مسعى موسكو لدحض ‘الإبادة الجماعيّة’ الشّركسيّة يرتد عليها

مسعى موسكو لدحض ‘الإبادة الجماعيّة’ الشّركسيّة يرتد عليها

 

الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور، تاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2013

الكاتب: بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

المصدر: (bianet.org)
المصدر: (bianet.org)

الجهود الروسية لتشويه الحجج الشركسية المتمثّلة بأن الأمّة تعرّضت لعمل من أعمال “الإبادة الجماعية” على يد القوات القيصرية في عام 1864 في سوتشي، موقع الألعاب الأولمبية الشّتويّة المزمع إقامتها في شهر فبراير/شباط المقبل، قد جاء بنتائج عكسية على موسكو. ليس فقط لأن الكتب والمقالات الروسية قدمت دليلا إضافيا على أن القوات القيصرية قامت بارتكاب “إبادة جماعيّة” ضد الشراكسة، لكنهم قدّموا كذلك معلومات جديدة عن أعمال “إبادة جماعيّة” روسيّة ضد شعوب شمال القوقاز على مدى القرنين الماضيين. وربما الأهم من ذلك، فقد دعوا إلى التشكيك في تعريف ضيق للغاية لجريمة “الإبادة الجماعيّة” الذي أصر عليه جوزيف ستالين في نهاية الحرب العالمية الثانية في محاولة لمنع أي شخص في أي وقت من الأوقات لتحميل روسيا أو الاتحاد السوفياتي المسؤوليّة لأفظع الجرائم هذه.

في مقال جديد يتألّف من 7500 كلمة يتضمّن حاشية مكثّفة، يجسد يفغيني باخريفسكي (Yevgeny Bakhrevsky)، أحد كبار الباحثين في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية (the Russian Institute for Strategic Studies)، الجهود الرّوسيّة لتشويه سمعة أولئك الذين يلفتون الانتباه إلى أفعال روسيا التاريخيّة بشأن “الإبادة الجماعية” ضد الشّركس. ومثل هذا الجهد المتواصل الأوسع، يقوّض في كلماته عن غير قصد التعريف الستاليني لل”إبادة الجماعية”، واحداً يعتقد عدداً متزايداً من العلماء والمحامين الدوليين والحكومات الآن بكبح جماح المجتمع الدولي عن الاستجابة بطريقة ملائمة لكافّة أشكال القتل الجماعي (gumilev-center.ru/sovremennye-koncepcii-genocida-narodov-kavkaza/).

مثل غيره من الكتاب الرّوس الّذين يكتبون عن “الإبادة الجماعية “( الشركسية)، يتبنى باخريفسكي هجوماً على ثلاثة محاور. الأول، يقول بأن أحداث عام 1864 لا تتوافق تماما مع إعلان الأمم المتحدة لعام 1948، وعلى أي حال، فهي وقعت تقريباً قبل قرن من اعتبار المجتمع الدولي “الإبادة الجماعية” بمثابة جريمة. ولأن الشراكسة كانوا يحاربون الجيش الروسي، فإن قتل روسيا للبعض منهم وطرد الآخرين لا يمكن أن يسمى “إبادة جماعية” بشكل مشروع. الشركس يستخدمون هذا المصطلح الآن ك”أداة إيذاء” تهدف إلى حشد هذه الأمة ولجذب الدعم الدولي لقضيتها، يكتب الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية.

الثاني، في الجدل البديل لِ “الجميع يفعل ذلك”، يوفر باخريفسكي قائمة تضم كافّة المجموعات في القوقاز الّتي زعمت أنها كانت ضحايا “الإبادة الجماعية”. بالإضافة إلى الشراكسة، تشمل هذه القائمة الأرمن والأذربيجانيين، ويهود الجبال، والطاليون، واللزجيون، والقمق، والكاراشاي، والبلكار، والنوغاي، والشيشان، والوبخ، والأباظة، والأنجوش، والجورجيين، والأبخاز، والأوسيت، والمسخيت الأتراك، والقوزاق والعرقيّين الروس. ليس بمثل هذه القائمة تسمح فقط لباخريفسكي بأن يقول أن هناك أسباباً متعددة ومرتكبين متعددين للقتل الجماعي والتطهير العرقي، وبالتالي يصرف الانتباه عن دور روسيا، بل يضمن أيضا أن بعض الذين يعترفون بِ”إبادة جماعية” واحدة لن يكونوا على إستعداد للإعتراف بإبادة أخرى، وبالتالي جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمجتمع الدولي لاتخاذ نهج موحّد. وعلاوة على ذلك، يضيف باخريفسكي، الكثيرين من الذين يدّعون أنهم وقعوا ضحايا “للإبادة الجماعيّة” يسعون في كثير من الأحيان لاستخدام هذا الاعتراف بمثابة “بطاقة مجّانيّة للخروج من السجن”، مجيزين لأعضائهم التصرف كما يحلو لهم بعد ذلك.

والثالث، يشير “باخريفسكي” إلى أنّه “في الوقت الراهن”، يعترف المجتمع الدولي عموما بثلاثة حالات “إبادة جماعية” فقط: وهي بحق اليهود والغجر من قبل النازيين، وكذلك الكروات والمسلمين في يوغوسلافيا السابقة، وتلك المتعلّقة بالتّوتسي في رواندا. ولكن حتى في هذه الحالات، على حد تعبيره، “هناك دولا تلقي ظلالا من الشك” حول مدى ملاءمة تطبيق مصطلح “الإبادة الجماعيّة” حتى لتلك الثلاثة حالات. وبالتالي، فإنّ إيران “لا تعترف بالإبادة الجماعية لليهود في الرايخ الثالث وتدعو رسميا المحرقة بأنها [خرافة وأسطورة]”. ونتيجة لذلك، يقول الكاتب الرّوسي، هناك إرادة ضعيفة لتوسيع نطاق تطبيق هذا المصطلح، وخاصة إذا جرت الأحداث منذ زمن بعيد وعدم إمكانية توفّر استجابة فعالة باستثناء الإدانة.

ولكن كل من هذه الحجج ينهار بعد التّحقّق منه. كان تعريف “الإبادة الجماعية” الّذي يستخدمه العالم الآن، كما يبيّن الباحث من ستانفورد (Stanford) نورمان نايمارك (Norman Naimark)، نتيجة لحالات الفيتو السوفياتي. واستعراضا لكتابه الصّادر في عام 2010، “جرائم الإبادة الجماعية الّتي اقترفها ستالين”، يشير إلى، “شمول كافّة المسودات الّتي ظهرت في وقت مبكّر لاتفاقية الإبادة الجماعية للأمم المتحدة في تعريفها الفئات الاجتماعية والسياسية. لكن هناك يد لم تكن في القاعة وجّهت القلم. اعترض الوفد السوفياتي على أي تعريف للإبادة الجماعية الّذي قد يشمل تصرفات زعيمه جوزيف ستالين. الحلفاء الذين أنهكتهم الحرب، كانوا مخلصين لحلفائهم السوفيات– على حساب الأجيال اللاحقة (news.stanford.edu/news/2010/september/naimark-stalin-genocide-092310.html).

علاوة على ذلك، تشكّل مناقشة باخريفسكي “للإبادة الجماعية ” الشّركسيّة “إنكاراً بعدم-الإنكار”، وهو فصل انطباق مصطلح “الإبادة الجماعية” لكن ليس بالنّسبة للحقائق الّتي يغطيها ذلك المصطلح. وأخيرا، في الدفاع النهائي له ضد تطبيق الأفعال الرّوسيّة فيما يتعلق بِ”الإبادة الجماعية” ضد الشراكسة وشمال قوقازيين آخرين، يشير الكاتب الروسي إلى نقاط الاعتراض الإيرانيّة للمحرقة—بالتّأكيد، قيثارة أخلاقيّة نحيلة إلى حد ما. وهذا، بدوره، قد يكون الجانب الأقل قبولا من حجة باخريفسكي: عن طريق انكار ان القوات الروسية اقترفت “إبادة جماعية” ضد الشراكسة، وهو يقوم بتوفير فرصة لمنكري الإبادة الجماعية بصورة أعم.

المصدر:

http://www.jamestown.org/programs/edm/single/?tx_ttnews[tt_news]=41682&tx_ttnews[backPid]=27&cHash=a6a31ebee3b681998dfb3d9f2067ac21#.UpjME8QbCtY

Share Button

اترك تعليقاً