نافذة على أوراسيا: الكرملين يكافح النّزعة الانفصالية لقمع الحريات التي ما زالت لدى الروس، يقول بودرابينيك

نافذة على أوراسيا: الكرملين يكافح النّزعة الانفصالية لقمع الحريات التي ما زالت لدى الروس، يقول بودرابينيك

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

                ستونتون، 16 نوفمبر/تشرين الثاني – الهستيريا الحالية في موسكو حول الانفصال هي مجرد “أحدث حلقة في سلسلة” من الأحداث تهدف إلى السماح للكرملين بأن يكون له مطلق الحرية في إدارة البلاد والقضاء على الحريات التي ما زال الروس يتمتعون بها، وفقا لألكسندر بودرابينيك (Aleksandr Podrabinek).

            يقول المعلق الموسكوفي في مقال بعنوان “لا حرّيّة ولا استقلال” أن هذه السلسلة تتضمن مضاعفة المحظورات فيما يتعلق بِ “الأكثر تنوعا” وأشياءاً غير محددة من أجل “إنشاء نظام عالمي لقمع حرية التعبير عن الرّأي” في الفيدراليّة الرّوسيّة (grani.ru/opinion/podrabinek/m.221156.html).

            من خلال تقديم هذه المحظورات واحدا تلو الآخر بدلا من أن تأتي دفعة واحدة، كما يشير بودرابينيك، يعتاد الروس وغيرهم إلى التغييرات من دون ضرورة تفهمهم الوجهة التي يتجهون إليها، وهو تناقض حاد مع الصراع الذي قد ينشأ فيما لو سعى الكرملين لفرضها مرة واحدة .

            في حين أن المدون الموسكوفي لا يستخدم هذا التشبيه، إلا أن حواره قام بالتذكير بقصة الضفدع الذي وضع في وعاء مليء بالماء بحيث تم تسخينه تدريجياً. في البداية، شعر الضفدع أنه كان فقط في مياه دافئة. عندما أصبح الماء أكثر دفئا خلد إلى النوم. وعندما أصبح ساخناً، فإنّه طهي وقتل .

            واللافت في هذا الرابط التالي في هذه السلسلة، يقول بودرابينيك، هل ذلك الحظر المقترح على الدعاية الانفصالية التي تدعو لعقوبات هي ليست كمثل “جرعات” صغيرة”. “عشرون عاما هو أكثر ما تعطيه السلطات للقتل”. ومن الواضح تماما، يضيف، فإن القوى التي تكون في روسيا بوتين تخشى “النشاط الاجتماعي المستقل أكثر من أي شيء آخر”.

            انها تخشى، يقول بودرابينيك، بأنه سيمكن للناس أن “يتدبّروا أمورهم بدونها”.

          ”إدارة ذاتية محلّيّة بمثابة إنفصال [خفيف] ‘لايت’”، كما يشير. إذا كان الناس يمكن أن يديروا شؤونهم المحلّيّة بأنفسهم، فما هي حاجتهم بالسلطة الرّأسيّة؟ وهذا هو السبب في أن إصلاح الإدارة المحلية قد “دُفِن”. ولهذا السبب تم “تقليص سلطة الأقاليم إلى الحد الأدنى”. موسكو مستعدة لإرسال الأموال إلى المناطق من أجل أن تكون الأخيرة معتمدةً عليها.

            وفقا لبودرابينيك، هناك نهجان لمسألة الانفصال: الإنسان والدولة. ويستند النهج الإنساني إلى احترام أساسي لحق الناس الآخرين لإدارة شؤونهم بأنفسهم، حتى لو كان البعض الآخر يريد أن يفعل أشياءاً في أساليب تجعل من البعض غير مرتاح لها .

            نهج الدولة هو “اعتماداً على رغبة” من أجل السلطة. “إنه أكثر متعة بأن تدير بلداً كبيراً، وأن تدير ميزانية كبيرة، من أجل التقدّم بخطط كبيرة، والتغلب على التحديات الكبيرة … الفرد في هذا النظام هو غير مهم: انه ليس سوى جزء ثانوي في آلية الحكومة الكبيرة، وليس هناك حاجة لأخذ مجتمع من أجزاء ثانوية بعين الاعتبار”.

