أرشيف التصنيف: أخبار شركيسيا

أنشئ هذا الموقع من قبل مجموعة من المهتمّين في الشّأن الشّركسي في الوطن الأم والمهجر، ويهدف الى التّركيز على القضيّة الشّركسيّة واعادة بعث الفكر القومي والهويّة الشّركسيّة، وذلك من خلال تجذير التّواصل بين المجتمعات الشّركسيّة في الوطن الأم وأماكن تواجد الشّراكسة في بلاد الاغتراب والمهجر، وكذلك متابعة المستجدّات على السّاحة الشّركسيّة وفتح المجال أمام الباحثين والمتخصّصين والمتابعين لقضايا الأمّة الشّركسيّة وذلك للتّمكّن من

مشاركاتهم المتعلّقة بالقضيّة والشّؤون الشّركسيّة

سلسلة ندوات (( أن تعرف قضيتك )) – تعريف عام عن الجمهوريات الشركسية في القفقاس ووضعها – ١٨-٢-٢٠١٢

سلسلة ندوات (( أن تعرف قضيتك )) – تعريف عام عن الجمهوريات الشركسية في القفقاس ووضعها – ١٨-٢-٢٠١٢
21MAY1864_Cover-300x110

ننقل لكم اعلان الندوه الثالثه من سلسله ندوات ((ان تعرف قضيتك))

الأخوات و الأخوة، حتى لا نختلف و نحن لا نعرف، و حتى يصبح نقاشنا نقاشاً مبنياً على المعرفة بادروا بالمشاركة وحضور سلسلة ندوات:
(( أن تعرف قضيتك ))
الندوة الثالثة بعنوان – “تعريف عام عن الجمهوريات الشركسية في القفقاس ووضعها” – بإدارة السيد ناورز شابسوغ يوم السبت 18-2-2012 الساعة السابعة مساء في الجمعية الخيرية الشركسية – المركز.
عمان

نقلا عن موقع الأخبار الشركسية

http://www.circassiannews.com/?p=7795

Share Button

شيركيسيا: أمة صغيرة ضاعت في اللعبة الكبرى – ترجمة وليد هاكوز

شيركيسيا : أمة صغيرة ضاعت في اللعبة الكبرى – ترجمة وليد هاكوز

 

41-300x250

بقلم : والتر ريشموند
ترجمة : وليد هاكوز

في العام 1864 ، وبعد نهاية حرب متصاعدة تدريجيا إستغرقت أكثر من 75 عاما ، إستطاعت خلالها الجيوش الروسية من هزيمة الشركس ، ودفعت الغالبية العظمى من الأمة الشركسية إلى سواحل البحر الأسود ، حيث إنتظروا في العراء لأكثر من سنتين تقريبيا ، وتم تحميلهم بعد ذلك على متن السفن ، ونقلهم إلى الإمبراطورية العثمانية ، مما أدى لهلاك أكثر من نصفهم وهم في طريقهم إليها ، وحتى بعد وصولهم الى تركيا بوقت قصير .

إن العدد الفعلي للشركس الذين نزحوا لا تزال مسألة متضاربة عليها ، على الرغم من أن الرقم المقبول عموما هو المليون ، وربما أكثر بكثير . لقد أدت عمليات الترحيل إلى انخفاض 94% من عدد السكان في المنطقة ، على الرغم من أنه تم إملأ الفراغ بسرعة من قبل المستوطنين القوزاق والروس . ويبدو أن هذا كان أول عمل في العصر الحديث لأعمال التطهير العرقي ، إن لم يكن إبادة جماعية صريحة ، وكان فعلا شاذا وعملا قاسيا شديدا ، كان ينبغي أن يكون عليه إجماع للإعتراض عليه من قبل جميع الدول ، مع إنه كان في ذلك الوقت إهتمام قليل جدا بمصير الشركس .

وفي الواقع ، فقد كانت كانت شركيسيا معروفة جيدا في جميع أنحاء أوروبا منذ عام 1800 ، ولكنه ، وبعد منتصف القرن العشرين ضاعت ذكرى الترحيل من الوعي الأوروبي تماما ، كما فقدت الذاكرة عن الأمة نفسها في حد ذاتها ، ولكنها بقيت ماثلة لبعض المتخصصين القلائل في المنطقة ، وخاصة من الشراكسة المتحدرين من صلب المبعدين أنفسهم .

هذا النسيان للإبادة الجماعية الشركسية جاء نتيجة عدة عوامل ، بدءا من الطريقة الأسطورية التي كانت قد صورت شركيسيا في حيثيات الأدب والثقافة الأوروبية ، وكأنها أرض من المحاربين في العصور الوسطى ذوطبيعة جميلة خلابة . هذا ، بالاضافة الى طبيعة اللعبة الكبرى في القرن التاسع عشر ، عندما كانت القوى الكبرى لا تعير إنتباها لحقوق الإنسان ، أو الحق في تقرير المصير الوطني ، والتي أدت ظروفها بالسماح للروس على ترحيل الشراكسة جماعيا من وطنهم ، مع الحد الأدنى من الاعتراضات الدولية على ذلك .

وبعد أن تم التضحية بشركيسيا للأهداف الاستراتيجية الأوسع ، وبدأت تتهيئ لوضع قدوم الحرب العالمية الأولى ، فقد وجدت القوى الاوروبية بضرورة نسيان المأساة الشركسية ، والتي إحتلت مكانا رومانسيا في الوعي الأوروبي في البداية . وقبل بدء دخول شركيسيا في الحسابات الجغرافية السياسية الأوروبية ، كانت صورة الشعب الشركسي الكلاسيكية إستشراقية ، وهذا أدى إلى عرقلة الأوروبيين في نهاية المطاف من مشاهدة الكارثة الشركسية التي سيواجهونها في 1864 ، فقد وصف Edmund Spencer الشراكسة مبكرا في عام 1839 بقوله : “عند أول ظهور للشركسي أمامك ، هناك شيء هام للغاية وشعور بالقيادة العسكرية ، ولا يوجد شعب نصف متحضر في العالم لديه ذلك العرض الذي يرضي العالم الخارجي” . قد يكون هذا صحيحا ، لأن أهداف سبنسر وضع الخصائص الآسيوية عن الشركس بشكل واضح في المعسكر الآخر، الذي لا يملك إلا إعجابا معينا فقط .

وعند تحول إهتمام أوروبا نحو شمال القفقاس ، كان ينظر الأوروبيون للشركس مثل “المتوحشين النبلاء” الذين يدافعون عن أرضهم ضد الروس . لقد تصاعدت الحرب ببطء شديد ، وبدأ في وقت متأخر بعد عام 1830 كما لو أنه تم التوصل الى تسوية مؤقتة بين الطرفين . إضافة للعمليات العسكرية التي لم تبدو وكأنها تستهدف الغزو ، بل السيطرة على القبائل التي تعيش على ضفاف نهر كوبان . وأدت الاتفاقات التجارية والبروتوكولات المعمول بها آنذاك ، للتفاعل الاقتصادي بين الشركس والروس حتى قبل بداية 1820 ، لتحويل قلق الأوروبيون خلال تلك الفترة إزاء العدوان الروسي في بولندا بدلا عن شيركيسيا .

كما أعتبرت تصرفات روسيا في قلب أوروبا ، أكثر أهمية لمعظم القوى الأوروبية مما كانت تبدو ، وأدى إلى انخفاض مستوى الصراع في بقعة غامضة من إمبراطوريتهم . وبالنسبة للروس أنفسهم ، فقد عملوا في ظل إفتراض أن الشراكسة هم من رعايا الإمبراطورية العثمانية ، والتي من شأنها حق التصرف بمصيرهم . وفي الواقع ، فإن تأثيرالعثمانيين كان ظاهرا في غرب الأراضي الشركسية فقط ، وحتى ذلك الحين تعامل الشركس مع العثمانيين من أجل الحفاظ على مستوى معين من الاستقرار ، ولم يعتبروهم حكامهم أبدا . أما القبائل في الشرق فلم تقع أبدا تحت النفوذ العثماني .

كتب الجنرال Grigorii Filipson في مذكراته عن حرب القفقاس ، بأن الحكومة الروسية في سان بطرسبرغ لم تشك أبدا بأن الجيش الروسي كانت تتعامل مع مليون ونصف من بواسل سكان القفقاس العسكريين ، والذين يمتلكون أقوى الحصون الطبيعية في كل ركن من غاباتهم الجبلية الكثيفة ، ولم يعترفوا بأي سلطة عليهم . لقد ظنوا في بطرسبرغ أن الشركس هم عبارة عن متمردين على الحكم الروسي ، تنازلت عنهم السيادة القانونية السلطانية العثمانية لروسيا في معاهدة Adrianopol . لقد إعتقد الروس فعلا ، إلى أنه تم تسخيرالشركس من قبل العثمانيين ، ليروا المقاومة الشركسية وكأنها تمرد معترف بها ، وإن كانت غير مرغوب فيها ، في حين أن الشركس تعتبر نفسها كيانا مستقلا ، وصراعها مع روسيا كانت حربا وطنية للبقاء على قيد الحياة .

وعلاوة على ذلك ، فقد إستطاع الشركس في مناسبات عديدة بالفوز في عدة معارك ، وحاربوا بشدة في تلك الحروب ، وكانوا مستعدين للقتال إلى أقصى الحدود لعدم الوقوع تحت الهيمنة الروسية . ومع ذلك ، فقد تم إستمرار هذه الخرافة عن السيادة الروسية على شركيسيا ، وتم إحيائها في شكل جديد مع إحتفال الحكومة الروسية في الذكرى 450 لإنضمام الأمة الشركسية طوعا لروسيا في عام 2007 .

كما إدعى الروس بأن عمليات التوغل الروسي في شركيسيا الأولية لم تكن في واقع الأمر موجهة للفتح ، وإنما كانت الجهود المبذولة لدفع العثمانيين من السواحل الشرقية للبحر الأسود . وكجزء من إستراتيجية شاملة للسيطرة على المنطقة ، تم إنشاء مستوطنات القوزاق الى الشمال من نهر كوبان ، وشيدت القلعة الروسية في بلدة موزدوك الشركسية في عام 1763 ، حيث كانت بداية الحرب الروسية على الشركس ، وهذا يمكن أن ينظر إليه بوصفه الحدث الذي ولد العداء . وفي الواقع ، ففي 1777 قبلت الأرستقراطية لقبيلة القبردي السيادة الروسية ، ولكنه كانت هناك معارك تقليدية قليلة : ففي شهر أبريل 1779 خاضت وحدة روسية معركة كبيرة مع الشركس على نهر مالكا في منطقة Laten ، وفي شهر نوفمبر إشتبكت قوة صغيرة من فرسان القبردي مع حوالي 3000 جندي روسي ، وهزموهم في عقر دارهم بمنطقة Baksan ، ولكن جميع الأعمال العدائية الأخرى كانت مناوشات طفيفة .

وفي أعقاب حروب نابليون أصبح دور روسيا نفوذا على نحو متزايد في أوروبا ، وقوتها العسكرية أصبح مقلقا لبعض شرائح المجتمع الأوروبي ، وكان القلق الوحيد في هذا السياق الأوسع ، أن مصير الشراكسة دخلت حيز الوعي من السياسيين الأوروبيين ، ولا سيما في إنكلترا ، وكانت حركة المعارضة المتخوفة من السياسة الروسية ، والمعنية في المقام الأول بتصرفات روسيا في بولندا أثناء قمع الثورة البولندية ، قادرة على التأثير على السياسة الخارجية البريطانية لبعض الوقت ، خصوصا بعد التحالف الروسي التركي في معاهدة Skelesi Unkiar في عام 1833. كما أن الصحافة البريطانية حذرت مرارا من خطورة مخالب الدب الروسي ، ولكنها لم تقم بإدخال شركيسيا للمناقشة ، إلا حين بدأ دبلوماسي شاب يدعى David Urquhart ببعض التأثير على السياسة الخارجية البريطانية .

كان توجه معظم المتخوفين من الروس في بريطانيا حينئذ ، في توسع روسيا المحتمل في جنوب شرق أوروبا ، بينما تحول إنتباه أوركهارت ، وهو معجب صادق للثقافة الإسلامية ، إلى جهود روسيا لطرد العثمانيين من الساحل الشمالي للبحر الأسود . لقد كان يفترض ، أنه بمجرد أن الروس سيطروا على القفقاس فإنها ستكون قادرة على إطلاق حملات إلى إيران وآسيا الوسطى والهند ، مما قد تسبب هذه الحركة المحتملة ، إمكانية اغتصاب روسيا للمصالح الاقتصادية البريطانية في جنوب آسيا . ربما كان اوركهارت قد ظهر كبطل للشعب الشركسي ، إلا أن تصوره كان بلا شك مزيج من الأسطورية للمحارب الشركسي ، وتصوره الخاص للرومانسية في العالم المسلم . وفي الواقع ، فقد زار شيركيسيا مرة واحدة فقط ، ولم يستطيع إعطاء صورة دقيقة للشعب الذي عاش معها .

لقد أرسلته المخابرات البريطانية في عام 1834 إلى شمال القفقاس الغربي ، وسرعان ما تولى على عاتقه مهمة تحريض الشركس على التمرد . ففي قلعة أنابة ، اجتمع 15 زعميا شركسيا ومجموعة كبيرة من الشيوخ الذين كانوا بالفعل في حالة غضب من سلوك روسيا ، وسعى أوركهارت بمهمته بقوة لنشر المبررات للتدخل البريطاني في الداخل ، وإثارة الشركس في شركيسيا . وبعد عودته إلى القسطنطينية أخذ خطوات عدوانية على نحو متزايد ضد تصرفات روسيا في شركيسيا ، وبلغت ذروتها في محاولة واضحة للتحريض على الحرب بين بريطانيا وروسيا ، بإنتهاك الحصار الروسي في ساحل البحر الأسود في 1836 . لقد كانت هذه الخطوة ، التكلفة النهائية في حياته السياسية ، وأدت طبيعة حدة حجج حركة المعارضة المتخوفة من روسيا بصفة عامة ، إلى فقدان نفوذهم بحلول 1840 ، وتمتعت إنجلترا وروسيا فترة وجيزة من علاقات ودية ، ليتم غض الطرف عن قضية الشركس .

ومع ذلك ، وفي حين أن فصائل اوركهارت من القوة البريطانية تسللت بنشاط في شمال القفقاس ، مع غيرها من المخابرات ، التي هدفها هو تشجيع الشراكسة في حربهم ضد الروس ، واعدا لهم الدعم المادي والعسكري في هذا الجهد . ولم تكن هناك سياسة رسمية بريطانية ، ويمكن أن يكون هناك شك في أن هذه العوامل كانت تعمل بعلم وموافقة الحكومة البريطانية ، أو كما يلاحظ Paul B. Henze ، فانهم لن يستمروا وقتا طويلا ، حيث يقول : ” … وتألفت جهودها بما يعرف الآن باسم عمليات العمل السري ، ومع ذلك ، فقد كان المستوى الفعلي للمساعدات العسكرية للشركس أقل بكثير مما يلزم ، لتحقيق النجاح ضد الجيش الروسي . لقد كان البريطانيون يعدون الشركس بمستوى من الدعم العسكري ، ولكنهم كانوا في وضع لايسمح لها بتقديمها ” .

في الوقت نفسه ، كانت حركة المعارضة البريطانية المتخوفة من الروس ، تشجع الشراكسة لتصعيد القتال ضد الروس في لحظة حرجة للعلاقات الروسية الشركسية . والأكثر أهمية في هذا الصدد هو James Bell ، الذي عاش في شركيسيا لفترات طويلة بين 1837 و 1839 ، فقد أصبح أول المهتمين في وقف التوسع في روسيا ، نتيجة للتدخل مع المؤسسات التجارية على طول نهر الدانوب ، بهدف إنشاء قيادة موحدة من الأرستقراطية الشركسية ، وشجع الشركس إلى رفض العروض الروسية . كما انه أحبط محاولات بعض قادة الشركس لتشجيع التسوية مع الروس . وكان يدرك جيدا أن الحل البريطاني للحصول على الدعم المتواصل للشركس كان متعثرا . في حين ، كان هناك شك في أن الحرب الروسية الشركسية قد تصاعدت على أي حال . لقد كانت أنشطته في شركيسيا ، جزء من المقامرة الجيوسياسية التي كان الشركس يأخذون العبء الكامل لمخاطر فشلها .

في 1840 ، كان المهاجرين البولنديين يحلمون بالعودة إلى حدود بولندا لعام 1772 ، وكانوا الأكثر وضوحا بين النشطاء الموالين للشركس . وعلى الرغم من أنه تم مساعدتهم من قبل السياسيين البريطانيين المناوئين لروسيا ، فقد سعى بعضهم مثل الأمير Adam Czartoryski إلى خلق حلف مناهض واسع لروسيا ، وعمل بنشاط مع البريطانيين في 1830 . كما أن بعض الشخصيات البريطانية كانت قد خططت لاقامة دولة شركسية مستقلة تحت حمايتهم ، ولكن إهتمام البولنديين كان في زيادة الصعوبات فقط ضد الجيش الروسي ، من أجل نجاح خططها لإعادة بعث دولة بولندية من جديد .

وفي عام 1841 ، بدأ المهاجرون البولنديون في إسطنبول يأخذون دورا نشطا في تحريض الشراكسة والقوزاق أيضا ضد الروس ، كما أشار Mihail Czaikowski ، مديرالنشاطات السرية البولندية في اسطنبول في العام 1841 : “… ومن أجل إعطاء مزيد من النفوذ للأمير Adam Czartoryski مع إنكلترا ، وبعد إجراء اتصالات مع السلاف ، فقد قررت إجراء إتصالات مع الشركس ، والذين هم أكثر الناس أهمية من الشعوب الآسيوية الآخرى الذين يعيشون بين البحر الأسود وبحر قزوين ، ومن خلالهم نستطيع تخويف الروس ” .

وبينما كانت الجهود البولندية التي توضح القضية برمتها ، بإعتبار أن شركيسيا منطقة إستراتيجية ، فقد لفت إنتباه القوى العظمى البعيدة عن المنطقة ، أن المصالح الشركسية في حد ذاتها لم تكن تشكل أي قلق ، وعلى الأقل لبعض تلك الأطراف ، التي لا ترى تلك الأهمية الإستراتيجية . في حين يبدو أن مؤيدي العمليات البريطانية السرية مثل جيمس بيل وأوركوهارت ، فقد شعرا بصدق عن تعاطفهم مع الشركس ، وإعتقدا بإخلاص بأنها ستكون أفضل حالا في ظل الحماية البريطانية لشيركيسيا ، بينما كان الأمير البولندي Czartoryski وحلفائه العثمانيين ، مهتمين فقط في الشركس كأداة لكسر القوة الروسية في البحر الأسود ، وشل قدرتها على التأثير في الأحداث أوروبا .

إن الدعم البريطاني القليل لشيركيسيا الذي استمر خلال 1840 ، كاد أن يكون من أشد المناقشات التي قوضته القوى الأوروبية ، وقامت بالتركيز في حرب القرم بدلا عنه . لقد كان فعلا خسارة آخر فرصة لبقاء الامة الشركسية ، وذلك نتيجة لقرار إستراتيجي خاطئ من قبل فرنسا وإنكلترا ، والذي ضمن الترحيل الجماعي خلال المفاوضات في نهاية الحرب .

ففي البداية ، قدّم إندلاع حرب القرم لحركة المعارضة المتخوفين من روسيا في انكلترا ، دفعة جديدة لمناقشة قضية إستقلال شركيسيا . وزار Edmund Spencer منطقة البحر الأسود في عام 1851 ، ونشر مذكراته في عام 1854 بعد رحلة كان حماسه فيها شديدا وغير مقيدا ، وداعما لفكرة التحالف مع الشركس ، حيث كتب قائلا : “… فيما يتعلق بالشركس ، فمجرد وجود إنجليزي شاب من الحرب لن يكون كافيا لإثارة كل رجل قادر على حمل السلاح من البحر الأسود إلى بحر قزوين” . وعلى ما يبدو فقد كان يجهل أن كل رجل قادر على حمل السلاح ، كان قد إنخرط في صراع مع الإمبراطورية الروسية ما لا يقل عن 20 عاما خلت . وتوقع في هذا العمل الإبادة الجماعية الشركسية ، مجادلا بأن الروس سوف يعملون على إبادة الشراكسة إذا إكتسبوا الحرب في أي وقت ، ولكنه كان متأكدا للإهتمامات الإنسانية ، وحاول تعزيز حجته المركزية لصالح دعم الشركس ، بأنه إذا سيطر الروس على شمال القفقاس ، فأنها سرعان ما تغزو كلا من إيران وتركيا ، وفي نهاية المطاف ستغزو الهند أيضا .

بدا الوضع واعدا من وجهة نظر الشركس ، فقد عززالعثمانيين مساعداتهم ، وأرسلوا أحد النبلاء الشراكسة المعادين للروس ، وهو الأمير Sefer-Bey Zanoko ، وكان يعيش منفيا في إسطنبول ، إلى شيركيسيا للتحريض ضد الروس . وعندما إجتمع مع الضباط الإنجليزوالفرنسيين والأتراك في مدينة Sukhum في أبخازيا ، عومل كزعيم شرعي لشركيسيا . لكن الشيخ محمد أمين ممثل الشيخ شامل ، كان قد رسّخ نفوذه على الكثير من زعماء الشركس ، وفتح الصراع بينهما ، الذي أعقبه صراع بين معظم قادة شركيسيا ، وبدأ الزعيمان بقتال بعضهما ، بدلا من تنسيق جهودها ، مما ساعد على هجوم الروس على قلعة أنابة وسقوطها بأيدي الروس . ولكن القوات المتحالفة مع الشركس أستعادتها ، ولما طلب من الأمير صفر بي بتسليم القلعة ، رفض الطلب لإنها ضمن السيادة الشركسية ، وهكذا ، فقد حرم الشركس من الفرصة الأخيرة للحصول على الدعم الدولي .

إتخذ القرار الروسي لغزو الأراضي بالقوة في سيفاستوبول ، إلا أن الحرب لم تدخل قط شركيسيا ، ولكنه تحدد مصير الشراكسة في معاهدة باريس عام 1856 . لقد أدت المعاهدة الى حد كبير إلى استياء الحكومة البريطانية لأنه تم إعطاء روسيا يد حرة في منطقة القفقاس ، فقد كتب الروسي Vladimir Degoev قائلا : “…. لقد كان القمع النهائي للمقاومة في شمال القفقاس ، والتي تخلى عنها الغرب لرحمة القدر ، من دون أية ضمانات قانونية دولية ، وهي مسألة وقت لاغير” .

في 1861 إتفق ممثلين عن الدولة العثمانية وبريطانيا عل وعد بالإعتراف الدولي للشركس ، من قبل الدول المتحالفة : بريطانيا وفرنسا وتركيا ، بشرط إتحاد الشركس معهم ضد الروس . وتم نشر عريضة الشراكسة في العام التالي في الصحافة البريطانية تطالب بالدعم العسكري ، إضافة لموجة من المقالات المناهضة لروسيا والتي ظهرت في وقت لاحق . وثبت ان القوة المتعددة الجنسيات كانت سيئة التنظيم وغير فعالة أبدا ، على الرغم من أن البريطانيين والفرنسيين واصلوا ممارسة الضغوط الدبلوماسية على الروس حتى عام 1864 ، إلا أنه تم طرد الشراكسة من وطنهم .

لقد تم التستر عن عمليات الترحيل الجماعي الوحشي ، والخسارة الفادحة في الأرواح ، من قبل قيادة الجيش الروسي عن الحكومة في سان بطرسبرغ . ففي عام 1864 ، وجدت عدة تقارير مكتوبة من قبل المسؤولين المحليين عن الترحيل ، تشير إلى غياب لافت لتفاصيل الظروف المروعة التي يواجهها المبعدين . ولم توصف وصفا حقيقيا عن أهوالها ، حتى كشف عنها لاحقا في العام 1877 المؤرخ الروسي Ivan Drozdov ، ونشركشف حسابه الدقيق عن الأيام الأخيرة من الحرب في صحيفة Sbornik Kavkazskii ، ولسوء الحظ لم تترجم مذكراته للآن ، ولا تزال الغالبية العظمى من شعوب العالم تعيش في الظلام بالنسبة لحجم معاناة الشركس .

بعد حرب القرم مباشرة تحولت المنافسة الروسية – البريطانية إلى الشرق ، فتحركت بريطانيا شمالا عبر أفغانستان ، أما وروسيا فكانت قد بدأت غزوها لآسيا الوسطى . وتحولت الأنظار عن الإمبراطورية العثمانية التي ركزت إهتمامها بمنطقة البلقان ، فكانت خسارة الشراكسة في التاريخ . لقد تحقق لروسيا في نهاية المطاف ما أرادته ، وهو الهيمنة على شمال القفقاس ، وتحويلها بشكل فعال شأنا روسيا داخليا ، ولم تترك مصير الشراكسة فقط ، بل وجميع شعوب المنطقة ، لتقلبات السياسة الداخلية الروسية .

وهناك مجموعة متنوعة من العوامل أثرت على المراقبين الأوروبين المنزوعة الحساسية لما حدث للشراكسة . فالأساطير القديمة كوصف الرجل بالهمجي النبيل والمرأة كالجمال المثير ، صبغت الشركس كالشرقيين ، بينما أعرب الآخرين بطريقة مثيرة للإعجاب في بعض النواحي ، لكنها لم ترقى لمستوى الأوروبية المتحضرة . إن التصعيد البطيء في الحرب الروسية الشركسية ، والمناورات الروسية في أجزاء من أوروبا القريبة من القوى الكبرى ، أبقى الصراع بعيدا عن صدارة الإهتمام الأوروبي حتى الثلاثينات من القرن التاسع عشر، ولم تكن بعض تلك القضايا تتناولها الصحافة باستمرار.

لقد جاءت هزيمة الشركس في وقت كانت تبنى فيه الإمبراطورية الروسية على حساب القمع الشديد للشعوب المقهورة ، بما في ذلك إعادة توطينهم ، والتي لم تكن معروفة عالميا . لقد كان مخططا بأن تظهر للمراقبين المعاصرين في أوروبا في أن يكون الحادث عاديا نسبيا ، في حين أن الإستيلاء على الأراضي الشركسية للتوسع الروسي كان يشبه إلى حد كبير لتوسع الولايات المتحدة على حساب الأميركيين الأصليين ، وربما كان يجب النظر إليه بانها كانت تستحق قليل من الإدانة .

إن ترحيل الشركس إلى دولة أخرى كان العمل الوحيد غير المسبوق حقا ، وصورتها الحكومة الروسية بأنها عمليات ترحيل طوعية ، مما عمل على تقليل الإعتراضات حولها بشكل عام ، في حين أن القيادة العسكرية الروسية كانت متسترة حول الموضوع بكل عناية ، حتى عن سانت بطرسبرغ ، وذلك لوحشية العملية ، وإرتفاع معدل الوفيات بين الشراكسة . إضافة لذلك ، فإنه لم يحدث في التاريخ الحديث من قبل ، كما حدث مثل الإبادة الجماعية الشركسية ، مثلما يقول Paul Henze :”كان التهجير الجماعي أول نقل جماعي عنيف للسكان في هذا الجزء من العالم ، وفي العصر الحديث”.

وفي وقت لاحق ، بدأت تطغى على الساحة مأساة الأرمن في الأناضول الشرقية ، حيث إقتلع الملايين من الأرمن واليونانيين والأتراك والأكراد وغيرهم ، ومات مئات الآلاف منهم خلال الإضطرابات في الحرب العالمية الأولى وبعدها ، ولكن تلك الكوارث لم تكن لها علاقة عرقية كليا على الآخرين . بينما كان للإبادة الجماعية الشركسية أهمية خاصة بالنسبة لعمليات التطهير العرقي في المستقبل . ومع ذلك ، وبنفس الوقت ، فإنه كتب عليها أن تكون معزولة عن العالم على ما يبدو ، إذا الحدث كان مؤسفا جدا .

وليد هاكوز
15 / 9 / 2011
تورنتو – كندا
المصدر:
ورقة عمل للسيد والتر ريتشموند بعنوان : ” شركيسيا : أمة صغيرة ضاعت في اللعبة الكبرى ” ، ألقاها في مؤتمر بينيال الدولي التاسع لرابطة علماء الإبادة الجماعية التي جرى في 19-22 حزيران – 2011 ، في بوينس آيرس – الأرجنتين .
Circassia: A Small Nation Lost To The Great Game

 

نقلا عن موقع: الأخبار الشركسية

 

Share Button

وسائل الإعلام تحت سيطرة ورقابة الكى جي بي/إف إس بي الروسي

وسائل الإعلام تحت سيطرة ورقابة الكى جي بي/إف إس بي الروسي

 

إن حرية إبداء الرأي ا لخاص وحرية التعبير مضمونة في المادة 19 من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” حيث أن العالم المتحضر قد أعطى لهم الأولوية في التشريع للدساتير الحديثة وقواعد الحقوق المدنية.

ومع ذلك، هناك بعض الدول التي لا تأخذ هذه القضية الهامة على محمل الجد لما كان الناس يولدون أحرارا وفقا للمادة 1 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: “يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء”.

جاء مركز روسيا الثّاني في العالم لحالات وفاة الصحفيّين في يونيو حزيران 2007 من قبلالإتحاد الدولي للصحفيين، وفي تقرير مشترك للجبهة الدّوليّة لتبادل المعلومات حول حرّيّة التعبير في حزيران، 2009، بأن أكثر من 300 صحفي قتلوا في روسيا منذ عام 1993،  والتي تطابق بيانات “مقتل الصحفيين في روسيا“، الذي يحتوي على جميع التفاصيل التي تفسر صعوبة الموقف الّذي يواجهه الصحفيون في روسيا وفقا لمعلومات تم جمعها في موسكو من قبل “مؤسسة غلاسنوست للدفاع و مركز الصحافة للأوضاع الصّعبة“.

ولم تكن السجلات السيئة لحقوق الإنسان وعدم وجود حرية للتعبير عن الرأي والأفكار لتشكل رادعا أو حافزا للناس الذين لم تمنعهم الأخلاق لإغفال أو تجاهل الجرائم المستمرة ضد المدافعين عن حرية الرأي، ولم توقفهم عن التعاون مع هؤلاء الذين خططوا و / أو نفذوا تلك الجرائم، مما شجع مؤسسات الغزو الفكري للعمل وراء الحدود الدولية.

المقال التالي نشر على موقع “واشنطن تايمز” على الانترنت ويظهر أن كل من “صوت أميركاhttp://www.voanews.com/english/news/ و “راديو أوروبا الحرّة / راديوالحرّيّةhttp://www.rferl.org/  هي عرضة للإنتقادات حول أدائها في ما يتعلق بروسيا وخصوصا المعارضة:http://www.washingtontimes.com/news/2012/feb/8/voa-harms-putin-opposition-in-russia/

هذا ليس كل شيء في ذلك الصدد، لكن مراقبة قناة “روسيا اليوم” التلفزيونيّة الفضائية والتي تنظّمها وتشغّلها وتسيطر عليها أفرع المخابرات الروسية المتخصصة التي تبث الأخبار وفقا لسياسات روسيا بوتين تجاه كل ما يجري في العالم.

حتى أنهم يقوموا بترتيب وتنظيم ما يقولون لمجتمعات الشتات من كل تلك الأراضي والامم الخاضعة للسيطرة الروسية، حيث يوجد هناك برامج تلفزيونية وتقارير حول قوميّات معينة وخصوصا ما يتصل بقوميّات القوقاز ويستخدمون مواقف معينة وكلمات وعبارات ومعلومات وأفراد يقولون ما تريدهم العقلية الإمبرياليّة الروسية أن يقولوا.

الأهمية تكمن في استخدام نسخ ولغات مختلفة بجانب الّلغة الرّوسيّةhttp://inotv.rt.com/ مثل اللغات الإنجليزية http://rt.com/  والإسبانيةhttp://actualidad.rt.com/   وبشكل خاص ما يلاحظ على “روسيا اليوم” / في إصدار الّلغة العربيّة http://arabic.rt.com/.

دعونا لا نقلل من مواقع “روسيا اليوم” على شبكة الإنترنت التي لديها كل الأخبار المفسدة المتاحة، تنشر تذاع لجميع أولئك الذين ليست لديهم قدرة  الحصول على تلفزيون فضائي، والتي تنشر السموم في جميع أنحاء العالم بلغات يمكن قراءتها أو سماعها أو مشاهدتها من قبل أعداد كبيرة من الناس من جميع مناحى الحياة في جميع أنحاء العالم.

وكان وصول الربيع العربي إلى روسيا قد سلط الضوء على حاجة السلطات الروسية لتعكس الاستقطاب إلى مشاكل أخرى خاصة عندما يكون الحصول على منافع أنانية هو الإهتمام الأبرز الّذي تسعى إليه الطغمة  الحاكمة حالياً في الكرملين، حيث أن الفيتو الروسي بشأن سوريا في الأمم المتحدة  قد فسر من قبل المعارضين في روسيا بأنّه حماية لبوتين لأنه يخشى بأن دوره قادم إذا رحل الأسد، في حين أن وسائل الإعلام التي تسيطر عليها السلطات الروسية تبقى على عنادهاللدفاع عن القرار الخاطئ  الذي اتّخذته روسيا على عكس ما ينبغي القيام به لحماية الشعب السوري .

إيجل

 

مجموعة العدالة لشمال القوقاز

Share Button

الحياة: حقيبة لافروف

حقيبة لافروف
1237822514788070600
غسان شربل

أطلق الفيتو المزدوج في مجلس الأمن العنان للمخيلات والتفسيرات. ولا مبالغة في القول إن الجلسة كانت استثنائية. الحدث السوري شديد السخونة والمجلس انعقد على دويّ الأنباء عن مجزرة مروّعة في حمص. الاستقطاب الدولي حول الأزمة سجل تصاعداً. والدول الغربية رفعت مستوى حضورها في بداية الجولة الجديدة أمام المجلس.

