مأسسة الغزو الأيديولوجي — الشركس لن يسمحوا بسرقة ”وطنهم“ — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


08 يوليو/تموز 2022

مأسسة الغزو الأيديولوجي

الفصل الثاني عشر

الشركس لن يسمحوا بسرقةوطنهم

يرتبط يوم 21 مايو/أيار بالإبادة الجماعية الشركسية التي تمثل تاريخ انتهاء الحرب الروسيةالشركسية في عام 1864 والتي أسفرت عن تداعيات كارثية رافقت وأعقبت الحرب الإجرامية والوحشية التي شنتها الإمبراطورية الروسية ضد الأمة الشركسية لاحتلال وطنها وترحيل جميع أفرادها، الذين بقوا على قيد الحياة إلى خارج حدود شركيسيا، إلى مناطق ما وراء نهر كوبان، وبعيدًا عن الساحل الشركسي على البحر الأسود، على متن السفن المتهالكة إلى الإمبراطورية العثمانية.

في كل مرة يقترب فيها حدث شركسي مهم، مثليوم الذكرى الشركسية، تتكثف الدعاية الروسية العدوانية المعتادة ضد وجود الشركس وبقائهم من خلال استخدام وكلاء وعملاء يعملون ضمن شبكة منظمة لتوزيع ونشر الأكاذيب والمعلومات الزائفة. في هذا الصدد، هناك مقال مريب وقعه شخص يدعي أنهيعيش ويعملفي موسكو بعنوانأعزائي الشراكسة لا تدعوهم يسرقون وطننا في 21 مايو/أياريشير إلى التناقض والخداع والتّيْه.1230

يبدو أن كاتب المقال أو ناشره ليس له هوية. من الواضح أنه لا يعرف من هو لأنه في سعيه لتحقيق المهمة كما ينص العنوان في مقالته، فهو بالتأكيد ضائع بين كونه شركسيًا في بعض الأحيان وكونه غريبًا في أحيانٍ أُخْرى.

والطريقة غير المهذبة المستخدمة في النقد تظهر تفاقم أزمة أولئك الذين يشعرون بالقلق علىالمارد الشركسي الذي خرج من القمقم“. إنه أمر مثير للاشمئزاز، ومع ذلك نلاحظ مؤامرات ومكائد الدخلاء الجهلة من وراء الكواليس، بينما في نفس الوقت يطبقون الأساليب البوليسية المخابراتية التي عفا عليها الزمن، والتي تتراوح بين الثّرْثَرة، والتهريج، والتشهير، والخزي والعار في سلسلة من الأكاذيب التي جرى مواءمتها في كلمات وُجمَل وِفْقًا للخبث والشُّبْهة.

بدأت الفقرة الأولى بذكرضحايا حرب القوقاز، وهي دعاية روسية معتادة غير صحيحة بشكل قاطع لأن الوصف الصحيح هو الحرب الروسيةالشركسية.

وتعليقًا على الفقرة الثانية من المقال المذكور، ليس من الغريب أن نرى في هذا الوقت من العام جميع الشركس يحيون ذكرى الفظائع التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية، والتي تسببت في الألم والترحيل. فهذا لا يحدث فقط في الأردن، ولكن في جميع المجتمعات والجمعيات الشركسية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك تلك الموجودة في الوطن الأم وبطريقة حضارية.

 في الفقرة الثالثة، تُظهر المقالة الموصوفة نقصًا في قواعد السلوك مع قصور في أدنى قدر من اللباقة والكياسة:

الوكلاء الذين يشنون حملة عدائية غير أخلاقية بطريقة شريرة لإضفاء الطابع الشخصي على مسائل مهمة مثل القضية الشركسية حيث تظهر مقاربة سخيفة لاختصار القضية برمتها لتبدو وكأنها تقتصر كل تداعيات الإبادة الجماعية الشركسية والتطهير العرقي والترحيل القسري في عدد قليل من الأشخاص وفي بلد واحد فقط (http://www.interpretermag.com/ putin-blames-circassian-protests-on-the-west-amid-arrests/).

أولئك الذين يفترضون جهل الآخرين يحاولون التقليل من الإدراك الشركسي وسد الآفاق والرؤى الواسعة بالإضافة إلى غض الطرف عن الفظائع المستمرة التي لا يزال الشركس يعانون منها حتى يومنا هذا منذ أن احتلت الإمبراطوريّة الروسيّة وطنهم واستعمرته.

تضليل الرأي العام من خلال تحديد عدد قليل من الأشخاص الذين يطالبون بتنفيذ جميع القوانين والأعراف الدولية ذات الصلة لاستعادة الحقوق الشركسية المغتصبة.

عندما يبلغ عدد الشركس في الأردن ما يقرب من 100000 نسمة، فإن نسبتهم تقل تقريبًا عن 2 في المائة من إجمالي تعداد الشركس في العالم، حيث يعيش ما يقرب من 6 ملايين في الشتات و 800000 منهم يعيشون في الوطن الشركسي في شمال القوقاز، لكنهم مقسمون إلى ستة جيوب إدارية مختلفة.

الشركس من جميع الأعمار وفي جميع أماكن وجودهم يستخدمون جميع الوسائل المتاحة ويسعون لاستعادة حقوقهم المصادرة باتباع الأساليب السلمية والحضارية. فمنذ انهيار الاتحاد السوفياتي، أرسل الشركس رسائل ومناشدات إلى كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية في الحكومة الروسية للاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، لكن السلطات الروسية أهملت القيام بواجبها الأخلاقي. كما أرسل الشركس نداءات مماثلة للعديد من الأطراف، مثل البرلمان الأوروبي وغيره من البرلمانات والأحزاب المعنية الأخرى (http://www.cherkessia.net/ news_detail.php?id=6664).

على الرغم من أهمية الأفراد في إيصال ما يطمحون إليه لشعوبهم، فإن أهمية القضية التي يسعون إلى تحقيقها تجعلهم في حالة إنكار للذات، وغير مبالين بالثناء والإطراء، حيث يعطون الأولوية للمصلحة العامة بدلاً من تحقيق منفعة فردية ضيِّقة.

يطالب الشركس بتوحيد جميع الأراضي الشركسية في كيان جغرافي واحد واستعادةجمهورية شركسية موحّدة“ (https://www.moldova.org/en/moscow-nervous-about-cirassians-identifying-themselves-as-circassians-in-upcoming-census-211816-eng/).

من يقوم بواجب ما، فإنالرفاهيةلن تكون مصدر قلق له، لكنها الحقيقة الراسخة هي أنَّهُ عندما ينجز الشركس تحقيق مطالبهم، سيستعيد الشركس هويتهم القومية وكرامتهم للعيش بحرية في وطنهم.

يتذكر الشراكسة ويعرفون وطنهم جيدًا أكثر من أي كاتب و/أو صحفي مزعوم ذو صوت عالٍ بينما يفهمون أن وطنهم قد تم اختطافه. وفي الوقت نفسه، تتوفر الأخبار في كل مكان من خلال وسائل الإعلام المعروفة والموثوقة التي لا تدور في فلك الدعاية الروسية التي تقودها قناة روسيا اليوم.

نشر أخبار كاذبة حول المسائل الشركسية المختلفة للقضية الشركسية لن يمنع الشركس من رفع مطالبهم بوقف كل أنواع الأكاذيب الممنهجة. لا يعني ذكر مؤسسة جيمستاون (Jamestown Foundation) أكثر مما تظهره روسيا كمسألة ذات أفقٍ ضيّق، حيث تعد مؤسسة جيمستاون بطبيعة الحال، واحدة من مئات مراكز البحث والدراسة في الولايات المتحدة التي تركز على الدّراسات والنّدوات والمؤتمرات المنتظمة حول مختلف القضايا في العالم بما في ذلك قضية الشركس ومحنتهم.

فيما يلي تعليقات على الفقرة الرابعة:

— ”من أنت لتدين الآخرين؟يعرف الشركس ماذا يريدون أفضل من أي شخص آخر، وفي الوقت نفسه، يرفضون السماح لأي شخص مغمور أن يحاول إملاء ما يجب عليهم وما لا يجب عليهم أن يفعلوه.

إذا أراد الدخلاء إسعاد الشركس، فعليهم تركهم وشأنهم. ويؤمن الشركس في القول المأثور،الصديق وقت الضيق“.

يجب أن يلتزم المتطفِّلون بمراعاة أعمالهم الخاصة: ”لا تهتم أبدًا بِما أفعل. اهتم فقط لسبب قلقك بشأن ما أفعل“. 

فشلت روسيا باستمرار في إثبات أي شيء بخلاف سياستها الإمبراطورية المعتمدة للتعامل مع الشركس كأمة تابعة (https://www.youtube.com/watch?v=uh8FXIW5NbY).

لم يكن للشركس عدو معادٍ آخر في هذا العالم إلى جانب الطغاة الإمبرياليين الروس، الذين ما زالوا يستغلون حرمان الشركس من استعادة حقوقهم.

وتعليقًا على الفقرة الخامسة، فإن الشركس أحرار في التنقل والعودة إلى وطنهم سواء للعيش أو لتأسيس عمل تجاري كلما أمكن ذلك بينما لا يوافقون على أي وصاية من أولئك الذين يلعبون دور الببغاوات. بالطبع، يجب الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، وفي يوم من الأيام سيتم الاعتراف بها وبكل تبعاتها.

الفقرة السادسة توضح توحيد الأهداف:

تتجاهل هذه الدعاية توضيح سبب حقيقة أنالمجتمع الشركسي في تركيا يعتبر أحد أكبر مجتمعات الشتات للشركس في العالمولماذا لا يعيش هؤلاء الأشخاص في وطنهم التاريخي.

لا يتعين على الشركس مراجعة موقفهم طالما أن روسيا هي المطالبة بإعادة النظر وإلغاء سياساتها العدائية تجاههم.

نعم، لقد قام الشركس في كل من تركيا وأماكن الشتات الأخرى بمراجعة الموقف الروسي ويبدو أنهم يعرفون الطريقة الصعبة التي تنتهجها السياسات الروسية تجاه الشركس خاصة فيما يتعلق برفض إعادة الشراكسة في سوريا إلى وطنهم الشركسي في ظل الحرب الأهلية المستمرة في مكان إقامتهم في الشتات.

الطريقة المستخدمة في هذه الدعاية تتجاهل تماما إجراءات السلطات الروسية الخرقاء بشأن الإعتقال والتعامل مع النشطاء الشراكسة الذين يعيشون في وطنهم مثل أندزور أخوخوف (http://eng.kavkaz-uzel.ru/articles/31318/) وإبراهيم يغنوف (https://sg.news.yahoo.com/russia-detains-caucasus-activists-ahead-olympics-190701010.html) ورسلان كيش، وعدنان خواد (http://caucasreview.com/2015/05/v-rf-nachalis-repressii-protiv-cherkesskih-aktivstov/) وعسكر سوخت (http://edition.cnn.com/2014/02/16/world/europe/russia-arrest/) وشيرميت محمود (http://www.natpressru.info/index.php?newsid=9612) وغيرهم. 

ويسمّى ذلك تطوير للأساليب البوليسيّة ضد الشعب الشركسي الأصيل. وأحدث مثال على طلب شركسي صلب هو الإجراء الذي اتخذه الشركس في كراشايشركيسيا لمطالبة روسيا الاعتراف بالإبادة الجماعيّة الشركسية بالإضافة إلى شكواهم منالتمييز في تنفيذ الحقوق الدستوريةفي وطنهم (http://www.kavkaz-uzel.ru/articles/262696/).

نجحت السلطات الروسية على الدوام في تدمير جسور الود والترابط مع الوطن الشركسي. يجب على الروس مراجعة سياساتهم التي عفا عليها الزمن.

جمهورية أديغيا غير مذكورة في هذه الفقرة إلى جانب الجمهوريات الشركسية الأخرى حيث يبدي ذلك عدم احترام ذكاء القراء (http://eng.kavkaz-uzel.ru/articles/12942/)!

الفقرة السابعة تبيّن أفكاراً خاصة حول الاستثمار في الوطن:

إن التشدق بخصوص مجتمع الأعمال للشتات الشركسي في تركيا وعقد مؤتمر لرجال الاعمال وحضور مسؤولين من جمهورية أديغيا هو فكرة جيدة، لكن من المفيد أن نذكر أن بعض رجال الأعمال الشركس في تركيا تولوا بالفعل العمل في سوتشي باعتبار أن إحدى شركات البناء قامت بتشييد أحد الفنادق الكبرى (فندق ماريوت) في كراسنايا بوليانا.

لم  توفّر السلطات الروسية تسهيلات لرجال الأعمال الشركس لإقامة الأعمال التجارية التي يختارونها في وطنهم.

في حين أنّ الحقائق أثبتت سوء معاملة الشرطة ومسؤولي الهجرة لأفراد من العائدين الشركس الذين عادوا إلى الوطن. 

—“إن فيدراليّة الجمعيات القوقازيّة” (KAFFED) قد تمثل بعض الشركس ولكن ليس جميعهم وخصوصا في السنوات الأخيرة، حيث قام العديد من الشركس بتأسيس جمعيات شركسية جديدة.

أخيرا التعليقات على الفقرة الثامنة:

يواصل المقال بعرض صورة افتراضية من التخبط من خلال تجسيد دور تآمري في شؤون الآخرين نيابة عن الجهة التي يعمل  “الكاتب أو الناشرلديها، لمحاولة تسويق أوهام وأكاذيب على ما يبدو بالتنسيق والتعاون مع آخرين من الذين أخذوا على عاتقهم مهمة انتهازية يمكن وصفها بأنّها تعقّب الضحايا وأحفادهم ليس فقط في وطنهم، ولكن إلى مواقع الشتات الواسعة في جميع أنحاء العالم.

ما يسمى بِالإستغلال السياسيلا يعني بأي شكل من الأشكال، أن من شأنه أن يثبط عزائم أولئك الذين يعملون من أجل استعادة الحقوق المغتصبة عن الهدف المشروع، والذي يدعون إلى تحقيقه.

فقط هي الفئة الرخيصة والمنحطّة من الأفراد الذين يذكرون ويتهمون المخلصين بتلقي رشاوى أو أجور عند العمل في مسألة مقدسة ومصونة لرفعة وكرامة وحرية الأمة المضطهدة، التي ابتليت بالاحتلال وإنكار الحقوق.

ساهمت ألعاب سوتشي الاولمبية الشتوية لعام 2014، في توحيد الشركس وفهم السياسات الروسية الحقيقية ضد بقائهم كأمّة محترمة، بغض النظر عن حفنة قليلة من الشركس الذين كانوا راضين لقبول حضور الألعاب المثيرة للجدل بناءً على دعوة تلقوها من السلطات الروسية. لقد جعلت سوتشي من الممكن أن يعرف المزيد من الناس عن المأساة الشركسية وحتّى أن المزيد من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم نشرت تقارير حول سوتشي والإبادة الجماعية الشركسية في العديد من اللغات المختلفة. —لقد تم تغيير معالم سوتشي، عاصمة شركيسيا وما حولها (http://www.onislam.net/english/health-and-science/nature/479647-gazprom-destroys-the-circassian-capital-sochi.html).

قطعاً يتطلّع الشّركس نحو المستقبل، فإنالشعب القوي لا يستسلم عند اجتيازه للتحديات. إنّه فقط يبذل المزيد من الجهد”.

إذا لم تكن جزءاً من الحل فأنت جزءاً من المشكله“.1231

يتبع

Share Button

اترك تعليقاً