نافذة على أوراسيا: خطط موسكو لأولمبياد سوتشي تجعل الإبادة الجماعية الشركسية قضية دولية، يقول المحللون

نافذة على أوراسيا: خطط موسكو لأولمبياد سوتشي تجعل الإبادة الجماعية الشركسية قضية دولية، يقول المحللون

نشر موقع “نافذة على أوراسيا” في موقعه على الشّبكة العنكبوتيّة بتاريخ 24 فبراير/شباط 2011 مقالا للكاتب والمحلل السياسي بول غوبل بعنوان “خطط موسكو لأولمبياد سوتشي تجعل الإبادة الجماعية الشّركسية قضية دولية، يقول المحللون“، جاء فيه:
حولت حملة موسكو لاجراء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في عام 2014 مسألة الإعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية من أمر محلي ضيق إلى آخر دولي، عن طريق جذب انتباه المثقفين في جميع أنحاء العالم إلى موضوع عرفوا عنه القليل في السابق، وفقا لباحث شركسي.

خلال مائدة مستديرة في الغرفة الاجتماعية لروسيا في وقت سابق من هذا الشهر، أكد سمير حوتكو (Samir Khotko)، الباحث في معهد جمهورية الأديغيه للبحوث الإنسانيّة، ما يشكّك به كثيرون، لكن سيقوله القليلون منهم: اخطأ الزعيم الروسي بشدة من جراء اهماله العامل الشركسي في هذه الحالة (www. kavkaz-uzel.ru/articles/181466 /).
وكما أشار حوتكو،  إلى أن “منطقة القوقاز هي واحدة من المناطق القليلة الّتي تغيّرت بها التركيبة العرقية للسكان بالكامل تقريبا” كنتيجة لتصرفات البشر، وفي هذه الحالة بسبب حروب القوقاز التي كانت نهايتها “مأساويّة للغاية “لأنها كانت “مرتبطة بخسائر إنسانية هائلة بشكل لا يصدق”.

وتابع : استخدمت القوات الروسية جميع الأسلحة المتاحة تقريبا ضد شمال القوقاز عموما والشراكسة بوجه خاص، وبعد ذلك في نهاية ذلك الصراع، قام الرّوس بتهجير كامل السكان الشراكسة تقريبا مع خسائر فادحة في الأرواح، ومعظم ذلك حصل عبر سوتشي.

بالنسبة للكثير من الروس، فإنّ سوتشي، حيث ان روسيا تعتزم عقد الأولمبياد الشتوية في عام 2014، هي رمزا “للحياة الرّغيدة”، ولكن بالنّسبة للشركس، هي “رمز لفقدان الوطن، شركيسيا المفقودة التي اختفت من على خريطة العالم”. إنّها حقا “رمزا لمأساة الأديغة، ومأساة الوبخ، ومأساة الوبخ – الأباظة”.

لمعظم المدّة من المائة وخمسون سنة الماضية، تذكّر الشركس بما ارتُكِب بحقّهم كأعظم مأساة في حياتهم القوميّة وفي الأزمان الحديثة، وقد تحدثوا عن ذلك بأنه بمثابة إبادة جماعية. ولكن “وبالتّحديد بفضل الأولمبياد المقبل، قال حوتكو،” فقد تحول الاعتراف بالإبادة الجماعية للشعب الشركسي إلى قضية دولية”.

وعلاوة على ذلك، يقول الباحث الأديغي، فقد فاقمت موسكو المشكلة لنفسها من خلال الإصرار، كلما ذكر أي شخص ما حدث للشركس في سوتشي عام 1864، وكأنّه “لم يكن هناك شيء” للحديث عنه. وباختصار، فقد “تقرّر أن يتوقف الناس عن الحديث عن تاريخهم”.
وقال حاتكو: “لكن لا يسعني إلا أن أتكلم عن هذا الأمر”. و”اذا كنا صامتين حول هذا الموضوع، عندها فإنّا كمؤرخين لن نقوم بمسؤولياتنا تجاه المجتمع”.  هذا هو كل شيء بل وأكثر من ذلك، واشار، بأن وسائل الإعلام الروسية الحالية بمعظمها تقدّم موضوع الحروب القوقازيّة بطريقة متحيّزة، ومشيدة بالناس الذين تصرفوا بطريقة وحشية.

وأشار إلى إن بعض هؤلاء الرجال العسكريين الروس قد دخلوا التاريخ. في أرمافير، على سبيل المثال، هناك نصب تذكاري لزاس المؤكّد، “الذي دفع عشرة روبلات لجنوده عن كل رأس [من الشراكسة] كانوا قد قطعوا. وقد تم فعل ذلك لسنوات”، وكلاً من الروس والشركس على حد سواء يستحقون ان يعرفوا الحقيقة.

فعندما أدلى حوتكو بهذه التصريحات حسبما ذكر اليوم موقع كفكاز أوزيل (Kavkaz-Uzel.ru)، كان من جمهور الحضور باحثين وعلماء من أكاديميّة العلوم وجامعة موسكو الحكوميّة، والعلماء من أكاديمية العلوم، وجامعة موسكو الحكومية ومعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدّولية (MGIMO) ووزارة الخارجية وجامعة العلوم الإنسانية الحكوميّة، وكذلك “مندوبي الممثلين المفوّضين لشمال القوقاز والإدارة الرئاسية ومجلس الدوما”.
اتّخذ متحدثون آخرون خطاً مختلفاً نوعاً ما عن حوتكو. فقال ماكسيم شيفشينكو (Maksim Shevchenko)، رئيس مركز البحوث الاستراتيجية للديانات والسياسة وعضو الغرفة الاجتماعية، بأن جميع هؤلاء المتواجدين على طرفي هذه المسألة يساقوا في كثير من الأحيان عن طريق المشاعر المحمومة بدلا من التحليل الرصين.

