متى نخرج من عنق الزجاجة..

متى نخرج من عنق الزجاجة..

بقلم: محمد عوني إبراهيم بشموقة

9 أبريل/نيسان 2021

PHOTO-2021-04-09-16-46-29

منذ زمن والشعب الشركسي في دول الشتات يقبع في عنق زجاجة ضيقة خانقة أو هكذا أوهمنا البعض ممن ينفذون أجندات المحتل الروسي لإيهامنا بأن موقعنا في عنق الزجاجة لن يستمر طويلا فما علينا إلا الصبر حتى نعبر إلى بر الأمان ونخرج إلى أنهار العسل والمن والسلوى التي تنتظرنا خارج الزجاجة عما قريب … وما هي إلا حجج واهية بطبيعة الحال هروبا من المسؤولية وتبريرا لفشل ما يسمى بالجمعيات الخيرية الشركسية وعلى رأسها الجمعية الشركسية العالمية بالتعاطي مع مشكلات الشعب الشركسي في الشتات في حق العودة إلى الوطن التاريخي والطبيعي للشراكسة…

وبهذا الخصوص ثمة سؤال عميق ومركزي يُثار باستمرار في أوساط القوميين الشرفاء مفاده، لماذا لم نتمكن كشعب شركسي ذو تاريخ عريق من بناء مؤسسات حقيقية نشطة على الساحة الدولية تعمل ضمن إطار القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية لنصرة القضية الشركسية…

مؤسسات حقيقية مستقلة صاحبة إرادة حرة بعيدة عن توجيهات السفارات الروسية بحيث تنتقل مسؤولية إدارتها وتسييرها من جيل لآخر  بحيث ينطلق الجيل الجديد في إدارة هذه المؤسسة من نقطة النهاية التي وصل إليها الجيل السابق

وهل عدم قدرتنا على بناء العمل المؤسسي وطغيان الأعمال الشخصية والفردية وقدرة بعض الذوات الشخصية على التهام الجمعيات وتوظيفها بما يخدم مصالحهم وأغراضهم الخاصة والشخصية هو بفعل عوامل ثقافية أو بسبب طبيعة التربية والتنشئة الاجتماعية أم أن هناك أسبابا أخرى تحول دون قدرتنا على بناء عمل مؤسسي مستقر وثابت..

ولا يجب ان ينطلق العمل من مبدأ نكران الذات أو إعداما لطموحاتها وآمالها القريبة والبعيدة وإنما وفق حضور دائم وحيوية مستديمة وطموحات لا حدود لها مع قانون شفاف وواضح يساوي بين الجميع ولا يحابي أحدا

في تقديري أن الإجابة العميقة والدقيقة حول أسباب عدم قدرتنا على بناء مؤسسات مستقرة في فضائنا الثقافي والاجتماعي والسياسي تتجاوز مصالح الأفراد الضيقة  وتعمل من أجل المصالح العامة والموضوعية هو أحد المداخل الضرورية لاكتشاف طبيعة الخلل الذي يعانيه مجتمعنا الشركسي على أكثر من صعيد ومستوى..

ومن هذا المنطلق يجب أن تكون هناك آلية جديدة لطرح موضوع العودة على المستوى الدولي من قبل مؤسسة أو مؤسسات شركسية مستقلة، لأن القيام بذلك على المستوى الفردي لم يؤتي أُكُلَه، فكما يعلم الجميع، فإن  المؤامرات والدسائس التي تطلقها موسكو وأدواتها المخابراتية المتعددة من خلال عملائها المنتشرين في كل مكان هدفها التعطيل والتشويش بالتهجم والإساءة لكل الذين يعملون في الشأن القومي الشركسي وهذا ما شهدناه خلال الفترة القريبة الماضية وذلك من اجل محاولة إرباك الشتات الشركسي عبر الإشاعات المضللة والأكاذيب التي تبثها وتنشرها..

لذلك، لم يعد لدينا شيئا اليوم نحن القوميين جميعا في هذه المرحلة سوى العمل على إيصال قضيتنا إلى العالم أجمع لاعترافه الرسمي بها حتى نتمكن اليوم من امتلاك شرعيه كاملة محليا وإقليميا ودوليا، وكل ذلك ما كان ليتحقق من دون وجود مؤسسات شركسية فاعلة وعمل مؤسساتي منظم حيث لم يتبقى لنا اليوم جميعا سوى ترك مشاريعنا الصغيرة التي لازالت عقيمة والتي تبقى قائمة بالشعارات الواهمة والخطابات المتعددة…

ولكوننا اليوم أصحاب أرض ودولة محتلة وهوية وإنسان  يجب علينا أن نخاطب العالم كأبناء دولة وأصحاب أرض وهوية وقضية محقة بدلا من أن نخاطبهم كأشخاص يتزعمون مشاريعهم الصغيرة والخاصة..

فبهذا الصدد أوضح لكل أبناء المجتمع الشركسي في دول الشتات أن المشاريع اليوم انتهت لأن مستقبل قضيتنا  مرتبط بقدرة أبناء واحفاد النارتيين على تجاوز انقساماتهم والتفاهم على قاعدة تساعدهم على حسم الخلافات التي زرعها المحتل الروسي بينهم والتي لازالت تعتبر ثغرة لتمزيقهم وهذه القاعدة لا يمكن أن تكون إلا ببناء مؤسسات تحمل هم القضية بصدق وإخلاص والعمل المؤسّسِي والإذعان لقرار الأغلبية القومية الصادقة ومتابعة الحوار والنقاش فيما بينهم حول ما يقسمهم ويفرق صفوفهم.

وفي هذا الإطار سيتم التغلب على أي عراقيل تعيق مسار انطلاقنا في سبيل التحرير واستعادة استقلال شركيسيا الكبرى على حدودها الطبيعية.

Share Button

اترك تعليقاً