نافذة على أوراسيا: الأزمة السورية تقوض سيطرة موسكو على شمال القوقاز

نافذة على أوراسيا: الأزمة السورية تقوض سيطرة موسكو على شمال القوقاز

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

            ستونتون 5 نوفمبر/تشرين الأول – الأزمة السورية، والتي أعطت فلاديمير بوتين نصرا دبلوماسيا تم الإحتفاء به كثيرا، ويهدد الآن سلامة روسيا الإقليمية، ليس لأن مواطنين روس من بين المقاتلين في سوريا، ولكن بسبب سوء إدارة موسكو للشأن الشركسي في الشرق الأوسط بحيث يستقطب الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز نحو التطرف.

            منذ فترة طويلة ساور النشطاء الشراكسة القلق حول مصير إخوتهم في الأثنية في سوريا و خاصة حول تقصير الحكومة الروسية في توسيع نطاق حقوق العودة وإعادة التوطين للشراكسة وهو الّذي تم تحديده في برنامج موسكو للمواطنين الرّوس في الخارج (windowoneurasia.blogspot.com/2008/11/window-on-eurasia-circassians-call-for.html).

             تقاعست الحكومة الروسية جزئياً في هذا الصدد على الأقل لكنها لا تريد أن ترى تدفقا من الشركس إلى شمال القوقاز، وهو الأمر الذي يمكن أن يحدث تغييرا هائلا في التوازن العرقي في تلك المنطقة – هناك أكثر من خمسة ملايين شركسي في الخارج، لكن هناك الآن نصف مليون شركسي فقط في الفيدرالية الروسيّة.

            وقد بدت موسكو بشكل خاص مرتابة لمساعدة الشركس للعودة في الفترة التي تسبق أولمبياد سوتشي، وهو حدث يعارضه الشركس بأغلبيتهم الساحقة لأنّه من المقرر أن يجري في موقع الإبادة الجماعية الّتي اقترفها القياصرة بحق الشركس في عام 1864. وتخشى السلطات الروسية أيضا من أن العودة الشركسية قد تقوض الترتيبات العرقية (الإثنيّة) والإقليمية القائمة في شمال القوقاز .

            ولكن مهما حاولت الحكومة الروسية أن تأمل في تجنب مثل هذا التطور، فإن تعمّق العنف في سوريا وتأثيره على الشركس الذين يعيشون هناك، بدأ في إيجاد تطرف رأي رسمي في الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز، وتدفعهم للمطالبة بأن تغير موسكو من مسارها.

            الدليل الأحدث والأوضح لذلك هو نداء إلى مجلس الدوما الروسي ومجلس الاتحاد الّذي اعتمد يوم الخميس الماضي من قبل برلمان جمهورية قباردينو – بلكاريا بشأن وضع الشركس في سورية وأوجه القصور في القانون الروسي الّذي ينظم عودتهم المحتملة (parlament-kbr.ru/index.php?Page=news&id=1165&idp=20).

            في لغة فائقة التهذيب وتتّسم بالإحترام، وعلى الرغم من ذلك تجعل مشاعرهم واضحة، يقول برلمانيّوا الجمهورية بأنّهم يشاطرون موسكو مخاوفها بشان سوريا، وبأنهم على قناعة بأن الوضع هناك كان سيكون فقط أسوأ لولا “مبادرات الرئيس فلاديمير بوتين في صنع السّلام”.

            ولكن “في الوقت نفسه”، يقول البرلمانيون في جمهورية قباردينو — بلكاريا (KBR)، “إن مزيداً من تصعيد الصراع في سوريا وأيضا تهديدات استخدام القوة من قبل عدد من الدول، والحقيقة الراسخة للتدخل غير الشرعي من الخارج في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة يمكن أن يؤدي إلى ضحايا أبرياء جدد بما في ذلك بين مواطنينا”.

