موسكو توظف حرب المعلومات والمساومة في تعاملها مع القضية الشركسية

موسكو توظف حرب المعلومات والمساومة في تعاملها مع القضية الشركسية

نشر موقع مؤسّسة جيمس تاون الألكتروني على الإنترنت بتاريخ 11 أبريل/نيسان 2011 مقالا للكاتب فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev) بعنوان “موسكو توظف حرب المعلومات والمساومة في تعاملها مع القضية الشركسية“، حيث جاء فيه:

إيه بي سي نيوز (ABC News)
إيه بي سي نيوز (ABC News)

في 5 أبريل/نيسان، أدلت مجموعة من الشّراكسة ببيان موجّه إلى الزعيم الليبي المحاصر، معمر القذافي، وانتشر على الإنترنت. وقام إسرائيلي مختص بالشؤون الشّركسيّة، أفراهام شموليفيتش (Avraham Shmulevich) بإعادة نشر البيان الإستثنائي للغاية لتقديم مساعدة شركسية للقذافي على مدوّنته. الموقعون المجهولون على البيان، الّذين أطلقوا على أنفسهم “شراكسة القوقاز”، اتهموا شركات متعددة الجنسيات، وعلى افتراض أن الحكومات الغربية وضعت الدولة الليبية والليبيين لاختبار قوة “الثبات ومحبة الحرية”. وشكر الموقعون أيضا القذافي لاستضافة الشراكسة في ليبيا وطلبوا منه السماح لهم الذّهاب إلى إنقاذه، والدفاع عن حكمه بالسّلاح (http://avrom-caucasus.livejournal.com/109521.html).

نظرا لهشاشة الوضع الأمني إلى حد كبير في أوسع الأراضي المأهولة بالسّكان الشراكسة في شمال القوقاز، قباردينو – بلقاريا، فإنّه من الحيرة بمكان أن بعض الشركس أخذوا بعين الإعتبارالسفر إلى ليبيا للدفاع عن قضيّة القذافي. والمفارقة في الموقف هو الحالة الصّارخة بشكل خاص بالنظر إلى أنه في وقت سابق، وفي 23 مارس/آذار، نشر موقع ناتبرس (Natpress.net) وهو موقع الكتروني شركسي في شمال القوقاز، ترجمة لمعلومات عن موقع شركسي أردني على شبكة الانترنت (Circassiannews.com)، رافضا نداء القذافي للحصول على المساعدة. ووفقا لهذا الموقع الأخير، اجتمع مبعوث للقذافي مع الشركس الاردنيين في عمان، طالبا منهم التأثير على إخوتهم في الأصل الإثني الّذين يعيشون في المدن الساحلية ذات الأهمية الاستراتيجية وهي مصراتة وبنغازي لتبديل مواقفهم إلى جانبه. وتعتبر كل من مصراتة وبنغازي معاقل المتمردين المقاومين للقذافي وهما على التوالي، تأتيان ثالث وثاني أكبر مدينتين بعد طرابلس. وقد ورد أن هناك 20000 شركسي يعيشون في مصراتة و10000 يقيمون في بنغازي. وزُعِم أن الشراكسة الأردنيين رفضوا طلب القذافي، منوّهين على شكل الخصوص بقرار الأمم المتحدة حول الموقف في ليبيا (www.natpress.net, March 23).

عاش الشراكسة بشكل تقليدي في جميع أنحاء الإمبراطورية العثمانية، والتي شملت فيما مضى شمال أفريقيا، وكانوا قد عُرفوا بأنّهم جنود شجعان. ذلك على الرغم من أعدادهم الصغيرة نسبيا في ليبيا، فإنهم ربّما لا يزالون يعتبروا قوة لا يستهان بها. وحتى الآن، ومع ذلك ، فإنهم على ما يبدو قد وقفوا ضد القذافي أو على الأقل فإنّهم غير عابئين بقضيته. إن الناشطين الشراكسة ينسّقون أعمالهم بسهولة عبر الإنترنت، ولذلك فمن الصعب أن نتصور أن الشركس في شمال القوقاز لم يكونوا على علم بموقف الشراكسة الليبين ضد نظام القذافي.
علاوة على ذلك، تنص المادة 359 من القانون الجنائي الروسي صراحة على محاكمة المرتزقة، لذلك يجب على السلطات الروسية فتح تحقيق في نية بعض مواطنيها للذهاب والقتال من أجل حكومة أجنبية. حتى الآن لا يوجد ما يضفي معلومات عن ملاحقات قضائية، ولذلك فمن الصحيح القول أن أصحاب المبادرة نحو القذافي قد ضمنوا دعما حكومياً ضمنياً أو صريحاً لهذه المبادرة. في وقت سابق، تباينت آراء الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين بشأن إجراءات التحالف في ليبيا. أدان ميدفيديف نظام القذافي في حين انتقد بوتين بشدة الغرب لعملياته العسكرية في ليبيا. وبتقديم الشركس بوضوح كشعب مناهض للغرب يخدم الحكومة الروسيةإلى حدٍ بعيد. تبدو موسكو أنها بصدد تصوير الغرب باعتباره اللاعب الرئيسي الفعلي الذي يثير الشقاق بين الشراكسة. وبما أن نشطاء الشراكسة قد طالبوا بأن  تعترف موسكو “بالابادة الجماعية الشركسية” في شمال القوقاز وأن تنقل دورة الالعاب الاولمبية الشتوية لعام 2014 من سوتشي، حيث أن الإبادة الجماعية المدّعى بها قد وقعت في النصف الثاني من القرن التّاسع عشر، حيث انّه من الممكن أن تكون الحكومة الروسية مهتمة في تشويه صورة الشركس في الغرب.

