الوضع القانوني الشركسي والحق في تقرير المصير – اذا لم يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المسلوبة، فمن سيفعل ذلك؟ (1) — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


29 أبريل/نيسان 2022

الوضع القانوني الشركسي والحق في تقرير المصير 

الفصل التّاسع

اذا لم يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المسلوبة، فمن سيفعل ذلك؟ (1)

PHOTO-2022-04-28-22-46-25

في التاسع عشر من شهر يناير/كانون الثاني 2012، نُشرت مقابلة أجريت معي بعنوان، اذا لم يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المسلوبة، فمن سيفعل ذلك؟ فيما يلي النص الكامل للمقابلة التفصيلية:

ج.ت: أشكركم على منحي فرصة هذا اللقاء. أولا أود أن إعطي قرائنا بعض المعلومات عنك. مهنتك ونشاطاتك للأمور الشركسية. هل يمكنك أن تخبرنا شيئا عن خلفيتك؟

عادل: شكرا جينال (Jinal) لإتاحة الفرصة لي للتحدث عبرشركيسيا نت” (“CHERKSSIA.NET“) التي من شأنها أن تجعلني سعيداً للظهور على موقعكم والتحدث عما يجول في خاطري من خلال الإجابة على أسئلتك المطروحة. لقد ولدت في عمان، الأردن في عائلة شركسية لأب من الشابسوغ (Shapsough) وأم من الحتوقاي (Hatuqwai)، وأنا متزوج وأتشرف بأن أكون أباً وجداً. عملت عدة سنوات في القوات المسلحة الأردنية، وبعدها عملت في مهنة الطيران. 

بدأت منذ نعومة أظفاري في البحث والتفحص من خلال الرجوع الى الكتب والإستفسار من كبار السن عن أماكن تواجد الشركس، ماذا حصل  للأمة وما هو سبب هذا التشتت. لقد بدأت بالكتابة والترجمة والبحث والتحقّق والنشر عن أمور شركسية وموضوعات أخرى في شمال القوقاز حيث يوجد تشابه بين مصير الشراكسة والشعوب الأخرى في منطقة القوقاز. 

وكانت هناك أيضا رغبة لمتابعة الأنشطة على الصعيد الدولي، مما جعلني أحضر مؤتمرين في جامعتي هارفارد و ويليام باترسون في ابريل/نيسان من عام 2008، عندما أتيحت لي الفرصة لإدارة جزء من الحدث الذي اقيم ليوم واحد في جامعة ويليام باترسون، وفي جزء آخر كنت قد ألقيت كلمة باللغة العربية بعنوانشركيسيا الوطن، إلى أين”. كذلك شاركت في اليوم الشركسي الثالث في البرلمان الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأوّل 2008. 

وشاركت أيضا في شهر مارس/آذار من عام 2010 في المؤتمر الشركسي الدولي الأول الذي عقد في تبليسي، جورجيا، بعنوانالأمم المغيّبة، جرائم دائمة: شمال القوقاز بين الماضي والمستقبل، وألقيت كلمة بعنوانشركيسيا وطننا الام“. لقد أتيحت لي الفرصة بتاريخ 20 مايو/أيّار 2011، لحضور جلسة البرلمان الجورجي عندما تم الاعتراف رسميا بالإبادة الجماعية الشركسية من قبل جورجيا. 

وفيما بين هذا وذاك حضرت بعض النشاطات في الأردن كان من بينها إلقاء كلمة في الجمعية الخيرية الشركسية في عمانالفرع الرئيسي حول الفعاليات التي حصلت في جامعة هارفارد في ما يتعلق بالقضية الشركسية، وآخر محاضرة ألقيتها في 20 مايو/أيّار من عام 2009، بعنوانالحراك الشركسي بين شمال القوقاز والشتات، والتي كانت باللغة العربية، لكن ترجمت أيضا إلى اللغة الإنكليزية.

ج. ت.: أنت ناشط في الأردن. ما هي الموضوعات التي تعمل عليها؟

عادل: عندما يسمح لي الوقت، أحضر بعض الأنشطة التي تعقد في الجمعية، ولهذا السبب فإن نشاطي محدود في هذا المستوى؛ ولكن أحاول قدر الإمكان متابعة ما يجري، وبودي أن أنصح الشركس دائماً بإعطاء الأهمية اللازمة تجاه الحفاظ على الذات والذي هو البند الأول من ناموس الطبيعة.

ج. ت.: ماذا يمكنك أن تخبرنا عن حالة الشتات الشركسي في الأردن؟ كيف تعيشون؟ وما هي الأهداف الرئيسية ونتائجها للشراكسة هناك؟

عادل: يحظى الشراكسة باحترام كبير في الأردن كجالية متميزة بسبب دورها الإيجابي والمتفاني في الحياة الاجتماعية واليومية للبلاد، حيث أنهم شاركوا في تأسيس الأردن الحديث منذ وصول العاهل الأردني الأول إلى الأردن من الحجاز، الذي تم الترحيب به وتأييده من قبل الشركس والأردنيين الآخرين كذلك. والشركس منفتحون على الآخرين، وهم ليسوا إنطوائيون، فهم نشيطون في جميع مناحي الحياة وهم يحافظون على خصوصيتهم وتميزهم كأقلية معترف بها. والشركس معروفون جيدا بين الأردنيين بمزايا الصدق والإخلاص والولاء والمصداقية، وهناك أيضا إحترام متبادل وثقة مع جميع فصائل المجتمع الأردني. وكونهم يقيمون في الأردن منذ أكثر من 140 عاما، فإن الشركس متفاعلين مع البيئة التي وجدوا أنفسهم بها بعد ان اضطروا الى مغادرة وطنهم، حيث أن الأغلبية منهم منهمكون في الحصول على حياة كريمة وفي تعليم أبنائهم، في الوقت الذي يؤكدون فيه حقيقة أنهم شراكسة فخورون بأنفسهم، وفي نفس الوقت يتوقون للحصول على ارتباط بالوطن الأم، لكن مع اختلاف بالعمق والأساليب والأولويات.

ج. ت.: هل هناك أي دعم من طرف الحكومة تجاه الشركس؟

عادل: وفقا للدستور الاردني فإن جميع المواطنين متساوون أمام القانون، وبالتالي يحصل الشركس على حقوقهم بالأسلوب الذي ينبغي اتباعة من قبل الآخرين وهم يحصلون على الفوائد التي يتمتع بها المواطنين الأردنيين، والذي يتجلى من خلال السماح للشركس بالعمل في الحكومة والجيش، وكان الشركس قد وصلوا إلى أعلى المناصب الرسمية مثل مناصب رئيس الوزراء والوزراء والأعيان وأعضاء البرلمان والقضاة وكبار الضباط في القوات المسلحة والأمن العام ودائرة المخابرات العامة.

ج. ت.: في العشرين من شهر مايو/أيار من هذا العام، أكّد البرلمان الجورجي أن روسيا القيصرية اقترفت جرائم ضد الإنسانية بحق الأمة الشركسيةالإبادة الجماعية والتطهير العرقي الفائق. ما هو رأيك في هذا الاستنتاج؟ ماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل أمتنا؟

عادل: الشركس لم يفقدوا الأمل، لأن الأمل ينبع على نحوٍ سرمدي. وكان لي شرف حضور ومشاهدة هذا الحدث الهام في البرلمان الجورجي. لقد لاحظت ممثلي الشعب الجورجي يعلّقون على مشروع القرار وبعد ذلك أعضاء البرلمان يصوتون بالأغلبية المطلقة من الأعضاء الحاضرين على الاعتراف بِالابادة الجماعية الشركسية والتطهير العرقياللذان ارتكبا ضد الأمة الشركسية من قبل الإمبراطورية القيصرية الروسية في القرن التاسع عشر. والنّتيجة لم يسبق لها مثيل، وهي الاعتراف الأبرز و / أو المكسب إلإيجابي الذي حظيت بها الأمة الشركسية في أي وقت مضى منذ نهاية الحرب الروسيةالشركسية (القوقازية) التي انتهت في 21 مايو/أيار من عام 1864 إلى الآن، والتي ستفتح أبواب مغلقة من أجل استرداد حقوق الشركس. فالحقيقة سوف تسود.

ج. ت.: أنت كنت في تبليسي. ماذا حدث هناك؟ ما هو أسلوب التعامل الذي تنتهجه جورجيا نحو الشركس ونحو إبادتنا الجماعية؟ هل تعتقد انهم يريدون فقط تمرير سياساتهم معنا واستخدامنا لمصلحتهم؟

عادل: هذا صحيح، لحسن الحظ اني كنت هناك لمراقبة حدث هام من شأنه أن يؤثر على حل القضية الشركسية في وقت لاحق. وقد أظهرت الأمة الجورجية باعتبارها إحدى دول القوقاز الرئيسية وعضو في الأمم المتحدة موقف معقول ودرجة من المسؤولية الأخلاقية بالكشف عن دليل موثّق دامغ والمقدم من لجان متخصصة وعلماء ومؤرخين  ومؤسسات أكاديمية وأساتذة جامعات وخبراء من العديد من البلدان حتى من روسيا نفسها، وكانت هذه الأطراف قد قدمت شهاداتها في مراحل سابقة إلى لجان البرلمان المختصة حول النتائج العلمية، الأمر الذي جعل اللجان تتوصل إلى مشروع قرار من أجل تقديمه إلى البرلمان للتصويت عليه، والذي حصل بالفعل، وأحيط العالم علما بأن الشركس قد تعرضوا للإضطّهاد وتعرضوا لأعمال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بكل تبعاته، بناءً على أدلة لا يمكن دحضها. كل ذلك أظهر استعداد جورجي للاعتراف بالظلم الّذي عانى منه الشركس، “فالقدوة الحسنة خير من العظة”. الشراكسة ليسوا من السذاجة بأن ينظروا إلى الحقائق من زاوية مختلفة عما هي عليه في الواقع. هناك مصالح متبادلة بين الشعوب والأمم، كلٌ يعمل على ضمان حقوقه الأساسية في الحرية والكرامة الإنسانية. عندما يعرف الشراكسة ماذا يريدون، بالتالي يستطيعون التمييز بين الخير والشر، فإنّهم سيكونون قادرين على رؤية وتحديد المسار واختيار الطريق الذي يجعلهم يتخذون ما هو مناسب لهم، وترك ما هو خاطئٍ ومؤذٍ. ينبغي أن يكون مبدأ المعاملة بالمثل هو الغالب. وأود أن أعلق على الشكوك في هذا الصدد بالقول: ليس هناك أحد أشد عمى ولا أشد صمماً من أولئك الذين لا يريدون أن يروا أو أن يسمعوا.

لا توجد هناك وسيلة بأن يتمكن الجناة من خلالها أن يفلتوا من العقوبة على الجرائم المرتكبة ضد الأمة الشركسية والإنسانية. هذا هو القانون وهذا هو واجب أخلاقي تجاه الحضارة، وأنّه لن تمر أية جريمة دون عقاب و/أو من دون مساءلة.

ج. ت.: هناك العديد من المنظمات الشركسية، مثل اتّحاد الجمعيّات القفقاسيّة (KAF-FED) ومنتدى القفقاس (Kafkasya Forumu) والمنظمة الشركسية الأكبر في أوروبا – (FDTKV) وغيرها، الذين هم ضد هذه النتيجة، أو على الأقل تحاول أن تتجاهلها. ما رأيك في هذا؟

عادل: إن الوجود في المنفى بعيدا عن الوطن ليس بخطيئة، ولكن تناسي الوطن هو شر مستطير. فيما يتعلّق بكافّة الجمعيات والمنظمات التي تدّعى انها إما شركسيّة أو قوقازيّة، فإن القاعدة أو المسألة الأهم ينبغي أن تكون في مدى جدية وفعالية هذه الأطراف خاصة في خدمة الإهتمامات الجوهرية الحقيقيةللشّركس الأديغهواعتماد وتنفيذ إلتزامات مصيرية؛ لكن يبرز التساؤل حول ما هي المبادئ التي نشأت تلك المنظمات والجمعيات من أجلها! هل هي أهداف رياضية أو ثقافية أو إجتماعية أو تجارية أو مهنية أو متعدّدة الأعراق أو وطنية؟ ويميل الناس للحديث في موضوعات إهتمامهم أو تخصّصهم. الجواب سيحدد التخصص، وبالتالي فمن الممكن الحكم على ذلك، ويجب عليهم أن يمارسوا ما يبشّرون به.

إنالشّركس الأديغهالحقيقيين هم الذين من المفترض أن يعطوا رأيهم، لأنهم هم الضحايا الحقيقيّين للأعمال العدائية التي أفضت إلى الإبعاد والنّفي بعيدا عن الوطن الأم. أعتقد أن الجواب عمّن مع أو عمّن ضد النّتيجة المتمثّلة بالإعتراف بالإبادة الجماعية لا يمكن الإجابة عليه من دون نهج علمي حقيقي في البحث، لكنها غائبة عن أذهان البعض لأنالمياه الهادئة عميقة الغور”! ينبغي علىالشركس الأديغهالذين هم ليسوا تحت تأثيرالأنا في حب الذّاتأو أطراف أخرى غير شركسية أن يعقدوا مؤتمراً منظّماً أو أنشطة موازية لتغطية جميع الموضوعات التي تتعلق بالشّراكسة، وبالتالي فإنّهم سوف يخرجون بالقرار الشركسي الحقيقي. وفي نهاية المطاف فإنّ ما هو مفيد للشركس سوف يبقى وما هو سيء سينتهي. وكبادرة طيّبة تجاه الأمة الشركسية أعلنت جورجيا اعتماد مشروع لتخليد ذكرى ضحايا الإبادة الجماعية للشركس، التي نفذت من قبل الإمبراطورية الروسية، وعلى أساسها فإن الحكومة الجورجية ستصيغ خطة لإحياء ذكرى ضحايا الإبادة الجماعيّة الشركسيّة وستتألّف الخطّة من إنشاء نصب تذكاري للضّحايا.

وأي طرف مرحب به للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية حتى روسيا نفسها.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً