الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية – تاريخ مأساوي — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


21 يونيو/حزيران 2022

الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية

الفصل الحادي عشر

تاريخ مأساوي

أشار الشركس، حيث أنّ غالبيتهم من المسلمين في شمال القوقاز، وذلك قبل دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي التي أقيمت في فبراير/شباط من هذا العام (2014)، بأن إقامة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشيوهي مدينة تقع في موقع المذابح الشركسيةعشية الذكرى السنوية الـ 150  للإبادة الجماعية المزعومة يتعارض مع الروح الأولمبية للسلام والإنصاف. لقد ضيّقت موسكو الخناق على النشطاء الشركس في جميع أنحاء البلاد، وقال الرئيس فلاديمير بوتين في بيان يوم 10 فبراير/شباط إن القضية الشركسية يتم تأجيجها بشكل مصطنع للتفريق بين روسيا والغرب والذي يهدف إلى الإضرار بصورة البلاد في العالم.

لم يكن التطهير العرقي في شمال القوقاز في أوائل القرن التاسع عشر ضد الشركس فقط. فقد شنت روسيا سلسلة من العمليات العسكرية ضد الجماعات العرقية القوقازية بما في ذلك الشيشان والأبخاز وشعب الأوبيخ والعديد من الأعراق في داغستان، حيث سعت روسيا إلى التوسع جنوبا إلى مناطق في أماكن مهمة جغرافيا بين روسيا وإيران والإمبراطورية العثمانية.

في 21 مايو/أيار من كل عام، يحيي الشركس الذين يعيشون في أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك تركيا، الذكرى السنوية للمذبحة التي ارتُكِبت ضد أسلافهم في عام 1864. هذا العام، (2014) تم إحياء الذكرى بشكل أكثر جدية لأن عام 2014 هو الذكرى 150 للتطهير العرقي للشركس.

يشكل التطهير العرقي للشركس من قبل روسيا وطردهم من وطنهم العناصر الأكثر أهمية للهوية القومية للشركس، حيث يربطون معًا مجموعات منتشرة في جميع أنحاء العالم.

بغض النظر عما إذا كانت تسميه المنفى الشركسي العظيم، أو التطهير العرقي الجماعي للشركس أو الإبادة الجماعية، تشكل أساسًا للهوية الشركسية، باعتبارها أمة أُجْبِرَتْ على مغادرة وطنها. وبدون ذلك، من المستحيل التحدث عن الهوية الشركسية، كما قال بوز.

تحتاج تركيا إلى الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية.                   كانت الإمبراطورية العثمانية واحدة من المحطات الأولى للشركس المُهجّرين.

عند وصولهم إلى الإمبراطورية العثمانية، لم يكن الشركس يعرفون اللغة التركية، لكن بعد 150 عامًا، أصبحوا على وشك فقدان لغتهم الأم، كما يقول مراد يالجين (Murat Yalçın)، المؤسس المشارك لمؤسسة اسطنبول الشركسية، الذي أخبر موقع صحيفة زمان الصادرة يوم الأحد أن الشركس يفقدون ثقافتهم في تركيا.

ليس لدينا محطات تلفزيونية تبث باللغة الشركسية سبعة أيام في الأسبوع، ولفترة 24 ساعة في اليوم. إن دورات اللغة الشركسية الاختيارية في المدرسة غير كافية. نريد لغتنا الأم أن يتم تدريسها في المدارس. وقال يالتشين: ”في كتب التاريخ المدرسية، هناك عبارات تؤذي الشراكسة ويجب تغييرها“.

بالإضافة إلى ذلك، على الجمهورية التركية، حيث يعيش مئات الآلاف من الشركس الآن، أن تعترف بالإبادة الجماعية الشركسية. ويجب أن تدعم تركيا دراسة الإبادة الجماعية الشركسية وأن تساعد في محاولات إنشاء متحف للإبادة الجماعية“.

