فرار الروس من أديغيا يهدد سيطرة موسكو على المنطقة

فرار الروس من أديغيا يهدد سيطرة موسكو على المنطقة

الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور / موقع مؤسسة جيمس تاون

بقلم: بول غوبل

ترجمة: عادل بشقوي

زعيم جمهوريّة أديغيا أصلان تخاكوشينوف (المصدر: Vestnik Kavkaza )
زعيم جمهوريّة أديغيا أصلان تخاكوشينوف (المصدر: Vestnik Kavkaza )

 

منذ نهاية الحقبة السوفيتية، تراجعت نسبة الروس في الجمهورية الشركسية، أديغيا من 78 في المئة إلى 52 في المئة، نتيجة لهيمنة الأقلية الشركسيّة على مؤسسات الجمهورية وفشل موسكو في معالجة القضية بأي طريقة جادّة. الآن، يبحث الأديغه في إعادة توطين رفاقهم الشراكسة من سوريا، وهي مجموعة سوف يتيح وصولها إلى ترجيح كفة الميزان السكاني لصالحهم، وتسريع رحيل عرقيين روس أكثر وتمهيد الطريق للشراكسة للانضمام مع غيرهم من المجموعات الشركسية وتشكيل شركيسيا الكبرى (شاهد EDM 18 أبريل/نيسان، 5 سبتمبر/أيلول).

هكذا ستنتهي سلسلة من الأحداث مع فقدان روسيا، ليس فقط للمناطق الشركسية، ولكن أيضا لشمال القوقاز بأكمله، كما يقول المحللون. هذا كل شيء وأكثر من ذلك، يضيف الباحثون، لأن التطورات هي تحت رقابة موسكو الحثيثة – الكرملين يتّخذ إجراءاً عندما يكون في أزمة حرجة – ولأن أيا من المركز ولا المجتمعات الروسية في أديغيا لديها أي إدراك لما يحدث أو ما عليهم أن يفعلوا لإعادة توجيه ذلك. حتى لو تركّز موسكو على هذا الأمر، فإن المحللين يستنتجون بأن من المرجّح أن تبدو السلطات المركزية تتخذ خطوات من شأنها أن تكون ذات نتائج عكسية لمصالح الروس العرقيين في المنطقة والفيدراليّة الرّوسيّة ككل (svpressa.ru/politic/article/61075/).

في مقالة مطولة على موقع سفوبودنايا بريسا (Svobodnaya Pressa portal) هذا الأسبوع، يستعرض ألكسي بولوبوتا (Aleksey Polubota) وضع العرقيين الروس في جمهورية أديغيا، وهي قاعدة أماميّة شركسية صغيرة وتحيط بها مقاطعة كراسنودار تماماً. وبسبب هذه الجغرافيا – الّتي أصرّ الزعماء السوفيات منذ ستالين وللآن عليها- أفترضت موسكو منذ زمن طويل أن أديغيا هي تماما تحت السيطرة الروسية مثلما افترضت أن السلطات المركزية تسيطر سيطرة كاملة على جمهوريات وسط الفولغا لأنها كذلك محاطة بِأراضٍ ذات أغلبيّة عرقيّة روسيّة. ونتيجة لذلك، تجاهل المركز صعود نظام عرقي (إثنوقراطي) في مايكوب والرحيل الناتج لذوي الإثنيّة الروسيّة (svpressa.ru/politic/article/61075/).

الروس في أديغيا يشعرون بانهم مظلومون من قبل الأديغه ويتم تجاهلهم من قبل موسكو، يقول بولوبوتا. وقالت له نينا كونوفالوفا (Nina Konovalova)، رئيسة اتحاد السلاف في أديغيا، بأنّه “من أجل فهم وضع ذوي الأصل الروسي في الجمهورية، يكفي النظر إلى من يدير ذلك. لدينارئيسا أديغياً للجمهورية، ورئيسٍ أديغيٍ للوزراء و وتجري مناقشة مسألة تعيين أديغي رئيسا لمجلس الدولة”. “حتى أن رئيس الفرع المحلي لحزب روسيا الموحّدة الحاكم هو أديغي.

قدّم الروس العرقيين في الأديغي إلتماساً لموسكو من أجل توحيد أديغيا مع مقاطعة كراسنودار، حيث تابعت، نقلا عن التمييز ضد السكان الروس”، ولكن حتى بعد هذا، لم يعرنا أحد أي اهتمام. كيف لنا أن نحتجْ؟ مع الأسلحة النارية في أيدينا؟ فنحن لا ننوي أن نفعل ذلك. وأغلق المركز الفيدرالي عينيه لسبب واحد – لأنّه لا يوجد هنا إطلاق نارٍ للآن (svpressa.ru/politic/article/61075/).

