التّقارير والشّهادات عن الحرب الرّوسيّة – الشّركسيّة والإبادة الجماعيّة الشّركسيّة
ترجمة: عادل بشقوي
4 مايو/أيار 2009
التّقارير والشّهادات عن الحرب الرّوسيّة – الشّركسيّة والإبادة الجماعيّة الشّركسيّة
الدوق الأكبر مايكل (ميخائيل رومانوف ألكسندروفيتش): “نحن لن نترك واجباتنا معتقدين أن الجبليّين لا يستسلمون. القضاء على النّصف، والنّصف الآخر في حاجة إلى تدمير.”
رئيس الأركان العامّة لجيوش القوقاز مليوتين (ديمتري): “يجب علينا أن نرسل الجبليّين بالقوة إلى الأماكن الّتي نريد. إذا احتجنا، ينبغي لنا أن نرحّلهم / ننفيهم إلى منطقة دون. هدفنا الرئيسي هو إسكان الروس في المناطق المشرفة على جبال القوقاز. لكن يجب ألا نسمح للجبليّين أن يعرفوا ذلك.”
في رسالة بعثها إيرل يفديكيموف إلى وزارة الحرب في أكتوبر 1863 قال فيها: “يجب علينا الآن تنظيف قطاع الشّاطئ كجزء من خطّتنا للسّيطرة على غرب القفقاس” (من محفوظات تاريخ الدّولة).
المؤرّخ الرّوسي سولوجيين (من أصل أرمني): “نحن لن نتخلى عن قضيتنا فقط بسبب عدم إستسلام الجبليّين. كان يجب تحطيمهم للتّمكّن من أخذ أسلحتهم. العديد من القبائل أبيدت تماما خلال الحرب الدّمويّة. وبالإضافة إلى ذلك، العديد من الأمّهات كانوا يقتلون أطفالهم حتى لا يعطيهنّ لنا.
المؤرّخ الرّوسي زاهاريان (من أصل أرمني): “الشّركس لا يحبّوننا. ونحن نفيناهم من أراضيهم في المروج المفتوحة. لقد دمّرنا بيوتهم وتمّ إبادة العديد من القبائل تماما.”
المؤرّخ الرّوسي :ي.د. فيليسين: كانت تلك حربا حقيقيّة ووحشيّة. مئات القرى الشركسية أضرمت فيها النيران. وتركنا خيولنا تسرح فوق محاصيلهم وحدائقهم لتدميرها، وفي نهاية المطاف، تحوّلت الى أثر بعد عين.”
إيرل ليف تولستوي: “دخول القرى في الظلام أصبح أمرا عاديّا بالنّسبة لنا. الجنود الرّوس كانوا يدخلون المنازل واحدا تلو الآخر في الّليل وتحت جنح ظلام. هذه المشاهد وما تلاها كانت مشاهد مرعبة حيث أن أي من المراسلين لم يكن شجاعا بما فيه الكفاية ليذكرها.”
من مجموعة المعارضة ن. ن. ريفسكي: الأشياء الّتي فعلناها في القوقاز شبيهة جدا بالامور السّلبيّة التي فعلها الإسبان خلال الحرب في الأراضي الأميركيّة. وأتمنّى من الله عزّ وجل أن لا يدع أي علامات دم في التّاريخ الرّوسي.
في رسالة التّهنئة من القيصر الكسندر الثّاني إلى إيرل يفديكيموف: “لقد قمتم بتنظيف وتدمير الشّعوب الأصليّة المتمرّدة في غرب القوقاز في السّنوات الثّلاث الأخيرة. سنستطيع استرداد تكلفة هذه الحرب الدّموية الطّويلة من هذه الأراضي الخصبة في وقت قصير جدا.
