نافذة على أوراسيا: موسكو تبعث من جديد الظّرف المشابه الّذي أدّى إلى انهيار الإتحاد السوفياتي، يقول خبير عن الفيدراليّة

 نافذة على أوراسيا: موسكو تبعث من جديد الظّرف المشابه الّذي أدّى إلى انهيار الإتحاد السوفياتي، يقول خبير عن الفيدراليّة

بول غوبل

ستاونتون، 7 ديسمبر/كانون الأوّل – تحاول موسكو حاليا إدارة روسيا كما لو كانت دولة وحدوية في حين أنّها توجد إتّحادا “على الورق،” وبالتالي إعادة تهيئة الظروف التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي عندما سببت محاولات غورباتشوف في التحديث والإصلاح لتلك المؤسسات الاتحادية البقاء على قيد الحياة إعتمادا على نفسها، وفقا لخبير بارز في شؤون الفيدرالية.

من ناحية، يقول فلاديمير غيلمان، هذا يعني أن أي خطط لتحديث أو تحرير البلد  ستتم معارَضتها بحزم من قبل اولئك الذين يخشون من أنّ تغييرات كهذه سوف تمزّق الاتحاد الروسي إلى أجزاء على غرار ما فعل غورباتشوف، وعدد قليل في المركز مستعدون لرؤية ذلك يحدث (www.saltt.ru/node/5975).

ومن ناحية أخرى، يتابع القول، الوعي بخصوص هذه التوترات يعني أن موسكو على الأرجح في المدى القريب، ستواصل مواصلة السعي للحد من صلاحيات المؤسسات الاتحادية الضامرة مثل الجمهوريات وحتى مجلس الاتحاد، على الرغم من أن الإثنان سوف يجعلان الوضع لا يمكن الدفاع عنه، إذ لا يمكن لبلد كبير مثل روسيا أن يكون فعالا كدولة اتحادية فاعلة.

ان الخطر يكمن في دفع البعض بين القوى التي يمكن أن تحاول إيجاد سبل لتدمير آخر المؤسسات الرمزيّة المشاركة في الإتحاد (الفيدرالية)، ولكن كل خطوة من هذا القبيل، يناقش غيلمان، تستلزم مجازفة خاصة لأن بلدا كبيرا ومتنوعا مثل روسيا يحتاج الى شكل من أشكال الفيدرالية إذا أريد له أن يبقى ويزدهر.

منذ عقد من الزمان، كما يقول، كانت روسيا “سواء رسميا وفي واقع الأمر إتحادا (فيدراليّة)،” مع تقسيم السلطة بين المركز والرّعايا التّابعين للاتحاد (الفيدراليّة). فإنّ لدى موسكو “عدد محدود جدا من الإمكانيات للتأثير على القرارات المتخذة [من قبل المناطق] ضمن اختصاص هذه الأخيرة.” وعلى الرغم من ذلك فإن المناطق تنوعت في هذه القوى، والدّولة “كانت إتحاداً (فيدراليّةً).”

لكن على مدى السنوات العشر الماضية، تغير الوضع مع فلاديمير بوتين، والآن بوتين مع ديمتري ميدفيديف معا يتّبعان نهجا المقصود منه خلق “تسلسل هرمي” ضيق بحيث يخضع كل مستوى في كل شيء للمستوى الأعلى منه”، وبالتالي واحد منها في المناطق، في حين وجود بعض المساحة للمناورة، لكنها ليست قادرة على اتخاذ قرارات لا يمكن لموسكو عكسها.

هذا النظام، يضيف غيلمان، ليس كثيرا “السلطة الرأسية” هي الّتي يتحدّث عنها الجميع وانما “سلسلة من أوامر هرمية وآليات متباينة من السيطرة،” آليات تنطوي على إعطاء الناس منفذا للوصول إلى ثروة حتى أكثر ممّا يعرضهم لخطر العقاب، طالما أنهم يفعلون ما تريده موسكو أو على الأقل إعلان الولاء.

قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كما يقول، كان المركز “مهتمّاً للغاية” في أن ينتسب جميع حكام المناطق إلى حزب روسيا الموحّدة … من أجل تقليل جميع المخاطر السياسية المرتبطة باختتام دورة بوتين الرئاسية.” وتحقيقا لهذه الغاية، كانت موسكو مستعدة للتلويح بالسوط.

وذلك لأن “القوى الاتحادية الّتي [ذكرت وتتذكر حتى يومنا هذا] تجربة أعوام التّسعينيّات من القرن الماضي عندما سعت الجمهوريات” للحصول على توسيع صلاحياتها عندما رأت ان موسكو كانت تضعف.  في عامي 2007 و 2008، غيّرت موسكو عددا من رؤساء الجمهوريات من أجل “الحد إلى الصفر” من المخاطر بالنسبة للنظام.

ومنذ ذلك الوقت، واصلت موسكو هذا النهج وقامت بتوسعته كذلك، وعملت على تاسيس المؤسسات التي استنزفت حتّى محتوى أكثر من النظام الاتحادي وتقويض أشياء غيرها. وهكذا، يقول غيلمان، سعى المفوضون الرئاسيّون أولا لكبح جماح الحكومات الإقليمية، لكن هذه المهمة أصبحت غير ذي معنى مع وقف الانتخابات للرؤساء الإقليميّين.

ونتيجة لذلك، يكمل غيلمان، فإنه “لا يستبعد في وقت ما، في التحليل النهائي، أن يمكن حل المفوضيّات إن لم تعطهم السلطات الاتحادية أي مهام أخرى.” و مؤسسات “فيدراليّة” أخرى، مثل مجلس الاتحاد، قد يتبع فيما بعد لأنه لم يعد يلعب حتّى الدور المحدود المتوخى منه.

وبناء على ذلك، فهو يقترح، “إن تم إغلاق مجلس الاتحاد غدا وطرد أعضائه إلى أحد المنتجعات للفترة المتبقية من ولاياتهم، فعلى وجه اليقين، لا أحد باستثناء الصحافيين سيعلم بالأمر.”

يزيد غيلمان، “بأن في الكرملين”، هناك الكثيرون الّذين يرغبون في أن يكون هناك عدد أقل من الرعايا الاتحاديّين التّابعين ممّا هو عليه حاليّا وهو 83.  لا أحد يستطيع أن يعرف بسهولة كافّة القادة. لكن عمل أي شيء حول ذلك، كما يقول، هو “ليس مهمة بسيطة” لان هناك “قيودا طبيعية: “وجود جمهوريات عرقية وعدم المساواة في الموارد لمختلف المناطق.

وكنتيجة، فإنّ الضّغط باتّجاه خفض عدد الرعايا الاتحاديّين التّابعين قد تباطأ، ولكن ذلك لم ينهِ اهتمام موسكو في إيجاد طريقة ما لخفض عددهم. ذلك يفسر، كما يقول غيلمان، اقتراح ميدفيديف مؤخرا لتنظيم 20 تجمعا بدلا من الهياكل القائمة حاليا.

لكن غيلمان يشير إلى أنه “من المستحيل إنشاء تجمعات من الأعلى. تكوّنت أو لم تتكوّن بغض النظر عما يريد بوتين أو ميدفيديف أو أي شخص آخر.” وعلاوة على ذلك، روسيا ببساطة لا تستطيع أن تفعل هذا لأن هناك عددا قليلا جدا من المراكز الحضرية الرّئيسيّة يمكن أن تكون بمثابة نواة لهكذا كيانات.

في النهاية سوف يفهم الناس أن لبلدهم، الفيدرالية “أمر لا مفر منه وببساطة لأن روسيا بلد كبير ومتنوع. بدون الآليات التي تسمح للمناطق حل مشاكلها الخاصة بنفسها، سيكون من الصعب للغاية ضمان التنمية في البلد، وأكثر من ذلك، للحفاظ عليها لمستقبل.”

وينبغي على الروس اليوم أن يعكسوا على التجربة السوفياتية في النهاية> “كانت هناك التجربة السوفيتية في الفدرالية، فكانت البلاد فيدراليّة على الورق، ولكن في الواقع كانت وحدويّة عميقة وشديدة المركزيّة. وعندما بدأ التّحرّر السّياسي، جاءت كل هذه التناقضات على المشهد، وتوقّف وجود البلد.”

 

http://windowoneurasia.blogspot.com/2010/12/window-on-eurasia-moscow-recreating.html

 

ترجمة: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

Share Button