أحبط الفيتو مشروع القرار العربي – الغربي. ثمة من رأى أن روسيا أرادت استخدام الأزمة السورية لإطلاق أزمة كبرى في العلاقات الدولية. أرادت أن تبعث برسالة الى الولايات المتحدة أنها ليست طليقة اليدين في الشرق الأوسط ومجلس الأمن. وأنها لا تستطيع الاتكاء على الشرعية الدولية للمساهمة في تقويض نظام واستكمال رسم ملامح منطقة. وأن روسيا لا تستطيع التساهل في مصير آخر موقع لها في الشرق الأوسط وتحديداً على خط التماس العربي – الإسرائيلي.

ورأى آخرون ان الصين أرادت بدورها القول إن على الولايات المتحدة أن تلجم اندفاعها وأن تفكر في مصالح الآخرين. وأن الصين تتعاطى مع الأزمة السورية وعينها على ايران ومصالحها هناك ومصادرها من النفط الإيراني. وأن الصين تفكر في العقود المقبلة ومخاطر أن تسقط بحيرة نفط الشرق الأوسط بكاملها تحت النفوذ الأميركي. وأن هذا السقوط سيضع قيداً على صعود العملاق الصيني.

ثمة من اعتبر أن الأزمة الروسية – الأميركية الحالية هي من قماشة الأزمات الكبرى وتكاد تشبه أزمة الصواريخ الكوبية في بداية الستينات. ولمح هؤلاء الى أن تلك الأزمة انتهت بسحب الصواريخ السوفياتية من كوبا مقابل تعهد الولايات المتحدة بعدم التدخل عسكرياً لإطاحة نظام فيديل كاسترو. لكن الحقيقة هي أن الأزمة مختلفة بموقعها وحدّتها، والفاصل بين الأزمتين نصف قرن، وموسكو الحالية هي موسكو الروسية وليست السوفياتية، وأن «الحرب الباردة» جرت في ظل موازين أخرى.

ثمة من توقف عند جانب آخر. اعتبر هؤلاء أن الجانب الأميركي لم يكن غافلاً عن أن الجانب الروسي سيلجأ الى استخدام حق النقض. وأنه دفعه متعمداً الى هذا الموقف الذي يضع روسيا في مواجهة ائتلاف عريض يمثل الغالبية. وأن موسكو اضطرت عملياً الى الوقوف ضد إرادة الجامعة العربية. وبدت معادية لـ «الربيع العربي» لأنه ينجب إسلاميين كلما سقط نظام وفتحت صناديق اقتراع. وأن موسكو ستدفع بالتأكيد ثمن اصطدامها بالمشروع العربي – الغربي. ومنذ لحظة التصويت ارتفعت أصوات غربية وعربية تحمّل روسيا مسؤولية أي انزلاق سوري الى حرب أهلية مفتوحة واتخذت منظمات دولية موقفاً مشابهاً.

واضح أن روسيا تريد أن تكون عرابة الحل أو مفتاح الحل. وأنها تتطلع الى صيغة تحفظ النظام مع إدخال إصلاحات عليه. صيغة تحول دون انهيار المؤسسات وخصوصاً الجيش وما يعنيه بالنسبة الى التركيبة السورية. بقاء المؤسسات يتيح لروسيا الاحتفاظ بقدر من مصالحها ودورها، خصوصاً إذا انتزعت حق رعاية الحوار أو المرحلة الانتقالية.

تستطيع سورية في المقابل الحديث عن وفاء الحليف الروسي. وأن موسكو لن تسمح بتمرير قرار في مجلس الأمن يدعو الى تنحي الرئيس بشار الأسد أو يبرر تدخلاً عسكرياً، وهو غير مطروح حالياً، أو فرض عزلة دولية كاملة على النظام. لكن سورية تدرك في الوقت نفسه أن وضعها الدولي بات معلقاً بالخيط الروسي، ولمثل هذا الوضع ثمن لا بد من دفعه.

لروسيا مصالح في سورية ولكن لها مع الغرب لائحة طويلة من المتاعب والمطالب والملفات والمصالح. من هنا تبدو زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس أجهزة الاستخبارات الخارجية ميخائيل فرادكوف الى دمشق غداً شديدة الأهمية. لا بد من الانتظار لمعرفة ما سيطلبه لافروف من الأسد. أغلب الظن أن موسكو ستطلب ما يساعد على تحريك عملية البحث عن حل وما يجنب البلدين عزلة إقليمية ودولية. ستطلب موسكو ثمناً لموقفها في نيويورك. والطريق الى الحل لا بد من أن يكون قريباً مما طرحته الجامعة العربية مع شيء من التعديلات. إن السؤال الملحّ الآن يتعلق بحقيبة لافروف. بأي مطالب سيصل الى دمشق وبأي أجوبة سيعود منها؟ لا تستطيع دمشق التعامل مع حقيبة لافروف كما تعاملت مع حقيبة نبيل العربي.


ومن ضمن التعليقات على إفتتاحية الحياة، التعليق التالي باسم عادل الشّركسي:

حقيبة لافروف

الدولة الروسية الحالية هي وريثة شرعية للإمبراطورية القيصرية الروسية والإتحاد السوفياتي المقبور. إن المتابع للسياسة الروسية على مدى عشرات السنوات الماضية يجد طابعا يمزج بين الإنتهازية والطمع وحب السيطرة على الآخرين وعلى غرار ما تفعله وتتصرفه مع اكثر من مئة قومية مختلفة نجد أكثر من عشرين منها في القوقاز الذي تسيطر عليه روسيا رغما عن إرادة الشعوب المغلوبة على أمرها.
إن أسباب تصرف روسيا غير المستغرب هو إبقاء نفط الشرق الأوسط خارج السيطرة الغربية حسب تصورها من خلال المراهنة على محور إيران-سوريا الأسد واستثمار فوزها بالتسهيلات في الموانئ السورية، وكذلك في محاولة يائسة لإيقاف قطار الربيع العربي المندفع في سوريا حيث ترمي إلى إرسال رسائل للمعارضة الروسية التي قررت اتباع نهج ثورات الشّارع العربي كأسلوب للمطالبة بالحقوق الإساسية للإنسان في روسيا.

يجب منح الشعوب حق تقرير مصيرها.

http://international.daralhayat.com/internationalarticle/359044

Share Button

شرارة الحرب الأولى على شيركيسيا – وليد هاكوز

شرارة الحرب الأولى على شيركيسيا – وليد هاكوز

 

sp-300x263

بعد إنتهاء الحرب الروسية التركية خلال 1735 – 1739 ، وعلى الرغم من انتصار روسيا ، إلا ان إنسحاب حليفتها النمسا من الحرب أضعف موقف روسيا . كما أن العلاقات الروسية السويدية تدهورت بشلك سريع ، مما أجبر روسيا للتراجع عن مواقفها على شروط المعاهدة ، والتي أشرف عليها ممثل الحكومة الفرنسية الماركيز دي فيلنوف ، لتوافق روسيا مرغمة على توقيع معاهدة بلغراد للسلام في 18 ايلول 1739 .

