نافذة على أوراسيا: يجب على روسيا وقف الاعتماد على حلول الإتّحاد السّوفياتّي والغرب في مسألة القوميّة واستخدام الحلول القيصريّة بدلا من ذلك، يقول مدير المعهد الرّوسي للأبحاث الإستراتبجيّة

نافذة على أوراسيا: يجب على روسيا وقف الاعتماد على حلول الإتّحاد السّوفياتّي والغرب في مسألة القوميّة واستخدام الحلول القيصريّة بدلا من ذلك، يقول مدير المعهد الرّوسي للأبحاث الإستراتبجيّة (RISI)

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

            ستاونتون 14 يناير/كانون الثّاني – لفترة طويلة جدا، يقول مدير المعهد الروسي للأبحاث الاستراتيجية ذو النّفوذ، أن الفيدراليّة الرّوسيّة استخدمت “إما تجربة الدول الغربية التي حاولت أن تقلّد” أو “بإدراك أو بدون إدراك” التجربة السوفياتية في مساعيها للتعامل مع المعضلات القوميّة.

            ولكن أيا منها لم يكن فعالاً لأن كل منهما يتجاهل ميّزات روسيا الخاصّة، يقول ليونيد ريشيتنيكوف (Leonid Reshetnikov)، وبالتالي، للمضي قدما في هذا المجال يجب على روسيا أن تسعى لإجابات على مسألة الجنسية من خلال الاعتماد على تجربة الإمبراطورية الروسية قبل عام 1917 (ruskline.ru/analitika/2014/01/13/nacionalnyj_vopros_v_institute_strategicheskih_issledovanij/).

            أدلى مدير المعهد الروسي للأبحاث الاستراتيجية بهذا التعليق في مؤتمر عقده المعهد كجزء من الجهود الجارية لإعداد مذكرة تحليلية للإدارة الرئاسية وتحديدا فرع السياسة الداخلية في الإدارة الرئاسية. وبناء على ذلك، من المرجح أن أن يكون لأقواله وأقوال المشاركين الآخرين تأثيراً مباشراً على سياسة الكرملين.

            وتبرز ثلاثة أشياء حول تعليقاتهم: أولا، ادّعت الأغلبيّة بأن قوة الإمبراطورية الروسية تكمن في استعداد المركز للتّعامل مع أطراف مختلفة من الإمبراطورية على نحوٍ مختلف. ثانياً، ادّعى الجزء الأكبر إلى أن التّنوّع في البلاد لا يزال قائماً إلى حدٍ كبير. وثالثاً، زعمت الأغلبيّة بأن الأرثوذكسية الروسية يمكنها توحيد البلاد أكثر من اللغة الروسية.

            في كلمته، قال ريشيتنيكوف أن “معضلة السياسة القوميّة اليوم هي أننا ذوي العرقية الروسية فقدنا ماء وجهنا. الرجل الروسي لا يمكن أن يكون كما نراه الآن. يجب أن يكون قوياً، وسليماً ومؤمناً … [أو] لن تكون هناك روسيا متعددة القوميّات [لأنه] سوف لن يحترمنا أحد.”

            وأشار إلى أن جنرالاً شيشانياً كان قد قال له: ” إذا كان لديكم قيصراً أبيض وإله، فسوف نقف جميعاً جنباً إلى جنب معكم والمضي قدما سوياً.” ولكن للأسف، قال مدير المعهد الروسي للأبحاث الاستراتيجية، “الغالبية العظمى من الشعب الروسي لا يوجد قيصراً في رؤوسهم ولا صليباً في نفوسهم.”

            بدلا من ذلك، تابع “لدينا كافّة أنواع الوطنيين – وطنيين يمينيّين، ستالينيّين يساريّين، الديموقراطيين الوطنيّين، والوطنيين الليبراليين ولكن لا يوجد شعب روسي. روسيا بانتظار نهضة للشّعب الرّوسي!”

            وقال متحدثاً ثانٍ، أندري يرشوف (Andrey Yershov)، وهو عميد معهد قازان للاقتصاد وإدارة مكافحة الأزمات، ان الإمبراطورية الروسية استخدمت ترسانة متنوعة من الوسائل لحفظ البلد متماسكاً، ومعاملة المناطق المختلفة على نحوٍ مختلف بدلا من الإصرار على أن الجميع يتكيّفون بشكل تعسّفي في سرير مشترك.

            وقال ان ذلك قد ساعد على إدراج غير الروس في طبقة النبلاء الروسية والطبقة العسكرية الروسية. ولكن بعد الثورة البلشفية، أصبحت القوميّة أقل أهمية في حياة الناس ما أدّى إلى تزايد التوترات بين الأمم وتدفق الروس العرقيّين من تتارستان وجمهوريات أخرى.

            ونتيجة لذلك، قال يرشوف، اليوم، في معظم الجمهوريات، “حصة الأمة الفخريّة للنخبة الحاكمة هو أعلى بكثير من ما هو للّذين من أصل روسي،” وإلى حد كبير لأن على مدى العشرين عاما من وجود الفيدراليّة الرّوسيّة، واصلت موسكو اتّباع “سياسة لينينيّة تعطي أفضلية للكوادر غير الرّوسيّة.”

            وفقا للباحث من قازان، هناك على الأقل خمس أصناف للقومية بين شعوب الفيدراليّة الرّوسيّة: القومية الكلاسيكية كما في الشيشان، والمساواة القوميّة التي تسعى إلى التّوازن، والقومية الإقتصادية كما هو الحال في تتارستان وياقوتيا والقومية الدفاعية التي تحاول الحفاظ على ثقافة فخريّة، وتحديث القومية الّذي يسعى لتحويل الشعب إلى أمة حديثة .

            وهناك أيضا نوع آخر من القومية، أضاف يرشوف، الذي يمكن ان يُسمّى “حاكمة” أو قوميّة “مخملية”. وتتكون من التلاعب في بيانات التعداد من قبل النخب في الجمهورية من أجل الإيحاء بأن أممهم تشكل حصة أكبر من السكان مما هم عليه في الواقع، وبالتالي يكونوا هم أكثر استحقاقا لأفضل المناصب.

            وقال متحدثٌ ثالث، هو بيتر مينتاتوري (Petri Mintaturi ، الباحث في مركز الأبحاث الإنسانيّة التابع للمعهد الروسي للأبحاث الاستراتيجية، أن الإمبراطورية الروسية دامت على وجه التحديد بسبب أنّها كانت تمتلك “فكرة دينية وعجزية فائقة،” وهو أمر فقدته الفيدراليّة الروسية اليوم، ولأن القيصر كان ممثلاً للأرثوذوكسيّة لكنّه كان يكن احتراماً عميقاً للديانات الأخرى.

             و أخيرا أشار متحدثٌ رابع، هو فردوس ديفباش (Firdus Devbash)، وهو الّذي حلّ محل رايس سليمانوف كرئيسٍ لمركز قازان الإقليمي التابع  للمعهد الروسي للأبحاث، أن الحضارة الدينية للروس بدلا من لغتهم كانت عماد الدولة، وهو الأمر الذي وضع روسيا دائما بمعزل عن أوروبا.

                وقال ديفباش أن تسامح سان بطرسبرغ في التعدد العرقي كان أيضا مصدراً لقوة الإمبراطورية وأصبح فرض ألكسندر الثالث (Aleksandr III) لنظام مشترك من الغوبرنيّة [gubernias] (وهو تقسيم إداري استخدم في زمن الإمبراطورية الروسية) على البلاد أصبح “أحد الأسباب التي أدت إلى سقوط الحكم المطلق” لأنه أوجد إغراءات جذّابة لتقرير المصير القومي.

            واختتم حديثه مقتبساً عن نيكولاي إلمينسكي (Nikolay Ilminsky)، الباحث في جامعة قازان في القرن التاسع عشر والذي روّج لانتشار العقيدة الأرثوذكسيّة إلى الجماعات غير الروسية، الذي راعى أن “الطريق الحقيقي الوحيد لإيجاد حل للمسألة القوميّة في روسيا هو تحقيق التكامل بين الشعوب الأصلية من خلال التوحيد الديني.”

            ربما رضيت العديد من الجماعات غير الروسية بدعوة المعهد الروسي للأبحاث الاستراتيجية للنهج المتنوع لوضعهم داخل البلد، وهو على خلاف مع سياسات اتبعها فلاديمير بوتين حتى الآن، لكنها من المؤكد أن تكون حذرة من نظام إلمينسكي جديد الّذي من شأنه أن يمثل تهديدا واضحا لمعتقداتهم، وبالتالي تميّزهم القومي.

المصدر:

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/01/window-on-eurasia-russia-must-stop.html

Share Button

اترك تعليقاً