الكونجرسُ الشركسي يَدْعو إلى توحيدِ الجمهورياتِ الشركسية في شمال القوقاز.
بقلم : فاطمة تليسوفا.
North Caucasus Weekly 27/11/2008
مؤتمر استثنائي للشعب الشركسي اقيم بتاريخ يوم الاحد الموافق 23/11/2008 في مدينة تشيركيسك عاصمة جمهورية قرشاي/شركس ، المؤتمر تم تحديده والاعلان عنه عدة مرات ، وقبل عدة ايام من المؤتمر ، زعيم الشراكسة في الجمهورية السيد محمد تشيركيسوف تم استدعائه من قبل الدائرة الرئاسية للادارة الروسية المعنية بالمفاوضات والاستشارات ، وكان السيد تشيركيسوف قد رفض التعليق او اعطاء اية معلومات عن مضمون اجتماعاته في الكرملين قائلاً ان الوقت ما يزال مبكراً على ذلك.محمد تشيركيسوف تحدث لوسائل الاعلام عن الاجتماعات القصيرة التي عقدت قبل المؤتمر مع ادارة الجمهورية في قرشاي/شركس الممثلة برئيس الجمهورية واحد مستشاريه القانونيين ، ووفقاً لسيد تشيركيسوف فانه تم مناقشة مشروع القرار الذي سيتبناه المؤتمر واعلم من قبل رئاسة الجمهورية ان هناك بعض المواضيع المعينة يجب ان لا يتم ادراجها على جدول الاعمال او على مشروع القرار وان عدم التعاون سيؤدي الى تحمل العديد من التبعات القانونية.السيد تشيركيسوف اوضح ان الموضوع الذي يجب ان لا يدرج على جدول الاعمال او على مشروع القرار هو المتعلق بالدعوى الى دمج الاراضي الشركسية واقامة جمهورية تشيركيسا ضمن الفدرالية الروسية. ورغم التحذيرات ، فان الاقتراح لاعادة توحيد تشيركيسيا كان هو الموضوع والعنوان الرئيسي لمناقشات المؤتمر (جوهر المشروع هو اعادة توحيد ودمج ثلاث جمهوريات ومنطقة من شمال القوقاز حيث الشركس يشكلون الأغلبية المهيمنة عرقياً،وتتجه شرقا ، وتشمل منطقةالشابسوغ في سوتشي وجمهورية الاديغية وقرشاي/شركس وقباردينو/بلقاريا، هاتين الجمهوريتين الاخيرتين ، يتقاسمهما الشراكسة مع الشعوب المنحدرة من اصول تركية(القرشاي والبلقر) حيث توخى المشروع فصل القرشلي وبالكاريا من شركيسيا ودمجهم في جمهورية واحدة. والجدير بالذكر بان هذا الاقتراح الداعي لاعادة تشيركسيا العظمى تمت مناقشته بصورة واضحة وصريحة من قبل المجتمع الشركسي في الفدرالية الروسية بعد ان كان خلال الحقبة السوفيتية يعتبر دعوة الى النفصال والتطرف،كان من الواضح أن الجيل القديم من القادة الشراكسة ارادوا اقتصار جدول اعمال المؤتمر لمناقشة مشاكل الشركس في الفرشاي/شركس. حيث قام الرئيس المعين من الكرملين بوريس إبزييف(من القرشاي) بحرمان الشراكسة من منصب رئاسة الوزراء الذي عادة ما يمنح لهم لموازنةالتوزيعات العرقية في الجمهورية الجمهورية (وبدل من ذلك عين شخص من اصل يوناني)،المحتوى العام للمؤتمر ‘الخطاب الرئيسي ، والتي تحدث عنها العضو السابق في الحزب الشيوعي السيد عمر تيمروف ، اقتصر على القضايا الداخلية التي تواجه الشركس في القرشاي/شركس ، بيد أن هذه المحاولات الرامية إلى الحد من جدول الأعمال للمؤتمر تم إحباطها من قبل الحاضرين الأصغر سنا. ما يقرب من 1500 من الشباب الشركس من عدد من الجمهوريات جاؤوا من غير دعوة الى المؤتمر ومن غير أي موافقات من جانب كبار السن،وقاموا بعقد منتدى الشباب المستقل قبل البدء بالمؤتمر .الشباب الحاضرين دخلوا قاعة المؤتمر مرتدين الزي التقليدي الشركسي وحاملين الاعلام والرايات الشركسية. واتبعوا العادة الشركسيةالقديمة في النفخ في بوق مصنوع من قرون الحيوانات حيث كان الشراكسة قديماً يقومون بهذا الامر للدعوى الى الاجتماع في اوقات الازمات والخطر ، ولقد قام الشباب بالحاضرين للمؤتمر بتقليد اجدادهم والنفخ في البوق المصنوع من قرون الحيوانات الاعلان عن بداية المؤتمر بعد كلمة عمر تيمروف ، الكلمة ذهبت إلى رسلان كيشيف ، زعيم حركة المؤتمر الشركسي للشباب من نالتشيك. كيشيف تلا قرار من الكونجرس الشركسي للشباب الذي دعا إلى تشكيل جمهورية تشيركيسياالمتحدة،وقال” ان الاقتراح الذي تقدم به المؤتمر الشركسي للشباب لا يتعارض مع الدستور الروسي ؛ على العكس من ذلك ، يتبع استراتيجية توحيد الإقليمية التي أطلقتها إدارة الرئيس السابق بوتين والمتابعة من جانب الرئيس الحالي ميدفيديف ،واضاف كيشيف. “من غير المقبول خفّضْ التحديات التي يواجهها شعبنا لحفنة من الحقائب الوزارية ، ونحن لن تسمح بذلك. اذا كانت موسكو لا تريد ان نستجيب ،فانه ينبغي لها ان تدرك جيداً اننا (اي الشراكسة) لم نعد نستطيع تحمل مثل هذا الوضع لشعبنا في روسيا َ ” كلمة السيد كيشيف قوبلت بالتصفيق الحاد وهيجان جماهيري كبير،
من الصعب التنبؤ برد فعل الكرملين على تزايد المشاعر القومية للشراكسة. الا انه اثنين من السيناريوهات تتبادر إلى الذهن. الخيار الأول هو تقليدي، حيث يمكن توقع ان تقوم روسيا باذكاء موجة من العداء للشراكسة وتأجيج للمشاعر سوف ترتفع داخل الجمهوريات التي يتقاسمها الشراكسة مع غيرهم من المجموعات العرقية. ومن الممكن تماما أن يعلن القوزاق والبلقر والقرشاي معارضتهم لاقامة شيركيسيا. في أفضل السيناريوهات ،فان هذه المواجهة سوف تنتهي بخطابات التهديد المتبادلة بين الاطراف وفي أسوأ سيناريوهات فان موسكو سوف تضطر إلى التعامل مع انغوشيا ثانية. إذا ، في هذه الحالة، موسكو ليس لديها مصلحة في اندلاع صراع بين الأعراق المختلفة،حيث يمكن تكرار ما حدث في الفترةمابين 1993-1994 ، عندما توصل الشركس والقوزاق القرشاي والبلقر ، الى اتفاق وأعلن عن إنشاء ثلاث جمهوريات مستقلة: شيركيسيا ، القرشاي – بلقر الجمهوريات القوزاقية، ورفض الكرملين بعد ذلك البرنامج ، ولم تستكمل المفاوضات بين الاطراف .
الخيار الثاني أن الكرملين قد يتجه فعلاً للانشاء حمهورية فعلية للشراكسة في شمال القفقاس حيث قدتجبر عدة عوامل الحكومة الروسية على اعادةحساباتها نظراً لوجود عدة تحديات ذات طابع دولي تواجهها بما في دورة الألعاب الأولمبية المقبلة في سوتشي، وجورجيا ومنظمة حلف شمال الأطلسي والقضايا البحر الأسود ،و إمارة القوقاز والعلاقات مع تركيا وغيرها من بلدان الشرق الأوسط ، حيث المجتمعات الشركسية المحلية لها تأثير على السياسة الخارجية وهناك عدة دلائل تشير الى امكانية رغبة موسكو في اعادة النظر في سياستها وتقديم بعض التنازلات للشراكسة في محاولة لاستمالةنخبهم السياسية وضمان دعمهم وولائهم لها.الهدف عدة علامات تشير إلى احتمال أن تكون موسكو قد يميل إلى النظر في إمكانية تقديم تنازلات إلى الشركس في ولائهم لتبادل ودعم من النخبة السياسية. المهجر وتفيد بعض المصادر من المهجر أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد عقد عدة اجتماعات مع أعضاء من المجتمعات الشركسية في تركيا ،وعدد من البلدان الأخرى. الا ان مضامين هذه الاجتماعات لم تنشر لغاية الان، بعد وقت قصير من ظهور اخبار حول وجودمثل هذه اللقاءات تم تعيين السيد جامبولات حاتوف من الإثنية الشركسية ، رئيساً لبلدية سوتشي التى تستضيف الاولمبياد الشتوية المقبلة. هذا التعيين هو خطوة غير عادية ، بالنظر إلى أن سياسة الهجرة من كراسنودار كراي ، التي تشمل سوتشي ، وكانت حتى الان تهدف الى الحد من وجود الشركس في منطقة البحر الأسود والمدن إلى أقصى حد ممكن. ولعل موسكو تأمل في أن تعيين حاتوف سيؤدي الى الاستثمار من جانب الشركس في البناء الأولمبي في سوتشي ، الذي هو مقاطع حاليا من قبل الشركات تركية لان الشراكسة يعتبرون موقع البناء مكان ارتكبت علية عمليات من الابادة الجماعية بحق الشراكسة.من حين للاخر تقارير وسائل الإعلام الروسية تشير الى أن هناك مجموعة داخل الكرملين تعمل جنبا إلى جنب مع قادة المجتمعات المحلية الشركسية في الخارج من اجل اقامة مشروع تشيركيسياعلى وجه الخصوص ، هذا ما ذكرته وكالة الانباء السياسية الروسية مؤخراً.وإذا كان أحد يعتقد أن موسكو ، التي تواجه إضعاف نفوذها في القفقاس ، تريد فعلا جعل شركس حليفا موثوقا ، لا عدو خطير ، وبالتالي فان فكرة اقامة شيركيسيا لا تبدو غير واقعي. وفي الوقت نفسه ، فإن الاقتراح يرافقه مخاطر واضحة ، على سبيل المثال ، فإن مسألة السيطرة على مثل هذه الجمهورية(اي شيركيسيا) تظهر هنا. الى متى ستبقى الجمهورية الجديدة التي تمتلك منفذاً على البحر الاسود وذات صلة قرابة وثيقة مع ابخازيا وتمتلك مهجراً يقدر بخمسة ملايين في الخارج ، ومساحة اكبر من سويسرا تريد البقاء داخل روسيا؟ ومن الممكن أن موسكو ربما تنظر في خيار الاتحاد مع شيركيسيا وفق معاهدة والتي من شأنها أن تعطي الشركس الاستقلال النسبي في حين تبقى موالية لموسكو ، ومن المؤكد أن هناك سابقة في هذا النوع من المعاهدات بين الشيشان المتمثلة بالزعيم الموالي للموسكو رمضان قديروف و الكرملين .