وأضاف بولوبوتا بأنّه عملياً من المستحيل تنظيم الروس المحليّين “من الأسفل”. يتم التعامل مع أي جهود للقيام بذلك من قبل سلطات الجمهورية بأنه “مظهر من مظاهر التّطرّف”. موسكو بحاجة إلى العمل، ولكن ليس هناك ما يدل على انها مستعدة أو قادرة على القيام بذلك. ونتيجة لذلك، سوف يستمر الروس بالفرار وأولئك الذين سيمكثون فإنّهم “سيبقون رهائن”.

ومع ذلك فمن غير المرجح أن تصبح أديغيا “بقعةً ساخنة” في أي وقت قريب، قال الناشط الروسي. عدد كبير جداً من الاديغه يعرفون أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك بمفردهم. ولكنهم يتحدّثون على نحو أكثر تواترا من أي وقت مضى عن توحيد “ثلاث جمهوريات قوقازيّة في واحدة” من خلال الجمع بين قباردينو – بلكاريا، وكراشيفو – شركيسيا، وأديغيا لتشكيل شركيسيا الكبرى –  وهو نهج قد يؤدي إلى حرب في المنطقة بأكملها، أشارت كونوفالوفا.

ناتاليا ماكييفا (Natalya Makeyeva)، وهي ناشطة في حركة أوراسيا الدولية (International Eurasian Movement)، تؤكد أن الوضع في قباردينو – بلكاريا هو مماثل لذلك الوضع في أديغيا. الروس العرقيّين هناك يتم تجاهلهم من قبل موسكو إلى حد كبير ولم يكونوا قادرين على التّوحّد للدّفاع عن مصالحهم. هم فقط القوزاق الّذين أحرزوا التقدم اللافت في هذا الاتجاه ولكنهم لا يزالوا منقسمين من قبل أولئك الذين يتم تحريكهم من قبل (الكنيسة) الأرثوذكسية، وأولئك الذين ليسوا كذلك. ويشعر جميعهم بالاحباط لأن كل محاولات موسكو لتشجيع عودة الرّوس إلى المنطقة قد باءت بالفشل.

وتقول ماكييفا، “موسكو لا تتدخل لأنها لا تعرف كيفية الحل”. في الواقع، تشير “النّخب السّياسيّة [الرّوسيّة] من حيث المبدأ أنّها تسيئ فهم البلاد التي تعيش فيها”. بالنسبة لهم، فإن فكرة أن روسيا هي “أرض متعدّدة الأعراق” هو” شيء غريب ويشوبه الغموض”. انهم بحاجة الى خدمات المجتمع المتخصّص، لكن ذلك المجتمع منقسم بين هؤلاء مثل فاليري تيشكوف (Valery Tishkov)، من معهد موسكو للأعراق البشريّة وعلم الإنسان “للاثنولوجيا والانثروبولوجيا” الذين يعتقدون أن روسيا يمكن أن تكون “وعاء إنصهار” مثل الولايات المتحدة، وآخرين ممن يرغبون في التخلص من الجمهوريات وتنظيم الوضع القانوني للجماعات العرقية غير الروسية بطريقة أخرى(svpressa.ru/politic/article/61075/).

العرقيون الروس في هذه الجمهوريات، تقول، هم للأسف ليسوا في وضع يمكّنهم من أن يفعلوا الكثير. “الروس هم شعب كبير، شعب استراتيجي”، بينما ال”أديغه فهم إثنيّة”. علاوة على ذلك، تضيف “كلما تضاءلت القوميّة، كلما تكاتفت مع  بعضها البعض” والعكس صحيح، فإن الروس، وتحديدا بسبب حجمهم وتشتتهم، ينقصهم ذلك الإلتصاق الاجتماعي والسياسي. وعندما يجدون أنفسهم في جمهوريات صغيرة غير روسيّة، فإن الروس “يفقدون هويتهم وشعورهم بالإتجاه المكاني”.

وبالنظر إلى كل ذلك، هناك من المرجح أن تكون “فوضى عامّة وحرب وإعادة تقسيم دمويّة” لشمال القوقاز، ربما تبدأ في أديغيا. متى سيحدث ذلك، تستمرماكييفا لتخمّن، يعتمد على مدى ما تكون عليه قوة وشرعية السلطات الفيدراليّة. “وبمجرد أن تفقد شرعيتها في نظر السكان، فإن طرق تفكك روسيا ستمضي قدما في متوالية هندسية”، لتشمل ليس فقط الشيشان وأنغوشيا وداغستان، ولكن الجمهوريات الشركسية كذلك.

في الوقت الحالي فإن الأمور مترابطة معا “فقط على أساس عمودي قاسي لعلاقات سلطويّة بين بوتين وقادة هذه الجمهوريات. وإذا تغيّر أي عنصر منها، أو إذا كان هناك “خطوة واحدة غير محسوبة”، تنهي ماكييفا، “سيتم فقدان القوقاز”، وإذا كان هناك تحرّكات إضافيّة “غبيّة” أخرى، فإن “كل روسيا” سوف تنتهي أيضاً.

 

http://www.jamestown.org/programs/nca/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=40186&tx_ttnews%5BbackPid%5D=24&cHash=6f826fb2d86b873eaea45754cb5f103a

Share Button