وأما الشركس فلا بواكي لهم

وأما الشركس فلا بواكي لهم

21 مايو/أيار 2020

PHOTO-2020-05-21-22-30-31

قبل ان ينقضي اليوم الحادي والعشرين من شهر مايو ايار لهذا العام لا بد من استذكار أبشع جريمة حدثت في التاريخ تجاه عرق وقومية واحدة ألا وهم الشركس فلقد تعاقب سبعة أباطرة من الروس استمرؤوا دماء القبائل الشركسية الاثنتي عشرة ، وللأسف حدث للشركس ابشع تطهيرعرقي عبر التاريخ، وإن القارىء لما جرى مع الجزائر من قبل فرنسا ومع الفلسطينيين من قبل الصهاينة مقارنة لما جرى مع الشركس سيجده أبسط بكثير جدا لما حدث للشركس من تقتيل وتهجير وتطهير خلال مائة عام وعام على يد اباطرة الروس .

شاءت الاقدار أن يتولى حكم الامبراطورية الروسية امرأة لوثرية المذهب تدعى كاترين والتي اصبحت فيما بعد أرثوذكسية المذهب مجاملة بكل دهاء أسرة زوجها بطرس الثالث العقيم  .

حدث هذا بعد بضعة اشهر من تسلم زوجها بطرس الثالث امبراطورية روسيا بعد وفاة امه الامبراطورة إليصابات عام 1762 فانقلبت كاترين على زوجها وقتلته مع ضباط عاشقين لها كانوا يمارسون الرذيلة معها فقد كانت تعرف في القصر ومحيط النبلاء بالزانية ، مما حدا بزوجها ان يتنكر لولده بولس واعتبره من مخلفات السفاح حينما علم انه عقيم لا ينجب .

وهكذا تاريخ ابناء الزنيم على مر التاريخ يحرقون الاخضر واليابس ليخفوا نسلهم الحرام وسيرتهم النتنه، وهكذا فعلت الزانية كاترين كما كانت تسمى في القصر، فباشرت عام 1763 بشن هجوم كاسح وبكل ما أوتيت من قوة لقمع وسحل قومية الشركس لتحقيق مآربها النفسية والمادية، فلقد كانت سابقا عشيقة للسفير البريطاني وجاسوسة للبريطانيين مقابل حفنة من المال وكاد أمرها أن يكشف لولا فدائية المغرمين بها حيث أخفوا عن إليصابات الامبراطورة كل الادلة .

حكمت كاترين هذه وذريتها من اللقطاء روسيا حتى سقوط آخر احفادها نيكولاي الثاني عام 1917 امام الثورة.

وما بين عام 1763 وعام 1864 ارتكبت هذه الاسرة ابشع جريمة بعد جرائم الامبراطورية المغولية عبر التاريخ البشري على مستوى الاسرة الواحدة.

فقاموا خلال مائة عام وعام من قتل مئات الاف الشركس وتهجير الملايين منهم واغتصاب اراضيهم بكل قوة واستخدمت اساليب الحرق والتمثيل بالجثث حتى ان رواة التاريخ يحدثوننا ان البحرالاسود كانت تطفوا على سطحه بين الحين والاخر آلاف الجماجم للضحايا الشركسية، حيث كان يتم اغراقهم ورميهم بالبحر لاخفاء آثار مجازرهم عبر التاريخ .

والعجيب في هذا الوقت الذي نحن فيه أننا  نجد أمة مثل استراليا رغم غطرستها قد عاتبها ضميرها فاعترفت بجرائمها ضد ” الأبورجين ” السكان الأصليين لاستراليا وأطلقت على هذه المناسبة ” عام الحزن الوطني الاسترالي “.

وهكذا ألمحت فرنسا للجزائريين، وهكذا فعلت امريكا مع تركيا واتهمتها بالإبادة الجماعية للأرمن، وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الكونغرس الأمريكي مفهوم الإبادة الجماعية كأداة للضغط على خصمه السياسي.

فعلى سبيل المثال، وافق مجلس الشيوخ، قبل عام من الان ، على قرار يعتبر “هولودومر”  إبادة جماعية للشعب الأوكراني، حيث وضعوا المسؤولية على جوزيف ستالين والحكومة السوفيتية في روسيا، مع انها مجاعة عابرة اصابت المحيط باجمله

ما بين عامي 1932- 1933 .

ولكنها عصى العسكري الامريكي التي يلوح بها حسب مصالحه في هذا العالم الغاشم واللاطم بمصائب المهجرين واللاجئين .

والأدهى والأمر من هذا وذاك الموقف العربي والاسلامي سواء الرسمي منه وغير الرسمي حيث لا تكاد تجد من يتفقد الشركس في مصيبتهم وحدادهم ولو حتى بالتلويح كلاميا بحقهم على المستوى النيابي والوزاري للاسف إلا النزر اليسير وعلى استحياء وهذا مما لا يتناغم ابدا والمباديء العربية والاسلامية ، ويدعوا الى خيبة الامل .

فالشركس لم يقصروا بأي قضية عربية و إسلامية، ولهم الفضل الكثير في جُلِّ البلاد العربية والاسلامية في الذود والدفاع عن مقدساتنا وعن بيضة الاسلام تحديدا وهذا ما فعله القائد الشركسي الظاهر بيبرس حينما رد عن الأمتين العربية والاسلامية بل والعالم أجمع المد المغولي الكاسر الذي أحرق البلاد والعباد وكان ذلك في معركة عين جالوت.

والى غاية الان من يزور القدس يرى شواهد قبور الشركس من زمن عين جالوت حتى زماننا هذا وهي خير شاهد على فدائيتهم وتضحيتهم من أجلنا .

ألا يستحقون أن نقف معهم ؟وان نساندهم في قضيتهم ؟

وأن تكون قضيتهم في مناهج مدارسنا وطلابنا وأن تخصص لهم فقرات إعلامية تتحدث عن حقهم في بلادهم التي هجروا منها قسرا وعن التطهير العرقي اللئيم الذي لم تتعرض أمة من الأمم إلى مثله ؟ وان تتبنى منظمات عربية وإسلامية قضيتهم على المستوى العالمي؟

أم إن الشركس مثل حمزة رضوان الله عليه كما جاء عن ابن إسحاق: ان رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ  مَرَّ حين رجع إلى المدينة ـ بدور من الأنصار؛ فسمع بكاء النوائح على قتلاهم في احد، فذرفت عينا رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له.

فأمر سعد بن معاذ، ويقال أيضا : وأسيد بن حضير نساء بني عبد الأشهل: أن يذهبن ويبكين حمزة أولاً، ثم يبكين قتلاهن.

قالت أم سعد بن معاذ: فما بكت منا امرأة قط إلا بدأت بحمزة إلى يومنا هذا.

فاين نحن من محمد وأخلاق محمد صلى الله عليه واله .

وأما الشركس فلا بواكي لهم .

 

عبدالرحمن وهدان

المعد والمقدم في الإذاعة الأردنية

 

Share Button

اترك تعليقاً