لنفكر خارج الصندوق

لنفكر خارج الصندوق

لمصلحة من تتم صناعة الكراهية ونشر العداوة والبغضاء بين أبناء شركيسيا الكبرى

3 مايو/أيار 2021

بقلم: محمد عوني إبراهيم بشموقة

PHOTO-2021-05-03-14-39-59

  إن المتابع لشأن شركيسيا يلاحظ تنامي خطاب الكراهية والعداوة بين القوميات التي تعيش في شركيسيا وخصوصا أبنائنا في دول الشتات حيث بدا يتنامى هذا الخطاب كالنار في الهشيم، وتسلل لغة التفرقة والبغضاء والتخوين إلى المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي حيث بتنا نشاهد مستويات معقدة من التعصب بما في ذلك تصاعد كراهية القوميات بعضها لبعض فضلا عن كراهية العاملين في المجال القومي وأصبحنا على أبواب تقسيمات أخرى، وبعضنا لا يزال يتجادل في ضررها، ومثال على ذلك تغذية خطاب الكراهية بين اخواننا الأبخاز والناشطين القوميين من أبناء شركيسيا من ناحية والعمل على زرع بذور الفتنة بيننا وبين اخوتنا القرشاي من خلال قيام البعض منهم بتزوير التاريخ والثقافة والحضارة والتراث لشعب شركيسيا وذلك خدمة لأجندة خاصة بهم، وهذه أمثلة صارخة من بين أمثلة عديدة على نوايا تفتيتنا إلى قوميات متصارعة حيث أصبح الإنقسام واقعا وتتم تغذيته ماديا ومعنويا من قبل جهات تعتاش عليه، وأصحاب الفكر السياسي والعمل القومي المخلصين يدركون جيدا أنه لطالما أستخدم خطاب الكراهية والتعصب لتحقيق مكاسب سياسية في الحياة العامة بواسطة نشر خطاب معاد موجه ضد المكونات العرقية الأخرى حيث أن خطاب الكراهية والتعصب القومي يضعفنا ويدمرنا كما يعمل على زرع بذور الخوف والكراهية وانعدام الثقة في نفوسا، فإذا تركناه دون رصد ومراقبة يمكن أن يتطور إلى ما لاتحمد عقباه والأكثر إيلاما وهو أن معظم أبناء شركيسيا لم يستفيقوا بعد لتلك السياسة التي ستجعلهم حتما لو أستمر ذلك الحال يعودون لأنماط حياتهم البدائية حيث يقتتلون على الكلأ والماء. فأين المثقفون والمفكرون والمؤسسات الضامرة في كل شئ! ألا يستفيقون ليدرؤوا عن شركيسيا وعن أبنائها تلك السياسة البغيضة.

في ظل الوضع الراهن لشركيسيا هناك أسئلة كثيرة تطرح حول واقعنا الذي أصبح يعيش ما يشبه مرحلة جديدة وبتنا نخشى أن يعاد تقسيم المُقسَّم. الكل يبحث عن مصالحه الخاصة فقط، وفي ظل هذا الواقع هناك أسئلة كثيرة يجب أن تطرح، لكن لا بد بداية من الإشارة إلى أننا جميعا لدينا حلم في أن تكون هناك دولة واحدة مستقلة حرة، لذلك يسعى الأحرار من أجل إقامة دولة شركيسيا الكبرى والتخلص من الإحتلال الروسي، وهذه الدولة لا تبنيها مجموعات متناحرة تريد إلغاء بعضها، بل تبنى بتقبل الآخر وفسح المجال أمام الجميع ماعدا العملاء والخونة الذين باعوا تضحيات ودماء ومآسي الأجداد لأنهم قد تخطوا مرحلة السلبية إلى المشاركة العملية في إحباط العمل القومي لاستقلال شركيسيا، حين باعوا أنفسهم للمحتل وعملوا على نقل كيان شركيسيا إلى مزيد من التشتيت من أجل التحول من مرحلة القوميات إلى مرحلة الطوائف والعرقيات والعنصريات، والعجيب أنه كلما فرقنا الأعداء اصطنعوا لنا خلافات جديدة، وتعاملنا نحن معها وكأنها من حدود الله التي من تعداها فقد ظلم نفسه وما يثير الاستغراب أن أعدائنا لا يكادون يستخفون بشيء مما يدبرونه لنا ينتقلون من تخطيط إلى تخطيط ومن تهيئة إلى تنفيذ ونحن كأننا نشاهد مسرحية معلومة النهاية، لا نرى فيها ما يشير إلى شيء كبير أو مثير..

وهنا لابد لنا من التفكير في كيفية الخلاص من واقعنا المتشنج الراهن و ذلك يحتاج إلى جهود صادقة تبدأ من قناعتنا بأن الواقع الراهن إذا ما أستمر على ما هو عليه فسيؤدي بالجميع إلى الهلاك، لذلك على الجميع تحمل المسؤولية والعمل على إيجاد المعالجات الحقيقية لهذا الواقع المؤسف، وأرى هنا أن المعالجة الحقيقية تبدأ من خلال توعية أبناء شركيسيا وخاص فئة الشباب من خلال تشكيل تكتل قومي حقيقي في ما بينهم والعمل على بلورة موقف واحد يكون له دور في تقرير مستقبل شركيسيا الكبرى وكف يد الإحتلال الروسي وغيره عن العبث بنا والتدخل في شؤوننا موقف يكون له القدرة على التصدي لأية محاولات تقسيم جديدة، ولا بد من إيجاد أدوات جديدة هدفها تعزيز الثقة بين جميع القوميات ووضع إستراتيجية تتصدى للخطاب الطائفي والعنصري وقبول الرأي والرأي الآخر وعلينا أيضا إعادة الإعتبار للقضية الكبرى بين أبناء شركيسيا الكبرى جميعا واعتبارها القضية الأولى، وإن حلها يجب أن يكون بشكل عادل ووفق قوانين وقرارات الشرعية الدولية..

شركيسيا أسمى من الجميع ولأجلها يجب أن نتسامى عن الحالة التي فرضها علينا الإحتلال الروسي، لذلك نحن بحاجة ماسة إلى الإنتقال من التنظير لمعالجة قضية خطاب التعصب والكراهية والبغضاء إلى التطبيق الواقعي للتوحد على أرض الواقع. 

وفي النهاية نحن لا يوجد مشكلة بيننا وبين أي قومية أخرى، والقضية من وجهة نظرنا أن المخابرات الروسية تلعب بالساحة لتفتيتنا، لكن مهما تملّص البعض فإن المعيار الذي نقيس عليه هو مدى الإرتباط بالقضية الكبرى. ونحن نعلم أن القوي هو من يكتب النهاية لكن ما زال في قلبنا إيمان بأن الأمل موجود في قلوب شبابنا أبناء شركيسيا الكبرى التي تآمروا عليها ما زالوا يتآمرون.

Share Button

اترك تعليقاً