الإستقلال الشركسي / المساومة على الوطن الشركسي – من كتاب “شركيسيا: ولدت لتكون حرة” للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


 

22 يونيو/حزيران 2021

الإستقلال الشركسي

الفصل الثاني

المساومة على الوطن الشركسي

PHOTO-2021-06-21-22-39-02

إن أهمية الوطن ومصيره لم يكن أبدًا شكلاً من أشكال المقالات السياسية أو موضوع مساومة للشركس. لقد كان دائمًا وسيظل موضوعًا أساسيًا سيستمر، وهو أغلى العناصر التي يقدسها ويحترمها الشركس. إنه يُفتدى بالقلوب والنفوس وهو يُعتبر هوية وانتماء وتراب وسماء وهواء وأمن وأمان. فهذا يذكرنا بكلمات نيلسون مانديلا: ”الخير في الإنسان هو شعلة يمكن إخفاؤها ولكن لا تنطفئ أبدًا“.

لقد ثابرت أطراف مختلفة من خلال اتباع الأساليب المتطفلة، والانتهازية، والمُهينة، والمسعورة في بعض الأحيان. إن القفز على الامتيازات البشرية والوطنية التي تخص الأمة الشركسية وحقوقها غير القابلة للتصرف لن تكون أبداً مسلم بها. هذه الحقوق لا تتسامح مع المُتاجرة أو المراوغة أو الاغراء وتعتبر أن أسباب الكارثة الوطنية للشركس هي تدخُّل الدول الطامعة من كافّة الاتجاهات، والتي تدخّلت في شؤون شركيسيا، من خلال اختيار وسائل فاضحة ومتغطرسة.

كل ذلك أدى إلى تحديد مصير أمة عانت من المرارة بسبب حرب شرسة دمرت كل شيء. لقد أثّرت وساهمت في كشف واقع ومستقبل شركيسيا، الوطن التاريخي لأمة عريقة وعميقة الجذور في تاريخ منطقة القوقاز لأكثر من ستة آلاف عام. والنتائج تتمثل في أخذ الوطن وتعريض أهله للقتل والإبادة. ولا يزال الشركس محرومين من الحقوق المدنية والسياسية المناسبة.

إن النتيجة الحتمية لسفك الدماء وخسائر الأبرياء وفقًا لأسلوبالغاية تبرر الوسيلةأدى إلى اغتيال وخيانة وذبح وحرق وغرق واحتلال أجنبي وترحيل قسري، مما تسبب في فقدان الوطن لبعض الوقت، وذلك لصالح جشع المستعمرين واستحواذهم؛ لكن الحقيقة يومًا سوف تسود.

بينما تم ترحيل معظم الشركس وحرمانهم من حقهم في العيش بحرية في وطنهم لأكثر من 150 عامًا، كان على الباقين تحمل الاحتلال بينما هم يراقبون الوطن الشركسي يتعرض للتمزق والتقسيم والتجزئة وتغيير الهوية. وظل الوضع قائما أثناء الفترات المتباينة لمختلف الأنظمة الروسية المتعاقبة منذ الحكم القيصري. ويمكن اختصار المشهد بوصفه مزيجًا من أشكال التمييز والأمن والاستعمار والدعاية المؤدِّية للسيطرة المُطولّة.

تم وصف التقسيم على أنه إجراءات إدارية، وضعت الشركس في ظروف مريرة بحكم الأمر الواقع الذي فُرِضَ عليهم. يجب أن يعيش عشرة بالمائة من الشركس في مواقع متفرقة ومطوّرة بحيث توصف بأنها مناطق حكم ذاتي وجمهوريات في أجزاء مختلفة من موطنهم الأصلي. وتُظْهِر المواقع الراهنة انه ليست كل هذه المناطق الإدارية المزعومة هي مناطق متجاورة ومتصلة ببعضها البعض!

تجاهلت السلطات الروسية وأهملت إيجاد حل معقول ومقبول للقضية الشركسية. الإجراء المطلوب يجب أن يكون وفق الأسس الدولية والإنسانية المشروعة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على السلطات التوقف عن التعمية فيما يتعلق بالقضية وجميع عواقبها التي نتجت عن غياب الحلول الضرورية اللازمة. لقد حلت المآسي بأمة عريقة متجذرة في تاريخ القوقاز مع العلم أنها وصلت إلى حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والترحيل القسري. أدى ذلك إلى القضاء على نصف الأمة الشركسية خلال الحرب الروسية الجائرة.

سعى الشركس للدفاع عن وطنهم من خلال القدرات المحدودة المتاحة لديهم حتى وصلت الحرب إلى نهايتها في 21 مايو/أيار 1864. في نهاية المطاف، الكثرة غلبت الشجاعة. عانت شركيسيا وأمم القوقاز الأخرى بسبب الحرب التي انتهت باحتلال شمال القوقاز بأكمله. فمنذ القرن التاسع عشر، وكنتيجة لذلك، لا تزال الحقائق والذكريات أمامنا حتى اليوم.

غير أن هناك فرق مهم بين ما حدث للأمة الشركسية وما حدث للآخرين. والنتيجة هي أن أممًا أخرى مثل الشيشان وداغستان وأبخازيا، بالإضافة إلى أمم أخرى، لا تزال موجودة ديموغرافيًا وجغرافيًا ويمكن تأكيدها من خلال الخرائط التي يمكن الوصول إليها. بينما تم طمس شركيسيا وحتى حذفها من الخريطة! لماذا كل هذا الظلم والقمع والانتهاكات المقصودة واستمرار الحرمان من الحقوق التي تقع عليهم؟ لكن، الحقوق لا تسقط  بالتقادم.

يدرك جميع العقلاء والمثقفين أن الصواب والشرعية والالتزام بالقانون والعدالة هي حقوق مكتسبة طبيعية منذ الولادة، وهي ليست امتيازات أو جوائز توزعها السلطات أو القادة الانتقائيين الأسخياء وذوي النُّفوذ. لكن لا بد من التأكيد على أن الطريق إلى الحرية والكرامة غير مفروش بالورد والياسمين. في حين أنالله يساعد أولئك الذين يساعدون أنفسهم، فإن الخضوع للأمر الواقع هو ضعف وهروب من الواقع.

في هذا السياق، قال طاغور: ”سأل الممكن المستحيل أين تقيم، فأجاب: في أحلام العاجز“.161 كان قدر الشركس دائمًا واجب الدفاع عن وطنهم ضد الغزاة الطامعين. فالواجب الملقى على كاهلهم يتطلب منهم مخاطبة العالم المتحضر بشأن اهتماماتهم وقضاياهم، مما يؤدي إلى وحدة وتضامن غير مسبوقين.

إنهم يتطلعون إلى استعادة الحقوق المدنية والمشروعة من خلال تنفيذ القانون الدولي، وقرارات إنهاء الاستعمار الصادرة عن الأمم المتحدة وفقًا لميثاقها، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحق الأمم في تقرير المصير، وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية. يجب حل المشاكل القائمة التي أوجدتها روسيا القيصرية.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً