شركيسيا وأبخازيا

نشر المقال المدون أدناه بتاريخ 21 ديسمبر/كانون الأوّل 2011 على صفحة التواصل الإجتماعي “الفيسبوك” للسيد عادل بشقوي في وصف موضوع العلاقة بين شركيسيا وأبخازيا:

شركيسيا وأبخازيا

وجدت الأمّة الشّركسيّة وحضارتها منذ أكثر من 6000 عام في الوطن الشركسي الواقع في شمال القوقاز وفقا لخارطة بعنوان: “خريطة شركيسيا والأقاليم الروسية في شمال نهر كوبان، التي نظّمت مؤخّراً من قبل السلطات الروسية الجديدة، على أساس ملاحظات فلكية أجراها مدير مركز الطوبوغرافيا والإحصاء، في دائرة الحرب البريطانيّة، في عام 1855”. هذه الخريطة وبالطريقة التي تصفها الخرائط الأخرى، رسمت وحدّدت أبخازيا باعتبارها كيانا مختلفا. أطلقت تسمية الشّراكسة عليهم من قبل الآخرين الذين تعاملوا معهم، بنفس الأسلوب الّذي استعمل به كلمة الشّيشان لوصف أشكيريا. وعلى الرغم من أن الإنجوشيّين  يشاركونهم نفس الأصول العرقيّة، لكن ما تزال إنغوشيا لا تدعى بالشيشان.  http://www.justicefornorthcaucasus.com/Circassia_1855.pdf

 

إن لغة الأديغه هي اللغة القوقازيّة الأقرب إلى اللغة الأبخازية كما أن أصل  الشّراكسة هو نفس أصل الأبخاز. فوفقا لمعلومات  راسخة ومحددة وموثوقة ولوقائع تاريخية، فإن شركيسيا هي كيان مختلف عن أبخازيا. ومن وحي الواقع فإن جميع أمم القوقاز كما الشّراكسة، عانت الكثير (وما زالت)، وكانت ضحايا للتوسع الاستعماري الروسي وللاحتلال الّذي أدّى إلى عواقب وخيمة والتي لا تزال ملموسة من قبل الملايين من الضحايا حتى يومنا الحاضر.

بغض النظر عن الحقيقة الكامنة في أن بعض الكُتّاب أو الناس قد صوّرا كافّة أمم القوقاز على أنّهم شراكسةً كما تم وصف حاجي مراد (الذي هو في الواقع داغستاني من الآفار) في مقال نشر في صحيفة وول ستريت جورنال في 8 مارس/آذار، 2008، للكاتب ويليام أميليا بالكشف عن رسالة من ليو تولستوي لشقيقه سيرجي اعتبر فيها مراد شركسياً: “وكشف عن ذلك في رسالة الى شقيقه سيرجي، ذاكراً أن مراداً “كان رائداً في التهور والشجاعة في كافّة أرجاء شركيسيا”، فحقيقة الامر هو ان شركيسيا أُشير إليها باعتبارها جزءا من شمال القوقاز حيث قطنت الإثنتا عشر قبيلة الرئيسية المعروفة بمن فيهم الأبازين (الأباظه) الذين يرجع نسبهم إلى الشعب الأبخازي، لكنهم عاشوا في شركيسيا ومُثّلوا بإحدى النجوم الإثنتا عشر على العلم الشركسي، في حين أن أبخازيا لها هويّتها وقوميّتها وعلمها. http://online.wsj.com/article/SB120492340424120235.html?mod=rss_opinion_main

 

ويخشى من أن القرار الأبخازي جاء لتكون أبخازيا أقرب إلى روسيا ولتربط  نفسها بارتباطات ومعاهدات مصيرية مع روسيا من شأنها أن تخلق حالة من الاستقلال يأتي فارغاً من محتواه، حيث أن أي شخص يريد السفر إلى أبخازيا يجب عليه الحصول على تأشيرة دخول روسيّة، والمعاناة لن تنتهي هناك لأن الخروج من أبخازيا أيضا يجعل المسافر نفسه ملزما بالحصول على تأشيرة دخول روسيّة ومن ثمّ الخروج عبر (روسيا). إنه لمن المؤلم وغير المستساغ  رؤية أبخازيا يدا بيد مع روسيا لدعم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي والتي من المقرر أن تعقد من قبل روسيا في عام 2014، على أرض الإبادة الجماعية الشركسية! إن الإستفادة من الموارد المتاحة في أبخازيا في بناء مرافق دورة الألعاب الأولمبية واستِغلال الخدمات والنّقل والإمداد المتاحين يجعل من أبخازيا تلقائيا جزءاً من التوافق والتحالف ضد المصالح والعناصر الحيوية والوجودية للأمة الشركسية.

