النشاط السياسي الشركسي – علاقات غير مستقرة مع الجمعية الشركسية العالميّة — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


10 مايو/أيار 2022

النشاط السياسي الشركسي

الفصل العاشر

علاقات غير مستقرة مع الجمعية الشركسية العالميّة

PHOTO-2022-05-09-23-43-24

عندما تعتبر السلطات الروسية الشركس الذين يعيشون في وطنهم يحققون مصلحة وفائدة لروسيا، فإنهم سيُعاملون بلطف. وفي حالة وجود أي شك أو ريبة، فإنّهُ سيتم فرض إجراءات صارمة ضدهم. تمارس روسيا مغازلة الشتات الشركس، وذلك لمحاولة التّقرُّب منهم للحصول على مزايا معينة. وعندما تنقلب الأمور، يمكن قلب هذه السياسات رأسًا على عقب، دون أدنى قلق من تأثيرها على العلاقات بين الجانبين.

لطالما أبرمت روسيا صفقات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مع أشخاص ومنظمات مكرسة لتنفيذ السياسات الروسية. وفي شأنٍ ذي صلة، نشر بول غوبل (Paul Goble) مقالًا بعنوان جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) يضاعف نفوذه في الشؤون الشّركسيّة، ويجمِّد الشتات ويُضعِف تأثير موسكو في الخارج.

على ما يبدو، كان للعبة بُعدًا من الذكاء: ”هذا هو الحال بشكل خاص مع مشاركة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مع مجموعات تضم الأمة الشركسية، وهي أمّة يبلغ تعدادها أكثر من نصف مليون نسمة في شمال القوقاز وأكثر من خمسة ملايين في دول الشرق الأوسط، والذي تحدّى موسكو بشأن الإبادة الجماعية التي اقتُرِفتْ في عام 1864 وحق الشركس من سوريا في العودة إلى وطنهم التاريخي“.1009

خلال السنوات الماضية، وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي، كانت الجمعيات الشركسية هي المكان المناسب للاستقطاب. لقد اجتذبوا واعتمدوا سياسات مختلفة في اتجاهات ومقاييس متعددة: ”وصف إينال كاردنوف (Inal Kardnov) هذه اللعبة المعقدة على موقع أخبار القفقاس (Caucasus Times) يوم أمس (caucasustimes.com/article.asp؟id=21535). بسبب تصرفات جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، كما يقول، لم تعد نالتشيك، عاصمة قباردينوبلكاريا، قلب الحركة الشركسية الدولية والجمعية الشركسية العالمية (ICA)، وهي على وشك التصفية“.1010

للأسف، تحركت مراقبة الدخول والخروج من المطار التابع للسلطة الروسية في الجزء الشركسي من شمال القوقاز خطوة نحو إزعاج رئيس إحدى أبرز الجمعيات الشركسية في الشتات التركي: ”في الشهر الماضي، قررت فيدراليّة الجمعيات القفقاسية في تركيا (KAFFED)، الانسحاب من الجمعية الشركسية العالمية بعد أن قام حرس الحدود الروسي بمنع دخول ياشار أسلانكايا (Yashar Aslankay) الذي كان يشغل منصب نائب رئيس فيدراليّة الجمعيات القفقاسية في تركيا إلى الفيدرالية الروسية وترحيله، وعدم السماح له بالدخول حتّى عام 2020“.1011

خلص غوبل إلى أنه تم إيجاد فجوة بين الشركس والجمعية الشركسية العالمية بينما لن يتم تصحيحها على المدى القصير. حيث وصف إينال كاردنوف هذه اللعبة المعقدة على موقع أخبار القفقاس (Caucasus Times) أمس (caucasustimes.com/article.asp?id=21535). وبسبب تصرفات جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، كما يقول، لم تعد نالتشيك، عاصمة قباردينوبلكاريا، هي قلب الحركة الشركسية الدولية والجمعية الشركسية العالمية (ICA) الّتي هي على وشك الانحلال“.1012

الإجراءات القضائية لمنع التعامل مع القضايا السياسية

أطلقت أوساط معروفة حملة محمومة باستخدام أفراد لم يكونوا من المؤسسين الشراكسة الحقيقيين للجمعية الشركسية العالمية ومؤسسات قومية أخرى، بغرض تغيير أساسيات العمليّات والأنشطة.

أولئك الذين لا يرغبون في سماع صوت العقل يحاولون أيضًا الاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة من أجل قمع الصفوف القومية في كل من الوطن الشركسي والشتات. لقد أثبت الشركس دائمًا أنهم يحافظون على اتصال مستمر ومتطور بين أجزاء من المجتمعات الشركسية الاجتماعية والجيوسياسية المنتشرة على نطاق واسع، سواء في وطنهم أو في الشتات.

