الأمّة الشركسية وحقوقها المصادرة

الأمّة الشركسية وحقوقها المصادرة

 إن حقوق الأمة الشركسية غير القابلة للتنازل أو النسيان لا يمكن أن تنسى أو أن يفرط بها لأن الشراكسة يتوقون الى استرجاع حقوقهم المهضومة لأنها أحب الى القلب مما تم الحصول عليه وما يتوهم البعض بان هناك في هذا العالم أغلى من الوطن، خاصة ان كان السعي هو لغاية نبيلة ومن خلال التفاني والصدق والإيثار، وان كل من ينسى أو يتناسى الوطن أو يفكر بالتنازل عن الحقوق المشروعة سواء الشخصية أو الجماعية فانه يعتبر منافقا وانتهازيا وعميلا رخيصا للعدو المتربص بالأمة وعملاؤه المنتشرين في الوطن وفي أماكن تواجد الجاليات الشركسية على امتداد العالم.

 

أصداء ذكرى الإبادة والتهجير الشركسي، يوم الوفاء للأجداد

دأبت الأمم والشعوب على  إثبات وجودها وحضورها بأشكال مختلفة وذلك من خلال إقامة ما يثبت ويرسخ كرامتها وحريتها واستقلالها على أرضها ومياهها وبأن تشعر بأنها غير مضهدة أو محتلة أومستعمرة، وأن لديها حرية اختيار ما يناسب مصالحها القومية حاضرا ومستقبلا. لكن الأمة الشركسية التي نكبت من خلال الحروب العدائية المستمرة التي شنتها الإمبراطورية الروسية والتي امتدت لعشرات، لا بل مئات السنين لم تستطع منذ زمن طويل من ممارسة حقها في التعبير السليم عما هو حق طبيعي يجب الحفاظ عليه في كل الأوقات والظروف.

بعد مرور مائة وخمسة وأربعين عاما على احتلال شركيسيا وشمال القوقاز الذي وقع في القرن التاسع عشر وتحديدا في الحادي والعشرين من شهر أيار / مايو من عام 1864، تمت إقامة الذكرى هذا العام بشكل غير مسبوق في جميع الأماكن التي من المعتاد إقامة الذكرى بها سواء في الوطن الأم  في الأماكن التي يتواجد بها الشعب الشركسي أو في أماكن تواجد الجاليات الشركسية في ديار الإغتراب الشركسي، مع الفارق بالشكل والأسلوب المتبعين لهذا العام.

إن التركيز على الهوية الشركسية يجب أن يكون من الأولويات لأن الحماس الذي تلقاه هذه البادرة ليعتبر غير مسبوق، وأن أصحاب الضمير الحي والصفاء القومي في الأمة الشركسية قاموا بإحياء يوم الإبادة الجماعية  وفاءا للأهل والأعزاء الذين ذادوا عن حياض الوطن بكل ما أوتوا من قوة وشهامة وإقدام وبذل وعطاء استمر عشرات السنين إلى أن أطبق الغزاة المحتلون على المقاومين الأبطال وبدأت مرحلة الإستعمار الروسي لشركيسيا والقوقاز في 21 – 5 – 1864. بقي أن نلفت الإنتباه إلى أن الجمعية الشركسية العالمية (دنيى أديغة خاسة) التي قام القائمون عليها في السنوات الأخيرة بتغيير أهدافها ومسارها وعملت على تنفيذ أجندة الإحتلال الروسي القائمة على تفتيت الشمل الشركسي وطمس الهوية الشركسية والتركيز هلى توافه الأمور التي لا تهم الأمة في شيئ، وفي الوقت الحاضر وعند ظهور صحوة قومية حقيقية مدعومة من قبل الشراكسة في الوطن وفي ديار الإغتراب فإن هذه المجموعة التي فرضت نفسها على المجتمعات الشركسية ويصفها البعض ب (الحرس القديم) تبرز من جديد لتحاول تغيير بعض من سياساتها بما يتماشى مع ما ذهب اليه القوميون مؤخرا وذلك عندما تبين لهم ولأعوانهم بأن الأمور ما لبثت أن تفلت من أيديهم وأن السياسات الإستعمارية التي ينفذونها هم وأعواناهم وبالتوازي مع سياسة الإستيعاب الإستعمارية على الأمة الشركسية ومقوماتها الأساسية ما هي إلا ترسيخا للأوضاع القائمة لعشرات من السنين خلت وأرادت سلطات الإحتلال الروسية من خلالها صهر الأمة الشركسية وإبقائها في المجتمعات التي تقيم بها وكذلك إلى تفتيت الوطن الشركسي وإعطاء التجمعات السكانية الشركسية فيه، والتي تتكون من عشرة في المئة فقط من شراكسة العالم، كنتونات في أماكن محدودة وفق منهاج  إمبريالي خبيث فيما باقي الأراضي الشركسية قضمت وصودرت وتغيرت أسماؤها ومعالمها، وقام المستعمرون وأعوانهم من المرتزقة المجرمين بالإستيلاء على أراضيها ومقدراتها وكأن الأمة الشركسية فانية، ناسين أو متناسين بأن أركان الجريمة من مسرح ومجرمين وأدوات ومستفيدين وضحايا وآثار لا تزال موجودة باقية وموثقة وحتى الوصول إلى تحقيق العدالة.

