العودة وحق العودة وما بينهما

العودة وحق العودة وما بينهما

بقلم: محمد عوني إبراهيم بشموقة

12 أبريل/نيسان 2021

PHOTO-2021-04-12-00-13-17
ليست هذه المحاولات بجديدة لكنها طفت على السطح بكثرة مؤخرا بسبب الوضع الكارثي الذي وصل إليه الوضع في سوريا ما أعاد هذا الطرح بشكل ملح أكثر، وهو هذه المرة بحاجة إلى إجابة حاسمة يراها البعص أن ليس بالإمكان أفضل مما كان.

أطروحات وتعبيرات جديدة غزت حياتنا في الآونة الأخيرة حتى باتت وكأنها ثورة موازية استطاعت نفض الغبار عن نفسها وفك قيودها لتعود لواجهة المشهد بعد سنوات طويلة من الثبات العميق وفي غالب الأحيان سببت هذه الطروحات ارتباكا فى الكثير من المفاهيم بل إن استخدامها يسبب البلبلة أكثر مما يوضح ويشرح والمشكلة الحقيقية تتجلى فى أن البعض يتعامل مع هذه المستجدات باعتبارها خيرا مطلقا وعدلا منزها وأنه باستخدامها قد سار فى طريق الصواب وحقق ما يريده البعض وحمى نفسه من أى انتقادات أو مؤاخذات.

المشكلة أن هذا الطرح اكتسب معاني طيبة وحمل أهدافا عادلة لكنه مثل أي طرح قد يفقد معناه مع الممارسة أو يصبح ذو مدلولات عكسية عندما يستخدمه البعض بخبث وأحيانا لا يجوز للبعض استخدامه من الأساس وهذا ما أريد الإشارة إليه.

حق العودة ليس البحث عن مأوى وطعام ومدرسة ومستشفى كما يروج البعض بل هو حق سياسي بالدرجة الأولى يتمثل بالعودة إلى الأرض الشركسية وامتلاك الهوية القومية وبذا فقد باتت قضية العودة عنوانا أساسيا من عناوين المشروع القومي الشركسي.

نحن كتيار قومي نعتبر حق العودة هو حق الشركسي الذي طرد أو خرج من موطنه لأي سبب أو في أي وقت في العودة إلى الديار أو الأرض أو البيت الذي كان يعيش فيه حياة اعتيادية قبل عملية التهجير القسري، وهذا الحق ينطبق على كل شركسي سواء كان رجلا أو امرأة وينطبق كذلك على ذرية أي منهما مهما بلغ عددها وأماكن تواجدها ومكان ولادتها وظروفها السياسية.

حق الشتات الشركسي بالعودة إلى أرض الآباء والأجداد في شركسيا حق لا يموت بالتقادم ولا يلغيه تجبر ظالم فهو عنوان أساسي لكل قومي شركسي كما هو حق أخلاقي إنساني وطني فضلا عن كونه حقا محفوظا في إطار قرارات الشرعية الدولية ويمس بشكل مباشر العنصر الأهم من عناصر القضية الشركسية وعناوين استقلال شركيسيا.

حق العودة مثبت في أربع مجموعات قوانين منفصلة ضمن القانون الدولي هي: قانون الجنسية كما هو مطبق عندما تحل دولة محل دولة أخرى في الحكم، والقانون الإنساني، وقانون حقوق الإنسان، وقانون اللاجئين (وهو جزء من قانون حقوق الإنسان الذي يضم أيضا القانون الإنساني)؛ وينطبق قانون العودة على الحالات التي يمنع فيها الأشخاص عمدا من العودة بعد مغادرة مؤقتة وعلى حالات الطرد الإجباري (على مستوى جماعي أو غير ذلك)، وفي الحالة الأخيرة فإن واجب دولة المنشأ بموجب القانون الدولي قبول عودة الأشخاص الذين طردوا بشكل غير قانوني هو واجب أشد وأقوى تمنع بشدة أية سياسة حكومية تسعى إلى منع العودة الطوعية للأشخاص المهجرين.

إذا ومما تقدم فإن معظم التشريعات الحقوقية الدولية قد أسست لشرعية حق العودة وفلسفته كحق يتمتع بالخصائص التالية:
1- هو حق غير قابل للتصرف وهو من الحقوق الثابتة الراسخة مثل باقي حقوق الإنسان.
2- هو حق ثابت لا ينقضي بمرور الزمن.
3- هو حق لا يخضع للمفاوضات أو التنازل.
4- هو حق لا يسقط أو يعدل أو يتغير مفهومه في أي معاهدة أو اتفاق سياسي من أي نوع.
5-هو حق شخصي إضافة إلى كونه جماعيا ولا يسقط أبداً.

الشعب الشركسي يملك الكثير من أوراق القوة القانونية التي تحفظ له حقه القانوني في العودة وهي مهمة جدا كونها تضع الإطار الواضح للحقوق والواجبات، لكن الحق يحتاج إلى قوة تحميه والذي هو غير متوفر في المدى الزمني المنظور ويؤسس لمرحلة عمل طويلة الأمد. إن الحق يبقى قويا ما دام أصحابه يعتقدون بذلك وإن نضال الشعب الشركسي لا يقاس بمدة زمنية محددة بل بمسيرة متصاعدة والزمن يكون فيها تفصيل.

وانطلاقا مما ورد أعلاه فإن خطوات قومية شركسية ملموسة أصبحت الآن ضرورية أكثر من أي وقت مضى لإبقاء القضية الشركسية وحق العودة حية، الأمر الذي يستدعي أيضا إعادة الاعتبار لتوحيد الصف الشركسي في دول الشتات لأن العبرة في ما حل بشراكسة سوريا تحتم على الجميع ضرورة العودة لإعادة بناء الوضع الذاتي الداخلي لشراكس الشتات، وطي صفحة الانقسام وإسدال الستار عليه؛ فلا انتصار مع وجود حالة التمزق والانقسام ،ولا إنجاز ممكن مع بقاء الوضع الشركسي متشظيا ومنقسما على حاله.

أخيرا إن قوة الحق في حق العودة لا يمكن أن تكون فلسفة أو فكرة طوباوية كما يعتقد البعض، بل هي قوة الحياة ذاتها التي لا يستطيع كائن مخلوق في دنيا الوجود أن يفرملها أو أن يوقفها عن الدوران أو أن يلجم حركتها الأبدية، والشعب الشركسي في هذا المضمار يواصل مسيرته المعبدة بالاشواك وكله أمل بأن فجر الانتصار سينير ساطعا في سماء شركيسيا.

شركيسيا حرة وستبقى حرة رغم سوط الجلاد ورغم إرهاب المحتل ورغم أصحاب النفوس الصغيرة والعباءات المرتهنة.

إن حق العودة آت مع شركيسيا، كل شركيسيا ولو بعد حين.
ملاحظة:
هذا المقال فيه بعض الاقتباس من: غيل بولينع.. حق العودة الفردي واللاجئين.

Share Button

اترك تعليقاً