الذكرى الثالثة والخمسون بعد المائة ليوم النكبة الشركسية

الذكرى الثالثة والخمسون بعد المائة  ليوم النكبة الشركسية

بقلم: عادل بشقوي

مايو/أيار 21 2017

800px-Pyotr_Nikolayevich_Gruzinsky_-_The_mountaineers_leave_the_aul-1-700x517

يلوح في الأفق يوم ذكرى سنوية آخر للتذكير بإحدى أقدم وأعرق أمم شمال القوقاز. فقد كان على شركسيا ان تواجه العواقب الوخيمة المفروضة بسبب الحرب المدمرة التي أدّت إلى كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل. ومنذ ذلك الحين، ظلت النتائج ماثلة أمامنا من دون حل، ومن دون اكتراث من قبل المعنيين. وكل ذلك على الرغم من الأدلة الدامغة على عدم المبالاة بمصير شعب منهك.

وليس من المستغرب أن نستنتج أن الدولة التي ورثت تركة استعمارية خلّفتها الإمبراطورية القيصرية الروسية بأن تعمل أو ترد بطريقة فظّة وغير حضاريّة. وهذا يؤكد عدم الاهتمام بتسوية فورية لقضايا الشعوب المعلقة ومشاكلها. وهذه المسائل المهملة تتطلب حلا جوهريا ومشرفا. وبالتأكيد، فإن يوماً ما، ستتوافق الآراء الدّوليّة وسيؤدي ذلك إلى تصفية الاستعمار وعواقبه.

وعلى الرّغم من ذلك، فقد بالغ المسؤولون في تقليص قيمة وأهمية أولئك الذين تمت مصادرة حقوقهم في وطنهم و/أو حُرِموا منها. وليس من عادة أو نزعة الشعوب بأن تحجم عن المطالبة بحقوقها الطبيعية والمشروعة. لكن من المعروف جيدا عن المحتلين أنّهم يميلون إلى تجاهل لغة المنطق والعقل، مع مراعاة المصالح الإمبريالية التي تهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن وإنكار حق الشعوب في تقرير المصير، واستعادة حقوقها التي لا يمكن تجاهلها ولا بأي حالٍ من الأحوال.

يُذكّر هذا اليوم على وجه الخصوص بالعاصمة الشركسية الأخيرة، حيث قامت روسيا بالتنسيق مع اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) قبل ثلاثة أعوام بعقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في شهر فبراير/شباط من عام 2014، على أرض الإبادة الجماعية الشركسية. وقد نشر جوشوا كيتنغ (Joshua Keating) مقالا بعنوان: “هل بدأ عصر الإبادة الجماعية في سوتشي؟” و قال المؤلف: “في تطور متواضع ولكنه هام، أقر محافظ مقاطعة كراسنودار (Krasnodar)، حيث ستجري الألعاب، بأن {هذه الأرض لم تكن تعود إلى الإمبراطورية الروسية، بل كانت تعود إلى أمم القوقاز، وإلى الشركس تحديداً” (http://www.slate.com/blogs/the_world_/2014/02/05/the_circassians_and_the_olympics_did_the_age_of_genocide_begin_in_sochi.html).

وأكمل ليؤكد على حقيقة تذكير العالم بالمأساة الشركسية: “نظرا للذكريات المؤلمة المرتبطة بسوتشي، فمن المعقول أن ياتي رد فعل الشركس مفعما بالغضب لاختيار المكان. لكن أيضا قد يكون ذلك الشيء الوحيد الذي يمكن أن يُذكّر العالم بمأساة منسية إلى حد كبير” (http://www.slate.com/blogs/the_world_/2014/02/05/the_circassians_and_the_olympics_did_the_age_of_genocide_begin_in_sochi.html).

بالإضافة إلى ذلك، فقد تم نشر مقال بعنوان: “التزلج على القبور الجماعية” وذلك في 7 فبراير/شباط 2014، حيث أكّد: “أن تاريخ 1864 يجعل من عام 2014 الذكرى المائة والخمسون للتّهجير الشركسي. فقد أبحرت من شاطئ سوتشي، السفن المحمّلة باللاجئين الشركس متّجهة إلى الإمبراطورية العثمانية. توفي الشركس بالآلاف خلال رحلة، من الجوع والمرض. وفي 21 مايو/أيار 1864، أقيم استعراضاً عسكرياً للقوات الروسية المنتصرة بمناسبة إنتهاء الحرب، وذلك في كراسنايا بوليانا (Krasnaya Polyana)، وهو موقع دورة ألعاب سوتشي الاولمبية الشتوية” (http://dish.andrewsullivan.com/2014/02/07/skiing-on-mass-graves/).

وحاليا، هناك العديد من البلدان، التي انسلخت عن الاتحاد السوفياتي الذي انهار مؤخرا، تجاور الفيدرالية الروسية. وهي بلدان مثل جمهوريات البلطيق الثلاث إستونيا ولاتفيا وليتوانيا (https://www.spectator.co.uk/2016/10/putins-dangerous-games-in-the-baltic/#)، وجورجيا (http://www.wnd.com/2015/09/nato-facility-in-georgia-evokes-russian-threat/)، وروسيا البيضاء (http://www.foxnews.com/world/2017/02/18/russia-belarus-rift-grows-as-putin-loses-patience.html)، ومولدوفا (http://112.international/opinion/ukraine-moldova-relations-russian-threat-as-a-cure-for-jealousy-16071.html)، وأوكرانيا (http://www.independent.co.uk/voices/the-rio-olympics-are-a-distraction-russia-is-positioning-itself-for-further-action-against-ukraine-a7186736.html)، وغيرها، تواجه خطر وجود تضارب في المصالح في مواجهة رغبة روسية، لإخضاعها و/أو السيطرة عليها ووضعها تحت نفوذها الإمبريالي والاستعماري، كليا أو جزئيا.

وفيما يتعلق بالقضيّة الشّركسيّة، فإن الوقت لن يمر عبثا أو بدون استخلاص الدروس والعبر. كما أن ذلك سوف يؤدي إلى حل جميع القضايا العالقة وفقا لقواعد المنطق والحكمة. ومن ثم، فإن ذلك سيشكل قرارا مناسباً عندما توجد الظروف حلا مقبولاً من خلال تكوين الأوضاع ذات الصلة التي تسمح بحدوث تغيير في الوقت المناسب. إن الشركس يعاملون وطنهم مثل أمهم، كما قال البابا يوحنا بولس الثاني: “أنا اقبّل التراب كما لو كنت اطبع قبلة على يد الأم، للوطن الذي  هو أمنا الدنيوية. وأرى أنه من واجبي أن أكون مع مواطني بلدي في هذه اللحظة السامية والصعبة” (https://www.brainyquote.com/quotes/quotes/p/popejohnpa114671.html).

Share Button

اترك تعليقاً