مأسسة الغزو الأيديولوجي — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


01 يوليو/تموز 2022

مأسسة الغزو الأيديولوجي

الفصل الثاني عشر

أحد المخاطر التي تواجه الشركس هو الدعاية العدائية من قبل نفس الجانب الذي أراد ولا يزال في حالة إنكار للحقوق المقدسة للشركس في وطنهم، وذلك باستخدام تقنيات وأدوات مختلفة. تنعكس النية في وطنهم وفي الشتات وفقًا لطريقة منهجية فعالة من أجل تحويل انتباه الشركس واهتماماتهم لتوجيهها إلى أمور تافهة؛ لكن الاستمرارية واستمرار الأمة الشركسية يتطلب أن تؤكد بقاءها من خلال التعبير عن مخاوفها الحالية والمستقبلية. هذا يذكرني بقول رولاند ريغان (Roland Reagan)،نحافظ على السلام من خلال قوتنا فالضعف يشجّع العدوان فقط“.

يجب أن يأخذ الشركس هذا بشكل إيجابي من خلال كونهم حازمين في مطالبهم، والسعي للاعتراف من خلال الحفاظ على الثقة بالنفس في مطالبتهم بحقوقهم المشروعة وفقًا للقانون. يجب مراعاة ذلك مع الحفاظ على الامتنان لأسلافهم. إنهم بحاجة إلى تثقيف الناس حول الفظائع التي واجهتها أمتهم من خلال التنسيق مع الشركس الآخرين في العالم. إن التعاون ضروري بين جميع الجمعيات النشطة الصادقة والتركيز على المساهمات نحو احتياجات الناس ضمن هيكل يشبه الفريق الواحد في كل ما يساهم في تعزيز الوسائل الضرورية للعمل مثل الإعلام.

ولتأكيد وجودهم، يجب على الشركس معارضة ورفض نهج فرض هيمنة الاحتلال والمفاهيم الواقعية التي تهدف إلى تلويث جهود الشركس للحفاظ على هويتهم القومية في أماكن وجودهم. وعليهم أيضًا أن ينتبهوا إلى ما يهمهم، وأن يتجنبوا تشويه صورتهم بالاعتماد على الأفراد أو الهياكل التي تتصرف وفقًا لأسلوب مذل وخاضع. يجب أن لا يكونوا بمثابةمتسلقين اجتماعيينمن خلال تجنب الانتهازيين الجشعين الذين يحاولون توريط الشركس في مواقف متخاذلة وغير مرغوب فيها ولا يحسدون عليها، مما قد يؤثر عليهم في الحاضر والمستقبل.

لقد عانى الشركس، إما ممن عينوا أنفسهم أو فُوِّضوا، من قبل بعض الأطراف التي لديها هدف مشترك يهدف إلى توجيه القضيّة الشّركسيّة نحو المجهول. وذلك وفقا لما أظهرت الجمعية الشركسية العلمية (ICA) من مراحل أنشطتها وتطوراتها التي وصلت حاليًا إلىنقطة اللاعودةفيما يتعلق بالعناد والمبالغة في دعم وتأييد المواقف الرسمية للسلطات الروسية، والتي هي أساسًا ضد المصالح القومية الشركسية، وحتى عبر اللامبالاة في مواجهة الغطرسة الاستعمارية المعروفة للجميع.

لسوء الحظ، يتم التعامل مع الشركس، سواء من كانوا يقيمون في وطنهم أو في الشتات، بطريقة وكأنهم يجب أن يقبلوا ما يُعرض عليهم، ولكن لا شيء جدي أو ملموس. لقد أثبتت الجمعية الشركسية العالمية ضعفها في تقديم أي خطّة شركسية مشروعة لأولئك الذين فرضوا نفوذهم على مصير أمة بأكملها، وذهبوا أبعد من ذلك في خطوات غير محسوبة لتجاهل الحقوق المشروعة والكرامة والمعاناة الإنسانية بغض النظر عن أية عواقب وذلك بقصد إظهار الأنانية و إرضاء الآخرين.

بعد الانتكاسات التي عانت منها قيادة الجمعية الشركسية العالمية واستياء الأفراد والجمعيات من أعضاء الجمعية الشركسية في كراسنودار، وجمهوريتي أديغيا وكراشايشركيسيا، بالإضافة إلى تركيا وأماكن أخرى، تم تقديم وسائل وأساليب في العلاقات العامة من قبل الإدارة العليا في محاولة لتجاهل الآثار التي نتجت عن الاحتجاجات الأخيرة ردًا على الخطوات التصعيدية لخصومها. سافر رئيس الجمعية الشركسية العالمية، حاوتي سوخروكوف (Khauti Sokhrokov) واثنان من مساعديه إلى تركيا والأردن، وهي خطوة تم اتخاذها للقيام بحملة من أجل جدول الأعمال، وترتيبًا لانتخاباتهم المقبلة، (عادةً ما يعرفون نتائجها مسبقًا)، لمواصلة خدمة مهمة توجيه الجمعية الشركسية العالمية وفقًا لأجنداتها غير الفعالة.

لم تكن مهمة بسيطة. كان على أعضاء الوفد أن يجتمعوا مع أفراد وأعضاء من المؤسسات الشركسية لإقناعهم بآرائهم. كان الأمر سهلاً بالنسبة لهم أحيانًا ولكنه صعب في أوقات أخرى. كان على أعضاء الوفد أن يواجهوا، في الأماكن التي زاروها، مواقف غير مرحب بها عندما اضطروا إلى الاستماع إلى ما قاله لهم الحاضرون، للوصول إلى نتيجة حتمية لإبلاغهم بأن الانحراف عن المبادئ الأساسية التي تم التغاضي عنها وحتى تجاوزها وتغييرها خلال السنوات الماضية لن يكون مفيدًا لأن الشركس، سواء كانوا في وطنهم أو في الشتات، لن يقتنعوا أبدًا بالتقليل من شأن حقوقهم المشروعة.

أعدت جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية (JACCF) بيانًا موجزًا ​​وقعه رئيس الجمعية. وتمت ترجمته إلى اللغة الروسية وموجه إلى وفد الجمعية الشركسية العالمية الذي زار الأردن ولجميع الحضور من قبل رئيس الجمعية، الدكتور (المرحوم) روحي شحالتوغ، في حفل استقبال أقامته الجمعية الخيرية الشركسية للوفد في فنائها في عمان. تم تسليم رئيس الجمعية الشركسية العالمية، حاوتي سخروكوف، وأعضاء الوفد المرافق له نسخ مكتوبة من المقترحات باللغة الروسية. ونص بعضها:

الاهتمام بالحصول على الاعتراف بالإبادة الجماعية التي حلت بالأمة الشركسية، وذلك بإصدار بيان صادر عن الجمعية الشركسية العالمية للتنديد بزيارة ما وصفته (الفيدرالية الروسية، زيارة زعماء عشائر الشتات الشركسي وتصريحاتهم بصدد إقامة الألعاب الأولمبية في الأراضي الشركسية المحتلة)“، والالتزام بالنظام الأساسي للجمعية الشركسية العالمية، الذي يدعو إلى احترام وتنفيذ القوانين والمعاهدات الدولية“.2016

إن أخذ علاقة الشركس غير المتكافئة مع الجانب الروسي في الاعتبار، نظرًا لحقيقة أنهم يعتبرون أتباعًا ولا يمكن أن يكونوا غير ذلك، يجعلها تبدو كعلاقة بينالاستبدادوالضعف، لتغدو بينالساديةوالخضوع، مما يبين عمليًا جانبي المعادلة.

يمكن الإشارة إلى متلازمة ستوكهولم (Stockholm syndrome) على أنها شكل من أشكال الترابط الصادم، والتي تصف الروابط العاطفية القوية التي تتطور بين جانبين حيث يقوم أحد الطرفين بمضايقة الطرف الآخر أو ضربه أو تهديده أو الإساءة إليه أو تخويفه. وتستند الفرضية على نظرية فرويدية (Freudian theory)، حيث تشير إلى أن الترابط هو استجابة الفرد أو المجموعة للصدمة ليصبحوا ضحية. ويعتبر التماهي مع المعتدي إحدى الطرق التي تدافع بها الأنا عن نفسها. وعندما تؤمن الضحية بنفس قيم المعتدي، يتوقف اعتبار ذلك تهديدًا.

في مثال مشابه، نشر المحلل المتميز بول غوبلنافذةعلى مدونة نافذة على أوراسيا (Window on Eurasia) بعنوانالروس يواصلون المعاناة من متلازمة ستوكهولم، كما تقول كيريلوفا، والتي سلطت الضوء على موقف يُظهر نفس الطرف المتغطرس وهو يتحكم في ضحايا مختلفين بشكل نسبي. سيناريو مشابه، في هذا المثال،يربطون أنفسهم بالسلطات قدر الإمكان، ولكن مع جهات فاعلة مختلفة و/أو منفذي التدابير والسياسات التي تهدف إلى السيطرة على البلد بأكمله. ويخلص إلى أنهطالما أن المشاكل الاقتصادية لا تصبح كارثية بحق، فإن غالبية الروس ستتمسك أخيرًا بظهور بدائل دعاية ودفاع عن الدولة، وهذا يعني أنهم سيستمرون في إظهار ولائهم لمن هم في السلطة.1217

بعد كل النتائج المروعة والكارثية التي أصابت الشركس، هناك دائمًا أمل في أن هناك شيئًا يستحق العمل والاستهداف، حيث يمكن رؤية النجوم الساطعة في الليالي المظلمة. فشركيسيا هي موطن الشركس، ولا أحد يستطيع تغيير ذلك.

يجب اتخاذ القرار بشأن مصير الأمة الشركسية من قبل أولئك المؤهلين للقيام بذلك دون أي تأثير نفسي أو ضغط خارجي أو استقطاب لمراكز القوة، والتي يجب أن تعتمد على القواعد التي وضعها الشركس أنفسهم وفقًا لأوضاع وظروف كافّة المجتمعات المحليّة الشركسية والعمل على منحها حقوقها.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً