موسكو والشتات الشركسي

موسكو والشتات الشركسي

19 أبريل/نيسان 2021

بقلم: إياد يوغار

Google Image
Google Image

في أكتوبر/تشرين الأول من عام ٢٠١٧ ظهر في مقال ما يبين بأن موسكو تنفق الملايين لدراسة وتقييم خطر الشتات الشركسي على مصالح روسيا، والكتابة التالية هي مداخلتي على المقال وفيها تطرق لبعض اسباب بطء تطور الوعي والفكر القومي الشركسي. روسيا بسياستها البغضاء خفاءً وعلناً كانت وراء الكثير من هذه الاسباب التي ابعدتنا بخباثتها عن تطوير وتحديث والوصول الى مبدأ شركيسيا الوطن:

  خلال أحد اللقاءات مع مجموعة من الأصدقاء الأوروبيين غير الشراكسة للتعريف بالمأساة الشركسية ماضياً وحاضراً، أبدى أحدهم الاستغراب الإيجابي والإعجاب بوجودنا بينهم كشركس مطالبين بحقوقنا وباستمرار الشتات الشركسي كمجموعة أوروبية بالوجود رغم مضي ٦ اجيال بعيدًا عن الوطن، وتتنقل بشكل شبه مستمر في فترة ١٥١ عاماً في مجتمعات متعددة ومختلفة حيث يُطلب منا التأقلم مع مجتمعات التعايش وتعلُّم لغاتها وعاداتها والتفوق والنجاح بشكل واضح ومستمر..

في الواقع ان الوجود الشركسي المميز يستحق الاحترام والمؤازرة من أبناء شعبنا ومن كل أنصار الحرية وحقوق الانسان، فنحن كشعب بشقيه سواءً في الوطن او في المهجر فُرِض علينا بالحديد والنار ظروف قاسية جداً كان ومازال الهدف منها شطب القومية الشركسية برمتها، بالاضافة الى ظروفنا المعيشية والاجتماعية والسياسية التي وجدت في الماضي ومازالت حتى الآن، حيث أن السلبية في معظمها لا يعود اللوم فيها علينا

        عندما هُجِّر  وقُتّلَ قرابة التسعين في المائة من شعبنا، لم يكن في وطننا المدن والطرقات والمدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات والحكومات والبرلمانات والسفارات والقنصليات ومؤسسات العلاقات العامة العالمية او حتى الجمعيات الخيرية التي كان ممكننا ان توجه او أن يساعد وجودها الشعب في وطنه الممزق وشتاته المقهور حتى يتخطى ظروف المأساة الفاجعة. كان شعبنا حينها أُمياً بكامله سواءً في لغته او أيّ لغة اخرى ولم نستطيع البوح او التعبير عن مأساتنا  في حرب الإبادة ضدنا لا بين أنفسنا ولا مع الآخريين..! ومضت مأساتنا مفجعةً وصامتةً ومبهمةً ومخفية الى يومنا هذا..

    ولعبت روسيا بإصرار وتخطيط منذ ايام القياصرة الى الآن الدور الأكبر في السيطرة علينا ومحو آمال تحقيق المعالم المرتجاة للقومية الشركسية وإخفاء وتزوير حقائق الإبادة والتهجير القسري بدراية ومنهجية واستمرار، وسيطرت على شعبنا في الوطن بالإرهاب والإجرام والترغيب والترهيب والتعميل، وفي الشتات بالهيمنة المباشرة وغير المباشرة على الغالبية العظمى لمؤسساتنا وجمعياتنا ونوادينا وسخرت لخدمة أهدافها الكثير من أبناء شعبنا خداعاً منذ ايام الشيوعية و مروراً بيومنا هذا، حيث تحول شيوعيو الماضي الى منتفعين في تحقيق مصالح روسيا في وطننا.  كان هذا جلياً في أولمبياد سوتشي حيث منحت عقود الاستثمارات السرية والسخية لمجموعة من الأشخاص التي أُوصلت  الى المراكز القيادية في جمعيات اهم البلدان المضيفة للشتات الشركسي. وسخّرت بدهاءٍ وكيديّة الكثير ممن عرفوا مسبقاً بغيرتهم وتضحياتهم لقوميتهم الشركسية، ليقفوا مواليين باحتفال روسيا الأولمبي على الارض التي قدم فيها شعبنا دمائه ذوداً ودفاعاً عن الحرية والوطن..

  وما نراه اليوم من البعض هو عدم اكتراث مؤرق وضعف الالتزام  في ضرورة إيجاد والوصول الى علاقة مباشرة مع الوطن الأم واهله وأحداثه والعودة اليه هو نتيجة لكل الظروف المذكورة. إضافة الى ظروف اخرى فرضها العيش الطويل بمنفى ومنأى عن الوطن واهله. لاشك ان عدم دراية الغالبية العظمى من شعبنا بحقائق الحرب الروسيةالشركسية لإزالة شعبنا من ارضه وظروف الإبادة الجماعية التي قضت على اهلنا باجرام ودموية هي من أسباب تأخر وبطء شعبنا التفافه حول عقيدة التطلع للمستقبل الشركسي الأفضل المرتبط بالوطن الأم ووجوده.

ومع كل ذلك هذا لايعني اننا ضعفاء في حاضرنا الشركسي ومستقبلنا، ولايعني إطلاقاً في أيّ ظروف فرضت علينا عمداً او عفواً اننا لن نستطيع أبقاء قوميتنا الحبيبة حيةً لتزدهر وتشرق قريباً.

لو لم تكن كل هذه الآمال في طريقها لتصبح حقائق، لما قرر الرئيس بوتين مؤخراً انفاق ثلاثة عشر مليون دولار لدراسة خطر مجتمعات الشتات وبشكل خاص خطر الشتات الشركسي على المصالح الروسية.

إياد يوغار

THERE WILL BE CIRCASSIA

Share Button

اترك تعليقاً