كان نشطاء منظمة أديغه خاسه يواجهون اضطهادًا مثل الفصل من العمل والمدرسة، والقمع المالي، وإيذاء الأقارب، والاستئثار بالممتلكات والتهديد بهدف عزل أديغه خاسه.1013

استخدم الأشخاص الذين تربطهم صلات بالسلطات الروسية تقنية العصا والجزرة للمشاركة في إسكات حرية إبداء الرأي والتعبير، بالإضافة إلى إدخال التلقين كأسلوب حياة للتعامل مع الرأي العام. إن ممارسة التضليل والمعلومات المضللة وقمع الرأي العام والحقوق المدنية لها تأثير على الواقع الموضوعي وإهانة للقيم الإنسانية.

في عام 1999، اتخذ وزير العدل في جمهورية قباردينوبلكاريا إجراءات قضائية لمنع منظمة أديغه خاسه من التعامل مع القضايا السياسية. وقد رفضت المحكمة هذا الاستئناف. كانت معارضة المديرين التنفيذيين لأديغه خاسه (العضو المؤسس) للجهود المبذولة لجعل فاليري كوكوف (Valerie KOKOV) رئيسًا للجمعية الشركسية العالميّة، وهي أعلى هيئة تمثيلية للشركس على الصعيد الدولي، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير.

وأكمل المقال،

على هذا النحو، حاولوا {شراء} المديرين التنفيذيين في أديغه خاسه. وأفادت وسائل إعلام روسية أنهتم عرض التوظيف بوزارة الرياضة والسياحة على أعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة أديغه خاسه في مقابل السّيطرة على الأديغه خاسه. وعلى الرغم من القمع، فقد صمد التنفيذيون في أديغه خاسه“.1014

أدلى عضو في الجمعية الشركسية العالمية وُصِف بأنّهُمخضرمببيان لإذاعة أوروبا الحرة / راديو الحرية (Radio Free Europe/ Radio Liberty) فقال:

يجب إلغاء قوانين الجمهوريات في القفقاس ويجب على الشعوب أن تكتفي فقط باستخدام الحقوق الثقافية فقط. وتثبت هذه العبارة مدى ولائه للإمبريالية الروسية.

تم للأسف تفعيل تدجين الجمعية الشّركسيّة العالميّة ككيان شركسي مستقل، من قبل أشخاص لم يكونوا من مؤسسي الجمعية وتحولت مبادئها الأساسية عن مسارها الأصلي للدفاع عن الأمة الشركسية واستعادة حقوقها المشروعة، والتي انتهى بها الأمر أنبدأت عمليات {تأميم} المنظمات غير الحكومية في الفيدرالية الروسية مع بداية عمل الجمعية الشركسية العالمية والأديغه خاسه في عام 2000. وقد ضمنت تسمية الفائض الشيوعي لمناصبهم من خلال العمليات في منظّمة أديغه خاسه والجمعية الشّركسيّة العالميّة، وقد أعطوا الرسالة المذكورة أدناه إلى {اليد الحديدية} فلاديمير بوتين: “تقع المنظمات غير الحكومية في كل من الشتات والقفقاس تحت {السيطرة} ..!“

تم وصف المشهد كالتالي:

تحوّلتْ الجمعية الشركسية العالمية التي لم تستطع أداء مهمة حاسمة إلى منظمة مختلة وظيفيًا تمامًا واستطرادية (تتميز بالتفكير التحليلي) ومتقلبة. فعلى سبيل المثال، وفقًا لبرنامج العمل بتاريخ 17 / 08 / 2003، لا تتعامل الجمعية الشركسية العالمية مع الأنشطة السياسية؛في الوقت الحاضر، من المفترض بصراحة أن الجمعية الشركسية العالمية لا تتعامل في الأنشطة السياسية . . . إذا أراد أحد أعضاء الجمعية الشركسية العالمية في أي جزء من العالم الدخول في المعترك السياسي، فيجب على هذا العضو أن ينهي عضويته في الجمعية الشركسية العالمية ويؤسِّس حزب سياسي ثم ينضم إلى النضال السياسي.1015

الأنشطة والجهود الإيجابية

على ما يبدو، فقد وصل الشركس إلى الحد الذي وصفهُ المهاتما غاندي،كُن أنت التغيير الذي تُريد أن تراه في هذا العالم،1016 وبدأوا في اتخاذ زمام المبادرة في السنوات الأخيرة لحلمعضلتهم المجمدةطويلة الأمد من خلال تمكين المطالب والمطالبات المنصفة التي أثارها الشركس والوصول إلى السلطات الروسية والساحة الدولية من خلال شرح وتفصيل المعاناة التي نتجت عن العناصر والعوامل الخبيثة التي أثّرت على الشركس في كل من وطنهم الأم وشتاتهم الذي يتَّسِع إلى أكثر من أربعين دولة في العالم.

الرد البارد على مبادرة إرسال رسائل إلى الرئيس الروسي والمسؤولين الروس الآخرين، بما في ذلك مجلس الدوما الروسي (Russian state duma)، لم يُهبِّط من معنوياتهم أو يثنيهم عن إرسال خطاب هام إلى البرلمان الأوروبي، حيث أرسل هذا الخطاب المنظمات العامّة الأديغية (الشركسية) في كلٍ من روسيا وتركيا وإسرائيل والأردن وسوريا والولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا وكندا وألمانيا لرئيس البرلمان الأوروبي السيد جوزيف بوريل فونتيليس (Joseph Borrell Fontelles)، داعيًا إلى الاعتراف بالإبادة الجماعية التي اقتُرِفت ضد الشّعب الأديغي (الشركسي) خلال وبعد الحرب الروسيةالقفقاسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

تلقى الخطاب توقيعات من عشرين منظمة شركسية. بالإضافة إلى ذلك، وأُرفِقَ به قرص مُدمج يحتوي على وثائق أرشيفية، كُتب معظمها خلال تلك الفترة من قبل قادة وجنرالات الحرب الإمبريالية الروسية. وقد تم إرسال الوثائق الأرشيفية التي تضمّنها أيضًا القرص المُدمج. فكان قد تم الاحتفاظ بها باللغة الروسية، تمامًا كما هي في الأرشيف الروسي. وقامت مجموعة من الشتات الشركسي بترجمة هذه الوثائق إلى اللغتين الإنجليزية والعربية وجزء منها إلى التُّركيَّة.

لا يستخدم الشركس أي حملات تحريض ضد أي شخص ولا بأي شكل من الأشكال. بل على العكس من ذلك تمامًا، فهم يميلون إلى انتقاد وتحليل الموقف والعقلية الاستعمارية المتهورة التي تم تبنيها ضدهم بسبب السياسات الأنانية وأُحاديَّة الجانب. هذا النوع من السلوك الإسْتبدادي ليس له مكان في العالم المتحضر الرّاشد.

تعتبر شركيسيا، مثلها مثل أي أمّة صغيرة أخرى في أوروبا الشرقية وأماكن أخرى، جزءًا من منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة (UNPO)، وقد شارك ممثلوها وأسهموا في الاجتماعات والمؤتمرات، والتي تم سرد بعضها في ما يلي:

قرار حول وضع الأمة الشركسية، الصادر عن منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة (UNPO) بتاريخ 15 – 19 يوليو/تموز 1997، والذي دعا إلى:

* على روسيا والمجتمع الدولي الاعتراف بالإبادة الجماعية للأمة الشركسية التي حدثت في القرن التاسع عشر ومنح الشعب الشركسي مكانة أمة في المنفى.

  • يجب أن تمنح روسيا الشعب الشّركسي إزدواجيّة الجنسية، سواء من روسيا أو بلدانهم؛ وكذلك،
  • يجب أن تضمن روسيا إمكانية عودة الشعب الشركسي إلى موطنه الأصلي.1017

اجتماع منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة (UNPO) في تالين، عاصمة إستونيا: 14 – 18 فبراير/شباط، 2001. 1018

كمثال على معرفة السياسات الرسمية الروسية الفظة ضد تطلعات وآمال الشعب الشركسي، جعلت روسيا تشعر بأنالكونجرس الشركسيمنظمة خطيرة حقًا لأن هدفها المعلن هو الاعتراف بالإبادة الجماعية للشركس من قبل الدولة الروسية. يتبعالكونجرسفروع في عشرين دولة حول العالم، مع تعرض تلك الموجودة في روسيا لمضايقات من قبل السلطات. أخبر زعيم فرع شيركيسك، بيسلان مخوف (Beslan Makhov)، كاتب هذه الكلمات أنه يتم استدعاؤه بانتظام للاستجواب من قبل المكتب المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) وأنه أُجبر حتى على التوقف عن نشر صحيفة شبابية مجانية.1019

ويوضح مخوف: ”لقد نشرنا فقط وثائق أرشيفية عن الحرب بين شركيسيا وروسيا، لكن هذا كان كافياً ليُقْدِم جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) على تصنيف صحيفتنا على أنها {متطرفة} ويتم إغلاقها“.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً