شرارة الحرب الأولى على شيركيسيا – وليد هاكوز

شرارة الحرب الأولى على شيركيسيا – وليد هاكوز

 

sp-300x263

بعد إنتهاء الحرب الروسية التركية خلال 1735 – 1739 ، وعلى الرغم من انتصار روسيا ، إلا ان إنسحاب حليفتها النمسا من الحرب أضعف موقف روسيا . كما أن العلاقات الروسية السويدية تدهورت بشلك سريع ، مما أجبر روسيا للتراجع عن مواقفها على شروط المعاهدة ، والتي أشرف عليها ممثل الحكومة الفرنسية الماركيز دي فيلنوف ، لتوافق روسيا مرغمة على توقيع معاهدة بلغراد للسلام في 18 ايلول 1739 .

وبوجب تلك المعاهدة منحت روسيا الأراضي الواقعة حول حوض نهر الدون الذي يصب ببحر آزوف ، والمحاذية للأراضي الشركسية ، وقامت بتوطين شعوب قوزاق فيها ، كما أعطتها الحق ببناء قلعة ديمتريسك قبالة قرية (آزوف) ، وبالمقابل منحت الأتراك الحق ببناء قلعة عند مصاب نهر كوبان على بحر آزوف عند قرية (تيمروقة) . ومن جانب آخر ، تم الإعتراف بإستقلال بلاد القبردي والتي كانت عمليا محتلة من قبل روسيا منذ العام 1557 ، وإعتبار تلك الأراضي الشركسية محايدة وحاجزا طبيعيا بين روسيا وتركيا . وإنشر الجيش الروسي شرقا وأقام قلعة (كيزلار) القريبة من بحر قزوين ، وبدأت القوات الروسية ببناء القلاع والحصون العسكرية في إتجاه الغرب ، وأصبحت قريبة من قرية (مزدوق) . وكان ذلك تمهيدا لإنطلاق الشرارة الأولى للحرب التي شنتها روسيا على شيركيسيا لاحقا ، بعد 24 عاما من تلك المعاهدة .

ففي العام 1759 ، قام الأمير (كورغوقة قانشاو) أحد أمراء (الجلاخستنّي) من قبيلة القبردي بتوثيق إتصالاته مع الإمبراطورة الروسية (إليزابيث) ، وأعلن تنصره وإعتناقه للديانة المسيحية ، وأصبح إسمه الأمير (أندريه إيفانوف) . وفي منتصف عام 1762 ، وعند تولي الحكم الامبراطورة (كاترينا) ، قامت بمساعدته لتحديث القرية ، حيث شيدت فيها كنيسة أرثوذكسية ، وأصبحت مركزا عسكريا ، وكان لها الدور الهام في إشعال شرارة الحرب الروسية الشركسية ، وإستمرت قرنا من الزمان .

وفي عام 1762 ، وصل خط القلاع الحصون العسكري إلى محيط قرية (مزدوك) الشركسية ، سرعان ما إندلعت الإشتباكات بعد رفض قبيلة القبردي التواجد العسكري على أراضيهم . وفي العام 1763 أرسلت الأمبراطورة (كاترينا) قوات عسكرية بقيادة الأمير (بوتيومكين) ، فأقام قلعة (مزدوك) العسكرية وسوى محيطها ، ثم أقام خطا عسكريا سمي خط القوزاق وإمتد لمسافة 466 ميلا ، كما أقام عليه خمسة تحصينات عسكرية ، الذي شكل نواة خط آزوف – مزدوك على طول الحدود مع شيركيسيا . وأدت تلك الأعمال إلى وقوع النزاعات والإشتباكات مع الشركس ، وشكل الشرارة الأولى لشن الحرب الروسية على شيركيسيا .

sp2-300x271

رفضت المقاومة الشركسية التواجد الروسي العسكري والآخذ بالإزدياد . وفي العام 1770 تم طرد عدد كبير من سكانها الشركس الأصليين ، وجلب 517 عائلة من شعوب قوزاق الفولغا للإستيطان فيها ، وأقيمت فيها الورش الصناعية العسكرية ، وصارت مركزا لقيادة قوات المليشا القوزاقية ، ليصبح عدد سكانها 8760 نسمة في ذلك العام . وتصاعدت هجمات المليشيات القوزاقية المتكررة على القرى الشركسية الحدودية ، مما دفع بالشركس بصد تلك الغارات القوزاقية . ففي 11 / 7 / 1772 ، إنتفض شعب القبردي بقوة بلغت تعدادها نحو 8,000 فارس بقيادة الأمير (دولت جيري) وهاجمت قلعة مزدوك العسكرية ، أصيب فيها قائد الحامية القوزاقي (بلاتوف) بجروح بليغة .

وإثر إنتهاء الحرب العثمانية والروسية في 1774 ، وتوقيع معاهدة (كوتشوك قينجارة) للسلام بينهما في 10/7/1774 ، إجتاحت القوات الروسية بقيادة الجنرال (ميديم) أراضي القبردي ، وأصبح كامل أراضي القبردي الصغرى (الجلاخستنّي) تحت الحكم الروسي في 13/1/1775 . وفي خريف عام 1777 جاء الجنرال (ياكوبي) قائدا عاما للقوات الروسية في المنطقة ، وسميّت قواته بالجيش القوقازي ، وبنى قلاعا جديدة لتعزيز خط آزوف – مزدوك ، لتمتد من قلعة (مزدوك) شرقا وحتى قلعة (ديمتريفسك) غربا قرب قرية (آزوف) .

وأصبح يتشكل من القلاع والحصون التالية : (مزدوك) – (باولودولسك) – (إيكاترينوغراد) – (بروخلادنة) – (سالداتسك) – (باولوفسك) – (غيورغيفسك) – (أليكساندريوسك) – (شوخوبادينسك) – (ٍسابيتيا) – (أليكساندروفسك) – (كالينوفسك) – (سيرغيفسك) – (باسوفايا باتكا) – (ألتميرافسك) – (ستافروبول) – (موسكوفسكايا) – (دونسكايا) – (بيتوباتوني) – (بروفيرادنة) – (كالافشكايا) – (ياتروتسكوي) – (بيختيخانيا- كوبانيا) – (سريد إيغورليتسكايا) – (ميتيختنيا) – (كروقة لانيتسكايا) – (باتايسكايا) – و (ديمتريسكايا) .

وخلال 1776 تقدمت القوات الروسية من قلعة (ديمتريسكايا) في شمال شيركيسيا ، وكانت تسمى جيش كوبان بقيادة الجنرال (أنجليس سوفروف) ، وتوغلت داخل الأراضي الشركسية وإحتلت قرية (بجادوغ حابلة) ودمرتها ـ وأقامت حولها قلعة (إيكاترينودار) في العام 1777 ، ثم إتجهت إلى قرية (أنة كوبل) ، وتقدمت نحو قلعة (تيمروك) ، ثم قرية (تامان) ، وأقامت قلعة (فاناغوريا) . كما حاولت إختلال قلعة (أنابة) ولكنها فشلت . وأصبحت القوات الروسية تتواجد على الضفة الشمالية لنهر كوبان وحتى مصابه في البحر الأسود .

وتم بناء خط كوبان العسكري خلال خمسة سنوات ، وأصبح يمتد من قلعة (فاما غوريا ) غربا وعلى طول أمتداد نهر كوبان شرقا ، ليتصل مع خط أزوف – مزدوك عند قلعة (ستافروبول) شرقا ، وأصبح خط كوبان العسكري يتكون من قلاع : (فاماغوريا) ، (تيمروك) ، (بيتروفسك) ، (بروتوزك) ، (كوبيل) ، (كاراكوبينسك) ، (إيفانوفسك) ، (ميشاستوفسك) ، (إيكاترينودار) ، (فارونيشسك) ، (لادوشك) (لابينسكايا) ، (تيبليسيكايا) ، (كازانسكايا) ، (كافكازسكايا) ،

sp3-300x219 (1)

ثم تم بناء قلاع : (تيميشسبيرغ) ، (غريغوريفسك) ، (بروتشنيبكوب) (أوبيشنايا) ، (نيكولايفسك) ، (بورسكوفسكايا) ، (نيفينوميسك) ، (بيلوميشيسك) ، (بيطال باشينسك) ، (أوست تشيغوتا) ، (أخماتوك) ، (بورغوستان) ، و(كيسلافودسك) ، الذي أمتد شرقا ليتصل مع قلاع (يسنتوكسكايا) ، (كوستاتينوغوريا) ، و (غيورغيفسك) ليتصل مع خط آزوف – مزدوك . كما إمتد جنوبا إلى قلاع وحصون : (كامينوموست) ، (باخسان) ، (تشيقيم) ، (نالتشيك) ، (أورفان) ، (تشيريك) ، ليلتقي مع خط القوزاق عند حصن (أورتشيريكسك) .

وفي العام 1782 ، قام الأمير (بوتيوميكن) بضم شبه جزيرة القرم لروسيا ، وأصبحت محافظة روسيىة . وطلب الإجتماع بشعب النغوي والتتار الذي تجمع بالآلاف في منطقة على شاطئ بحر آزوف وتسمى حاليا (آيسك) ، وأعلن رضوخ خان القرم (شاغين جيري) آخر ملوك القرم ، وتنازله عن كل الحقوق والإمتيازات الممنوحة له بحكهم . وبعد خطابه ، أعلنوا الولاء والطاعة لروسيا ، وتم تجهيز الولائم إحتفالا بهذه المناسبة ، حيث نحر 100 من الأبقار ، و 800 من الماشية . وبعد تلقيهم كمية ضخمة من الروبلات الذهبية ، أقسموا بالوعد للعمل على مساعدة الروس في منطقة النغوي التي إستوطنها أبناء جلدتهم سابقا ، وتقع إلى الشرق من أراضي قبيلة (المخوش) الشركسية منذ العام 1775 ، وإنتهى الحفل بسباق للخيل .

وقامت روسيا بتوطين شعوب القوزاق في تلك المناطق الشمالية لشيركيسيا . وقامت هذه الشعوب لاحقا بالعمل على مساعدة الروس ضد الشركس . كما بوشر العمل بإقامة خط كوبان العسكري المنيع بقلاعه وتحصيناته ، إضافة للمستعمرات التي أقيمت حولها ، حيث تم توطين 350 عائلة من قوزاق الدون في المناطق الساحلية لبحر آزوف ، تماما كما جرى توطين شعوب قوزاق الفولغا و القالمق أيضا في مناطق بلاد القبردي في شرق شيركيسيا .

أصبح شرق وشمال الأراضي الشركسية الآن محتلة بالكامل ، وتمركزت القوات الروسية على طول الخط العسكري الممتد من مدينة مزدوك شرقا ، وحتى مدينة أنابة غربا ، بينما كان الشراكسة في تلك الأثناء منهمكون في مقاومة هجمات القوزاق في بلاد القبردي بالشرق ، وفي بلاد البيسلاني والمخوش في المنطقة الشرقية الشمالية ، وفي بلاد التيمرجوي والبزادوغ في الشمال ، حيث كانت تدّمر القرى الشركسية ، وتسرق مواشيها وتحرق حقولها الزراعية .

وفي العم 1784 ، تقدمت القوات الروسية في عمق بلاد القبردي جنوبا إلى بلاد الأسيتين لتبني قلعة (فلاديكافكاز) ، وتبني خطا عسكريا آخر سمّي خط القوزاق ، ربط قلعة (إيكاترينوغراد) مع قلعة (فلاديكافكاز) . وفي شهر أيآر 1785 عيّن الأمير (بوتيوميكن) كنائب للإمبراطور الروسي على القفقاس ، وجلب معه الألمان وأقام المستعمرات الألمانية فيها ، وتقدم شرقا من قلعة (مزدوك) لتبدأ عملية غزو بلاد الشيشان .

وفي عام 1787 قامت الحرب الروسية – التركية مجددا ، وبدأت فعليا المرحلة الثانية من الحرب الشركسية الروسية ، حيث سقطت قلعة (أنابة) الساحلية نهائيا في أيدي الروس في 1891 بعد حصار طويل ومعارك باسلة لقوات المقاومة الشركسية . وتم تعزيز خط البحر الأسود العسكري على طول ساحل شيركيسيا ، ليكتمل خط الطوق البحري من قلعة (أنابة ) شمالا إلى قلعة (أدلر) جنوب سوشي في العام 1792 ، وتصبح شيركيسيا مطوّقة كليا .

كما أمتد الخط العسكري البحري ليرتبط مع القلاع التي شيدت على سواحل أبخازيا وجورجيا أيضا ، وتم تعزيزه بالمستوطنين من شعوب قوزاق الذي جلبوا من الفولغا ، الدون ، والدانوب . وبعد إحتلال جورجيا في 1801 ، أصبحت مركزا لقيادة القوات العسكرية الروسية التي شنت منها هجماتها لاحقا على شيركيسيا . وهكذا ، وبعد أن تم إحتلال نصف أراضي شيركيسيا ، إنتقلت الحرب إلى مرحلتها الجديدة ، وكانت أكثر قساوة بعد 38 عاما من بدء شرارة الحرب التي إنطلقت في 20 / 5 / 1763 . وأستمرت الحرب الشركسية – الروسية بعد ذلك 63 عاما أخرى ، لتنتهي الحرب البشعة نهائيا بسقوط شيركيسيا في 21 / 5 / 1864 ، وتصبح تحت الإحتلال الروسي الغاشم حتى يومنا هذا ، وأدت نتيجتها إلى تهجير الأمة الشركسية بأبشع وسائل التطهير العرقي والإبادة الجماعية .

وليد هاكوز
تورونتو – كندا

Resources
John Frederick Baddely. The Russian Conquest of the Caucasus, London – 1908.
Plokhotnyk. T., “The Formation of German Colonies in the North Caucasus”, Journal of the American Historical Society of Germans from Russia – 2000.
T. B. Armstrong. Travels in the seat of war, during the last two campaigns of Russia and Turkey, London – 1831.
History of the USSR from ancient times to the present day. Moscow – 1967.

نقلا عن: موقع الأخبار الشركسية

http://www.circassiannews.com/?p=7750

Share Button

سلسلة ندوات (( أن تعرف قضيتك )) – القضية الشركسية و حقوق الإنسان – ١١-٢-٢٠١٢

سلسلة ندوات (( أن تعرف قضيتك )) – القضية الشركسية و حقوق الإنسان – ١١-٢-٢٠١٢
21MAY1864_Cover-300x110

ننقل لكم اعلان الندوه الثانيه من سلسله ندوات ((ان تعرف قضيتك))

الأخوات و الأخوة، حتى لا نختلف و نحن لا نعرف، و حتى يصبح نقاشنا نقاشاً مبنياً على المعرفة بادروا بالمشاركة وحضور سلسلة ندوات:
(( أن تعرف قضيتك ))

الندوة الثانية بعنوان – “القضية الشركسية و حقوق الإنسان” – بإدارة معالي الدكتور محيي الدين توق يوم السبت 11-2-2012 الساعة السابعة مساء في الجمعية الخيرية الشركسية – المركز.

عمّان

نقلا عن: موقع الأخبار الشّركسيّة

http://www.circassiannews.com/?p=7729

Share Button

الجزيرة: عمروف يأمر بوقف الهجمات بروسيا

عمروف يأمر بوقف الهجمات بروسيا
عمروف كما ظهر في الشريط الذي بثه موقع قوقاز سنتر الإلكتروني (الفرنسية)
عمروف كما ظهر في الشريط الذي بثه موقع قوقاز سنتر الإلكتروني (الفرنسية)

أمر زعيم “إمارة القوقاز الإسلامية” دوكو عمروف أنصاره بوقف الهجمات على المدنيين في روسيا بعد خروج المظاهرات المناهضة لنظام رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين.جاء ذلك في شريط مصور بثه موقع “قوقاز سنتر” التابع للمسلحين الشيشان، وطالب فيه “كل مجموعات التمرد المكلفة بتنفيذ عملياتنا الخاصة في روسيا بأن توقف تلك العمليات التي يمكن أن تؤذي المواطنين المدنيين”.

وأضاف عمروف أن “الأحداث التي تشهدها روسيا اليوم تثبت لنا أن الشعب الروسي المسالم لم يعد يدعم نظام بوتين”، مشيرا إلى أن “المدنيين الروس اليوم رهينة نظام بوتين الذي يقاتل الإسلام في أراضي إمارة القوقاز، وفي هذه الظروف نحن مضطرون لحماية المدنيين خلال عملياتنا الخاصة”.

واعتبر أن الاحتجاجات المناوئة لبوتين ربما تشير إلى أن الشعب الروسي لم يعد يؤيد “وسائل الحرب البربرية التي مارسها بوتين وزمرته في إمارة القوقاز”، ووجه أنصاره لمهاجمة أهداف محددة في روسيا تشمل مباني الهيئات القانونية والجيش والمخابرات والقيادة السياسية لروسيا.

إمارة القوقاز
وكان عمروف -الذي كان ينتمي إلى حركة التمرد الشيشانية التي قاومت القوات الروسية من أجل استقلال الشيشان- تخلى عن الكفاح من أجل استقلال الشيشان في 2007 وانتقل إلى التيار الإسلامي معلنا قيام “إمارة القوقاز”.

وتبنى الهجوم على مطار موسكو دموديدوفا في يناير/كانون الثاني 2011 الذي أوقع 37 قتيلا، والهجوم المزدوج على مترو موسكو في 2010 والذي راح ضحيته أربعون قتيلا.

وتشهد منطقة شمال القوقاز الروسية -التي تضم الجمهوريات المضطربة الشيشان وداغستان وأنغوشيا- العديد من الهجمات التي يشنها مسلحون ضد الشرطة والقوات الاتحادية والمسؤولين المحليين.

ويواجه فلاديمير بوتين -الأوفر حظا للفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الرابع من مارس/آذار المقبل بعد ولايتين في الكرملين في 2000 و2008- موجة احتجاج غير مسبوقة منذ توليه الحكم.

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/42DFE8B2-9017-418A-A2F7-A8C37D8CE7C7.htm?GoogleStatID=9

Share Button