يجب أن تكون الجمعية الشركسية العالمية ذات  مواقف قومية شركسية وتعلن بوضوح التمسك بكافة مبادئها التي صدرت عنها عندما أنشأها الشراكسة الغيورين في الوقت الذي انهار فيه الإتحاد السوفياتي المقبور، لكن قبل أن يستولي عليها وعلى مركزها وإدارتها ونشاطاتها المتعلقة بالتعامل مع الجمعيات الشركسية، عملاء وأذناب  المخابرات الروسية.

إن الشراكسة الذين لا تزال عروقهم تنبض بالدماء الشركسية النقية والممزوجة بالعزة والكرامة والشهامة والإباء، و الذين عقدوا العزم على مجابهة الإستعمار وأدواته من خلال اتباع الأساليب الحضارية والحوار المنطقي البناء والهادف، ومن خلال عرض النكبة والمآسي التي جلبها الإستعمار على الوطن الشركسي وكذلك التبعات والآثار الماثلة إلى يومنا هذا، خصوصا على المجتمع الأوروبي وكذلك المجتمع الدولي وذلك لأن شركيسيا الواقعة في القارة الأوروبية والتي تحوي  قمة جبل ألبروز، وهي أعلى قمة جبلية في أوروبا،  يجب أن تكون حرّة ليتمتع أهلها وضحايا التهجير الناجين من الإبادة والباقين على قيد الحياة والمتناثرين في دول مختلفة على امتداد العالم، بالحرية في تقرير المصير واختيار الوضع المستقبلي الذي يختاره أبناء الوطن الشركسي بعيدا عن الإملاءات وتأثيرات الإحتلال الروسي وأدوات قمعه وزبانيته المدسوسين من قبل المخابرات الروسية في الوطن وفي مؤسسات الجاليات الشركسية في ديار الشتات.

 

الألعاب الأولمبية والإمعان في تكريسها لخدمة الإستعمار الروسي

ومن مساخر القدر أن يبقى الإحتلال الروسي ومن وراءه مصدرا شريرا لملاحقة ومتابعة الشأن الشركسي وبالطريقة التي تخدم المحتلين الذين احتلوا البلاد وعاثوا فيها فسادا وخرابا وتقسيما إلى أن وصلوا الى غايتهم للتخلص من رفات ضحايا الإبادة الجماعية والشهداء الأبطال الذين دافعوا عن الوطن الشركسي حتى آخر لحظة في الحياة وإلى آخر قطرة دم، ولكن هذه المرة من خلال استخدام الوسيلة المتمثلة باللجنة الأولمبية الدولية التي نزلت عند رغبة ستالين العصر وميكافيلي السياسة الروسية الحديثة، خريج أكاديمية ال”كى جي بي” في العهد السوفياتي وجاسوس وعميل أجهزة المخابرات والإستخبارات السوفياتية  في ألمانيا الشرقية وأوروبا الشرقية سابقا والذي أسس جهاز المخابرات الروسية الحالي “إف إس بي”، وأكمل مسيرته إلى أن تمكن من الوصول إلى الكرملين ومن ثم الوصول إلى هرم السلطة.  لقد أعدوا مؤامرة استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في العام 2014 وما يترتب عن ذلك من تسوية للأراضي التي تضم رفات الذين استبسلوا واستشهدوا في سبيل الوطن وإلى إقامة المنشآت على جماجم وعظام وأجساد الشركس الذين لم يبخلوا بحياتهم على وطنهم، وعندما اشتدت معارضة الشركس ضد هذا العمل حيث وصلت أشدها في الحادي والعشرين من شهر أيار/مايو الماضي، جاءت خطوة روسية بغيضة أخرى لكنها غير مفاجئة وغير مستغربة من هذا النظام الفاشي الذي يجثم على رقاب أكثر من مائة وعشرين قومية مختلفة قام القياصرة الروس باحتلال بلادهم عنوة وللآن، للإلتفاف على معارضة الشركس في الوطن الأم وفي ديار الإغتراب على إقامة دورة الألعاب الشتوية في سوتشي في عام 2014، حيث قامت من خلال أجهزتها وعملاءها ومرضى النفوس والساذجين والمتخاذلين من المتشركسين في القفقاس بإقامة خط دفاع أوّل عن ألعاب سوتشي الأولمبية المقترحة وذلك بالإعلان عن إقامة ألعاب عبثية أسموها “أولمبيادا صيفيا شركسيا” لتقام في مايكوب بعد الأولمبياد التي ستستضيفها لندن في صيف عام 2012، ولكن في هذا التآمر الجديد على الأمة الشركسية يتم تفريغ الرفض الشركسي لألعاب سوتشي الأولمبية الشتوية من محتواه من خلال اتباع خطوات شريرة أقل ما ينطبق على وصف مجملها بأنه “كلام حق يراد به باطلا”، وتقوم الخطة الشيطانية الموضوعة والمعدة سلفا والمخطط لها من قبل السلطات والمقربين منها لإحتواء أي رفض، كان قد بدر على مجرد فكرة ألعاب سوتشي من خلال تطويع وترويض من هم على اضطلاع ودراية لما تقوم به السلطات الإستعمارية الروسية من كم للأفواه وحجز للحريات في أخف حالات التعدي على الحقوق المدنية للمواطنين الذين يرزحون تحت نير الإحتلال البغيض.

 

حيثيات “الألعاب الأولمبية الشركسية” المزيفة والمنوي إقامتها في عام 2012

وحسبما جاء في النبأ الذي تناقلته وسائل الإعلام فان اللجنة التنظيمية عقدت اجتماعا لها في مكتب الأديغة خاسة في مايكوب وصرحت بانه قد أطلق على الألعاب المقترحة التي ستععقد بعد أولمبياد لندن الصيفية في العام 2012 وتحت شعار “الخير يجلب الخير”، وكما أسماها أحد المواقع الألكترونية “النوايا الطيبة”، فيما أعلن أن اللجنة التنظيمية للأولمبياد يرأسها إتحاد المتطوعين الأبخاز ومنظمة الأديغة المدنية في القبردي – بلقار، وكذلك عقدت إجتماعات أخرى مشابهة في مقاطعة كرسنودار وكذلك في شركيسك. وكما يبدو فقد تم الإفصاح عن خطة الإحتواء الروسية كما يلي:

* ستكون ال 12 نجمة التي تكون العلم الأديغي (الشركسي) أهم رمز للأولمبياد حيث سيقام 12 برنامجا للتعريف بها في الدول التي يقيم بها المهجر الشركسي.

* ستجوب الشعلة الأولمبية ال 12 منطقة التي يقطنها الأديغة في شمال القوقاز، بالإضافة إلى الدول التي يقطنها المهجر الشركسي.

* سيتم أخذ شعلة الألعاب الشركسية من أولمبياد لندن لتسليمها إلى سوتشي التي ستقام فيها الألعاب الأولمبية الشتوية في شتاء عام 2014.

* مشاركة الرياضيين غير الشركس سيكون مسموحا به.

* ادّعى أحد المنظمين بانه من الضروري أن تقبل الحكومة الروسية وليس الرياضيين فقط بشعار الأولمبياد الشركسية، وأضاف زاعما أن ذلك ليس مجرد قبول رمز الأولمبياد فقط، بل من أجل حل مشاكل إجتماعية متعددة للشعب الشركسي.

* ستعمل منظمات الأديغة خاسة في الأديغية وكراسنودار ومنطقة الشابسوغ الممتدة على طول شواطئ البحر الأسود ومدن أرمافير وموسكو وسان بطرسبورغ من الآن بإعداد بيانات يعلنون من خلالها موافققتهم على إقامة أولمبياد سوتشي في شتاء عام 2014.

* ادّعى أحد المنظمين على حد وصفهم وهو بطل ألعاب قوى أولمبي بان المناطق الشركسية المتعددة منحت روسيا عشرة بطولات أولمبية ولهذا يحق للشركس تنظيم أولمبياد يخصهم.

* أعلن المنظمون أنه ستقام العديد من المسابقات الرياضية ضمن الأولمبياد الشركسية من كرة قدم ومصارعة حرة وجودو وملاكمة وكرة طائرة وكرة سلة وسباق خيل.

* ستمول الألعاب عبر تبرعات تجمع من المتطوعين الشركس والممولين في القطاع الخاص والمساعدات ودعم المنظمات المدنية ومساعدات محتملة من شركس الشتات إضافة إلى مخصصات من الفيدرالية الروسية وميزانيات المناطق.

فأي “خير” ذاك وأيّة نوايا طيبة تلك ممّا يتشدق به البعض؟ لا بل إنه المزيد من الإستسكان والإستسلام والإنبطاح ولفت الأنظار عن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير الشامل لوطن الأجداد، إضافة إلى تهجير الغالبية العظمى من الأمة خارج الوطن وان تلك الجرائم المذكورة لهي غيض من فيض مما اقترفت أيدي المجرمين ضد الأمة الشركسية وباقي أمم وشعوب شمال القوقاز، ويجب أن تكون حافزا لأبناء الضحايا لاسترجاع الحقوق المغتصبة بالوسائل الحضارية المتيسرة لأنه ليس بالضرورة أن يكون التصدي للقهر والظلم والبؤس والإضطهاد هو دعوة للعنف والقتل.

 

التخلي الطوعي عن الكرامة!

لا يمكن لأي شعب أن يرضى عبودية طوعية لأن الأكذوبة الروسية الكبرى في العام الماضي بتنظيم إحتفالات ذكرى أربعمائة وخمسون عاما على إنضمام شركسي طوعي الى كيان الدب الروسي كانت ألاعيب مخابراتية مكشوفة، حيث أنه لا يمكن لأي عاقل أن يلقي بنفسه إلى التهلكة أو أن يذبح نفسه طواعية، وان مجرد السكوت على هذا الهراء ليعتبر ضد قوانين الطبيعة والذات  البشرية وضد الحقيقة الناصعة والبادية للجميع بان شعب الأديغة في شركيسيا الخلود والشهامة والبذل والعطاء لا يمكن ولا بأي حال من الأحوال أن يخضع راغبا لنير الإحتلال والإستعمار لأن ذلك يتعارض مع فطرته البشرية الممتدة دوما ومنذ الأزل في الرغبة بالإنعتاق من العبودية والتمسك بالحرية وصون الكرامة الوطنية.

 

مسرحية الحصول على شرعيّة لألعاب سوتشي

لقد أراد المحتلون اتباع أسلوبهم المعهود وهو افتراض جهل الآخرين وذلك بتجنيد عملائهم وجواسيسهم وآلتهم الدعائية من أجل تسويق وترويج فكرة عقد ألعاب لا طائل منها وليست بأولمبية كما يحاولون تصويرها بمسميات وأوصاف وطقوس إستعراضية تدل على ماهيتها وأهمية المراد من خلال تمريرها على الأمة الشركسية للحصول على هدفين محددين، أولهما الحصول على بيان من منظمي وأعوان منظمي الألعاب المقترحة يؤيد عقد الألعاب الأولمبية الشتوية في عام 2014 في سوتشي الشركسية، وثانيهما قيام الشراكسة بتسلم الشعلة الأولمبية من ألعاب لندن الصيفية في عام 2012 ونقلها عبر العالم إلى البلدان التي تقيم بها الجاليات الشركسية من أجل وأد أي فكرة قومية مستقبلية، ثم نقل هذه الشعلة الأولمبية إلى المناطق والتجمعات الشركسية في الوطن وبعدها للوصول إلى بيت القصيد ألا وهو إيصال هذه الشعلة المشؤومة من قبل الشراكسة أنفسهم إلى سوتشي – أرض الإبادة الجماعية الشركسية…

إيجل

نقل عن: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

http://www.justicefornorthcaucasus.com/jfnc_message_boards/arabic_boards.php?title=الأمّة-الشركسية-وحقوقها-المصادرة&entry_id=1246747917

Share Button

اترك تعليقاً