             “كلا النهجين لهما أنصارهما”، حسبما يقول بودرابينيك. عادة ما تبرز النزعة الانفصاليّة حيث أنه من الصعب “العيش في عائلة كبيرة [و] يتم فيها إنتهاك حقوق الفرد بسهولة”.  إنّه أقل شيوعا في الديمقراطيات بأن تحترم فيها الحقوق عندما لا يشعر الناس بأنهم بحاجة إلى الذهاب في سبيلهم من أجل الدفاع عن أنفسهم .

                ويقول المعلق بأنه يشعر بالانزعاج من رد الفعل على الانفصال بين شريحة “متقدمة” في المجتمع: منظّمة ميموريال (Memorial) و”الجزء الأكبر من مجموعة منطمات حقوق الإنسان ليس فقط لم تدعم مطالب الشيشان للسيادة بل حاولت بكل وسيلة ممكنة لتجنب حتى مناقشة هذا الموضوع”.

          “حتى الخبراء الليبراليين في هذا المجال يكتبون عن النزعة الانفصالية بما يتعلق بوصفها “تهديد رهيب”. لكن المشكلة ليست في النتائج المترتبة على الانفصال ولكن في الطريقة التي تدار فيها العملية”: وهكذا، قسّم الحكيم هافل (Havel) جمهوريتا التشيك وسلوفاكيا سلميا، ولكن الأحمق ميلوسوفيتش (Milosevich) أغرق البلاد في الدماء” لمعارضته.

            أولئك الذين نشأوا في تقاليد إستعماريّة يجدون صعوبة في فهم أن “ليس هناك ما يضير في الرغبة في حياة مستقلة” وإلا فإن هذه الرغبات كانت قد غيّرتْ خريطة العالم. في عام 1900، كان هناك 47 بلدا؛ في عام 1950، كان هناك 75؛ في عام 2000، كان هناك 192؛ و الآن، يوجد هناك 258، بما فيها 195 في الأمم المتحدة، و 19 غير معترف بها، والباقي في حالة غير مؤكدة .

            إن الميل واضح. لم يتم اكتشاف أي مناطق جديدة ولكن عدد الدول “يصبح أكبر ولا يحدث أي شيء مزعج” بسبب ذلك. هناك مشاكل، بالطبع، ولكنها “ضئيلة بالمقارنة” مع تلك التي تنطوي على النضال من أجل الاستقلال .

            ويخلص بودرابينيك  أن “السلطات الروسية تخشى النزعة الانفصالية كخشيتها من النّار. إنهم يريدون دولة كبيرة يجد فيها الناس صعوبة في الاتفاق فيما بينهم”، وبالتالي يتركون الفرص للسلطات لإدارة الوضع دون التشاور معهم. لكن نظرا للكيفيّة التي تتصرف بها السلطات الآن، فمن المفهوم تماما لماذا يريد العديد الإنفصال .

            على الرغم من أن معلق غراني (Grani) لا يتحدث عن ذلك، إلّا أن كفاح موسكو ضد النّزعة الإنفصاليّة لا يفضي فقط إلى تفاقم الوضع حيث النزعة الإنفصالية مستأصلة بالفعل ولكن قد يحدث تصاعداً لها حيث لم يتم ذلك للآن. ذلك لأن السلطات، آخذة زمام المبادرة من المركز، وتقوم الآن بوصفه على انه نزعة إنفصاليّة وذلك لنفس الشيء الذي كانوا يعتبرونه في الماضي شيئاً آخر.

            في الأيام الأخيرة، كانت هناك تقارير عن نزعة إنفصالية بين خانتي وياقوتيا (Khanty and Sakha)، وهما شعبان صغيران عدديا من الشمال (znak.com/hmao/articles/13-11-20-20/101490.html و izvmor.ru/news/view/17321) وحتى عن خطة للكرملين لمحاربة النزعة الانفصالية بين الشعوب الفنلندية – الأوغرية (Finno-Ugric) كذلك (izvmor.ru/news/view/17321).

المصدر: (http://windowoneurasia2.blogspot.com/2013/11/window-on-eurasia-kremlin-fights.html)

نقلاً عن: موقع الناجون من الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة على الفيسبوك

Share Button

اترك تعليقاً