مأسسة الغزو الأيديولوجي — النزعة المؤسسية — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


15 يوليو/تموز 2022

مأسسة الغزو الأيديولوجي

الفصل الثاني عشر

النزعة المؤسسية

لا يخفى على أحد أن الأمة الشركسية عانت كثيراً، ولا تزال تحاول جاهدة للدفاع عن كرامتها القومية وبقائها وهويتها في وجه الأطماع الشريرة والغزوات الخارجية التي تعرضت لها على مدى عشرات السنين عبر القتل والإبادة الجماعية والاحتلال والإقصاء والتهجير والترحيل القسري والنفي الجماعي إلى الخارج وبعيدًا عن الوطن الشركسي الواقع في شمال القوقاز.

لقد انقضى أكثر من 150 عامًا منذ نهاية الحرب المدمرة التي شنتها الإمبراطورية القيصرية الروسية ضد شركيسيا. فمن واجب الأفراد والجمعيات والمؤسسات الشركسية، سواء في وطنهم أو في الشتات، القيام بما يمليه عليهم واجبهم الوطني والإنساني. يجب على الجميع العمل بالتعاون والتنسيق فيما بينهم لمراعاة المتطلبات التي تتطلب تطوير آلية شراكة مع المنظمات الدولية.

يجب أن يعارضوا العنصرية والتحريض وإنكار الحقوق والتفوق العنصري والكراهية. ويلزم أن يكون الهدف هو المطالبة بتطبيق هيئات الأمم المتحدة، ولا سيما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وفيما يتعلق بإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، وكذلك المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات العالمية، وخاصة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والهيئات التابعة له، والتي تهتم بحقوق الإنسان وقضايا الشعوب المضطهدة.

ارتكبت قوات الإمبراطورية الروسية الغازية جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد الشعب الشركسي. إنها ليست سوى جرائم ضد الإنسانية، يعاقب عليها القانون الدولي، ولا تسقط بالتقادم بغض النظر عن مرور الوقت. المآسي كان لها تداعيات مدمرة وخطيرة ومؤلمة حيث كان للنتائج تأثير على إجمالي سكان شركيسيا من كافّة الأطياف التي تحتاج إلى الاهتمام ليتم التعامل معها بالشكل المناسب.

من الأمور الملحة التي يجب التركيز عليها هي لغة الأديغه التي تبدو، بالنظر إلى الوضع الحالي، على أنها تنزلق نحو مهاوي الانقراض العميقة، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعناصر الضرورية للحفاظ على الثقافة الشركسية وجميع العناصر المرتبطة بها. وكذلك أهمية ضرورة اعتراف الجناة والمجتمع الدولي بالحقوق المشروعة للشركس، وخاصة ما يتعلق بحق تقرير المصير على أساس الشرعية الدولية.

الشعب الشركسي مطالب بالوقوف متحدا ضد المشاريع والخطط الإقصائية المتعلقة بتصفية القضية الشركسية. يجب عليهم الاعتراض على تشتت وتقسيم المناطق الشركسية في شمال القوقاز أو من خلال مسْعى السلطات الروسية لمحاولة الحفاظ على الوضع الراهن. لا ينبغي قبول إنكار الحقوق الشركسية وإهمال موضوع الشتات الشركسي وتقزيم الشركس. يجب عليهم تجنب تعزيز مكانتهم الحالية والحفاظ عليها، بطريقة تتوافق مع أهداف الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة (ICA).

الآلية المشتركة للعمل الشركسي

إن الأهداف الحاسمة الطموحة للشركس تدفعهم للاعتماد على الأساسيات ووجهات النظر لإدارة آلية سلوك شركسية مشتركة. يجب تحديد الحاضر والمستقبل بالتنسيق والتشاور وفق العناصر الرئيسية التالية:

— تشكيل لجان تأسيسية للتنسيق والإشراف على تأسيس المنظمات الشركسية. سيضمن هذا تحقيق أهداف الأمة الشركسية فيما يتعلق باستعادة حقوقها المشروعة. ومن المهم إنشاء مؤسسات دائمة من خلال أعضاء وإدارات منتخبين ديمقراطياً بالإضافة إلى التفاعل من قبل جميع الأعضاء.

— حث اللجان الفرعية بعبارات واضحة تعمل وفقًا للأهداف المحددة في أماكن تواجد الشركس. مجال العمل، سواء في الوطن أو في الشتات، سيعمل داخل المجتمعات المحلية على النحو الذي تمليه الظروف والأحداث المحيطة لغرض التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الشركسية.

— تطوير برنامج متكامل يجسد كلا من الهياكل التنظيمية الأفقية والعمودية، بما يتوافق مع واجباته، وما يجب القيام به في جميع مناحي الحياة. ولزيادة الوعي على مستويات مختلفة وأشكال متعددة، يجب أن يتوسع الواجب الوطني الشركسي ليشمل العديد من شرائح المجتمع من أجل المشاركة في جميع الأنشطة ذات الصلة.

— توضيح الأساليب التي سيتم اتباعها من أجل الانسجام والتعاون التي سيتم اعتمادها في تنشيط الاتصال المباشر وغير المباشر مع أفراد المجتمعات الشركسية. يجب تعزيز الروابط المشتركة بين كافة الشركس الذين يعيشون في الوطن الشركسي وأقرانهم في الشتات.

— العمل على إنشاء نظام إعلام شركسي مستقل بكافة الوسائل المتاحة. ويجب أن يعمل على مخاطبة الشركس والعالم على حد سواء، لفضح العنصرية، والتعصب العرقي، والأساليب الفاشية التي اتُّبِعتْ في الماضي، وما زالت من قبل نفس الأطراف.

— إقامة الندوات والاجتماعات والمؤتمرات التي تتناولالقضيّة الشركسية“. أيضا، الطلب من الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وجميع منظمات حقوق الإنسان بأداء واجبها الإنساني في الاعتراف بحق تقرير المصير واستعادة الحقوق الشركسية المصادرة.

— الضغط من أجل تعزيز الأنشطة الاجتماعية والثقافية والمدنية والاقتصادية والسياسية لدعم المسارات المختلفةللقضيّة الشّركسيةحيثما وأينما كان ذلك ممكنًا.

— والأهم من ذلك كله، العمل ضمن نمط يسمح لأي شخص يمكنه تقديم الجهود المطلوبة وفقًا للاحترام المتبادل. إن الثقة بالنفس والآراء الإبداعية مهمة بعيدًا عن تأثير الأفراد ذوي الدوافع المُغرِضة. لا يُقبل أي سلوك أناني أو يشوبه الغرور. لا يجوز لأحد أن يجعل الموضوع مرتبطًا بفرد معين أو بأي طرف محدد!

التدخلات الأجنبية والمُتطفِّلة

إنّ التناقضات المرتبطة بتطورات القضيّة الشّركسيّة في السنوات الأخيرة وعقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في شهر فبراير/شباط من عام 2014 خلقت انعدام الثقة بين العديد من الأطراف. ازدهر هذا الاتجاه فيما بين بعض شركاء الحكومة الأبخازية، والتي نظرًا لِدُنُوِّها من السياسات الروسية، فقد اتخذت موقفًا عدائيًا تجاه الشركس، ومتابعة الشركس للمطالبة بتأكيد واستعادة الحقوق المشروعة لأمتهم.

وفي هذا السياق، جاءت الانتقادات من خلال رسالة موجهة إلى بيسلان كوباخيا (Beslan Kobakhia)،منسق الحركة الدولية لحماية حقوق الشعوب“. فقد تم كتابة الرسالة الأصلية باللغة الروسية. وفي 22 أبريل/نيسان 2013،  قامت الحركة القومية الشركسية بترجمة الرسالة إلى اللغة العربية ومن ثمّ نشرها.1241 وفي 23 أبريل/نيسان 2013، قمت بترجمة الرسالة ونشرها باللغة الإنجليزية.1242 

التوقعات المستقبلية

ذهب المجرمون، لكن بقيت تداعيات جرائمهم. لقد أظهر الروس عنادهم وما زالوا يظهرون ضغينة تجاه الشركس وغيرهم من شعوب وأمم القوقاز. إن نسيان أو التغاضي عن أن العدالة ستتحقق حتمًا ليس بالأمر الواقعي أو المقبول لديهم.

سوف يستعيد الجميع حقوقهم. لكن الأمر المؤسف هو أن بعض الناس يحتفظون بعلاقات صداقة قوية مع أولئك الذين لا يدركون أن الشركس لديهم وطن في المقام الأول. ومع ذلك، فإنهم يحرمونهم من حقهم في ممارسة حقوقهم المشروعة وحقهم في وطنهم، وفقًا لـالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، وحتى وفقًا للقوانين الروسية.1243

إن النظر في وجود قضية يجب الدفاع عنها بكل الطرق والوسائل المشروعة يتطلب جهداً شاقًا. لن يتغاضى أي شخص لديه قلب عن فقدان وطنه. فالحقيقة سوف تسود، وما عداها، بمرور الوقت سيتلاشى.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً