بوتين: قيصر روسيا الذي اختارته التايم ابرز شخصيات

_42668389_mahmoud_elkassas_56

        محمود القصاص     

بي بي سي، لندن


تعددت مفاجآت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال عام 2007. فقد فاجأ الكثيرين عندما اعلن عن خوضه الانتخابات البرلمانية على رأس قائمة حزب روسيا المتحدة، والتي فاز فيها الحزب باكثر من 80% من مقاعد مجلس النواب الروسي (الدوما).

وفاجأ بوتين المراقبين مرة اخرى عندما اعلن انه يقبل العمل رئيسا لوزراء روسيا بعد ان يغادر منصب الرئاسة في شهر مارس/آذار 2008، وبعد ان رفض تعديل الدستور ليستمر في الرئاسة لاكثر من دورتين.

 

بوتين استطاع اعادة الاستقرار والنمو الى روسيا

واستمرت الاثارة على الساحة السياسية الروسية مع اعلان بوتين دعمه لديميتري ميدفيديف لخوض انتخابات الرئاسية مرشحا عن حزب “روسيا المتحدة”. وكان رد ميدفيديف هو مطالبة بوتين بان يقبل منصب رئيس وزراء الحكومة القادمة.

وميدفيديف، الذي يبلغ عمره 42 عاما، هو احد اقرب مساعدي بوتين. فقد عمل مع بوتين في مجلس مدينة سانت بطرسبورج (لينينجراد سابقا)، التي ينتمي اليها الرجلان. كما تولى ميدفيديف ادارة الحملة الانتخابية لبوتين، وتولى رئاسة فريق العاملين معه في الكرملين. ولاينتمي ميدفيديف الى المؤسسة العسكرية او جهاز المخابرات الروسي الذي عمل به بوتين فترة طويلة.

ويعني هذا ان بوتين سيستمر الرجل القوي في روسيا بعد ان يغادر مقعد الرئاسة. وفي الايام الاخيرة من عام 2007 فاجأت مجلة التايم الامريكية قرائها باختيار بوتين شخصية العام على الرغم من الانتقادات المكررة من وسائل الاعلام الامريكية له.

انجازات اقتصادية وسياسية

لا شك ان حضور بوتين الطاغي على المشهد السياسي في روسيا يعكس الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها بين الجماهير، وهي شعبية يقر بها مؤيدوه وكثير من معارضيه، ويعكس ايضا تأييد الكثير من القوميين الروس لجهود بوتين في اقامة دولة قوية مستقرة يكون لها وزن دولي يتناسب مع ما تتمتع به روسيا من امكانيات هائلة.

 

ميدفيديف يحمل الطاعة والولاء لبوتين

ويرجع هذا التأييد الى ما استطاع بوتين ان يحققه من انجازات اقتصادية وسياسية خلال فترة رئاسته التي بدأت عام 2000.

وحسب بيانات مجلة “الايكونوميست” البريطانية بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الاجمالي في روسيا نحو 7% سنويا ابتداء من عام 2000، الامر الذي يعني زيادة هذا الناتج بنحو 50% خلال سبع سنوات من حكم بوتين.

والاقتصاد الروسي حاليا هو احد اكبر عشر اقتصاديات في العالم. كما تمتلك روسيا حاليا اكثر 500 مليار دولار من احتياطيات النقد الاجنبي مقابل لاشيء تقريبا عام 1998. وبلغت الاستثمارات الاجنبية نحو 45 مليار دولار.

وانعكس هذا على ابناء الطبقة المتوسطة في روسيا، اذ تحسن مستوى معيشة كثيرين منهم خلال فترة حكم بوتين.

استطاع بوتين ايضا اعادة سيطرة الدولة على مجموعة من القطاعات الهامة خاصة قطاع النفط والغاز، وهو امر استفادت منه الخزانة الروسية كثيرا مع ارتفاع سعر النفط من 15 دولارا للبرميل، قبل ان يتولى بوتين الحكم، الى اكثر من 90 دولارا للبرميل في عام 2007.

 

بوتين على غلاف التايمز التي اختارته ابرز شخصيات العام

على المستوى السياسي نجح بوتين في وقف التدهور والتخبط الذي عانت منهما روسيا في نهاية حقبة التسعينات. واستطاع تكوين ادارة قوية. وبدلا من تراجع دور روسيا دوليا، عادت تلعب دورا مؤثرا، وظهر حضور موسكو في عدة ملفات هامة تعارض فيها الموقف الغربي مثل ملف كوسوفو وملف البرنامج النووي الايراني.

وحسب ما ترى مجلة التايمز فان قيادة بوتين لروسيا نجحت في فرض الاستقرار على امة لم تعرف الاستقرار لحقب طويلة، ونجحت في اعادة روسيا كقوة عالمية.

ولهذا السبب قررت مجلة التايمز اختيار بوتين كابرز شخصية في عام 2007. ولا يعني هذا، كما تقول المجلة، تأييدا او معارضة لبوتين، ولكن تعني اعترافا بتأثيره الواسع على الاوضاع في دولة بحجم واهمية روسيا.

قمع المعارضين

على ان الصورة لا تكتمل الا بالنظر الى الجوانب السلبية من حكم بوتين، من بينها الاتهامات بتضخم ثروته التي يرددها معارضوه، والتي اوردتها وسائل الاعلام الغربية في عدة تقارير.

من بين هذه التقارير ما نقلته صحيفة الجارديان البريطانية عن المحلل السياسي الروسي ستانيسلاف بيلكوفسكي، نقلا عن مصادره الخاصة في الكرملين، من ان بوتين تمكن خلال فترة حكمه من جمع ثروة تبلغ نحو 40 مليار دولار.

ويقول بيلوفسكي ان بوتين يمتلك اسهما في ثلاث شركات غاز ونفط روسية، من بينها شركة “غازبروم” العملاقة للغاز، تديرها شبكة من المؤسسات والهيئات الدولية يتحكم فيها اصدقاء بوتين.

ويضيف بيلوفسكي ان بوتين ليس الوحيد الذي يمتلك ثروة هائلة بل هذا هو حال مجموعة كبيرة من المحيطين به الذين يحققون مكاسب هائلة من صفقات النفط والغاز. وما ردده بيلوفسكي عرضته صحيفة الجارديان على المتحدث باسم الكرملين فرفض التعليق عليه.

بالاضافة الى ما سبق فان حكم بوتين اتصف بقمع المعارضين بقسوة. ففي عام 2007 تم اغتيال صحفية روسية بارزة هي آنا بوليتكوفسكايا التي اشتهرت بانتفاداتها للكرملين ولاوضاع حقوق الانسان في الشيشان.

واشار مناصروها باصابع الاتهام لاجهزة الامن الروسية. وقبلها تم اغتيال الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتيفينينكو، المعروف بانتقاداته لبوتين، في لندن عن طريق التسميم بمواد مشعة.

وخلال الانتخابات البرلمانية الاخيرة في روسيا شكت الاحزاب المعارضة من عدم حصولها على فرصة حقيقية في وسائل الاعلام التي تسيطر عليها الدولة، وشكت من ان امكانيات الدولة وضعت في خدمة حزب روسيا المتحدة الذي يتزعمه بوتين.

مجلة التايمز تقول ان بوتين ليس ديمقراطيا بالشكل الذي يعرفه الغرب، وليس مناضلا في سبيل حرية التعبير، وانما هدفه الاول هو استقرار الدولة، وهذا الهدف اهم عند بوتين من الحرية.

قد تختلف مع منهج بوتين او تتفق معه لكنه بلاشك حقق هدفه الاساسي، وهوبناء دولة قوية مستقرة، ويبقى التحدى الاساسي امامه هو الابقاء على استقرار هذه الدولة وادخال اصلاحات على نظامها تجعلها اكثر عدلا وحرية.

 

 

 

 

 

Share Button

اترك تعليقاً