الاستقلال يعني استقلال القرار والرأي في تقرير المصير وحكم الذات والإكتفاء الذاتي من دون أي ضغط أجنبي مباشر أو غير مباشر. وكان مخيباً للآمال المطالعة على شبكة الإنترنت بأن برلمانيين أبخاز قد احتفلوا منذ وقت ليس ببعيد، بما وُصفَ بذكرى 165 عاما لما سمي الصداقة بين روسيا وأبخازيا! كما طالب البرلمان الأبخازي روسيا قبل بضع سنوات الإعتراف بالإبادة الجماعية التي حلّت بالأبخازيّين من دون الإشارة إلى إخوانهم أو حتى أصدقائهم “الشركس الأديغه” الذين فقدوا نصف الأمة من خلال خضوعهم لعمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بشكل متعمّد تم تنفيذها من قبل روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر، وأن 90 ٪ من أولئك الذين بقوا على قيد الحياة بعد معاناة من الأمراض، والتعرض للظروف الجوية القاسية والوخيمة، والإبعاد في ظروف مهينة وأخيرا وليس آخرا على الكد والتعب في مناطق جديدة بعيدا عن الوطن. إذا كانت هناك علاقة صداقة لماذا أقدمت روسيا على احتلال أبخازيا بنفس الطريقة التي احتلت بها شركيسيا وبقية أمم منطقة القوقاز؟ لماذا يعيش الغالبية العظمى من الشركس والأبخاز في الشتات، والذي هو بعيدا عن الوطن؟ يبدو أن هذا النوع من الصّداقة والأخوّة هو من نمط ومعنى مختلفين!

مع الأسف الشديد، وبعد المرض المبهم  والموت لرئيس أبخازيا، أصدر الرئيس الجديد لأبخازيا الكسندر أنكفاب رسالة مؤرخة بتاريخ  25 نوفمبر/تشرين الثاني، 2011، لما وصف بأنه عرض لسياستة المتعلّقة بالشتات. وقد طلب الرئيس الّذي تقلّد منصبه حديثا من الشتات الابخازي للنّأي بنفسه بعيداً عمّا أسماه “حركة المعارضة العالمية” لكي لا تعلن الحقيقة الموثّقة عن الإبادة الجماعية الشركسية في العالم أجمع، والّتي تعارض الألعاب الأولمبيّة الشتوية لعام 2014 في سوتشي والمزمع إقامتها على “أرض الإبادة الجماعيّة”؛ أضاف ألكسندر أنكفا ، وأطلق إتهامات باطلة، واستخدم تعبيرات تنم عن التشهير والافتراء ضد المنظمات و / أو الجمعيات التي تعمل في جميع أنحاء العالم حتى في القوقاز لجعل المظالم والحقوق المصادرة معترف بها وتتم استعادتها. وهناك مثال حي على ذلك عندما فاز مؤخّراً (في بداية شهر ديسمبر/كانون الثّاني الحالي) أخ نحّات من كوركوشين السّفلى في جمهوريّة قباردينو – بلقاريا  يبلغ الثّالثة والخمسون من العمر، ويدعى حسين كوشيسوكوف بمسابقة تصميم نصب تذكاري سيكرس لذكرى ضحايا الإبادة الجماعية الشركسية. وقد نشرموقع ناتبرس مقابلة معه والّتي عكست المشاعر الشّركسيّة الحقيقية والمخلصة بصدد الجرائم التي ارتُكِبَتْ ضد أمّتنا الشّركسيّة المظلومة. http://natpress.net/index.php?newsid=8074

 

وقد نشر “منتدى القفقاس” في الشتات التركي مقالا في 11 ديسمبر/كانون الأول 2011، بعنوان “سياسة الأخوّة الواقعيّة” في رده لدحض الأغراض المشبوهة والخبيثة والأكاذيب والمطالب التي هي بشكل صارخ وفاضح توجّه ضد الشّراكسة ذوي الضّمائر الحيّة المطالبين باستعادة حقوقهم المصادرة. وذكر المقال الفقرة التالية: “وقبل ذلك، لقد أعلنّا للرأي العام بأننا كنا على بيّنة من محاولات لتحريك الشتات الأبخازي ليكون حصان طروادة لروسيا، ونحن إذ نقف ضد هذه المحاولات. بعد هذه الرسالة، والّتي خُطّت وحملت توقيع رئيس أبخازيا الّذي يمثل دولة أبخازيا، أعلنا أننا نرى بأن هذه السياسة باعتبارها سياسة رسمية لدولة أبخازيا ونشعر انّ من واجبنا المشاركة في ردنا مع الرأي العام.” وجاء في البيان أيضا: “نحن، باعتبارنا ناشطين في رفع صوتنا عالياً ضد ألعاب سوتشي الأولمبية لعام 2014، وسوتشي ولحقيقة الإبادة الجماعية، لن نسمح ليتم تحويل نضالنا عن مساره الأصلي. ولن نسمح لأي دولة أو جماعة ذات مصلحة ذاتيّة للتّلاعب بهذا النضال الّذي تشكّل نتيجةً لتحرّك الشتات الفعّال. وكما ثبت مرات عديدة في الماضي، سيكون المجتمع الشركسي نفسه الّذي سيخيّب هذه الحملة المُدبّرة والمنظمة من قبل روسيا من خلال مؤسسات المجتمع الشركسي. http://www.kafkasyaforumu.org/index.php?option=com_content&view=article&id=683%3Arealpolitic-brotherhood&catid=4%3Aduyuru&Itemid=170&mid=551

 

نقلا عن: راديو أديغا

Share Button

اترك تعليقاً