“كتيبة روسيّة وبعد استيلائها على قرية توباه على نهر سوباشي، وكان يسكنها نحو مئة من الأبزاخ (قبيلة من الشّركس) بعد استسلام هؤلاء كأسرى، ذبحوا جميعا على يد القوّات الرّوسية. ومن بين الضّحايا كانت هناك إثنتان من النّساء في مرحلة متقدّمة من الحمل وخمسة أطفال. الكتيبة المذكورة تتبع إلى الجيش التّابع إلى كونت إيفدوكيموف (يفديكيموف)، ويقال بأنّها تقدّمت من وادي بشيش.”
“وفيما القوات الرّوسيّة تكسب الأراضي على الساحل، فإن المواطنين الأصليّين لا يسمح لهم البقاء هناك تحت أي ظرف، بل إنّها مضّطرة لتنتقل إما إلى سهول نهر الكوبان أو الهجرة إلى تركيّا”، الإشارة:
(F.O. 9-424, no 2, Dickson to Russell, Soukoum Kale,17 March 1864) .
جان كارول: “إن الإخضاع الرّوسي للقوقاز لهو مثال مرعب من أزمنة البربرية. استغرق ستّون عاما من الإرهاب العسكري والمذابح لكسر مقاومة الجبليّين القوقازيّين.”
حاخورات س. ي. – ليشكوف ل. س. في كتابهما بعنوان أديغايا: “إدارة القيصر رحّلت / نفت مئات الآلاف من الشّركس من وطنهم الأم في القوقاز. طردوا الأمم الجبليّة من وطنهم الأم عن طريق حرب دموية.”
الدّوق الأكبر مايكل: في نهاية الحرب، وعندما جاء الدوق الأكبر مايكل الى القوقاز، زاره الشّيوخ الشّركس وقالوا له إنهم هزموا، وطالبوا بأن يسمح لهم بالعيش في أراضيهم مع قبولهم بالإدارة الرّوسيّة. الجواب الّذي أعطاه الدوق الأكبر مايكل كان: “أنا أعطيكم مهلة شهر. في شهر واحد، إمّا أن ترحلوا إلى الأراضي التي ستعرض عليكم فيما وراء نهر كوبان، أو تذهبون إلى أراضي الأمبراطوريّة العثمانيّة. القرويّون والجبليّون الذين لا يغادرون المنطقة السّاحلية في خلال شهر واحد ستتم معاملتهم كأسرى حرب.”
صحيفة سان بطرسبرغ الرّوسيّة: “لقد بدأوا يهربون عبر السواحل التي خلّدت سابقا من قبل مقاومتهم ودفاعهم. لم يعد ثمة ما يدعى بشركيسيا.جنودنا سيعملون على تنظيف بقايا في الجبال في وقت قريب جدا والحرب ستنتهي في وقت قصير.
ديكابرست لورير: زاس، وبالقرب من معسكره، وعلى رأس تلّة صغيرة معدّة خصيصا، تمّ تثبيت رؤسا شركسيّة على أسنّة الرماح، وتركت لحاهم تحلّق في الهواء. كان مزعجا للغاية رؤية هذا المشهد. وفي يوم من الأيّام، وافق زاس على إزالة الرّؤوس عن الرّماح بعد طلب من سيّدة ضيفة، وكنا ضيوفه أيضا في ذلك الوقت. عندما دخلت غرفة الدراسة الخاصّة بالجنرال، صدمت برائحة قوية وتثير الاشمئزاز. تبسّم زاس وقال لنا إن هنالك صناديق تحوي رؤساء قد وضعت تحت سريره. بعدها سحب صندوقا كبيرا موجودا فيه رأسين يبدوان رهيبين وبأعين كبيرة. سألته لماذا يحتفظ بهما هناك. فأجاب: “أنا أقوم بغليها وأنظّفها وأرسلها إلى أصدقائي الأساتذة في برلين لدراسة التّشريح”.
النّساء القازاخستانيّات الرّوسيّات كانت تسير في ميادين القتال ويقومون بقطع رؤوس الرّجال الشّركس، بعد إنتهاء الحرب. الجنرال زاس، الألماني الأصل كان يدفع لهم مبلغا جيّدا من المال لفعل ذلك. إلى أنه حذّر من قبل مسؤوليه للإقلاع عن ذلك، واصل زاس غلي وتنظيف وإرسال عدد كبير من الرّؤس إلى برلين.
صحيفتي ترجمان أحوال وتصوير أفكار (ترجمان أحوال وصورة الأفكار): “الروس دمروا كل القوقاز. وأضرموا النّيران بالقرى. وكانوا ينفونالسّكّان الأصليّين من ديارهم بعد الحرب”.
المراسل الفرنسي أ. فونفيل: “كان هم البحّارة الكسب السّريع. كانوا يسمحون إلى 200-300 شخص في السفن التي لها قدرة على إستيعاب 50- 60 راكبا. الناس تركوا مع قليل من الخبز والماء. كان ذلك كل ما يستهلك في 5-6 أيّام، ثمّ داهمتهم الأمراض الوبائيّة من الجوع، وكانوا يموتون في الطريق إلى الإمبراطورية العثمانية، وهؤلاء الذين كانوا يموتون يتمّ إلقائهم في البحر. السفينة التي بدأت رحلتها مع 600 شخص وصلت ومعها 370 شخصا على قيد الحياة.”
قبائل الوبخ والفغت* كانوا سريعين بالرّكوب للتّوجّه إلى طرابزون. في واقع الأمر، بعد أن كانت أراضيهم قد خرّبت بالحديد والنّار، كانت الهجرة إلى تركيا هي البديل الوحيد المتاح لهؤلاء الجبليّين الذين يرفضون نقلهم إلى سهوب نهر كوبان والمساهمة دوريّا للميليشيا. الإشارة: (F.O. 881-1259, Dickson to Russell, Soukoum Kale, 13 April 1864)
معظم الأبخازيّين، كان الرّوس قد نهبوا منهم كل شيء قبل الشروع بالرّكوب وكان بالكاد قد سمح لهم بجلب ضروريات الحياة المسموح بها لفترة قصيرة. في العديد من القرى، وخاصة في منطقة زبلده، أحرقت مساكنهم بشكل عشوائي من قبل الجنود القوزاق والممتلكات الأخرى انتزعت بالقوّة أو بيعت لتجار روس بالإكره وذلك بأسعار رمزيّة. الإشارة: (F.O. 97-424, # 13, Palgrave to Stanley, Trabzon, 16 May 1867)
العقيد البولندي تيوفيل لابينسكي: “وضع النّاس المنفيّين كان يتحوّل الى كارثة. الجوع والأوبئة كانت في ذروتها. المجموعة الّتي وصلت إلى طرابزون انخفض عددها من 100000 إلى 70000 شخصا. 70،000 شخص وصلوا الى سامسون. حصيلة القتلى في اليوم الواحد كان نحو 500 شخص. وكان هذا العدد نحو 400 في طرابزون. 300 شخص في مخيم غريد، وعدد القتلى يوميا في أكاكيل وساريدير حوالي 120-150 شخص. الدكتور الايطالي بروزي في تقريره يذكر ملاحظتة الهامّة التّالية: الناس يحاولون البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة باستعمال الأعشاب وجذور النّباتات وفتات الخبز.”
الباحث الرّوسي أ. ب. بيرج: لن أنسى أبدا أل 17000 شخصا الّذين رأيتهم في خليج نوفوروسيسك، وأنا واثق من أنّ الذين شاهدوا وضعهم لن يستطيعوا إحتمال ذلك وحتما سينهاروا بغض النظر عن الدّين الّذي ينتمون إليه، سواء كانوا مسيحيّين أو مسلمين أو ملحدين. في الشّتاء البارد وفي الثلج ومن دون بيت ومن دون طعام وبدون أيّة ملابس مناسبة، هؤلاء النّاس كانوا في متناول أمراض التيفوئيد والتيفوس والحماق (جدري ماء). الرّضّع كانوا يبحثون عن الحليب في جثة الأم الميّتة. هذه الصّفحة الرّهيبة السّوداء من تاريخ روسيا سبّبت ضررا بالغا للتّاريخ الأديغي. والنّفى تسبّب في انقطاع في التّاريخ الاجتماعي والاقتصادي والتّطوّرات الثقافيّة وفي عمليّة أن يصبحوا اتحادا سياسيّا / كونفدراليّا موحّدا.”