وبوجب تلك المعاهدة منحت روسيا الأراضي الواقعة حول حوض نهر الدون الذي يصب ببحر آزوف ، والمحاذية للأراضي الشركسية ، وقامت بتوطين شعوب قوزاق فيها ، كما أعطتها الحق ببناء قلعة ديمتريسك قبالة قرية (آزوف) ، وبالمقابل منحت الأتراك الحق ببناء قلعة عند مصاب نهر كوبان على بحر آزوف عند قرية (تيمروقة) . ومن جانب آخر ، تم الإعتراف بإستقلال بلاد القبردي والتي كانت عمليا محتلة من قبل روسيا منذ العام 1557 ، وإعتبار تلك الأراضي الشركسية محايدة وحاجزا طبيعيا بين روسيا وتركيا . وإنشر الجيش الروسي شرقا وأقام قلعة (كيزلار) القريبة من بحر قزوين ، وبدأت القوات الروسية ببناء القلاع والحصون العسكرية في إتجاه الغرب ، وأصبحت قريبة من قرية (مزدوق) . وكان ذلك تمهيدا لإنطلاق الشرارة الأولى للحرب التي شنتها روسيا على شيركيسيا لاحقا ، بعد 24 عاما من تلك المعاهدة .

ففي العام 1759 ، قام الأمير (كورغوقة قانشاو) أحد أمراء (الجلاخستنّي) من قبيلة القبردي بتوثيق إتصالاته مع الإمبراطورة الروسية (إليزابيث) ، وأعلن تنصره وإعتناقه للديانة المسيحية ، وأصبح إسمه الأمير (أندريه إيفانوف) . وفي منتصف عام 1762 ، وعند تولي الحكم الامبراطورة (كاترينا) ، قامت بمساعدته لتحديث القرية ، حيث شيدت فيها كنيسة أرثوذكسية ، وأصبحت مركزا عسكريا ، وكان لها الدور الهام في إشعال شرارة الحرب الروسية الشركسية ، وإستمرت قرنا من الزمان .

وفي عام 1762 ، وصل خط القلاع الحصون العسكري إلى محيط قرية (مزدوك) الشركسية ، سرعان ما إندلعت الإشتباكات بعد رفض قبيلة القبردي التواجد العسكري على أراضيهم . وفي العام 1763 أرسلت الأمبراطورة (كاترينا) قوات عسكرية بقيادة الأمير (بوتيومكين) ، فأقام قلعة (مزدوك) العسكرية وسوى محيطها ، ثم أقام خطا عسكريا سمي خط القوزاق وإمتد لمسافة 466 ميلا ، كما أقام عليه خمسة تحصينات عسكرية ، الذي شكل نواة خط آزوف – مزدوك على طول الحدود مع شيركيسيا . وأدت تلك الأعمال إلى وقوع النزاعات والإشتباكات مع الشركس ، وشكل الشرارة الأولى لشن الحرب الروسية على شيركيسيا .

sp2-300x271

رفضت المقاومة الشركسية التواجد الروسي العسكري والآخذ بالإزدياد . وفي العام 1770 تم طرد عدد كبير من سكانها الشركس الأصليين ، وجلب 517 عائلة من شعوب قوزاق الفولغا للإستيطان فيها ، وأقيمت فيها الورش الصناعية العسكرية ، وصارت مركزا لقيادة قوات المليشا القوزاقية ، ليصبح عدد سكانها 8760 نسمة في ذلك العام . وتصاعدت هجمات المليشيات القوزاقية المتكررة على القرى الشركسية الحدودية ، مما دفع بالشركس بصد تلك الغارات القوزاقية . ففي 11 / 7 / 1772 ، إنتفض شعب القبردي بقوة بلغت تعدادها نحو 8,000 فارس بقيادة الأمير (دولت جيري) وهاجمت قلعة مزدوك العسكرية ، أصيب فيها قائد الحامية القوزاقي (بلاتوف) بجروح بليغة .

وإثر إنتهاء الحرب العثمانية والروسية في 1774 ، وتوقيع معاهدة (كوتشوك قينجارة) للسلام بينهما في 10/7/1774 ، إجتاحت القوات الروسية بقيادة الجنرال (ميديم) أراضي القبردي ، وأصبح كامل أراضي القبردي الصغرى (الجلاخستنّي) تحت الحكم الروسي في 13/1/1775 . وفي خريف عام 1777 جاء الجنرال (ياكوبي) قائدا عاما للقوات الروسية في المنطقة ، وسميّت قواته بالجيش القوقازي ، وبنى قلاعا جديدة لتعزيز خط آزوف – مزدوك ، لتمتد من قلعة (مزدوك) شرقا وحتى قلعة (ديمتريفسك) غربا قرب قرية (آزوف) .

وأصبح يتشكل من القلاع والحصون التالية : (مزدوك) – (باولودولسك) – (إيكاترينوغراد) – (بروخلادنة) – (سالداتسك) – (باولوفسك) – (غيورغيفسك) – (أليكساندريوسك) – (شوخوبادينسك) – (ٍسابيتيا) – (أليكساندروفسك) – (كالينوفسك) – (سيرغيفسك) – (باسوفايا باتكا) – (ألتميرافسك) – (ستافروبول) – (موسكوفسكايا) – (دونسكايا) – (بيتوباتوني) – (بروفيرادنة) – (كالافشكايا) – (ياتروتسكوي) – (بيختيخانيا- كوبانيا) – (سريد إيغورليتسكايا) – (ميتيختنيا) – (كروقة لانيتسكايا) – (باتايسكايا) – و (ديمتريسكايا) .

وخلال 1776 تقدمت القوات الروسية من قلعة (ديمتريسكايا) في شمال شيركيسيا ، وكانت تسمى جيش كوبان بقيادة الجنرال (أنجليس سوفروف) ، وتوغلت داخل الأراضي الشركسية وإحتلت قرية (بجادوغ حابلة) ودمرتها ـ وأقامت حولها قلعة (إيكاترينودار) في العام 1777 ، ثم إتجهت إلى قرية (أنة كوبل) ، وتقدمت نحو قلعة (تيمروك) ، ثم قرية (تامان) ، وأقامت قلعة (فاناغوريا) . كما حاولت إختلال قلعة (أنابة) ولكنها فشلت . وأصبحت القوات الروسية تتواجد على الضفة الشمالية لنهر كوبان وحتى مصابه في البحر الأسود .

وتم بناء خط كوبان العسكري خلال خمسة سنوات ، وأصبح يمتد من قلعة (فاما غوريا ) غربا وعلى طول أمتداد نهر كوبان شرقا ، ليتصل مع خط أزوف – مزدوك عند قلعة (ستافروبول) شرقا ، وأصبح خط كوبان العسكري يتكون من قلاع : (فاماغوريا) ، (تيمروك) ، (بيتروفسك) ، (بروتوزك) ، (كوبيل) ، (كاراكوبينسك) ، (إيفانوفسك) ، (ميشاستوفسك) ، (إيكاترينودار) ، (فارونيشسك) ، (لادوشك) (لابينسكايا) ، (تيبليسيكايا) ، (كازانسكايا) ، (كافكازسكايا) ،

sp3-300x219 (1)

ثم تم بناء قلاع : (تيميشسبيرغ) ، (غريغوريفسك) ، (بروتشنيبكوب) (أوبيشنايا) ، (نيكولايفسك) ، (بورسكوفسكايا) ، (نيفينوميسك) ، (بيلوميشيسك) ، (بيطال باشينسك) ، (أوست تشيغوتا) ، (أخماتوك) ، (بورغوستان) ، و(كيسلافودسك) ، الذي أمتد شرقا ليتصل مع قلاع (يسنتوكسكايا) ، (كوستاتينوغوريا) ، و (غيورغيفسك) ليتصل مع خط آزوف – مزدوك . كما إمتد جنوبا إلى قلاع وحصون : (كامينوموست) ، (باخسان) ، (تشيقيم) ، (نالتشيك) ، (أورفان) ، (تشيريك) ، ليلتقي مع خط القوزاق عند حصن (أورتشيريكسك) .

وفي العام 1782 ، قام الأمير (بوتيوميكن) بضم شبه جزيرة القرم لروسيا ، وأصبحت محافظة روسيىة . وطلب الإجتماع بشعب النغوي والتتار الذي تجمع بالآلاف في منطقة على شاطئ بحر آزوف وتسمى حاليا (آيسك) ، وأعلن رضوخ خان القرم (شاغين جيري) آخر ملوك القرم ، وتنازله عن كل الحقوق والإمتيازات الممنوحة له بحكهم . وبعد خطابه ، أعلنوا الولاء والطاعة لروسيا ، وتم تجهيز الولائم إحتفالا بهذه المناسبة ، حيث نحر 100 من الأبقار ، و 800 من الماشية . وبعد تلقيهم كمية ضخمة من الروبلات الذهبية ، أقسموا بالوعد للعمل على مساعدة الروس في منطقة النغوي التي إستوطنها أبناء جلدتهم سابقا ، وتقع إلى الشرق من أراضي قبيلة (المخوش) الشركسية منذ العام 1775 ، وإنتهى الحفل بسباق للخيل .

وقامت روسيا بتوطين شعوب القوزاق في تلك المناطق الشمالية لشيركيسيا . وقامت هذه الشعوب لاحقا بالعمل على مساعدة الروس ضد الشركس . كما بوشر العمل بإقامة خط كوبان العسكري المنيع بقلاعه وتحصيناته ، إضافة للمستعمرات التي أقيمت حولها ، حيث تم توطين 350 عائلة من قوزاق الدون في المناطق الساحلية لبحر آزوف ، تماما كما جرى توطين شعوب قوزاق الفولغا و القالمق أيضا في مناطق بلاد القبردي في شرق شيركيسيا .

أصبح شرق وشمال الأراضي الشركسية الآن محتلة بالكامل ، وتمركزت القوات الروسية على طول الخط العسكري الممتد من مدينة مزدوك شرقا ، وحتى مدينة أنابة غربا ، بينما كان الشراكسة في تلك الأثناء منهمكون في مقاومة هجمات القوزاق في بلاد القبردي بالشرق ، وفي بلاد البيسلاني والمخوش في المنطقة الشرقية الشمالية ، وفي بلاد التيمرجوي والبزادوغ في الشمال ، حيث كانت تدّمر القرى الشركسية ، وتسرق مواشيها وتحرق حقولها الزراعية .

وفي العم 1784 ، تقدمت القوات الروسية في عمق بلاد القبردي جنوبا إلى بلاد الأسيتين لتبني قلعة (فلاديكافكاز) ، وتبني خطا عسكريا آخر سمّي خط القوزاق ، ربط قلعة (إيكاترينوغراد) مع قلعة (فلاديكافكاز) . وفي شهر أيآر 1785 عيّن الأمير (بوتيوميكن) كنائب للإمبراطور الروسي على القفقاس ، وجلب معه الألمان وأقام المستعمرات الألمانية فيها ، وتقدم شرقا من قلعة (مزدوك) لتبدأ عملية غزو بلاد الشيشان .

وفي عام 1787 قامت الحرب الروسية – التركية مجددا ، وبدأت فعليا المرحلة الثانية من الحرب الشركسية الروسية ، حيث سقطت قلعة (أنابة) الساحلية نهائيا في أيدي الروس في 1891 بعد حصار طويل ومعارك باسلة لقوات المقاومة الشركسية . وتم تعزيز خط البحر الأسود العسكري على طول ساحل شيركيسيا ، ليكتمل خط الطوق البحري من قلعة (أنابة ) شمالا إلى قلعة (أدلر) جنوب سوشي في العام 1792 ، وتصبح شيركيسيا مطوّقة كليا .

كما أمتد الخط العسكري البحري ليرتبط مع القلاع التي شيدت على سواحل أبخازيا وجورجيا أيضا ، وتم تعزيزه بالمستوطنين من شعوب قوزاق الذي جلبوا من الفولغا ، الدون ، والدانوب . وبعد إحتلال جورجيا في 1801 ، أصبحت مركزا لقيادة القوات العسكرية الروسية التي شنت منها هجماتها لاحقا على شيركيسيا . وهكذا ، وبعد أن تم إحتلال نصف أراضي شيركيسيا ، إنتقلت الحرب إلى مرحلتها الجديدة ، وكانت أكثر قساوة بعد 38 عاما من بدء شرارة الحرب التي إنطلقت في 20 / 5 / 1763 . وأستمرت الحرب الشركسية – الروسية بعد ذلك 63 عاما أخرى ، لتنتهي الحرب البشعة نهائيا بسقوط شيركيسيا في 21 / 5 / 1864 ، وتصبح تحت الإحتلال الروسي الغاشم حتى يومنا هذا ، وأدت نتيجتها إلى تهجير الأمة الشركسية بأبشع وسائل التطهير العرقي والإبادة الجماعية .

وليد هاكوز
تورونتو – كندا

Resources
John Frederick Baddely. The Russian Conquest of the Caucasus, London – 1908.
Plokhotnyk. T., “The Formation of German Colonies in the North Caucasus”, Journal of the American Historical Society of Germans from Russia – 2000.
T. B. Armstrong. Travels in the seat of war, during the last two campaigns of Russia and Turkey, London – 1831.
History of the USSR from ancient times to the present day. Moscow – 1967.

نقلا عن: موقع الأخبار الشركسية

http://www.circassiannews.com/?p=7750

Share Button