إن ارتفاع حدّة زعزعة الإستقرار في الآونة الأخيرة في قباردينو – بلقاريا، والنشاط المدني الشركسي مع بعض الاهتمام من جانب المجتمع الدولي، والتهديد الناجم عن ذلك لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي قد رفع القضية الشركسية إلى مستويات غير مسبوقة داخل روسيا. في الماضي رُفِضَت أو تمّ تجاهُل المطالبات الشركسية في موسكو حول الإبادة الجماعية، والتي كانت قد قُدمت حتى قبل قرار عقد دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي. الآن، يجري في العاصمة الروسية عقد مؤتمرات حول القضية الشركسية بانتظام متزايد. وعقد حدثين في الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك عقد مؤتمر في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (MGIMO)، الذي يهيّئ الدبلوماسيين الروس. ومن المقرر أن يعقد الديوان الشّعبي الرّوسي مؤتمراً في موسكو في 12 أبريل/نيسان بشأن مشكلة تطرف الشباب في قباردينو – بلقاريا (www.elot.ru, April 6).
للمرة الأولى منذ سنوات، بدأ الخبراء الروس في الحديث حول “إجراءات تعويضية” ممكنة لاسترضاء الشركس وتخفيض معارضتهم لأولمبياد سوتشي. واقترحت أخصّائيّة الأعراق وعلم النفس، إيلينا نيفيلسكايا (Elena Nevelskaya) في موسكو، دمج جمهوريّة أديغيا ومقاطعة كراسنودار مع منطقة شمال القوقاز الفيدراليّة. وكانت كل من جمهوريّة أديغيا ومقاطعة كراسنودار تاريخيا أراضي شركسية ولكن في الوقت الراهن يوجد فيها فقط أقليات شركسية متواضعة. ذلك في حين ان هذه الخطوة قد تحقق رمزيا “وحدة” للشراكسة في منطقة واحدة، فإن الشركس يطالبون بجمهورية واحدة لجميع ذوي القربى العرقيّين. هذا الاقتراح يبقى في مهده، لأنه من غير المرجح أن يفي ما يريده الشركس ويذهب أيضا باتّجاه متعارض مع قصد موسكو الأصلي لفصل مقاطعة كراسنودار، حيث يتم عقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية المقرره في عام 2014، من منطقة شمال القوقاز غير المستقرة. واقترحت نيفيلسكاياهدم المعالم المكرسة للجنرالات الروس الأكثر مقتاً في الأراضي الشركسية السابقة. وكان الاقتراح العملي الوحيد الذي قدمته الخبيرة الروسية هو السماح للشراكسة الذين يعيشون في تركيا والشرق الأوسط والأراضي الأجنبية الأخرى للعودة الى شمال القوقاز. ويسمح القانون الروسي الحالي بعودة “المواطنين” إلى الفيدراليّة الرّوسيّة، ولكن يتطلب منهم أن يتكلموا الّلغة الرّوسيّة، وهو ما يعني عمليا أنه يمكن فقط قدوم مواطني الجمهوريات السوفياتية السابقة. كذلك، فإن جمهوريات شمال القوقاز ليست مدرجة بين الأراضي المخصصة من قبل الدولة ليمكن إعادة توطين العائدين فيها (www.aheku.org, April 6).

 

ويبدو أحدث الإتجاهات في سياسة موسكو تجاه القضية الشركسية أنه يهدف إلى رئاسة وقيادة النقاش حول الشراكسة من خلال عقد المؤتمرات في موسكو، بعيدا عن شمال القوقاز. ويبدو أن البيان المفترض لدعم القذافي من قبل الشركس أنّه محاولة لافساد سمعة الشّركس في الغرب. البوادر الأولى لمساومة محتملة مع نشطاء شراكسة تبين أن موسكو لا تزال ليست في وضع يسمح لها بتقديم أي شيء جوهري للشراكسة، واختارت بدلا من ذلك علامات رمزية من التقدير التي يمكن أن تسترجعها بسرعة حالما تنتهي أولمبياد سوتشي.

 

مجموعة العدالة لشمال القوقاز

نقل عن: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

Share Button

اترك تعليقاً