المبعوث الإنجليزي إيرل نابيير: “السلاف وغيرهم من المسيحيين تم توطينهم في الأراضي التي أفرغت من الشّركس.”
القنصل الإنجليزي غيفورد بالغريف: “لقد تجوّلت عبر أبخازيا كلّها وذلك في يوم السابع عشر من نيسان / أبريل من عام 1867. ومن المؤلم جدا أن نشهد تدمير أراضي أبخازيا ونشهد إبادة الشعب الأبخازي الّذي ذنبه الوحيد أنّه غير روسيّ.”
القنصل الإنجليزي ب. ها. لانج: “عندما غادر 2718 شخصا ميناء سامسون للذّهاب إلى قبرص وصل منهم 853 وهم موتى والآخرين لا يختلفوا كثيرا عن أنّهم ميّتون. الحصيلة اليوميّة للوفيات حوالي 30-50.”
من كلمة عضو البرلمان الإنجليزي م. أنستي: “إنّي ألوم لورد بالمرستون لخيانة شركيسيا، الّتي إلتزمت الثّبات مع إنجلترا حيث كان يفترض بوجود علاقات تجارية مع إنكلترا. وقد قمت بخيانة إنجلترا أيضا بالتّسليم لإعطاء شمال القوقاز المستقلّة لروسيا في الوقت الذي كنت تعرف فيه عن مصالحنا في الهند.”
8 سنوات لاحقة خلال تحدّث لورد بالمرستون في نفس البرلمان: “أعزّائي الّلوردات، صحيح أنّنا تركنا الشّركس وحدهم في محنتهم الرّهيبة. مع أنّنا كنّا نريد المساعدة منهم وقد إستعملناهم.
بينسون: “النّسبة المئويّة لوفيات الشّركس على طول سواحل البحر الأسود حوالي 50 ٪. 53000 شخصا لقوا حتفهم في طرابزون وحدها. ولا نعرف كم عدد السّفن التي هي في حقيقة الأمر “مقابر عائمة” وقد غرقت. ان عدد العائلات الّتي نفيت من القوقاز الى منطقة البلقان تعد نحو 70.000. أدرنة: 6.000 وسيليستر – فيدن: 13.000 ونيش – صوفيا: 12.000 ودبروفكا – كوسوفو – بريشتينا – سفيستا 42.000 عائلة. المجموع حوالي 350.000 نسمة. ونسبة الوفيات حوالي 15-20 ٪.”
ي. أبراموف في كتابه المعنون الجبليّين القوقاز: “لا توجد كلمات لوصف حالة الجبليّين في تلك الأيام. قتل الآلاف منهم في الطّرقات، وتوفّي الآلاف منهم بسبب المرض والجوع. وكانت المناطق السّاحلية مليئة بالنّاس الذين لقوا حتفهم أو على وشك الموت. ألأطفال الذين يبحثون عن حليب الأم في جثث الأمّهات الباردة والميّتة، والأمّهات ألّاتي لم يتركن أطفالهن من أحضانهن بالرّغم من أنّهنّ موتى من البرد، والنّاس الذين لقوا حتفهم في حين أنهم ضمّوا بعضهم بجانب بعض للحصول على الدّفئ، أمثلة على المشاهد الّتي كانت تعتبرعاديّة في سواحل البحر الاسود.”
أ. دازاروف الرّوسي: “ان نصف الذين غادروا الى الامبراطورية العثمانية توفّوا قبل أن يصلوا الى هناك. حالة بؤس كهذه تعتبر نادرة فى تاريخ البشريّة.”