               ”على أراضي سوريا” اليوم،  يواصل النّداء، “يعيش أكثر من 120000 شركسي وجدوا أنفسهم في أصعب الظروف، ويرغمون مرة أخرى ليجدوا أنفسهم لاجئين. إن سعيهم الطبيعي للعودة الى وطنهم الأم التاريخي كل لا يتجزّأ مع القلق على ضمان حياة و صحة الناس عن طريق الحفاظ على طابعهم الفريد” كشعب.

            على مستوى المبادئ العامة، يقر التشريع الروسي هذا السعي في حق المواطنين في العودة إلى وطنهم، لكن يقول المشرعون الشركس، إن ذلك القانون يحتوي على قصور بحاجة إلى تصحيح إذا كان ليتم الحفاظ على شراكسة سوريا وأن يعودوا إلى وطنهم في شمال القوقاز .

            فشل القانون الروسي الصادر في مايو/أيّار 1999 بتعريف المواطن بطريقة تنطبق على أولئك الذين كانوا خارج وطنهم منذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والذين غالبا ما يواجهون صعوبات جمة في إثبات مواطنة أو تابعيّة أجدادهم. بالإضافة إلى ذلك، يفشل القانون بتعريف فئة “جنسية الفيدراليّة الرّوسيّة” بطريقة لا لبس فيها .

            علاوة على ذلك، على الرغم من أن القانون يقول أنه ينبغي أن يسمح للمواطنين بالحصول على جنسية في الفيدراليّة الرّوسيّة بطريقة ميسّرة، لم يتم إجراء ترتيبات لذلك باستثناء هؤلاء، الّذين معظمهم من العرقيّين الرّوس، الذين كانوا في الخارج لفترات أقصر، ويمكنهم توثيق علاقتهم مع البلد بسهولة أكبر .

            وهذا يعني، كما يقول برلمانيو قباردينو – بلكاريا، أنه “بمعنى قاطع، فإن تحقيق برنامج الدولة هذا وعلى الرغم من كل جوانبه الإيجابية لم يحقق تماما حقوق المواطنين في العودة إلى وطنهم الأم التاريخي”.

            بالإضافة إلى ذلك، يقول نداء جمهوريّة قباردينو – بلكاريا (KBR)، ان شعب تلك الجمهورية مقتنع بأنه يجب على موسكو أن تقر قوانين فيدراليّة لتطال حقوق المواطنين بشكل واضح إلى الشركس الأديغه (Adygeys) الذين يعيشون في الخارج والتي ستعزز حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم وفقا لتوصيات منظمة العمل الدولية لعام 1975.

            ان مثل هذه الخطوات سيكون لها “أهمية إنسانيّة كبيرة للمواطنين، تجعل من الممكن تهيئة الظروف للوصول إلى مزيد من زيادة الاتصالات مع المواطنين الذين يعيشون في الخارج مع وطنهم الأم التاريخي، وتعزيز سلطة روسيا بين المواطنين”، يضيف برلمانيو جمهوريّة قباردينو – بلكاريا.

            وهكذا تواجه موسكو خياراً واحداً: اذا رفضت اتخاذ الخطوات الّتي دعا إليها برلمانيو جمهوريّة قباردينو – بلكاريا، سوف يأخذ الرأي في الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز منحى متطرّفاً، وهو أمر يريد الرئيس بوتين بوضوح أن يتجنّبه تحت اي ظرف وعلى الأقل حتى إنتهاء أولمبياد سوتشي.

            لكن إذا لم توافق موسكو أن تفعل ما يريد الشركس في هذا الصدد، فإن السلطات الروسية ستواجه مطالب جديدة لإعادة رسم الحدود العرقية في شمال القوقاز من أجل إنشاء دولة شركسيّة موحدة، وهي خطوة ستؤدّي من دون أي شك إلى مزيد من إضمحلال السيطرة الروسية ليس فقط على تلك الأمة ولكن على الشعوب الأخرى في تلك المنطقة .

المصدر: (http://windowoneurasia2.blogspot.com/2013/11/window-on-eurasia-syrian-crisis.html)

نقل عن: موقع الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة على الفيسبوك

Share Button

اترك تعليقاً