إنّه صحيح بالتأكيد، قال شيفشينكو، ان “عدد هائل من السكان الشركس” كانوا قد قتلوا أو أبعدوا عن ديارهم من قبل السلطات القيصرية. لكن قال المختص الديني، ان ذلك كان ذلك شيئاً عادياً في القرن التّاسع عشر عندما تصرّفت القوى الإمبريالية في كثير من الأحيان بوحشية لتعزيز حدودها.

وواصل حديثه قائلا: بأنّه من “السخافة بمكان” محاولة الوصل بين روسيا الحاليّة مع تلك الأحداث. فتركيا استخدمت حروب القوقاز أيضا في السعي لتحقيق أهدافها الخارجية والداخلية، كما يشير، وحتى أنهم “قاموا بشراء الشركس كعبيد” و تصرفوا بطرق أخرى بحيث كانت بدون أدنى شك خاطئة.

بسبب كل ذلك، قال شيفشينكو، تعتبر دعوة المجتمع الدولي لتسمية ما تم القيام به بحق الشراكسة على أنّه إبادة جماعية، يعد دعوة للانخراط في “ضغوط سياسية” ضد موسكو، وهو الشّيئ الّذي حاجج به، وكان ضدّه تماما، مع أنّه يعتقد  بأنّه ينبغي للشراكسة أن “يتلقوا ترضية معنوية” مقابل الإعتراف بالتاريخ.
متحدثة ثالثة، باراسبي بجاجنوكوفا (Barasbi Bgazhnokova)، وهي باحثة كبيرة في المركز العلمي في قباردينو – بلقاريا التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، قالت: هكذا تعويض قد يتخذ شكل استعادة منطقة شابسوغ (Shapsug) القوميّة، التي تم قمعها من قبل موسكو في عام 1945.

و”نحن نتحدث الآن عن مناطق حكم ذاتي قومي – ثقافي، وحول دعم الأقليات القومية. فلنغتنم ذلك كعمل من أعمال حسن النّيّة”، وتابعت، بدلا من الشعور بأن القيام بذلك يتم بالإكراه أو تحت أي ضغط. فإذا فعلت موسكو ذلك، حاجَجَتْ بجاجنوكوفا، فإن من شأنه أن يغلق النزاع الشركسي بالنسبة للعديد من الشركس إن لم يكن لأكثريّة الشّراكسة.

لكن متحدّثا رابعاً، أحمد يارليكابوف (Akhmed Yarlykapov)، وهو باحث بارز في معهد موسكو للإثنولوجيا والأنثروبولوجيا (علم الأعراق البشرية والعلوم الإنسانيّة)، اقترح بأنّه في حين لا ينبغي لروسيا أن “تغرز رأسها في الرمال” وتتصرف كما أن شيئا لم يكن بخصوص المسألة الشركسية، “ونحن ندرك جميعا أن طلب الاعتراف بذلك على أنّه إبادة جماعية يحوله إلى مسألة سياسية”.

وقال: “نعم، يمكن لروسيا التوبة، ولكن بعد توبة من هذا القبيل”، حيث أنه أعرب عن إعتقاده بأن “هناك كتلة من السياسيين الّذين سيستأنفون طرح مطالب جديدة”. وهكذا، كان يقصد ضمنا أنه قد يكون من الأفضل عدم اتخاذ حتى أصغر الخطوات الأولى في ذلك الإتّجاه. وعلى أية حال، يجب على روسيا أن يكون لديها سياسة واضحة المعالم بشأن هذه المسألة.

ما هو مهم حول هذه المناقشة هو أنها تسلط الضوء على التحرك في موسكو بعيدا عن رفض سهل للدعوة الشّركسيّة للاعتراف بما حدث في عام 1864 بأنّه إبادة جماعيّة لاستجابة أكثر دقة، إشارة إلى أن الحملة الشركسية في جورجيا وأماكن أخرى لها تأثير على ما يجري.

وهذا بدوره يشير إلى أن السلطات الروسية قد تكون تخطّط بعض التحركات في المستقبل القريب في محاولة لزرع الفرقة في الحركة الشركسية سواء داخل الفيدراليّة الرّوسيّة أو في الخارج من خلال تقديم شيء ما لذلك المجتمع أملا في الحصول على إسقاط لهذه المطالب، على الأقل في الفترة التي تسبق أولمبياد سوتشي.

 

يبقى أن نرى ما إذا كان ذلك من شأنه أن يجدي، ولكن إجتماع 14 فبراير/شباط هو أوضح ما نشر للآن، بأن الحراك من قبل الشركس واصدقائهم أصبح له تأثير، والّذي قد يؤدي إلى أن بعض من هم في موسكو بأن يسألوا أنفسهم ما اذا كان دفعهم لأولمبياد سوتشي قد يأتي في حقيقة الأمر بنتائج عكسية.

 

ترجمة: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

نقل عن: مجموعة العدالة لشمال القوقاز

Share Button

اترك تعليقاً