تحتفظ تركيا بعلاقات اقتصادية وثيقة للغاية مع روسيا ولم تصدر أبدًا بيانًا رسميًا بشأن الإبادة الجماعية الشركسية. عشية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في عام 2014، دعا الشركس في تركيا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان (في حينه) إلى عدم حضور الألعاب الأولمبية الشتوية، مدّعين أن حضوره سيظهر أن الحكومة التركية متبلدة الشعور تجاه الأقلية الشركسية. ومع ذلك، زار أردوغان سوتشي والتقى بالرئيس بوتين قبل حفل افتتاح دورة عام 2014 للألعاب الأولمبية الشتوية.1164

حول الإبادة الجماعية الشركسية التي ارتكبتها الدولة الروسية في الأعوام 1861 – 1864

بيان صادر في 9 فبراير/شباط 2014 عن ممثلي الجاليات الأرمنية في الولايات المتحدة الأمريكية:

  • بناء على وقائع تاريخية لا تقبل الجدل تشهد على الجرائم التي ارتكبها مسؤولون روس ضد السكان الشركس، في وطنهم الأم التاريخي، شركيسيا، خلال سنوات 1861 – 1864؛

وإدراكًا منا لمصائر الأمّتين الشركسية والأرمنية المتشابهة، واللتان عانتا من مآسي مماثلة،

مع العلم أن جزءًا من السكان الأرمن في أرمينيا الغربية قد انتهى بهم الأمر للعيش داخل أراضي شركيسيا في سياق الإبادة الجماعية للأرمن في الفترة من 1915 إلى 1923.

نعترف بإبادة الشركس في شركيسيا وفقًا لخطط الإدارة الروسية، الأمر الذي أدى إلى مزيد منتبادل البشربين روسيا وتركيا، مما أثار أسباب مأساة الأمة الأرمنية.

المشاركة مع الأمة الشركسية الشقيقة، القيم والأخلاق القوقازية المتبادلة.

تذكر المساواة في هويات الشركس والأرمن في شركيسيا، المعروفين في التاريخ تحت اسم شركيسوغاي (Cherkeso-Ghay).

نحن، ممثلي الجاليات الأرمنية في الولايات المتحدة، المتحدون في منظمات وجمعيات، نعلن:

1. إدانة سياسات الدولة الروسية، التي نظمت إبادة وترحيل الشركس في الأعوام 1861 – 1864، مما أدى إلى تغييرات جذرية في الوضع الديموغرافي في القوقاز، واعتبار الحادي والعشرين من مايو/أيار يوم الإبادة الجماعية الشركسية.

2 – حث حكومات جمهورية أرمينيا وجمهورية ناغورنو كاراباخ وجميع المنظمات الأرمنية في جميع أنحاء العالم على الانضمام إلى بياننا والتأكيد عليه.1165

أبعاد تصميم وبناء نصب الإبادة الجماعية

بعد أن أقر البرلمان الجورجي بحدوث الإبادة الجماعية الشركسية والتطهير العرقي الذي لحق بالأمة الشركسية في القرن التاسع عشر، قررت الحكومة الجورجية بناء نصب تذكاري في بلدة أناكليا على البحر الأسود، تخليداً لذكرى الضحايا الذين لقوا حتفهم والذين تم ترحيلهم إلى الإمبراطورية العثمانية.

لم ينسى أحفاد الضحايا وطنهم حتى بعد مرور ما يقرب من قرن ونصف من انتهاء الحرب المفروضة على الأمة الشركسية ووقوع الإبادة الجماعية والترحيل القسري. بل إن ذلك زاد من أواصر الأخوة والانتماء بين أفراد الشعب الشركسي، سواء كانوا في وطنهم في شمال القفقاس أو في الشتات.

تم الإعلان عن مسابقة لتصميم نصب تذكاري: ”شارك 29 متسابقًا في المسابقة من جورجيا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والأردن وشمال القوقاز“. قدم المنافسون الشركس وغير الشركس من مختلف البلدان جهودهم الرمزية الدؤوبة لإحياء الحدث المهم. في ديسمبر/كانون الأول 2011، أحرز الفائزون الثلاثة الأوائل جوائز نقدية قدمتها اللجنة بتكليف من الحكومة الجورجية، بينما تم تقديم أربع جوائز رمزية إضافية من قبل المجلس الشركسي العالمي.

تم استخدام أفضل مشروع فائز لبناء نصب تذكاري في أناكليا، في جورجيا، الواقعة على البحر الأسود. فقد صمم النموذج الفائز حسين كوتشيسوكوف (Hussein Kochesokov)، وهو فنان شركسي من كوركوجين السفلى (Lower Kurkuzhin)، في جمهورية قباردينوبلكاريا. تم تشييد النصب التذكاري للإبادة الجماعية الشركسية في منتجع أناكليا الساحلي على البحر الأسود وافتُتِح لاحقًا في 21 مايو/أيار من سنة 2012، بحضور الشركس من عدة دول بما في ذلك الوطن الشركسي في شمال القوقاز. إضافة إلى ذلك، تمت دعوة أصدقاءهم وأنصارهم من جورجيا وبلدان الشتات المختلفة. تزامنت مراسم التدشين الاستثنائية مع الذكرى السنوية لانتهاء الحرب الروسيةالشركسية.1167

رُفعت الأعلام الشركسية، وألقى المشاركون بالورود الحمراء في البحر الأسود، وذلك تكريمًا للضحايا الشركس الذين أبادتهم الإمبراطورية القيصرية الروسية وأجبرتهم على الإبعاد إلى المنفى. إضافة إلى ذلك، احتُلّت أناكليا في القرن التاسع عشر من قبل روسيا حيث أنّها كانت حامية بحرية على البحر الأسود، وهي منطقة إقليمية جورجية.

خلال رحلتهم الطويلة من النزوح والترحيل، تم جمع بعض الشركس في أناكليا. حيث أنّهُ كان أحد الموانئ التي تستخدمها السلطات الروسية لترحيل الشركس إلى الإمبراطورية العثمانية.

في مقابلة مع حسين كوتشيسوكوف، الفائز بالجائزة الأولى لتصميمه الذي نشره موقع (NatPress)، نقلاً عن موقع غازيتا يوغا (Gazeta Yuga)، يعطي مؤشرًا مهمًا وهو أن أبناء وبنات الأمة الشركسية مرتبطون بعلاقات قوية وحميمة لا تنفصم، على الرغم من الوقت الطويل الذي مضى بعد المأساة، والتوزيع الجغرافي والعُزلة، وحقيقة أن الشركس يعيشون في العديد من دول العالم بما في ذلك وطنهم التاريخي المجزأ.1168

فقد عرف كوتشيسوكوف عن المسابقة من خلال ابنه، وهو مؤرِّخ، وقرأ عنها على الإنترنت: ”قلت لنفسيربما سأكون محظوظًا؟وقلت لابني أنني سأصنع التمثال. وعملت عليه لمدة شهرين: بعد الفصول الدراسية مع الأطفال في المدرسةحيث لدي دروس في النحت — كنت أعود إلى المنزل، وأعمل في النحت من الطين لمدة 2 – 3 ساعات“.1169

أوضح ما شعر به وعَكَسَ ذلك في عمله الفني الهادف: ”أجد صعوبة في التعبير عن المعنى الكامل الذي وضعته في ما أنحت. لكنني كنت مستاء جدا. كانت شركيسيا دولة كبيرة. والآن الأمر ليس كذلك. هذه هي الإبادة الجماعية. يوجد على قاعدة منحوتتي رمز في دائرة: جندي روسي يواجه زعيمًا (Wark) شركسيًا على ظهر حصان بالقرب من نساء وأطفال يحتضرون، ولوحات قديمة عليها نقوش وشعارات ودولمينات أو مناطير (dolmens)، وشجرة بلوط عمرها قرن من الزمانرمز الشركس ورجل عجوز يمد يديه نحو السماء. تحت شجرة بلوطنقشالحمد لله“. بعد ذلكالبحر، سفينة مع الشركس، تبحر إلى أرض غريبة . . . وعلى قاعدة التمثال، هناك امرأة تبكي، تعانقها فتاة، وصبي يقف بفخر وينظر بشدة بعيدًا. والدهم ليس معهمكل الرجال كانوا قد قتلوا“.1170

سُئل عن البعد السياسي لمشاركته، فأجاب: ”في البداية لم أخاف، وعندما انتهيت من النحت بدأت أفكر. لكني لا اهتم. أنا أحب شعبي. أنا أعرف ما اختبرناه وشهدناه. أريد على الأقل شيئًا ما أفعله من أجل شعبي. أعتقد أنني وطني (قومي). قرأت كثيرًا، وأعرف الكثير عن تاريخنا، وأنا مهتم بشأنه … دع أي شيئ يحدث لي، لكن كل هذا هو لشعبي“.1171

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً