حضرات القُرّاء الأعزاء،
يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد
عادل بشقوي
05 يوليو/تموز 2022
مأسسة الغزو الأيديولوجي
الفصل الثاني عشر
الشراكسة يرفضون الموقف العدائي
اعتاد الشركس، وخاصة نشطاءهم وحركاتهم القومية، على التعرض للشائعات والأكاذيب التي تُروِّجها أجهزة وأذرع الدعاية المنهجية. ويؤثر ذلك على أي دعوة لاستعادة الحقوق القانونية، واستعادة الحقوق المشروعة وحق تقرير المصير وفقًا للقوانين والأعراف الدولية.
ردًا على الدعاية الكيدية والأكاذيب والتحريفات التي تقوم بها الأطراف التي تعمّدت تداول وقائع ملتوية ونشر معلومات مُزيّفة ضد الأمة الشركسية، نشر المجلس الشركسي العالمي بيانًا يفند المزاعم ويدين الأعمال أحادية الجانب التي تقوم بها مختلف الأطراف الروسية الفاعلة.
في البيان الذي يحمل عنوان ”الشركس يرفضون الموقف العدائي“، ذُكِر فيه: ”في تحايل دعائي تم نشر مقال في عام 2015، من قبل جامعة سوتشي الحكومية، بتمويل من وزارة التربية والعلوم في الفيدرالية الروسية، بعنوان {القضيّة الشّركسيّة: تحول المحتوى والتصور}“.1218
تحليل المعلومات المضللة
تحدث بول غوبل بالتفصيل عن الدعاية الروسية التي علقت على بيان المحكمة الجنائية الدولية من خلال ”نافذة“ بعنوان معلومات مضللة في موسكو تنتشر من وسائل الإعلام إلى المخرجات الأكاديمية. ذكرت النافذة أنه ”عندما يفكر معظم الناس في المعلومات المضللة الروسية الآن، فإنهم يفكرون بشكل حصري تقريبًا في القصص الموجهة إلى جمهور عريض، سواء كان ذلك عبر وسائل الإعلام المطبوعة أو الإنترنت. هذه بالتأكيد مشكلة خطيرة، لكن الاهتمام بها منع الكثيرين من التركيز على ما قد يكون أكثر خطورة“.2019
تناولت ”النافذة“ الجو الملوث الذي ساد الكثير من الدعاية المدمرة ضد الشركس وقضاياهم. ”تكمن هذه المشكلة في انتشار الدعاية والمعلومات المضللة من وسائل الإعلام هذه إلى ما يبدو ظاهريًا منشورات علمية، وهو تطور يمثل عودة إلى بعض أسوأ تجاوزات الحقبة السوفيتية عندما اضطر العلماء إلى اتباع خط الحزب في القضايا ذات الأهمية للكرملين“.1220
وكشف المقال أن ”هذا التطور يهدد كلاً من العلماء الروس الذين هم، قد لا يضطرون إلى الاستشهاد بلينين كما فعل آبائهم وأجدادهم، إلا أن عليهم أن يخضعوا لخط بوتين بشأن هذه القضايا والباحثين الغربيين الذين قد لا يدركون الطريقة التي أفسد بها خط {الحزب} الجديد هذه البحوث ”{الأكاديمية} الإسميّة“.1221
كما أشارت النافذة إلى معلومات متحيزة، سواء أكانت مقتبسة أم منشورة. إن التحدي المتمثل في تحديد ومواجهة مثل هذه الدعاية والمعلومات المضللة في المقالات الأكاديمية ظاهريًا هو أصعب بكثير من الإشارة إلى أحدث الأكاذيب والتحريفات والتشويهات في تصريحات المسؤولين أو المعلقين الروس. في هذا المجال، يتطلب الأمر إلى مزيدٍ من الوقت والمزيد من الخبرة والجهد“.1222
لفت الكاتب الانتباه إلى المعلومات المضللة، “نسج التحريفات مع الوقائع الحقيقية من أجل تضليل الجماهير الروسية والغربية من خلال الترويج لإيديولوجية الكرملين“. وأضاف بول غوبل بأن ”مثالًا رائعًا على ذلك تم تقديمه في نهاية هذا الأسبوع من قبل اثنين من أعضاء المجلس الشركسي العالمي، وهما إياد يوغار وعادل بشقوي، اللذان قاما بتحليل أحد الأمثلة على التضليل الروسي، وبذلك يسلطان الضوء على الطبيعة الخبيثة لمثل هذه الأمور و الأشياء التي من الواجب عملها (justicefornorthcaucasus.info/?p=1251676982).1223
ثم جرى الإنتقال لتحديد مثال معين. ”إنهما يركزان على مقال لباحثين في الجامعة الفيدرالية الجنوبية الروسية بعنوان {القضية الشركسية: تحول المحتوى والتصور} والذي نشر في {Bylye gody, vol. 36, no. 2 (2015): 450-460} في الرابط التالي: (academia.edu/15285565/Circassian_Question_Transformation_of_Content_and_Perception).1224
وأضاف التحليل: ”من بين التشوهات التي يحتويها هذا العمل المقتضب، كما يشير يوغار وبشقوي، هي الأمور التالية، التي يعكس كل منها الجهود الروسية في مساعي التضليل الإعلامي بعبارات تجعل المقال يبدو أقل شبهاً بالدعاية منه معرفة أو معلومات، ونتيجة لذلك من المرجح أن تكون مقبولة من قبل الكثيرين وإطلاع أولئك لذي يفكرون بطريقة أقل تناغمًا مع القضايا المطروحة“.1125
حلل غوبل خمسة تشويهات للدعاية، حيث ”يعكس كل منها الجهود الروسية في تقديم المعلومات المضللة بعبارات تجعل المقالة تبدو أقل شبها من أن تكون دعاية كاذبة عن كونها بحثًا علميًا، ونتيجة لذلك من المرجح أن يتم قبولها من قبل الكثيرين وتسهم في إثراء تفكير أولئك الأقل تناغمًا مع القضايا المعنية“.1126
أولاً، لاحظوا أن المقال لا يُزيِّف فقط تواريخ الحرب الروسية–الشركسية التي استمرت من عام 1763 إلى عام 1864، لكنه يعيد صياغة هذا الصراع على أنه ”حرب القفقاس“، وهو ابتكار روسي يتجاهل ما حدث بالفعل في شمال–غرب القفقاس.
ثانيًا، يُشير المقال إلى أن ”ما يسمى بالقضيّة الشّركسيّة“ أصبح ”ساخنًا“ فقط في الفترة التي سبقت عقد أولمبياد سوتشي 2014. في الواقع، احتج الشراكسة على الإجراءات الروسية في وطنهم لفترة طويلة، وكان أبرزها في الآونة الأخيرة في عام 2007 عندما اخترعت موسكو فكرة أن الشركس كانوا مرتبطين بروسيا ”طواعية“ واستنادا الى توافق مسبق، لمدة 450 عامًا.
ثالثًا، يعرض المقال خطأ فلاديمير بوتين حول تاريخ منطقة سوتشي الساحلية كحقيقة. تحدث عن استيطان الإغريق هناك في العصور القديمة دون الإشارة إلى حقيقة أنها كانت مأهولة بالفعل من قبل الشركس.
رابعًا، يقول المقال إن صعود الإنترنت سمح لروسيا بفضح التزوير الشركسي والتغلب على المقاومة الشركسية. لكن في الواقع، كما يقول يوغار وبشقوي، أدى انتشار شبكة الإنترنت العالمية إلى نشاط شركسي أوسع واهتمام أكبر بالتاريخ الحقيقي للشركس.
وخامسًا، يلقي المقال باللوم على القوى الخارجية في كل شيء سيء حدث في شمال القوقاز ويظهر روسيا على أنها قوة تميّزت دائما بالإيجابية، وهذا تحريف وتشويه يبين الفشل وارتكاب خطأ محرج إذا نظر المرء في أيٍ من سجلات الصراع والتهجير المرافق للإبادة الجماعية ضد الشركس الذي ارتكبته القوات الرُّوسية.1227
أضاف التحليل حقيقة مهمة تتعلق بالمعلومات المضللة: ”في الحياة الأكاديمية الغربية، فإن أي مقال يخطئ كثيرًا، ستوجه له سهام النقد الشديد من قبل باحثين آخرين. لكن يبدو أن المقالات الروسية من هذا النوع كثيرًا ما تحصل على نجاح، مع تغاضي أولئك الذين يقرؤونها القيام بالتحقق الأساسي من الحقائق التي سيصرون عليها إذا تم نشر المقال في أي مكانٍ آخر“.1228
واختتم غوبل حديثه قائلاً: ”لقد حان الوقت لأن يتوقف ذلك، ليس فقط لصالح أولئك المتواجدين في الغرب الذين يحتاجون إلى معرفة الحقيقة حول ما تفعله موسكو، لكن أيضًا لصالح العلماء وغيرهم داخل حدود الفيدرالية الروسية الذين لا يجدون فرصة للتصرف أو التفكير الذاتي، بدلا من تلقّي الدعاية التي كان كثيرون يأملون أن تنتهي بزوال الاتحاد السوفياتي“.1229
يتبع…