساس بمصداقيتهم مثل السيدة فاطمة تلسوفا التي غادرت القفقاس نتيجة للملاحقة والمضايقة الروسية لها والتي وصلت درجة الاغتيال والتعذيب كما شارك في المؤتمر تلفزيونياً السيد مراد برزج رئيس منظمة الكونغرس الشركسي في مايكوب وهي المنظمة التي لعبت دوراً كبيراً في المحافظة على جمهورية الاديغية من المخططات الروسية الهادفة الى حلها كما كانت اول منظمة طالبت بالاعتراف بالابادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الشركسي، كما لاقى المؤتمر التأييد من قبل السيد روسلان كيشيف رئيس منظمة الكونغرس القبرديني والسيد ابراهيم ياغان رئيس الخاسة في جمهورية قباردينو/بلقاريا والذين يعود لهم الفضل كله في ايقاف قانون توزيع الاراضي الذي اعطى ما مجموعه 37% من اراضي الجمهورية الى الاقلية البلقرية بشكل يعني ان لكل بلقري(الاقلية) عشرة اضعاف ما للشركسي(الاغلبية) من مساحة اراضي الجمهورية، ولم يكن ايقاف هذا القانون سهلاً بل دفع السيد روسلان وابراهيم الثمن وتعرضوا للضرب ومحاولة الاغتيال لاسكات اصواتهم.

 

      بالتأكيد لا يمكن ان يصف احد السيد مراد برزج او روسلان كيشيف او فاطمة تلسوفا بالعملاء او اصحاب الاجندة المشبوهه لانهم اذا كانوا كذلك، فماذا نسمي من يتبنى الموقف الروسي ويرى روسيا على انها حليف وصديق وليس عدو رغم كل ممارساتها الحالية بحق الشراكسة، اليست روسيا من تقوم بتزوير تاريخ مدينة سوتشي؟! اليست روسيا من تهين الشعب الشركسي في ارضه وتمنع توحيد المناطق الشركسية؟! اليست روسيا من تريد حل جمهورية الاديغية؟! اليست روسيا من يتحرش جنودها بالنسوة الشركسيات كما حصل مع احدى السيدات الشركسيات في اقليم الشابسوغ؟! اليست روسيا من تستأصل المواد الدستورية السيادية من دساتير الجمهوريات الشركسية وتحولها الى” محميات”؟!!اليست روسيا من تمنع الشراكسة من الدخول الى مناطف كراسنايا بوليانا(كبادا بالشركسي) الى يومنا هذه؟! اليست روسيا من ترفض ايجاد حل للقضية الشركسية الى الان؟! اليست هي من تقم بتزوير وتزييف التاريخ الشركسي بكامله؟!! ويكفي ان يقوم كل مشكك بزيارة الى موقع ” قناة روسيا اليوم” وهي مصدر رسمي روسي وينظر الى ما يكتب حول تاريخ مدن سوتشي ومايكوب ونالتشيك ليرى بام عينيه كيف يعامل الروس الشراكسة ولا داعي ان يرى البرامج التلفزيونية المثيرة للاستفزاز والتي كان اخرها قد بث بتاريخ5/2/2010  ويدعي ان الحرب الروسية-الشركسية استمر 3 او اربع سنوات فقط لا غير وغيرها من الحقائق المزيفة.

 

    ان المقال كان صادقاً في المساواة بين روسيا وجورجيا في محاولات السيطرة على الشعوب شمال القفقاس، ولكن لا يجب اخفاء حقيقة ان روسيا هي المتسبب الاساسي وان جورجيا ما هي الا لاعب الكومبارس في السياسات الروسية، ان افتقار الشراكسة الى يومنا هذا الى هيئة او جهة تكون الممثل الوحيد والشرعي للشعب وتتمتع بفكر سياسي قومي، هو الامر الذي يجعل الشراكسة عاجزين عن فهم السياسة ليس هناك عدو او صديق او حليف دائم هناك “تغير” مستمر ان الشئ الوحيد الثابت في السياسة هو “التغير” نفسه، وبالتالي فان وجود دولة تعترف بالابادة الجماعية المرتكبة بحق الشراكسة سيكون نقلة نوعية في الكفاح والنضال الشركسي من اجل استعادة حقوقه وسيفتح المجال امام اهتمام دولي كبير بالقضية الشركسية الامر الذي بالتأكيد سيجعل روسيا تفكر على اقل تقدير باحترام الشراكسة وعدم اهانتهم وايجاد صيغة معينة لاعادة ترتيب العلاقة بينهم مما قد يكون مقدمة للحل الدائم للقضية الشركسية بما يرضي الطرفين ويحقق العدالة التاريخية، حتى جورجيا نفسها لن تعترف بالابادة الجماعية المرتكبة بحق الشراكسة الا في ظل توفر ظروف معينة، ولكن هذا لن يمنعها من استخدام هذا الورقة الناجحة بكل ما في الكلمة من معنى في وجه موسكو بين الحين والاخر، ولكن هنا يجب على الشراكسة ان يتعاملوا مع هذا الوضع بما يخدم مصالحهم والا ينحازوا لا الى الجانب الجورجي او الروسي وان يسيروا حسب مصلحتهم فقط لا غير،ان المؤتمر لن يحدث انقسام بين الشراكسة في المهجر لان الذين شاركوا فيه شخصيات قومية شركسية لا يمكن المساس بها كما ذكر سابقاً، ولكن هناك من سيحاول الخلط وايجاد حالة من الفوضى بين ما دار في المؤتمر وبين القضية الابخازية وبشكل لا يخدم سوى المصالح الروسية فقط لا غير.

   القضية الابخازية مهمة ومدعومة من قبل الشراكسة فهناك وحدة مصير ولكن على الداعمين للقضية الابخازية ان يقبلوا بوجهة نظر تدعو الى تحرك ابخازي لدعم القضية الشركسية ، بحيث تقوم سوخوم بالمسارعة واستباق الاحداث وتعترف بالابادة الجماعية المرتكبة بحق الشعب الشركسي ان هذه الخطوة ستكون اكثر من رائعة لانها ستجبر روسيا على مراجعة حساباتها او على الاقل ستجعلها  تنظر الى القضية الابخازية والشركسية بشكل مترابط بحيث تحقق المنفعة للقضيتين وتقطع الطريق امام جورجيا في محاولتها كسب الشراكسة الى صفها والتفريق بينهم وبين الابخاز كما ترى المقالة، اي انه يجب على ابخازيا ان تتبنى الفكر القومي الشركسي وتستخدم علاقته الجيدة حالياً مع موسكو لخدمة القضية الشركسية، من غير المقبول ان يطالب الداعمين للقضية الابخازية الشراكسة بفعل كل شيء وعدم تقديم ولو شيء بسيط للقضية الشركسية ان الاصرار على هذه الفكرة تعني ان هناك نوع من  الانانية والاستغلال.

 

   في النهاية لا يقصد هنا الدفاع عن جورجيا فهي شريك في الجريمة المرتكبة ولكن ما يهم هنا  الاشارة الى خطورة هذا التيار الفكري الجديد على الساحة الشركسية فهو يقوم بتسفيه ومهاجمة اي تحرك قومي في المهجر فمثلاً في مظاهرات فانكوفر الاخيرة المضادة للالعاب الاولمبية في سوتشي حاول اتباع هذا التيار التقليل من اهمية المظاهرات الشركسية هناك وحاولوا حصرها بالمهجر الشركسي في الولايات المتحدة فقط رغم قيام العديد من المنظمات والجمعيات والهيئات الممثلة للشعب الشركسي في المهجر باعلان تأييدها لهذه المظاهرات ويمكن زيارة موقع(nosochi ) لمزيد من الاطلاع والعلم، ولكن اتباع التيار الفكري الجديد هذا قاموا بالسخرية من هذه المظاهرات من خلال التقليل من اهمية التحرك فهو لم يعيد القفقاس ولم يؤثر على روسيا مطلقاً حسب قولهم، هؤلاء ينسون ان بعد هذه التحركات استيقظت بعض المؤسسات الشركسية الاخرى التي تدور في الفلك الروسي مثل الهيئة الشركسية العالمية وطالبت بدور للشراكسة في اولمبياد سوتشي، وان مثل هذه التحركات هي من تردع عجرفة واستكبار موسكو وخير مثال على ذلك قضية ضم جمهورية الاديغية، والاستمرار في المطالبة بحق العودة وغيرها من الامثلة، لكن هؤلاء يريدون طرح مفهوم جديد للقومية الشركسية ولكن وفق المنظور الروسي، فمثلاً لا يمكن الحديث عن موضوع العودة لانه بنظر هؤلاء روسيا قدمت كل شيء في سبيل ذلك!!! فالشركسي الذي اجبر اجداده على الهجرة عليه كي يعود ان تنطبق عليه نفس شروط التي تطبق على الصومالي الذي يريد الحصول على الجنسية الروسية؟!! وحسب الشروط والمقاييس الروسية، واذا ما اثير هذا الموضوع هاجت خلية الدبابير الموالية لموسكو فيتم اتهامك بالتقصير في حق وطنك والمتسبب في ضياعه وانه يجب ان تعود رغم كل شيء!! ان سياسة الواقعية التي يتبعها هؤلاء لا تمت الى المنطق او الواقع او العقلانية بصلة بل هي سياسة الاستجداء والتوسل لدولة لا تعرف سوى لغة القوى وسياساته الحالية وما حدث في تشركيسيك ونالتشيك نهاية العام 2009 لايقاف قانون توزيع الاراضي خير مثال على ذلك . 

 

Share Button

دع شهرتنا تكون عظيمة، بقلم أوليفر بولو

دع شهرتنا تكون عظيمة، بقلم أوليفر بولو

 

عرض مايكل تشيرتش

AFP/GETTY IMAGES موقع الإبادة الجماعية المنسية؟ المنتجع الروسي سوتشي على  البحر الاسود
AFP/GETTY IMAGES
موقع الإبادة الجماعية المنسية؟ المنتجع الروسي سوتشي على
البحر الاسود

 

عنوان اوليفر بولو يقتبس صلاة للنارتيين، الأسلاف الأسطوريين لقبائل القوقاز. لقد تعطّشوا لحياة قصيرة مجيدة، بدلا من واحدة طويلة تُقضى في الغموض المريح، لكنّهم حُرموا كِلا الخياريْن. هذا الكتاب الرائع يبين كيف لُعِنت ذريتهم بشكل مماثل – رغم أن ذلك كان بقسوة متناهية أكثر –.

 

بولو يأخذنا إلى قرية بالقرب من منتجع سوتشي على البحر الاسود حيث سيتم عقد دورة الالعاب الأولمبية الشّتوية في عام 2014، ويلاحظ بأنه في هذا المكان في عام 1864 أنتهى الجيش الروسي من الإبادة الجماعية بحق القبيلة الشركسية المحلية. ماذا لو كان أحد الأماكن المرشحة لاستضافة الالعاب الاولمبية كان أوشفيتز- بيركيناو(Auschwitz-Birkenau)؟ تساءلت مجموعة من الشتات الشركسي (دون الحصول على أي رد من اللجنة الأولمبية الدولية).

من يعرف الآن عن الشركس؟ لقد تمّ رَشّهُمْ من الوجود من قبل القياصرة، ثم من قبل السوفيات، والآن من قبل دولة بوتين، فهُم واحدة من العديد من الفئات المنسية ذات التواريخ المتشابكة يسجّلها بولو بتفان.

من يدري عن النّوغي والكاراشاي والبلكار؟  من خلال قراءة المحفوظات، وتتبع ذريتهم في المنفى في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، يشكّل بولو صورة عن كل قبيلة وفي الدّور، تحدّد بعذوبة مجتمعات زراعيّة متساوية وقد تم محوها من الوجود. بعض الناجين، لا سيما الشركس في إسرائيل، قاموا بتدوين جذورهم في المنفى، في حين أن الأجيال السابقة من الشركس قاموا بأداء جيد في عمان من خلال المساعدة في إيجاد تلك المدينة.

ولكن هذه هي نقطة نادرة من الضوء في دورة القمع المظلمة والمقاومة والإبادة الجماعية، والتي بدأت في القرن الثّامن عشر وما زالت تتكرر بشراسة.

بدأ كل ذلك عندما قامت كاترين الكبرى ببناء طريق سريع عبر الجبال لأصدقائها المسيحيّين في جورجيا. وقد أثار تحرّكها ردة فعل من الذي لا يزال مصدر إلهام للشيشان اليوم: راع يدعى الشيخ منصور، هو الذي قاد المقاومة لهذا الإندفاع الامبريالي، والّذي كانت صورته بارزة على حائط الرئيس الشيشاني جوهر دوداييف عندما كان يقارع بوريس يلتسين في أعوام التسعينيّات.

بفقدانه زعامة “قطاع الطرق”، القي القبض على منصور وسجن، لكنه لقّن الروس درسا بألا يقلّلوا من أهمّيّة “شعب الجبل”. ودعوته للعودة إلى الإسلام النّقي كان لها صدى من قبل خلفه العظيم الإمام شامل، الذين أبقى الجيش الروسي في وضع حرج لمدة 20 عاما مهينة وذلك في منتصف القرن التاسع عشر، قبل أن يُهزم ويُسجن بدوره.

أصبحت الإعدامات المقصودة والمذابح التي تنفّذ في القرى هي وسيلة الروس القياسيّة عند فشل التدابير الصارمة الأقل وحشيّة.  وكان أول استخدام موثّق لمصطلح “التطهير العرقي” من قبل وزير روسي في العام 1856.

أمّا أحفاد البلكار، والكاراشاي والشيشان والأنغوش الذين ذبحهم أو هجّرَهُمْ ستالين يُعامَلوا الآن على أنهم شيء أقل بكثير من مواطنين من الدرجة الثانية بعد عودتهم إلى “الوطن”. في موسكو، يوصم المسلمين ذوي البشرة الداكنة من القوقاز بذوي “البشرة السوداء”، وكثيرا ما يحرمون من الحقوق المدنية الأساسية.

الشيشان قد تكون الآن في دائرة الضوء، ولكن معاناة هؤلاء الذين يعيشون في بقية ما تطلق عليه روسيا بمصطلحات مضحكة على أنّها مناطقها “ذات الحكم الذاتي” في القوقاز قد ذهبت من غير ذكر إلى حد كبير.  من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب بقوته الكتابيّة. وبوصفه مراسلا لرويترز، قام بولو بتغطية حصار مسرح موسكو ومذبحة بسلان، وكان الأول على مسرح العمليّات بعد التفجيرات الانتحارية في موسكو. ولكن ما يجعل هذا التقرير فريدا من نوعه هو سرده لمقتطفات حصل عليها من التفاصيل الدقيقة لتقارير المحكمة الروسية، وكذلك (الجلد على الفودكا) من المستجوبين غير الموثوق بهم منذ البداية.

إنه لمن الملهم أن تسمع الملابسات خلف إحباط محاولة زاريما ماجاكوييفا لتفجير نفسها، جنبا إلى جنب مع عشرات من الرّوّاد  في مقهى بموسكو: قصّة حياتها كئيبة، كما يلاحظ بولو، بانّه تقريبا كما لو أنّه تحدٍ للإدراك. الأمر نفسه ينطبق على نورباشي كولاييف، وهو مدان لاحتجازه للرهائن، وبقي على قيد الحياة إثر مذبحة بسلان. ويجادل بولو بشكل مقنع بأنّه كان بريئا. إنّ وحشية مجزرة شيريك في عام 1942، عندما تمت ملاحقة وذبح للنساء والأطفال في وادٍ امتلأ بهم بالكامل وملاحقتهم وذبحهم، قد تم جمع المعلومات من خلال الروايات المثيرة للدهشة.  ولا تزال المسؤولية عما  جرى تلقى على عاتق النازيين، بدلا من مقترفي الجريمة السوفيات.

وفي الوقت نفسه، بالنسبة لأولئك الذين يريدون أن يفهموا كيف أنّ شابا مطيعا للقانون ذو الثمانية عشر ربيعا وهو سعيد ومُجِد، يمكن أن يتحوّل من قبل الدولة الروسية الحالية إلى عاجز من الناحية البدنية والنفسية مكرّسا نفسه لقضية الجهاد، إن قصة رسول كوداييف —  تركي جبلي لم يستطع دفع الرشوة الضرورية للحصول على وظيفة في الشرطة الروسية — سوف تناسب الوصف. قد يكون كل هذا يحدث في أوروبا، لكن أوروبا — في محاولة يائسة لعدم الاساءة الى فلاديمير بوتين —  تقوم بحزم على غض الطّرْف.

 

‘إن قرص مايكل تشيرتش المضغوط الخاص بتسجيل أغاني التّحدّي: موسيقى من الشيشان وشمال القوقاز’ متوفرعلى ملصق الموضوع

 

http://www.independent.co.uk/arts-entertainment/books/reviews/let-our-fame-be-great-by-oliver-bullough-1927476.html

 

ترجمة: موقع أخبار شركيسيا

Share Button

من القوقاز مع التحية

نشرت صحيفة الغد الأردنية بتاريخ 24 / 3 / 2010، مقالا للسيد مراد بطل الشيشاني بعنوان “من القوقاز مع التحية”، عن المؤتمر الهام للشعوب القوقازية الذي عقد في العاصمة الجورجية “تبليسي”، وجاء في المقال:

وجهت لي الأسبوع الماضي دعوة لحضور مؤتمر عن شعوب القوقاز، في العاصمة الجورجية تبليسي، وقد وصف البعض المؤتمر بـ “عاصمة القوقاز”. عقد المؤتمر بالتعاون ما بين مؤسسة “جيمستاون” الأميركية و”المعهد الدولي للدراسات القوقازية” في جامعة إيلا الجورجية. الزيارة عنت لي الكثير على المستوى الشخصي، فقد كانت آخر مرة لي زرت فيها العاصمة الجورجية، أو حتى كنت في القوقاز كله، قبل نحو عشرين عاما، وقد حدث ذلك مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وشهدت سقوط تمثال لينين في إحدى ساحات تبليسي العامة. الزائر هنا يلاحظ الفرق ما بين الأمس واليوم بكل سهولة، من النمط الشيوعي السوفييتي إلى دولة مستقلة وعضو في منظمة حلف شمال الأطلسي.
وأما فيما يتعلق بالمؤتمر فقد ركز خلال يومين على القضايا المرتبطة بمنطقة القوقاز، ومنها خرجتُ بمجموعة من الملاحظات العامة، من خلال الكلمات التي ألقيت، أو الحوارات الجانبية مع الحضور من السياسيين والأكاديميين. وقد لاحظت أن جورجيا يبدو أنها تقود جهوداً لإعادة ربط نفسها بالجمهوريات القوقازية في شمال القوقاز. ويبدو أن الحرب الروسية ضدها في العام 2008، وردة فعل الغرب التي “كانت أقل من المتوقع”، وفقاً لمراقبين عدة، دفعت إلى التفكير بهذا الشكل. ويبدو أن الخوف المفهوم من روسيا يدفع إلى خلق نوع من الصيغ التوحيدية مع جمهوريات شمال القوقاز. ويبدو أن هذا نتاج السياسات الروسية التاريخية في المنطقة. وبالمقابل من الضروري الإشارة إلى أن المنطقة الأوراسية تعدها روسيا دوماً منطقة حيوية استراتيجياً، أو “الجوار القريب”، الذي تريد الحفاظ على نفوذها فيه، ما يؤشر على حالة من التنافس الاستراتيجي المقبل في المنطقة.
وأما الملاحظة الثانية، فترتبط بإيلاء المؤتمر حصة كبيرة لقضايا الشعوب الشركسية، والتي شكلت عنواناً رئيسياً في المؤتمر. وقد سعدت بلقاء عدد من الزملاء الشراكسة من الأردن، ويبدو أن تصاعد القلاقل في الجمهوريات الشركسية خلال السنوات الأخيرة وانتهاء حرب الشيشان، يؤشران على تحولات في المنطقة وفي رؤية الشراكسة في الخارج لها.
وأما فيما يتعلق بالشيشان، فمن الملاحظ أن موجة الهجرة واللجوء التي تسببت بها الحربان الروسيتان ضدهم خلال الخمس عشرة سنة الماضية، أفرزت جيلاً يعيش في الغرب، قادرا على الحديث عن قضيته بمفاهيم مختلفة عما سبق تركز على مسائل الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهو ما يظهر أن قضية الشيشان تبقى ظلالها مخيمة على القوقاز.
وهناك ملاحظة أخرى، بأن شعوب القوقاز بشماله وجنوبه، بحاجة إلى منابر للتواصل أكثر، فنشر الشيوعية، وما كان يعرف في الأدبيات السوفيتية، “قيم عمال العالم”، دفع إلى سياسة تقوم على إبقاء التعبير القومي في حدوده الفلكلورية، ولذا فإن النزعات الأولية أو Nativization، وهو الأمر الذي ما يزال يثير حساسيات مختلفة ترتبط بالحدود المختلف عليها، أو اختلاف اللهجات، أو إعادة كتابة التاريخ بأشكال مختلفة، وما إلى ذلك، طفت على السطح مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وما تزال تعد عنواناً رئيسياً في الفهم القومي لدى الشعوب. وعلى ذلك وجدت هناك حالة من القبول للنموذج الأوروبي من خلال الرغبة في تأسيس شبكة علاقات اقتصادية متبادلة بين شعوب المنطقة تقود إلى صيغة توحيدية ما. وعلى الرغم من الصعوبات العملية والواقعية التي تواجهها فكرة من هذا القبيل، إلا أن متابعي الشأن القوقازي، والتطورات في آسيا الوسطى، يدركون أن هناك تطورا في الخطاب مقارنة بسنوات مضت، حيث كانت الطوباوية تحكم الأفكار الشبيهة.
وأما الملاحظة الأخيرة، فترتبط بالحضور العربي، فعلى الرغم من غياب الحضور السياسي والاجتماعي العربي، فإن الاقتصاديين العرب، يبدو أنهم يتحركون بشكل أكثر واقعية من السياسيين العرب. أخبرني أحد مستشاري الحكومة الجورجية أن الاستثمارات العربية في العام 2009 شكلت ما يزيد على 50% من الاستثمارات الأجنبية في البلاد، وقد تركزت في العقارات، والموانئ، وأيضاً على مستوى التجارة. من الملاحظ أن القوقاز وآسيا الوسطى ما تزال، وعلى الرغم من انقضاء عشرين عاما على انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلال تلك الجمهوريات، أرضاً خصبة للفرص السياسية والاقتصادية، ويبدو أنها ستبقى، وكما وصفها منذ قرنين، الشاعر الانجليزي روديارد كيبلينغ، أرض “اللعبة الكبرى” بين الأمم.
Share Button

وللشركس في العراق نصيب من المآسي

وللشركس في العراق نصيب من المآسي

وللشركس في العراق نصيب من المآسي حول تأسيس جمعية التضامن القفقاسية العراقية النوايا والمقاصد والمتصيدون في الماء العكر !!
محمد حسين الداغستاني *
غالباً ما ، سواءً بدافع الإستزادة في المعرفة الأكاديمية او التأريخية او الفضول لإكتشاف كيف ينظر الآخرون إليك ، أتتبع وأحرص على قراءة كل ما يكتب عن القفقاس في العراق (رغم ندرته) ، خاصة ً بعد أن هيأت الشبكة العنكبوتية ( الأنترنيت) فرصاً ذهبية لم تكن مؤاتية لنا قبل اقل من عشرين سنة ، للحوار وتبادل الرأي ونشر المعلومات على نطاق واسع وكبير .
وللأسف الشديد وبصورة متأخرة جداً قرأت مقالة الأخ ( إيهاب دربة ) الموسومة (الشركس في العراق) والتعليقات المثبتة عليها والمنشورة في محور التأريخ الشركسي في موقعنا القومي الرصين هذا ، وقد توقفت ملياً عند تعليق يقول كاتبه إبن العم العزيز (شامل نوختشي ـ مشرف منتدى الدين الإسلامي ـ ) بأنه نقل الملاحظة بتصرف من مصدر ما دون أن يشير الى المصدر او الكاتب ، تقول المعلومة :
( قرأت موضوعا يتحدث عن شراكسة العراق أورده بتصرف : يظهر في الانترنت من فترة الى أخرى بعض الاخبار التي تتحدث عن شراكسة العراق وعن تلك المؤسسة التي انشؤها والتي تسمى التضامن ( و تشمل الاديغا و الشيشان ) , وللحق لم يكن يعلم الشراكسة في العالم – الا القليل – عن وجود شراكسة في العراق ولكن بعد سقوط النظام السابق ظهر الشراكسة فجأة (!) وزاروا العديد من الدول التي يعيش فيها الشركس وايضا زاروا شمال القفقاس ..
شركس العراق وغيرهم من ابناء الامة القفقاسية عانوا كغيرهم من ابناء العراق من طمس للهوية ولم يكن هنالك مجال للتحدث عن الاصل الشركسي وعن الانتماء للهوية الشركسية, ولكن الم يكن هنالك مجال لديهم ان يظهروا وان يزوروا الشركس الاخرين قبل ظهور نظام صدام ؟ الم يكن هنالك مجال ان يبنوا الجمعيات في ظل النظام الملكي السابق؟ هنا يظهر التساؤل لمذا لم يظهر الشركس في العراق الا بعد زوال نظام صدام حسين , وهل ظهر الشركس الان لانهم يحبون قوميتهم ام لانهم يحتاجون الى المساعدة ؟) .
ولا ادري كيف سمح المعلق لنفسه بنقل هذه المعلومة (إن كانت موجودة أصلاً) ونشرها ثانية مع ما يحملها من إساءة وتشكيك بالنوايا وخدش عميق لمشاعر اخوته القفقاس في العراق ؟
أنا أدرك ومثلي العشرات بل المئات من اصحاب النوايا والمقاصد القومية النزيهة ، الدوافع التي تجعل الإنسان كتلة من الخلايا الحية بإتجاه تعزيز مشاعره وأحاسيس قومه للإعتداد بالأصل والعودة الى الجذور وتنمية الشعور القومي ، وهذا ما يفعله النادي الشركسي العالمي والعديد من المواقع القفقاسية على الشبكة ، ولا يخفى على اللبيب ابداً عمق المعاناة التي تعسكها هذه المواقع بسبب إفتقار الكثير من أبناء أقوامنا وشعوبنا لأبسط الدلائل والمعلومات عن جذورهم القومية الحقيقية ، لكنهم يتمسكون ، وربما كاتب الملاحظة أيضا ، بمعلومة واحدة يعتبرونها كافية ومجزية للتعبير عن إنتمائهم القومي الى هذه الأقوام ، وهي أنهم شراكس او داغستانيون او شيشان وليس اكثر من ذلك ، وهذا لا يمنع المئات من العوائل (المحظوظة) التي تعرف بيقين إنحداراتها القبائلية والمواقع الجغرافية التي نزح منها أجدادها ، ولكن كم نسبة هذه العوائل قياسا بكل القفقاس المشتتين في اركان الأرض ؟
في العراق وعلى مدى 35 عاماً وقبل عام 2003 بالتحديد كان محظورا على العراقيين تأسيس أي تنظيم او جمعية او رابطة او تيار ذو طابع قومي او أثني للأقليات القومية بإستثناء القومية العربية وتعزيزا لهذا الزعم أتذكر أن توجيها صارما صدر في نهاية سبعينيات القرن الماضي يقضي بتغيير المسميات التي تحمل دلائل قومية من الواجهات والمنظمات وحتى الأندية الرياضية ، فألزم ( النادي الأثوري الرياضي ) و( والنادي الأرمني الرياضي ـ هومنتمن ) وغيرهما بتغيير هذه التعاريف الى اسماء تأريخية او عربية ، فكيف الحال مع القفقاس الذين لم يكن لهم لا نادي اومركز يجمعهم اصلاً ، بل لم يكن الأباء حريصين آنذاك على إيجاد مثل هذه المقرات خوفا على فرص أبنائهم في التعيين او الحماية خاصة لأن الغالبية العظمى من الشباب القفقاسي كانوا من اركان وقادة وضباط الجيش العراقي وكان اي نشاط قومي او إثني لمن في هذه المؤسسة العسكرية المغلقة يعني المخاطرة بقوته وقوت اطفاله ومستقبله ومستقبل قومه كلهم ؟ مما دفع الكثيرين الى التمترس خلف مسميات عربية او محلية تتيح لهم الإندماج مع وسطهم الإجتماعي .
اما عن عدم وجود علاقات او ظهور لقفقاس العراق قبل وأثناء حكم النظام السابق ، فهذه معلومة خاطئة وغير صحيحة بالمرة ، بل العكس من ذلك كانت هناك صلات حميمة جدا لقفقاس العراق مع شيشان الأردن بشكل خاص أنذاك وخاصة القاطنين في عمان وتبادل للزيارات معهم ومع الشراكس ، بل ولدي صور تؤكد عقد إجتماعات متتالية بين وجهاء القفقاس في كل من العراق والأردن وسوريا ( ابان الإحتلال الفرنسي لسوريا ) حول التعاضد وجمع فدية ضخمة من جميع ابناء القفقاس في هذه البلدان الثلاث لأحد الشيشان الشجعان الذي قتل ضابطا فرنسيا لأنه أهانه وشتم قومه ( سوف انشر الحادثة مع الصورة في فرصة قريبة في الموقع ) . فكيف لم يظهر القفقاس قبل النظام السابق في العراق ؟
لكن الحال تغير بعد عام 2009 بعد أن اصبح بإمكان كل فئة او أقلية او طائفة ممارسة شعائرها وطقوسها وخصوصياتها القومية بعيداً عن الضغط الحكومي ، فظهرت في الوجود تنظيمات تمثل الشبك والصابئة والأزيدية والكلدو اشوريين ، واصبحت لهم احزاب وممثلين في البرلمان العراقي وصحف وفضائيات وإذاعات ، وكان للشيشان والداغستان والشركس في العراق حصتهم في هذا المضمار فأصبحت لهم جمعيتهم ومجلتهم الدورية وتجمعاتهم القومية بعد أن إتحدت وأجمعت الإرادة الخيرة لعدد من رجالاتها كالشيخ عبدالعزيز مصطفى نجيب بك الشيشاني والدكتور احمد حسين كتاو الشركسي ومحمد حسين الداغستاني والمهندس محمد جاهد شاكر والطبيب الإختصاصي عبدالكريم جلال الداغستاني وغيرهم ، وذلك بهدف جمع شمل القفقاس المنتشرين في محافظات العراق تحت خيمة مشتركة ، وحصر اعدادهم وخلق فرص التعارف وتعزيز صلات الرحم بين عوائلهم وشبابهم ونسائهم وتقديم الخدمات الإنسانية للعوائل المتعففة فيهم والأخذ بيد أبنائهم ومساعدتهم في إكمال دراساتهم العليا وغيرها من الفعاليا ت والأنشطة التي تعزز روح إنتمائهم الصميمي لوطنهم العراق ، وارض اجدادهم في القفقاس ، وتعريفهم بثقافة وتراث وتأريخ وتقاليد اقوامهم وقبائلهم ، كما يفعل ذلك موقعنا هذا وغيره من المواقع القفقاسية على الشبكة .
نحن لا نحمّل آبائنا وحتى اجدادنا تبعات ما جرى لنا من طمس للهوية القومية ، لأننا نعرف جيدا ما كان يقاسونه وما يتعرضون إليه من مخاطر قد تودي بحياتهم لو اصروا على ذلك ، لكننا يجب ان نكون اكثر إنصافا عندما نشير الى عمر تشتتنا وهجراتنا والتي دامت اكثر من مئة وخمسين عاما ، وهذه الفترة كافية لتحطيم ركائزنا القومية وحصيلتنا المعرفية بتأريخنا وتراثنا مما حدا بنا ( ليس قفقاس العراق فحسب) وإنما كل القفقاس في الشتات الى الإندماج مع المحيط والبيئة وتناسي اللغة والتقاليد والسمات القومية المميزة ، فكم منا لا يزال يمارس تقاليد الزواج والوفاة وشعائر المناسبات مثلما كان الأجداد يفعلون ، او حتى ابناء العمومة الآن في شمال القفقاس ؟ لهذا اصبحنا عربا او اتراكا او المانا او اكرادا حيثما عشنا مع هذه الأقوام، لكن يكفينا فخرا اننا لا زلنا نحتفظ بالبذرة الحية في أعماقنا ، كالشعلة المتفجرة التي تؤكد إنتماؤنا القفقاسي وبأننا جزء لا يتجزء من هواء وتضاريس وجبال ووديان وسهول القفقاس .
لهذا تألمت بشدة وحزنت عند قرائتي تلك الملاحظة السمجة والتي لا تنم عن الحصافة والحكمة والعقلانية ، ولا شك ان كاتبها الأصلي يحمل الكثير لأبناء جلدته من شراكس وقفقاس العراق دون ان نعرف الدوافع ، لأنه إستكثر عليهم حضورهم عبر جمعيتهم الرائدة التي لا تزال تعطي الشهيد تلو الشهيد في هذا الظرف العصيب وبادر الى تصوريهم مجرد اشخاص يستغلون الأوضاع لكي يستجدوا المال من الآخرين ، فكم كان غير منصفاً وغير عادلا وغيرنزيها لتشكيكه بنوايا ومقاصد أبناء جلدته الذين يعملون في ظل هذه الظروف ؟
وعلى اي حال فإن جمعية التضامن ومنذ تأسيسها ضمت نخبة من وجوه المجتمع والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال والتجارالمرموقين ، وقد وظفوا ولا يزالون وبنكران ذات الأموال والجهود لتأسيس جمعيتهم من فتح المقرات والتأثيث وديمومة نشاطاتها وإصدار مجلتها الدورية دون ان تستلم دولارا واحدا لا من الدولة العراقية ولا من اي جمعية او حزب او حركة او تيار او حتى من شراكسة وقفقاس العالم كله ، ولعلم صاحب الملاحظة فإن الوفود التي سافرت ممثلة عن الجمعية للتعريف بها الى القفقاس وتركيا وسوريا والأردن وغيرها تحملت التكاليف كاملة من جيوب اعضاء الوفود انفسهم بإستثناء الوفد الذي سافر الى اديغا فقد تولت رئاسة الجمهورية تكاليف الضيافة داخل ما يكوب حصرا فيما كانت اقيام بطاقات السفربالطائرات والتنقل من العراق الى سوريا وبالعكس على حساب الوفد ، ولم تبادر الجمعيات الشقيقة او الجهات المضيفة الى دفع اي مبلغ إطلاقا لدعم الجمعية ، وهذا نعلنه على رؤوس الأشهاد ويمكن التأكد من المعلومة بيسر سواء من ادارتي الجمعيتين الشركستين في كل من دمشق وعمان .
إن دعم ابناء قومنا لبعضهم البعض ليس عيبا وليست منّة ، والحقيقة إن غياب هذا الدعم هو العيب بعينه وهو التقصير الذي ما بعده تقصير ، فإذا كان الشقيق القفقاسي لا يقف لأخيه القفقاسي في الملمات فمتى إذن يقف ؟
واليكم مثلا يقف المراقب خجلا من تفاصيله ، فقبل سنتين من الآن هاجمت العصابات المسلحة الإجرامية قرية الشيشان في قضاء المقدادية بمحافظة ديالى ، وقامت بقوة النار والأسلحة الفتاكة بحرق وتدمير كافة دور القرية الخمسين بكافة محتوياتها من الملابس والأثاث والتذكارات كما وحرقت وهدمت جامعها ومركزها الصحي ومدرسة الأطفال التي أنشأها الشيشان على حسابهم وبتبرعاتهم ، وإستطاعت العوائل الشيشانية من سكنة القرية الخروج مع عدد من جرحاهم تحت حماية قوة عسكرية مسلحة قدمت من العاصمة بغداد والتي لولاها لأبيدت جميعها .
أليس عيبا بالله عليكم أن يقف جميع شراكسة وداغستان وشيشان العالم متفرجين على مأساة تهجير جديدة إستهدفت ابناء عمومتهم في العراق الجريح ولم يتحرك منهم ساكن بإستثناء شيشان الأردن الغيارى الذين إنتخوا لأخوتهم العراقيين و نظموا تجمعات في جوامعهم في عمان لجمع التبرعات وتقديم العون الفوري لهذه العوائل المنكوبة التي تشتت في ضيافة العوائل القفقاسية في مختلف المحافظات العراقية لحين توفير مساكن طارئة لهم وهم لا يملكون سوى الملابس التي كانت عليهم ساعة المغادرة من قريتهم المحروقة ؟ بل أن بعضهم إكتفى وهو يقرأ ويطلع على اخبار الكارثة ولا نريد ان نسميهم أعلنوا فقط عن الأسى والحزن والمشاركة الوجدانية وكأن الموضوع يتعلق بأناس يعيشون على كوكب آخر .!!
يكفينا الكلام والتلاعب بالألفاظ أيها الأشقاء وأبناء العمومة الأعزاء ، نحن المشتتون في الأرض بحاجة ماسة الى الفعل والتعاضد والتأكيد على إنتمائنا القومي بدلاً من إشاعةالتقولات والغمز واللمز والتشكيك بمقاصد الآخرين ونزاهتهم ونواياهم الشريفة .
لكنها مأساة قومنا وبقية الأقوام ايضا ، أن نجد فيها دائما من لا يرتاح إذا لم يرمي الفضلات في بئر ماء نقي لكي لا يشرب منها الناس أاو يرمي بالصنارة لكي يتصيد في الماء العكر ، وبئس هذا الصيد !!
وعذرا إخوتي الأعزاء .

* أمين سر جمعية التضامن الخيرية القفقاسية في العراق

http://www.shababek.de/razuna/modules/news/article.php?storyid=671

Share Button