خِطط إستضافة دورة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة 2014 في سوتشي أحدثت شرارة النّشاط السّياسي الشّركسي في عام 2010 – الجزء الثاني

 خِطط إستضافة دورة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة 2014 في سوتشي أحدثت شرارة النّشاط السّياسي الشّركسي في عام 2010 (الجزء الثاني)

9b252678d9

نشر موقع مؤسّسة جيمس تاون الألكتروني على الشّبكة العنكبوتيّة بتاريخ 19 يناير/كانون الثّاني 2011 مقالا للكاتب فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev) بعنوان “خطط إستضافة دورة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة 2014 في سوتشي أحدثت شرارة النشاط السّياسي الشّركسي في عام 2010 (الجزء الثّاني)”، حيث جاء فيه:

في عام 2010، تمكّن نشطاء شراكسة للمرة الأولى من تنظيم إحتجاجات شعبية في عدة بلدان ضد ما أشاروا إليه “بالإمبرياليّة” الرّوسيّة في شمال القوقاز. واحتجّ الشراكسة ضد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العام 2014 التي من المقرر أن تعقد في ضواحي سوتشي، وهي مدينة صغيرة على البحر الأسود. فقد نُظّمَتْ احتجاجات عامّة في كلٍ من تركيّا والوِلايات المتّحدة والإتّحاد الأوروبي وعدة بلدان أخرى. وقدّمت دورة الألعاب الأولمبيّة المقبلة فرصة فريدة لهذا الشعب الّذي ينتمي لشمال القوقاز لإخبار العالم عن قصّته المنسية طويلا، من الكفاح والهزيمة والمعاناة على أيدي الجيش الإمبراطوري الروسي الجرّار وذلك من القرن التّاسع عشر فصاعدا.

والشراكسة يجادلون بأن ما فعلته الإمبراطوريّة الروسية ضد أسلافهم في القرن التّاسع عشر على نفس الأراضي الّتي خصّصت كمواقع لأولمبياد عام 2014 لا يعدو عن كونه إبادة جماعية. وطالب النشطاء اللجنة الأولمبية الدولية “تجريد روسيا من حق عقد أولمبياد سوتشي على أساس كونها موقع الإبادة الجماعية الشركسية”. ويعتقد بأن الإمبراطوريّة الرّوسيّة المنتصرة قد قتلت ما يصل إلى 1.5 مليونا من الشراكسة، في حين تمّ إخضاع غالبية مليون ونصف من الّذين نجوا للترحيل إلى الإمبراطورية العثمانية (www.nosochi2014.com, accessed on January 17, 2011).

في الواقع، ومن المعروف أن الجيش الروسي نظّم عرضا عسكريّا قرب سوتشي الحديثة في عام 1864، وذلك في أعقاب الهزيمة النهائية للقوّات الشركسية. وهناك أيضا وفْرة من الأدلة التاريخية التي تشير إلى سياسات روسيّة مريبة في المنطقة، بما في ذلك قتل المدنيين، وإلحاق مشاق متعمّدة وما يشار إليه غالبا في العالم المعاصر باسم “التطهير العرقي”. فالشراكسة اليوم، والمعروفون أيضا بانّهم أديغه وقباردي وشركس (نسبة للشّركس في جمهوريّة قراشيفو – شيركيسيا) وأباظة وشابسوغ، يشكّلون أقل من نصف في المئة من عدد السكان في منطقة كراسنودار، والّتي تضم سوتشي وجميع الأراضي التي كانت تعود يوما إلى الشّراكسة. ويعيشون أيضا في جمهوريّات أديغيا وقراشيفو – شيركيسيا وقباردينو – بلقاريا الّتي تضم غالبية (55 ٪) من مجموع السكان في الإقليم الأخير (www.perepis2002.ru, accessed on January 17, 2011).

إنّ حشد الشتات الشركسي في الخارج، حيث يقيم الجزء الأكبر من الشّراكسة الإثنيّين في أيامنا الحاضرة، كان له تأثير كبير على التطورات السياسية في شمال القوقاز. فالمشاركون في مؤتمر حول الشراكسة وشمال القوقاز والّذي تم تنظيمه من قبل مؤسسة جيمس تاون وجامعة إيليا الحكوميّة في مارس/آذار من عام 2010 قدّموا طلبا إلى البرلمان الجورجي مطالبينه بالاعتراف “بالإبادة الجماعية الشركسية”. ووافق البرلمان الجورجي على النظر في هذه المسألة. وعقدت مؤسسة جيمس تاون وكذلك جامعة إيليا الحكوميّة مؤتمرا ثانيا في هذا النّسق في نوفمبر/تشرين الثّاني من العام 2010، والذي استقطب حتّى علماء وممارسين أكثر من جميع أنحاء العالم. وكان تحرك جورجيا نحو إعتراف ممكن لما يدعوه “بالإبادة الجماعية” قد قوبل في شمال غرب القوقاز بحرارة إلى حد بعيد، وذلك نظرا لأنها المرة الأولى الّتي تبدو مسألةً واقعيّة في إمكانية أن يعترف بلد عضو في الأمم المتحدة “بالابادة الجماعية الشركسية”. وسائل الإعلام الروسية وبعض السياسيين ردّوا على جورجيا بغضب بشأن توغّل جورجيا في شؤون شمال القوقاز، ملقين بالّلائمة، وكالعادة على نظام الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي، وعلى “أعداء روسيا في الغرب” الذين يُزعم بأنّهم يريدون حِرمان روسيا من دورة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة لعام 2014. وفي الوقت نفسه،فإن المظالم الشّركسيّة الحقيقية تماما لا تلقى الكثير من الإهتمام، ويجري إخفاءها في معظم الوقت تحت البساط  (www.politcom.ru, March 18, 2010).

ومع ذلك، أظهرت مساقات الأحداث السابقة من أن هناك حملة داخلية قوية بين الشراكسة في شمال القوقاز ليجعلوا صوتهم مسموعا، والتي لا علاقة لها بالوصف المكرّر “أعداء روسيا”. أحد القادة الشراكسة الأكثر إحتراماً في شمال القوقاز، مراد برزج، كان قد أُجبر على مغادرة روسيا وطلب اللجوء في الولايات المتحدة في عام 2010 بسبب تصاعد الضغوط من قبل السلطات الروسية. وكما حصل في وقت مبكر من عام 2006، حيث كان ذلك قبل الموافقة على الطّلب الرّوسي بإقامة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة في عام 2014، بادر برزج بإرسال دعوة إلى المحكمة الأوروبّيّة لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بشأن قضية الابادة الجماعية الشركسية. وجاءت الدّعوة بعد رفض مجلس الدّولة الرّوسي/ الدوما المطالبات الشّركسيّة السّابقة (www.kavkaz-uzel.ru, October 31, 2006).

فقد اتّهم برزج السّلطات الرّوسيّة بتجاهل وتشويه القضيّة الشّركسيّة، مما يوحي بأن هذا النهج من شأنه أن يوفّر “منبرا لا يقاوم للتصعيد”. وفي رأي برزج، فإنّ من شأن ذلك أن يدفع الشّباب إلى صفوف المتمرّدين، مما يجعل في نهاية المطاف الجمهوريات الّتي تسكنها غالبيّة شركسية في أديغيا وقراشاي – شيركيسيا وقباردينو – بلقاريا إلى اتّباع أسلوب أنغوشيا وداغستان المضطّربتين (www.kavkaz-uzel.ru, July 17, 2010). وفي الواقع، فإنّ قباردينو – بلقاريا فاقت أنغوشيا في العام 2010 بوضوح من حيث عدد الهجمات وثِقَلَها النّوعي، وحلولها كثاني أكثر جمهوريّة فتكا في شمال القوقاز بعد داغستان (www.kavkaz-uzel.ru, November 20, 2010).
وتلقى قضية “الإبادة الجماعية”، هكذا استحسانا في قباردينو – بلقاريا حتى أنّ الرّسميّين في الجمهورية يَبدون وكأنّهم يقفون إلى جانب الناشطين غير الرّسميّين. كتب سفيان جموخوف (Sufian Zhemukhov)، نائب مدير ومساعد أعلى في العلاقات الدولية في معهد قباردينو – بلقاريا للبحوث الإنسانية، وهو المعهد الّذي يقع تحت تأثير حكومة الجمهورية القوي، لِ”موقع الديموقراطية المفتوحة” الألكتروني على الشّبكة العنكبوتيّة (Open Democracy Website) عن الأثر الإيجابي للمؤتمر المشترك لمؤسسة جيمس تاون وجامعة إيليا الحكوميّة.

وقد “أمسى موضوع الإبادة الجماعية الشركسية أكثر تقبّلا كمادّة للنّقاش في روسيا”، حسبما كتب جموخوف. “لقد شرع المؤرخون والمحللون للنظر في أحداث عام 1864 بمثابة مأساة للأمة الشركسية. وهذا في حد ذاته هو إنجاز هائل عن المفهوم الّذي هيمن في وقت سابق على المناقشات: بأن الشّراكسة كانوا مفترسون (khishniki) وهم الّذين هاجموا القوّات الرّوسيّة المسالمة على الحدود، وكانوا قد خُدعوامن قبل العملاء البريطانيّين والأتراك الغادرين، وتركوا بلادهم طواعية، وأخيرا، عانوا في الإمبراطوريّة العثمانية نتيجة حماقتهم هم (opendemocracy.net, November 9, 2010).

 

وأصبحت دورة الألعاب الأولمبية الشّتوية في سوتشي، والّتي تعتبر أدفأ مكان في روسيا، هدفا لانتقادات عنيفة من المعارضة الرّوسيّة. إن التقديرات الرسمية من التكاليف التي سيتم تكبدها في تطوير المنطقة لتلبية معايير الأولمبياد تتجاوز 30 مليار دولار، بينما وَضَعَتْ بعض التقديرات غير الرسمية الرّقم حتّى أعلى من ذلك —  نحو 45 مليار – 50 مليار دولار، وهو مبلغ من الأموال لم يسبق له أن أُنفق على التحضير لدورة ألعاب أولمبيّة. وذلك نظرا للفساد المستشري ولإساءة الإستخدام للكثير من المال الّذي حتى أن الحكومة لا تكترث أن تنكر أو تكافح. وهناك طريقا سريعا واحدا فقط من المتوقع أن يكلف وحده 7.5 مليار دولار، بحيث أنّ كل كيلومتر واحد سيكون بتكلفة 150 مليون دولار (http://www.putin-itogi.ru/doklad/#10). ومن الواضح بمكان أنّه كان من الممكن أن تستعمل كل تلك الكميات الهائلة من الموارد بشكل أكثر حكمة في بلد ذو بنية تحتية منهارة واقتصاد هش مثل روسيا. وبدلا من ذلك، فقد تم إعادة توجيه الموارد إلى مشروع بحيث يبدو بشكل متزايد وكأنّهُ نزوة لرئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين وينم عن الطبيعة الحقيقية للنظام السياسي الحالي في روسيا.

مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة لعام 2014، فإنّه من المرجح بشكل متزايد أن يغتنم الشّراكسة هذه الفرصة للتّعريف بتاريخهم المأساوي ولمحاولة تحقيق بعض المكاسب السّياسيّة. في حين أنّ الحكومة الروسية عقدت العزم على تجاهل وقمع الحركة الشركسية، وانه من المرجّح أن تتعمّق زعزعة الاستقرار في هذا الجزء من شمال القوقاز في عام 2011.

 

ترجمة: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

نقل عن: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

Share Button

اترك تعليقاً