الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية – أهمية الاعتراف — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


14 يونيو/حزيران 2022

الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية

الفصل الحادي عشر

أهمية الاعتراف

قال لارس فانش هانسن (Lars Funch Hansen)، من جامعة كوبنهاغن (Copenhagen)، في خطاب ألقاه في اليوم الشركسي السابع في البرلمان الأوروبي، في بروكسل، في 18 يونيو/حزيران من عام 2012، بعنوانالاعتراف بالإبادة الجماعية باعتبارها قضية رئيسية في النهضة الشركسية، حيث تساءل،كيف تم تعزيز قضية الاعتراف بالإبادة الجماعية كقضية شركسية رئيسية تم تعزيزها بقوة بحلول عام 2014 وإقامة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي كحدث رياضي ضخم يحدث في مواقع رئيسية في الوطن الشركسي التاريخي“.1146

كان ينوي التأكيد على أن الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية هو أحد أهم ركائز النهضة الشركسية:

في هذا العرض أجزم بأنالاعتراف بالإبادة الجماعيةأصبح عنوانًا رئيسيًا للنهضة الشركسيةنوع من العبارات التي يمكن أن تشمل معظم أهداف النهضة الشركسية. وبهذه الطريقة، أصبح الاعتراف بالإبادة الجماعية هوماذا“ بشأن النهضة الشركسيةمستكملًاأينمنسوتشي“ — التي تم الترويج لها من خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 — والإحداث المؤكّد بالفعل لـمتىفي عام 1864 — خاصةً من خلال إحياء ذكرى 21 مايو/أيار في العشرين سنة الماضية. أصبحالاعتراف بالإبادة الجماعيةخلال السنوات الأخيرة هو العنوان الرئيسي الجديد لنهضة الشركس بدرجة أكبر بكثير من ذي قبل. أقترح أن هذه المسائل الثلاثة — ”ماذاومتىوأين“ — معًا يمكن رؤيتها على أنها مرتبطة في مثلث بحيث تعزز بعضها البعض باستمرار.1147

تم ذكر جميع المسائل ذات الصلة مثلالتوثيق، واقترح طرق ووسائل للنظر في عناصر الحل اعتمادًا علىالاعتراف بالإبادة الجماعيةحيث قال بأن: ”الفاعلين في المجتمع المدني الشركسي قد تمكّنوا من توسيع وتطوير مساحة جديدة للعملسواء في الشتات أو في روسيا. فمن المهم التأكيد على أن هذه ليست مجرد مساحة افتراضية. يتضمن استخدام الإنترنت كوسيلة للنشر وتنظيم حملات من أجل أوصاف مضادة لهوية وتاريخ الشركسكما رأينا في حالة تعزيز فهم المنفى كعمل من أعمال الإبادة الجماعيةوكوسيلة التواصل والتنسيق والتعاون بين المنظمات الشركسية. أدى وصول وزيادة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بتقنيات ويب 2.0 (Web 2.0) إلى ظهور أشكال جديدة من النشاط الشبابي، كما أدى ذلك إلى عدد كبير من المناقشات والحوارات حول تعريف وفهم التاريخ والهوية الشركسية على مواقع مثل فيسبوك (Facebook) و يوتيوب (YouTube) وما إلى ذلك“.1148 يقول العالم الروسي ف. م. ميخائيلوف (VM Mikhailov)، وهو باحث كبير في مركز القوقاز والمناطق (Center for the Caucasus and Regions)، إن أخطاء موسكو فتحت الطريق أمام الشركس في الخارج لإثارة قضايا الإبادة الجماعية.1149

أ. بوغوص (A. Bogus)،و م. شيركيسوف (M. Cherkesov)، و أ. سوخت (A. Sokht)، رؤساء الجمعيات الشركسية المسماةأديغه خاسهفي جمهورية أديغيا، جمهورية كراشايشركيس، ومقاطعة كراسنودار، أرسلوا رسالة في مايو/أيار 2013 إلى رئيس الفيدرالية الروسية فلاديمير بوتين وإلى الجمعية الاتحادية الروسية، حثت القيادة الروسية على النظر إلى الوضع الشركسي بشكل واقعي والعمل على الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، وفقًا للبيانات المتاحة، واختتموا دعوتهم في الفقرة الأخيرة: ”نجد أن التجاهل اللامتناهي هذا للمشاكل المُعقّدة يأتي بنتائج عكسية. ونأمل أن يتم التعامل مع مناشدتنا هذه بالعناية الواجبة، وأن يتم حل المشكلات المعقدة المثارة بشكل فعال“.1150

في مايو /أيار 2013، خاطب صلاح الدين دميرطاش (Selahattin Demirtaş)، زعيم حزب السلام والديمقراطية الكردي في تركيا، الجمهور حول يوم الذكرى الشركسية، وأعرب عن رغبته في مطالبة البرلمان التركي بالاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية. حيث قال صلاح الدين دميرطاش:

في هذا الصباح، نظمت الجمعيات الشركسية مظاهرات احتجاجية أمام السفارة الروسية. من جانبنا، نعتزم أن نقترح أن يعترف البرلمان بالإبادة الجماعية الشركسية وأن يعزز الدعاية لهذه القضية في الساحة السياسية الدولية.1151

علاوة على ذلك، في 18 مايو/أيار، كشف الشتات الشركسي في اسطنبول النقاب عن إقامة نصب تذكاري للإبادة الجماعية ونفي الشركس. دعا منظمو الحدث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان (في حينه) للحضور، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء لم يجد وقتًا لزيارة الموقع، فقد بعث برسالة متعاطفة معهم قال فيها: ”أعتقد أن مثل هذه الأحداث لها أهمية خاصة حيث تلقى الإشادة الدولية وكذلك تعمل على تقوية وحدتنا وإخوتنا التي تجمعنا عبر تكريم ذكرى الذين قضوا نحبهم وهم في المنفى“.1152

(لقد أثّرتْ) التطورات التي صاحبت إسقاط الطائرة الحربية الروسية من طراز سوخوي- 24 على الحدود التركية-السورية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015، بما في ذلك الحرب الكلامية الإعلامية، على مجرى الأحداث فيما يتعلق بالقضيّة الشّركسية. وسيكون الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية بالنسبة لتركيا أمرًا لا مفر منه، خاصة وأن روسيا قد اعترفت بالفعل بالإبادة الجماعية للأرمن، وستكون في متناول اليد في أي وقت إذا نظرت الدولة التركية في اتخاذ مثل هذه الخطوة. ”إن {مسألة} الإبادة الجماعية هي أمر حساس بشكل خاص لتركيا، وذلك بسبب اتهامات الأرمن ومطالبتهم بأن تركيا يجب أن تعترف بالفظائع التي ارتكبت في عام 1915 واعتبارها {إبادة جماعية} اقترفت من قبل الإمبراطورية العثمانية. علمًا بأن روسيا قد اعترفت بالفعل بِ {الإبادة الجماعية} للأرمن، في عام 1995 (http://ria. ru/spravka/20100305/212370444.html)، لذلك إذا اعترفت تركيا بـالإبادة الجماعيةالشركسية التي اقتُرِفت من قبل الإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر، فسيكون ذلك مجرد خطوة متبادلة لكن جاءت متأخرة“.1153

جورجيا حتى الآن هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعترفت رسميًا بـالإبادة الجماعيةالشركسية: لقد أقدمت على ذلك في عام 2011. لكن قد ترغب تركيا في تجنب التداعيات السلبية، حيث تتمتع بعلاقات حميمة نسبيًا مع روسيا. في الوقت نفسه، تحاول تركيا بالتأكيد على ترسيخ نفسها كقوة إقليمية لها وجهات نظرها الخاصة حول البلدان المجاورة لها. وهذا يعني أنه سيتعين على أنقرة اتخاذ بعض القرارات التي تعزز من هويتها وتظهر دورها القيادي. لذلك، يبدو أن مسألة الاعتراف بـالإبادة الجماعيةالشركسية تتزايد كجزء من النقاش العام المتسع داخل تركيا.1154

في ظل المطالب الشركسية المستمرة، حتى يومنا هذا، وفي كل مناسبة، فإنهم ينظرون إلى موضوع تعرض شعبهم للإبادة الجماعية، الذي أدّى إلى خسائر فادحة، كأساس يجب اتخاذه لإزالة الأسى وكذلك لاستعادة حقوق الشركس وفقا للقوانين والأعراف الدولية. ”في 21 مايو/أيار 2014، احيت المجتمعات الشركسية في جميع أنحاء العالم الذكرى 150 لانتهاء الحرب الروسيةالشركسية“.1155

كان صوت المسؤولين الأتراك، حيث يقيم غالبية الشركس، قوياً بشكل غير عادي. حيث قال نائب رئيس مجلس النواب التركي صادق ياقوت (Sadik Yakut): يجب النظر إلى حق العودة للشعوب التي طردت من وطنها من وجهة نظر حقوق الإنسان. وللشركس الحق الطبيعي في منحهم الجنسية المزدوجة في البلدان التي يقيمون فيها، ويجب الإعتراف بيوم 21 مايو/أيار من كل عام ليتم اعتباره يوم الإبادة الجماعية وتهجير الشركس“. ((http://www.aheku.org/news/society/5822) 1156

لم تتجاهل السلطات الروسية فقط دعوة المنطق والعقل، التي تدعو إلى التعامل مع قضايا الشركس في أساليب ووسائل إنسانية لحل جميع المشاكل المتأخر حلها ولم يحن الوقت لبحثها بعد، بل إنها تجاوزت ذلك لاختلاق أعذار تؤدي إلى بدع جديدة مقصودة لأجل تزوير الحقائق جملة وتفصيلا.

يدّعي المؤرخون الروس بأن التاريخ خالٍ من تدخل الحكومة على الرغم من حقيقة أن الرئيس بوتين نفسه قد حث الحكومة على إعداد وجهة نظر موحّدة للتاريخ الروسي لتجنب إثارة الشكوك والجدل بين جيل الشباب. لا يزال العديد من المؤرخين الروس يستخدمون مفاهيم قديمة تصف ترحيل الشركس إلى الإمبراطورية العثمانية باعتبار أنّهُإعادة توطين طوعيةوحتى إنكار حقيقة الحرب الروسيةالشركسية. وغالبًا ما تكون اللغة المستخدمة من قبل المؤرخين المحترفين الروس متحيّزة تمامًا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، بدلاً من القول إن الإمبراطورية الروسية غزت شمال القوقاز، يقولون: ”بعد العديد من الحملات العسكرية بين الجيوش الروسية والجبليّين، دخلت الإمبراطورية الروسية إلى المنطقة“.(http://georgia.kavkaz-uzel.ru/articles/242940/\)1157

النشطاء الشركس مع الاعتراف بالإبادة الجماعية

سرد مقال نُشِر في نَشْرةأوراسيا ديلي مونيتورالعديد من الأحداث والحقائق التي وقعت مع النشطاء الشركس في شمال القوقاز، والتي أظهرت إصرار السلطات الروسية على استخدام أساليب بوليسية للتقليل من أهمية الأنشطة التي يقوم بها الشركس. وأضاف المقال، من جانبه، قال خواد (Khuade) لناتبرس (Natpress): ”قالوا إن سبب التحقيق معي هو تورطي المحتمل في قضية أخرى مع خمسة مهاجرين من تركيا، والذين، حسب رواية المحقّقين، حصلوا على أرض بشكل غير قانوني في قرية خميشكي (Khamyshki) في منطقة مايكوب (Maikop)“. وقال إن المحققين صادروا هواتف محمولة وقرص صلب للكمبيوتر وأجهزة رقمية أخرى لتفتيشها ومحاولة العثور على شيء على الأقل يسمح لهم بربط خواد بالاحتيال المزعوم على الأرض. قال خواد إن السبب الحقيقي لضغط السلطات عليه هو أنه وقّع مرارًا وتكرارًا على الالتماسات التي بدأها نشطاء شراكسة يطالبون فيها الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الحكومات الأوكرانية والبولندية والليتوانية والإستونية، بالاعتراف رسميًابالإبادة الجماعيةالتي اقترفتها روسيا بحق الشركس في القرن التاسع عشر (Natpressru.info, May 26).1158

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً