الحُزن ليسَ شعوراً ..

الحُزن ليسَ شعوراً ..

59554a_b7d6acbb166242678eef2db5bb661a46_mv2

ليسَ مُجرد إحساس، إنَهُ مخلوقٌ مُخيف يملك وجهاً ذو تعابيرَ حادة لا تَشوبها التجاعيد، فهو لا يشيخُ ولا يهرمُ ولا يموتْ، وإن كُنت لا تصدقني فما عليك إلا أن تقفَ على شواطئ البحر الأسودْ وتمد يديكَ إلى الماء لتتلمس وجهَ الحُزن الحقيقي ..

الحُزن .. هذا الحِملُ الثقيلُ جداً يحتاج الإنسان للتعبير عنه بشتى الوسائل، ولأن الضَعف من سماتنا فقد أوجدنا طرقاً تقوينا في حملِ هذه المشاعر وكمثالِ ذلك أن البشر أوجدوا المآتم ليشعُرَ أحبةُ المتوفى بأن هُناك من يُشاركهم الحُزن، لأن الحُزنَ المشترك يجمع بين قلوبنا أكثر مما تفعله السعادةَ، ولذلك فإن المُعاناةَ المُشتركة هي من أقوى الروابط المجتمعية وأسماها، ولأن المصائبَ درجات فإن الحُزن يآتي على درجات أيضاً، فهناك حُزنٌ تلتهمه الأيام وأخر يزداد إيلاماً كلما تعاقبت السنين، وحُزننا من ذاكَ النوعِ الذي لايزول بل يشتد ويكبر ويزداد .. هكذا أخبرتُ صديقي عندما قال لي: بآن حُزنكم عمره مائة وثمانية وخمسون عاماً أما آن لحُزنكم أن يَطويهُ النسيانْ !!!

( وجعاً لم تُجربه، لا تُخبر صاحبهُ بأنه لا يستدعي الحُزن) هكذا قالها يوماً السياسي ويليم أستور، كيف لا ونحن قد جربنا أقصى أنواع الإبادة والتهجير والتطهير العرقي التي عرفتها البشرية، كيف لا ونحنُ قد عرفنا ماعرفناه ومن يعرف أكثر يُفجع أكثر .. ويَحزنُ أطول ،، فأطول، حزناً أبدياً تتوارثه الأجيالْ ..

اليومَ وكأي إنسانٍ وِلدَ شركسياً لا بد لي أن أخُذ نصيبي من حُزن أبي وجدي وأن أتقبلَ هذا الأرث وأحافظَ عليه لأورثه لأبنائي وأحفادي، وأن أستَحضرَ كل مآسي التاريخ في ذكرى يوم الحُزن الشركسي وأن أحزنَ وأن أدعوكم لتحزنوا وتعبروا عن حُزنكم المُشترك وأقول أحزنوا .. وأحزنوا .. وأحزنوا فإن المُصاب جَلل والكارثة مستمرة والمآساةُ قائمةَ، وسأستعير كلمات الكاتب ناجي العلي لأذكر نفسي وأياكم بأن حالة الحزن ظاهرة إنسانية نبيلة، بل هي أنبل من الفرح، فالإنسان يستطيع إفتعالَ الفرح، أما الحُزن فلا ..

لذلك عيشوا حُزناً .. يَليقُ بِحجم الفاجعة

يوم الحزن الشركسي 21 / 5 /2022

حسام اسلام سجاجة

Share Button

اترك تعليقاً