لماذا يحيي الشراكسة يوم الحداد في 21-5 من كل عام؟

لماذا يحيي الشراكسة يوم الحداد في 21-5 من كل عام؟

يحيي الشراكسة في 21 ايار من كل عام يوم الحداد للشعب الشركسي (الشوغه ماف) تذكرا لما عاناه أجدادهم من جرائم إبادة جماعية وحشية وتهجير قسري جائر إلى أراضي الدولة العثمانية من قبل جيوش روسيا القيصرية.

فقد بدأت الحرب الروسية-الشركسية في عام 1763، و انتهت بعد أكثر من 100 سنة عام 1864، قاوم فيها الشراكسة جحافل روسيا القيصرية باستبسال و شجاعة خارقتين. لكن، وعلى الرغم من هذه المقاومة البطولية كانت الغلبة في النهاية للعدو الأكبر حجما وقوة وعتادا وعلما – فقد فاقت جحافل روسيا المقاومة الشركسية بأكثر من 20 ضعفا!

كان لهذه الحرب نتائج وخيمة على الشعب الشركسي. فقد استغلت فيها روسيا تفوقها العددي لتطبيق سياستي الإبادة الجماعية و الأرض المحروقة، فدمرت مئات (ان لم نقل آلاف) القرى الشركسية عن بكرة أبيها و استشهد ما يقارب ال 800,000 شهيد مما أدى إلى انقراض بعض القبائل الشركسية كليا، و مشارفة البعض الأخر على الانقراض.

فالقبرداي مثلا حاربوا الروس بضراوة، الا ان تفوق الجيش الروسي العسكري و تطبيقه لسياستي الإبادة الجماعية و الارض المحروقة أدت إلى تساقط عدد قبيلة القبرداي من 350,000 قبل بداية الحرب إلى 50,000 فقط عام 1818 و ذلك بعد أربعة عقود من الحرب المفتوحة مع روسيا (في عام 1810 لوحدها حرق الروس أكثر من 200 قرية قبرداي شركسية).

قبيلة الشابسوغ، التي قدر عددها ب 300,000 قبل الحرب شارفت على الانقراض كليا خلال هذه الحرب، و شعب الوبيخ هجر بالكامل بنهاية الحرب الروسية-الشركسية الى الأراضي العثمانية. أما الابخاز و الابازة، فقد هجرت بالكامل بعض قبائلهم (مثل السادزين) او معظمها (مثل الشكاروا).

في 21-5-1864 أعلن الدوق ميخائيل انتهاء الحرب، و هناك خير الشراكسة بأن يعاد استيطانهم من المناطق الجبلية إلى المناطق السهلية (ليسهل إخضاعهم) او ترحيلهم إلى أراضي الدولة العثمانية، أما من يرفض هاذين الخيارين فإنه سيعتبر أسير حرب.

الا انه و من وراء الكواليس، استمر الروس بحملات ترويع و قتل و تدمير للقرى الشركسية لدفع الشراكسة نحو القبول بالتهجير. و في الحين نفسه استمر الروس بالتنسيق مع العثمانيين لدفع الشراكسة نحو الهجرة، فقد كان للدولة العثمانية أسبابها أيضا لاستدراج الشراكسة إلى أراضيها.

و هنا بدأت عملية التهجير بتسارع كبير. فتمّ تهجير حوالي 90% ممن بقوا على قيد الحياة من الشراكسة تهجيرا قسريا بسيف روسي مسلّط على رقابهم ووعود عثمانية كاذبة بالأمن والرفاه، إلى أنحاء عثمانية تسودها القلاقل والاضطرابات والثورات أو إلى مناطق تنتشر فيها الأوبئة أو إلى مناطق مهجورة،كشبه جزيرة البلقان (بلغاريا ، رومانيا ،اليونان، الجبل الأسود ،ألبانيا، صربيا،البوسنة والهرسك ، يوغسلافيا ) و مناطق هضبة الأناضول شرق تركيا وبلاد الشام ( سوريا ، الأردن ، و فلسطين).

و يقدر عدد الشراكسة و القفقاسيين الذين هجروا من القفقاس بين عامي 1859 و 1881 اكثر من مليوني شخص، مات ما يقدر من 20% منهم بسبب المجاعة و الاوبئة التي انتشرت بين هؤلاء البؤساء.

اليوم يعيش أكثر من 4 ملايين شركسي خارج وطنهم الام في أكثر من 40 دولة، اما في القفقاس، فهناك ما يقارب المليون شركسي فقط يعيشون في الوطن الام.

اولمبياد سوتشي:

تشهد الساحة الشركسية العالمية الكثير من الحراك لمعارضة اقامة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي عام 2014. فلماذا هذا الحراك، و لماذا هذه المعارضة؟ هناك عدة اسباب،أهمها:

  • عدم اعتراف او اعتذار روسيا عن الابادة العرقية و التهجير القسري الذي حدث خلال و بعد الحرب الروسية-الشركسية و اثناء دفاع الشراكسة عن وطنهم ضد القوات الروسية الغازية.
  • قتل العديد من الشراكسة في سوتشي و ما جوارها التي كانت موقعا لاخر معاقل المقاومة الشركسية، و أخر عاصمة مستقلة للشراكسة و فيها تمت مسيرة الاحتفال الروسية بانتهاء الحرب مع الشراكسة. سوتشي كانت أيضا مرفأ استعمل و بشكل كبير لتهجير الشراكسة من وطنهم إلى أراضي الدولة العثمانية.
  • و بالإضافة إلى كل هذا، سيصادف موعد إقامة الألعاب الاولمبية الذكرى 150 للنكبة الشركسية. وتنظيم الألعاب الاولمبية لا يراعي الحساسية الشركسية للموقع. فالعديد من المنشآت الاولمبية تقام على مقابر جماعية لشراكسة قتلوا خلال الحرب الروسية الشركسية. فمثلا، المنشآت الاولمبية تبنى على التلة الحمراء (او كرسنايا بوليا بالروسية) منطلق الألعاب الاولمبية أطلق عليها هذا الاسم (التلة الحمراء) من قبل الروس إشارة إلى غزارة الدماء المنسكبة عليها من القتلى الشراكسة.
  • و يعتقد الكثيرين بأنه هناك محاولات روسية لطمس الهوية الشركسية بالكامل عن هذه الاولمبياد. فحتى المنشورات الموزعة عن العاب سوتشي و التي تعنى بتاريخ المنطقة تكاد لا تذكر الشراكسة بتاتا، و ليس هناك أي تمثيل للشراكسة بأي من الفعاليات الاولمبية لتعريف الناس بهم كالسكان الأصليين لتلك المنطقة (كما فعلت عدة دول أخرى مع السكان الأصليين عند إقامة الاولمبياد). البعض يذكر بأنه حتى المتاحف الموجودة بالمنطقة تكاد لا تذكر وجود الشراكسة أو تاريخهم في تلك المناطق.

للمزيد:

كتاب امجد جموخة Circassians: A Handbook
مقالة الموقع على http://www.circassiannews.com/?p=1255
مقالة الاستاذ فيصل حبطوش http://www.circassiannews.com/?p=4711
مقالة وليد هاكوز http://www.circassiannews.com/?p=4737
Share Button

اترك تعليقاً