النكبة الشركسية : 21 ايآر من كل عام هو يوم النكبة للأمة الشركسية

النكبة الشركسية : 21 ايآر من كل عام هو يوم النكبة للأمة الشركسية

99-92-660x330

22 / 5 / 2016

تحل علينا الذكرى المائة والخمسين ليوم الكارثة الكبرى التي حلت على الأمة الشركسية ، والتي تعد أكبر عملية منظمة للإبادة الجماعية والتطهير العرقي من الدرجة الإولى لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث . فبعد حرب طويلة وعنيفة ضد الأمة الشركسية شنتها الإمبراطورية الروسية ، تمكنت قواتها الغازية من هزيمة الشراكسة في آخر معقل لهم في موقعة “آت قوداج” والمعروفة اليوم بمنطقة “كراسنايا بوليانا” ، وهي منتجع جبلي تقع بالقرب من مدينة سوتشي ، والتي إقيمت عليها الألعاب الأولمبية الشتوية هذا العام .

لقد كانت بداية النكبة الشركسية في 9 / 10 / 1763 عندما صدر قرار لمجلس الشيوخ الإمبراطوري الروسي لضم منطقة مزدوق وقيامها بعد ذلك بتشييد قاعدة عسكرية عليها ، ومن ثم إحتلال أول قرية شركسية ، وهي قرية الأمير “بيقوة باتش” الواقعة على الضفة اليمنى لنهر تيريك والمقابلة لقلعة مزدوق وأصبحت تعرف بحامية “كيزلار” العسكرية ، وأقامة الخطوط العسكرية المحصنة والستائر الترابية حولها تمهيدا لبناء خط “آزوف – مزودق” العسكري ، فكانت الشرارة الأولى لإنطلاق الحرب الشركسية الروسية .

وفي 6 / 6 / 1769 إجتاحت القوات الروسية بقيادة الجنرال ميديم (I.F. de Medem) أراضي شمال القبردي في منطقة “بسة خوابا” ، وتمركزت على جبل بشتاو (Бештао) ، حيث تم إنشاء قلعة كوستاتيناغورسكايا (Kostantinogorskaia) بين قريتي ” بسة خوابا ” (Псыхуабэ) وطرامة (Тlрамэ) . وفي ربيع 1777 توغلت القوات الروسية داخل السهوب الشركسية الشمالية “بشيزة” وتمكنت خلال عام من إحتلالها بالكامل ، وشيدت قلعة “إيكاترينودار” العسكرية على أنقاض قرية “بجادوغ حابلة” . وفي 30 / 9 / 1787 قامت القوات الروسية بقيادة اللواء الأمير بوتيمكين (Pometkin) بإحتلال بلاد البيسلاني وتوغلت في خاصرة الأراضي الشركسية .

وهكذا ، وخلال ربع قرن من الزمان من إحتلال أجزاء كبيرة من الأراضي الشركسية ، وتمكنت القوات الروسية من تعزيز خطوطها العسكرية المحاصرة لشيركيسا ليصبح نهر كوبان “بسيج” حدا فاصلا بين شيركيسيا وروسيا شمالا ، وملتقى نهري تيريك ومالكا حدودها الشرقية ، تبعتها الحملات العسكرية الروسية الكثيرة ضد شيركيسيا ، والتي تصدت لها المقاومة الشركسية ببسالة لمدة طويلة جدا ، على الرغم من عدم تكافؤ القوى العسكرية بينهما ، وإستخدام الروس لتكتيكات الارض المحروقة بحرق وتدمير القرى والبلدات الشركسية ، وقتل وتشريد السكان الشراكسة من جميع الأعمار، بما في ذلك النساء والأطفال .

لقد نتج عن تلك النكبة تهجير مليون ونصف المليون نسمة من الشراكسة، فكانت عمليات التهجير القسري والإبعاد الجماعية عملية منظمة تنظيما جيدا ، كانت بداياتها منذ العام 1860 وإستمرت حتى العام 1865 ، حيث مات الآف الشراكسة من الجوع والمرض ، والذين كان يتم تجميعهم على شواطئ البحر الأسود وإنتظارهم لأشهر لتتمكن السفن الروسية والتركية من إلتقاطتهم ونقلهم إلى تركيا . كما لقي الكثير منهم حتفهم نتيجة غرق بعض السفن في وسط البحرالأسود .

وفي 21 أيآر 1864 ، أعلن نائب القيصر الروسي الأمير ميخائيل ألكساندروفيتش القائد العام لقوات الغزو الروسي بإنتهاء الحرب ، وإستمرار عملية التهجير القسري للأمة الشركسية ، والبدء بإنشاء المستوطنات الروسية بشكل سريع على أنقاض القرى والبلدات الشركسية ، وتوزيع الأراضي على الجنود الروس والمستوطنين القوزاق ليستقروا فيها وللأبد.

لقد أسفرت عمليات التهجير القسري والإبعاد الجماعي تلك على كثير من المعاناة والموت ، كما لجأت إلى سياسة التطهير العرقي للشراكسة دون مراعاة للمأساة التي لحقت بهم نتيجة لذلك ، فكان جنرالات الجيش الإمبراطوري الروسي على علم تام بمستوى الكارثة الواقعة على الشركس ، لا بل قاموا بتنفيذها بوحشية بالغة متجاهلين المعاناة الإنسانية ، والتي كانت الحادثة الإولى في عمليات الإبعاد الجماعي العنيف ضد السكان في التاريخ الحديث .

وبعد 150 عاما على الإحتلال الروسي لشيركيسيا ، لم يتبقى سوى ثلاثة أرباع المليون من عدد السكان الشركس الأصليين في بلاد الشراكسة “شيركيسيا” ، يعيشون اليوم في مناطق معزولة وكيانات مصطنعة مثل جمهوريات : كاباردينو- بلقاريا ، قارشاي- شيركيسك ، والأديغي ، إضافة إلى بضعة الآف من الذين يعيشون في مجتمعات متفرقة في مناطق سوتشي ، توابسة ، و “بيسج واب” على سواحل البحر الأسود ، ومنطقة “أوسبينسكي” قرب مدينة أرمافير ، إضافة لمدينة مزدوق التي تم سلخها وضمها لجمهورية الأوسيتين الشمالية. إلا أن الغالبية العظمى من الشراكسة والذي يقدر عددهم نحو أربعة ملايين نسمة ، يعيشون اليوم في الشتات ومعظمهم في تركيا ، والآخرون يتوزعون على أكثر من ثلاثين دولة مثل: الأردن ، سوريا ، فلسطين ، كوسوفو ، ليبيا ، ألمانيا ، النمسا ، الولايات المتحدة الأمريكية ، كندا ، إستراليا ، وغيرها .

إن ذكرى 21 أيآر من كل عام تجلب على خواطر الشراكسة ذكريات الألم والمأساة التي حلت على الأمة الشركسية الذين تم بعثرتهم في كافة أنحاء المعمورة ، والذين يناضلون اليوم من أجل الحفاظ على هويتهم الشركسية التي حباهم الله ، ولكنه يجب أن تذًكرهم بالإبادة الجماعية والتهجير القسري والتطهيرالعرقي. كما يجب عليهم في هذا اليوم أن يذًكروا أنفسهم والعالم أجمع من حولهم ، بأن تاريخ الأمة الشركسية قد سطرته البنادق والمدافع الروسية بدماء شهدائنا ، وأن أنهار الدماء والدموع التي سالت من الأمة الشركسية كافية لإطفاء أعتى النيران . ولتكن هذه الذكرى الأليمة شعلة نار مستعرة في صدورنا كشعلة سوسروقة الأسطورية.

21 ايآر من كل عام هو يوم النكبة للأمة الشركسية ، ففي مثل هذا اليوم قبل 150 عاما إنتهت الحرب الطويلة التي شنتها روسيا القيصرية على الأمة الشركسية لأكثر من قرن، وكانت نتيجتها الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي للأمة الشركسية من بلادها وأرض أجدادها، وعسى أن لا يمر هذا التاريخ مرور الكرام دون أن يتذكره احد.

http://www.souriyati.com/2016/05/22/51953.html

Share Button

اترك تعليقاً