***
خطاب النّواب الشّركس (حاجي هايدن حسن وكوستار أوغلي إسماعيل) إلى ملكة بريطانيا، لندن، 26 آب / أغسطس 1862 (نشر في ملحق الصّحافة الحرّة، مجلة لجان الشؤون الخارجية) 7 كانون الثّاني / يناير 1863:
“كما تعلمين يا صاحبة الجلالة، منذ وجد العالم، لا توجد دولة حاولت إحتلال بلدنا. لكن روسيا منذ بعض الوقت فقط ، وتحت ذريعة انها حصلت على بلادنا من خلال معاهدة مع الحكومة العثمانيّة، وغزت بلادنا بقوّة ساحقة، وبدأت ضدنا حرب إبادة حيث شنّتها لمدّة أربعين عاما، والّتي لا تزال تشنّها علينا، وعلى حساب الآلاف من الأرواح البشريّة.
والحكومة العثمانية، لم تمتلك بلدنا في أيّ يوم من الأيّام، ولم تمتلك الحق مطلقا في أن تقدّمنا إلى الرّوس. ليس هناك أي صلة أخرى بيننا وبين العثمانيين باستثاء تشابه العقيدة والإيمان ما يجعل كلانا ينظر للسّلطان كخليفة لنبيّنا.
طغيان الرّوس لم يقتصر على الإستيلاء على مواشينا، وحرق منازلنا ومعابدنا وغيرها من الأعمال الوحشيّة الّتي لم يسمع بها أحد، ومن أجل تجويعنا على جبال، فقد دمّروا محاصيلنا الزّراعيّة الّتي لا تزال في طور النّمو في السّهول، واستولوا على أراضينا. وفي الواقع، فقد عاملونا بطريقة بربريّة لا تطاق، بحيث أنّه لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب. مدفوعين إلى اليأس، عقدنا العزم على إيجاد موقف حازم ضد أعدائنا بكل الطاقة التي امتلكناها، واستمرّت الحرب بفاعليّة متجدّدة قبل ثمانية أشهر، مما تسبب في التضحية بخمسة وعشرين ألفا من الأرواح البشرية من الجانبين وتدميرا هائلا للممتلكات. بينما نحن نصدّ أعدائنا من ناحية، ومن ناحية أخرى نسعى إلى تحسين أداء حكومة بلدنا، روسيا وبقوّة غاشمة، تحاول إخضاعنا؛ وفي البحر الاسود المحايد تقوم بأسر سفننا حيثما تستطيع، وكل سفينة تحمل أيّ من أبناء بلدنا، وعليه ليس لدينا مرفأ نأوي إليه على أرض الوطن، ولا وسيلة للسّفر أو اللجوء عن طريق البحر. ونحن لا نزال نفضّل الموت على أن نرضى بأن نكون تحت نير روسيا. ولو هاجرنا وتخلّينا عن ديارنا، الّتي حماها أجدادنا الذين أراقوا دماءهم لها، والفقر سيكون عقبة كبيرة أمام ذلك؛ في الحقيقة، كيف يمكننا أخذ زوجاتنا وأطفالنا، والأرامل والأيتام مع التّرابط الضّعيف لهؤلاء الّذين ذبحوا في هذه الحرب؟ إنّ أمرا كهذا سيؤدّي إلى هلاك المهاجرين، وستكون وصمة أبديّة ومزيلة لإسمنا الشّركسي من على وجه الأرض.”
غضب الحكومة الرّوسيّة على ملكة بريطانيا في القوقاز، الصّحافة الحرّة، مجلة لجان الشّؤون الخارجيّة. 3 حزيران / يونيو 1863
“مشهد لأكلة لحوم البشر بدى في قرية هفيفا في منطقة الشّابسوغ. كان رجال القرية على الحدود لخدمة المواقع الحدوديّة. ومستفيدين من عدم وجودهم، أطبق جنود القيصر على بقيّة السّكان، الذين كانوا عزّلا من السّلاح، فقتلوهم وحرقوهم ونهبوهم. وبين أعداد الضّحايا كان هناك ثمانية عشر امرأة مسنّة وثمانية أطفال وستة رجال مسنّين. على ظهر إحدى النّساء المذبوحات تركت لافتة تحوي الكلمات التّالية: إذهبي واشتكي لملكة بريطانيا، الّتي ذهب إليها نوّابكم يطلبون المساعدة”. وعلى جسد ولد صغير تم العثور على هذا النّقش: ‘إبقى هنا بدلا من الذهاب لبيع نفسك إلى حماتك، الأتراك’. وأخيرا، على جثة رجل مسن، حيث أخرجت عيناه من مكانهما، كان النّص التّالي: إذهب وانضم إلى نوّابك، وسوف تجد بعض أخصّائيّي العيون الجيّدين” – في باريس”- كوريير دي أورينت
رسالة من الشّركس إلى داود بك (ديفيد أوركوهارت):
الصحافة الحرة، ومجلة لجان الشؤون الخارجية. 2 كانون الثّاني / ديسمبر 1863
“الرّوس، وهم يسخرون ويهزؤون بنا ، بدؤوا لأن يكونوا أكثر عنفا وقمعا، وسمعوا عن وصول المذكورين أعلاه، فدفعت للأمام بعض القوات، وحاصرت ليلا مئتي منزل يعودوا لشعبنا، بل وأيضا لجيرانا، وقتلوا الرّجال وأخذوا النّساء والأطفال أسرى؛ وعدد الأشخاص الذين قتلوهم وصل الى ألف وثمانين، وأولئك الذين أخذوا أسرى الى ألف وثلاثمائة.
الصّحافة الحرّة، مجلة لجان الشؤون الخارجية.
3 آب / أغسطس 1864
“طرد الشّركس
الرسالة التالية بعد أن تم رفض إدراجها في التّايمز، نفسح لها المجال، باعتبارها واحدة من الوثائق المرتبطة بعمليات الّلجنة الشّركسية:
إستقبال الشّركس في تركيّا، القسطنطينية، 7 تمّوز / يوليو 1864
سيّدي العزيز،
إني على ثقة وآمل بأنّ رسائلي إليكم وألى فسكاونت ستراتفورد دي ردكليف تصل إلى مقصدها في الوقت المناسب، وكذلك نسخة من الوثائق المرفقة بها. كنت توّاقا – وأنا أعرف مدى قوّة الإنطباع الّذي سيخلّفه تقرير الدكتور بروزي الرّسمي من سامسون في جميع أنحاء انكلترا – لإرسال التّقرير الّذي قدّمه، بعد عودته من بعثتة الصّحيّة، إلى المجلس الصّحّي؛ ومقتنعا مثلي بأن الحقائق التي جلبها وسلّط عليها الضّوء هي بمثابة أنّها ليست فقط لمتابعتها، بل لزيادتها عشرة أضعاف لمصلحة الشّراكسة المنفيين.
وأعرب عن أسفي العميق، على أيّة حال… أن واضع هذا التقرير المقتدر كان ينبغي أن يجعل من نفسه مسؤولا قانونيّا في أن يكون أشد لوما وتوبيخا؛ وبوجود، تعدّد الأسباب التي تولّد الأمراض التي تسببت وما زالت تسبّب الوفيات المروّعة، بين الشركس، ولم تذكر كلمة واحدة تتعلق بالموضوع الرّئيسي – فيما يتعلّق بهذه القضايا – على سبيل المثال، المعاملة الوحشية الّتي لاقاها المنفيّين من جانب السّلطات العسكريّة الرّوسيّة قبل المغادرة لتركيا.
الحدود المصرّح بها في الرّسالة لا تسمح لي بأن أكشف حكايات الأهوال الّتي استمرّت برعاية الدوق الأكبر مايكل (ميخائيل)، في شركيسيا من قبل الجنرالان باليبيتتش وإيديكوموف. سرد معاناة السّكّان الّتي كان يجب عليهم تحمّلها بعد خضوع البلاد للاحتلال من قبل روسيا قد تملأ مجلّدات عديدة. المسألة التي ينبغي التعامل معها في الوقت الحاضر، هي ما إذا كانت التدابير العامّة التي اتخذها الجنرالات الرّوس لإنجاز ‘التهدئة’ للمقاطعات المحتلّة، لم تكن قد أخذت بعين الإعتبار الأمراض التي أهلكت ما يزيد عن مئتي الف من السّكان وتستمر مع ذلك بإهلاك صفوف النّاجين، بعد العثور على ملجأ في تركيا؟
هذه التدابير من التهدئة كانت على النحو التالي: – في أيّ مكان نصّب الرّوس أنفسهم سادة لأيّ منطقة، استدعي السّكان الأصليّين ليستعرضوا أنفسهم أمام قائد القوات، ويقال لهم بأنّ الإمبراطور، وبدلا من الموافقة على تدابير الإبادة الّتي يستحقّونها، تكرم وأمر بإخلاء بلادهم وترك الخيار البديل لهم والمتمثل في، إما الهجرة مع أسرهم إلى سهول ما وراء نهر الكوبان، حيث ستخصّص لهم الأراضي هناك؛ أو إتّخاذ قرار مغادرتهم لتركيّا. وقيل لهم، هناك ثلاثة أيام قد منحت لهم لاتّخاذ قرار، وكذلك التحضير للرحلة. في اليوم الرابع تضرم النّيران بمساكنهم، وسكانها الذين ظهرت لهم النّيّة لإلتماس اللجوء في تركيا، كانوا يسيرون على الفور إلى أقرب نقطة من السّاحل. وعند الوصول إلى النّقطة المحدّدة، يكون هناك طوق عسكري يحاصر المعسكر لمنع مزيد من الاتصال مع المناطق الدّاخلية. الرّجال المحاربين والسفن الأخرى التي تبحر – حيث كما هو مذكور رسميّا في رسالة اللورد نابيير، كانت بناءا على رغبة الدوق الأكبر مايكل، وضعت بكامل تصرّفه، من أجل تسهيل الهجرة الشّركسيّة – لم تكن موجودة مطلقا إلّا على الورق، الآلاف من الأشخاص تجمّعوا على السّاحل وكان مصيرهم البقاء هناك يتعرضون لقسوة العوامل الجوّيّة لأسابيع وشهور، إنتظارا لحلول ألإرادة الإلهيّة بوصول سفينة من تركيّا. والمؤونة الضّئيلة الإحتياطيّة الّتي جلبت معهم، قد استنفذت، والجوع دفعهم إلى الإعتماد في عيشهم على الجذور واللحاء من الأشجارالموجودة في متناول أيديهم. مئات من النساء والأطفال ماتوا إمّا من الجوع أو من أيّة آثار ضارة لغذاء ضار لبنية الجسم قد تناولوه؛ لم توفّر السلطات الروسية أدنى مساعدة ممكنة. ومن المنطقي أن معدل الوفيات ارتفع من يوم لآخر لأكبر نسبة مخيفة، وأنّ الباقين على قيد الحياة في لحظة المغادرة، يبدون كأشباح متحرّكة أكثر منهم كائنات حية. وبطبيعة الحال، عندما تحول كتلة من الأفراد، تصل بهم الأحوال إلى هكذا وضع مأساوي، ويتجمعون على متن سفينة بالكاد قادرة على حمل عشر عددهم، ومياه البحر هي السائل الوحيد في متناول أيديهم، فإن النتيجة الحتمية ستكون زيادة مروّعة في معدّل الوفيات، وسوف تنتشر العدوى كالنّار في الهشيم. وإنّه لمفاجئ انهم لم يموتوا جميعا دفعة واحدة قبل الوصول الى مكان التّجمّع المعد لاستقبالهم”.
ت. ميلينجن
محتويات
موجز للمعلومات المخابراتية التي وردت خلال أسبوع ألى مجلس مكتب الصحة
الأوّل من تمّوز / يوليو – زورق تركي وصل الميناء من هرقليا وعلى متنه 80 مجنّدا شركسيّا.
الثّاني من تمّوز / يوليو — الطائف جاءت من سامسون ، وعلى متنها 2200 شركسيّا؛ 30 مريضا، و 11 حالة وفاة. هذه الفرقاطة البخاريّة تم سحبها في مركبين؛ الأوّل مع 700، والثّاني مع 535 راكبا، من بينهم 150 مريضا — 44 حالة وفاة. أرسلوا إلى جاليبولى، حيث سيتم إسكانهم.
تونه، من طرابزون، مع 1600 راكب، من بينهم 60 توفّوا في البحر، و 62 مريضا…
سفينة تمّ سحبها بواسطة تونه وكان على متنها 550 راكبا، 15 منهم توفّوا في البحر، و35 مريضا.
شهبار من طرابزون، 750 راكبا.
الخامس من تمّوز / يوليو — مالاكوف مع 1468 راكبا، 34 حالة وفاة و 38 مريضا.
السّادس من تمّوز / يوليو — برقية من جاليبولى تعلن وصول 3340 من الشركس.
مجموع المهاجرين الّذين وصلوا حتى الآن إلى نقاط مختلفة من سواحل بحر مرمرة بلغ 21.703.
رسالة من سامسون مؤرّخة في يوم الثّلاثين، تفيد بوجود 100000 من المهاجرين، و300 حالة وفاة يوميا.
وصول دفعات جديدة من شركيسيا يحقّق التوازن في المغادرة.
التقارير الواردة من بطومي ذكرت أنّه في السّادس والعشرين من الشّهر، وصل 8500 شركسي من أرديلار.
الثّلاثين من حزيران / يونيو، فارنا، 530 راكبا شركسيّا من أوديسّا.
يقول تقرير من فيدين (بلغاريا) بأنّ 35000 مهاجرا قد وزّعوا بين زومبالانكا وصوفيا ونيش، وهنالك 664 حالة وفاة بعد رحيلهم من فيدين.وهم ينشرون التّيفوس والجدري-ماء أينما يحلّون. ما يقرب من 200 رجلا من أفراد طواقم السّفن التّركيّة التي تنقل المهاجرين، أصابتهم حمّى التّيفوس، ونقلوا إلى مستشفى تابع للبحرية. هذا الظرف لا يمنع الحكومة من إرسال السفن المعيّنة لنقل المهاجرين كما كان الحال في السّابق.
***
رد شوتسيجوكو تسيكو إلى القيصر الكسندر الثاني (حضر القيصر الكسندر الثّاني الى القوقاز في عام 1861، واشترط على الشّركس الاستسلام من دون أيّة مقاومة، والنّزول من المناطق الجبلية إلى الأراضي المنخفضة):
“يمكن أن تصبح القوقاز روسيّة، ولكن ما دام هناك تدفق دم في العروق الشّركسيّة، فلن يكونوا عبيدا للقيصر الرّوسي ولن نسلّم وطننا ما حيينا. الموت لهو أفضل من العيش كعبيد. ولن نسمح بأن يلطّخ مجد أجدادنا المحاربين العظماء.. “tl’ın يي يي tl’en — فإمّا أن يكون المرء بطلا، أو أن يموت”.
“Ye tl’ın Ye tl’en – Either be a hero, or die”
* قبيلة قريبة من الوبخ.
http://heku.ru/page.php?id=1080
http://www.circassian-genocide.info/cg/arabic.php?title=التّقارير-والشّهادات-عن-الحرب-الرّوسيّة—الشّركسيّة-والإبادة-الجماعيّة-الشّركسيّة&entry_id=1244241373
تعليقات – تـتـمـّة
[ Posted by عابر البحر الأسود, June 25, 2009 11:13 AM ]
إن تلك الجرائم المذكورة لهي غيض من فيض مما اقترفت أيدي المجرمين ضد الأمة الشركسية وباقي أمم وشعوب شمال القوقاز، ويجب أن تكون حافزا لأبناء الضحايا لاسترجاع الحقوق المغتصبة