واقع التطهير العرقي والإبادة الجماعية الشركسية

واقع التطهير العرقي والإبادة الجماعية الشركسية

تقديم: عادل بشقوي

DSC_0037

يتم تنفيذ محاولة أخرى في الوقت الحاضر لتحويل عجلة التاريخ إلى مسار عكسي، مع حقيقة أن العالم باسره يغلق عيونه وآذانه تاركاً الشراكسة وحقوقهم المشروعة في الحالة التي يمكن وصفها بأنها “في مهب رياح” التسلط والظلم والإستحواذ والاعتداء على حرية أمّة مضطّهدة، والتي كان وطنها قد تم احتلاله منذ 148 عاما من الآن؛ ولكن مثلما يمر الوقت مثلما تقوى الإرادة لاسترداد الحقوق المنتهكة!

نشر موقع  صوت الأديغه / صوت شركيسيا (ИА “Адыгэ Хэкум и макъ. Голос Черкесии”) نقلا عن كفكازيا نت (kavkasia.net) ، عن مصدر مطّلع، بأن وكالة الانباء الجورجية “GHN” (http://ghn.ge/news-82836.html)، ذكرت:  “طلبت روسيا من جورجيا خلال المفاوضات الجورجية-الروسية بالتنصل من الإعتراف بالإبادة الجماعيّة الشّركسيّة قطعياً ووقف الترويج للموضوع”. ووفقا لمصادر أخرى، ترغب روسيا أيضا بإزالة النّصب التّذكاري الذي اقيم على شاطئ منتجع أناكليا على البحر الأسود، في جورجيا، لتخليد ذكرى ضحايا الحرب غير المتكافئة وغير العادلة التي وقعت بين مئات الآلاف من الجنود والمرتزقة المدربين تدريبا جيدا والتّابعين للإمبراطورية القيصريّة الرّوسيّة، وبين الأمة الأصيلة، شركيسيا، ما أدّى إلى احتلال الوطن الشركسي بأكمله، بعد حرب وحشية استمرت لما يقرب من 100 عام، مع كل عواقبها الوخيمة والمتّصلة بها.

حتى لو كان صحيحا، ورضخ الجورجيون للضغوط التي تمارس عليهم من قبل الدولة الروسية، فإن ذلك لن يغير من الوقائع والحقائق، لأن المنطق يفرض على الدولة الجورجيّة الالتزام بالقواعد الأخلاقية الأساسيّة، والتي لا ينبغي أن تسمح بالتّراجع عن الوعود والعهود والتي ينبغي الإلتزام بها، من باب احترام الدولة لذاتها ولكرامة الأمّة، والذي هو قيد الإختبار في هذا المثال الحي. إن عدم اتّباع المبادئ الأخلاقيّة سينقل القضيّة لتبدو كما لو أنّها الاستسلام للمطالب الرّوسيّة، الّتي تملي على الآخرين ما يفعلون وما يقولون، في طريقة تبين أنّهم في الصدارة وعلى رأس الأحداث، على نحوٍ يعطون لأنفسهم من خلاله “رخصة للإزدراء”.

وادّعى المقال أن كبار المسؤولين الجورجيّين السابقين حثّوا الشركس على رفض السّماح لجورجيا بإعادة النظر في الاعتراف بالإبادة الجماعية نتيجة للضغط الروسي الممارس على الحزب أو الإئتلاف المنتخب حديثاً والّذي شكل الحكومة الجورجيّة الحاليّة. المنطق يفرض عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجورجيا، بالطريقة الّتي يحاول من خلالها الآخرين التدخل في الشؤون الخاصّة الجورجية وسياساتها، وذلك لأن الحكومة والبرلمان الجورجيان مسؤولان على قدم المساواة وملتزمان أخلاقيا، ليس فقط لدعم الحقوق الشّركسيّة المشروعة، بل أيضا لمراعاة الإلتزامات الجورجيّة المتعلّقة باحترام الذات ووالغلتزام نحو أمة قوقازيّة أخرى.

ونشر مقال في موقع “أنت في الأردن” (http://youinjordan.com/)، بقلم “بِلِي هاداواي” (Billy Hadaway) في صيف عام 2012 (http://youinjordan.com/the-ethnic-cleansing-of-the-circassians-a-silent-genocide/),)، بعنوان “التطهير العرقي ضد الشركس –  إبادة جماعية صامتة؟”، ويشير إلى فظائع عانى منها الشركس، والّذي ألقى الضوء فيه على عناصر المحنة الشركسية، وذكر في إحدى فقراته: “قبل نهاية الحروب في عام 1864، فإن الشراكسة (الأديغة في لغتهم) الّذين نجوا من المجازر، بُدِئَ بتجميعهم من قبل الجيش الرّوسي واقتيادهم إلى موانئ على البحر الأسود، حيث تم تقديم كانت تنتظرهم سفن من قبل الدولة العثمانية المجاورة. من هنا تم طرد الغالبيّة العظمى من الشركس، لإعادة توطينهم بعيدا عن وطنهم إلى الأراضي ضمن الإمبراطورية العثمانية. ويقدر المؤرخون بأنه قتل أوهجر إلى المنفى نحو 90٪ من الشعب الشركسي خلال هذه الإبادة الجماعية غير المعروفة. في الوقت، يبلغ عدد الشركس نحو 7 مليون نسمة موزعين في أنحاء العالم، حيث أن الأغلبية تقيم في المنفى. فقط 750000 منهم ظلوا في مناطقهم الأصلية في شمال القوقاز”.

إذا ظهر الجورجيون في وضع هش ويمكن ان ينقادوا فيه للغير، فإن المفاوضون الروس المدعومون من السلطات الروسية، سيبرزون أكثر تسرّعاً وعدوانية، وبالتالي سوف تتأثر “العلاقات مع أمم وشعوب شمال القوقاز” الأخرى، وستهتز صورة وسمعة جورجيا؛ لكن إذا أبدت جورجيا تضامناً مع أمم القوقاز الأخرى، ولمبادئ الحرية وحقوق الإنسان وفقا للسيادة الوطنية، فسيظهر ذلك حضور قوقازي صلب ذو آثار إيجابية لجورجيا في فضاء عموم القوقاز. ليس سرا أن نعرف بأن هدف روسيا الرئيسي في الوقت الراهن هو التّملص من أجل عقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي، و”أكثر من أي شيء آخر لا يرغبون في قيام حملة لمواضيع الإبادة الجماعية للشعب الشركسي في الغرب”، في محاولة منهم، للظهور أمام العالم بأسره، كدولة حضارية، بينما تُبقي مع الشركس وشعوب القوقاز الأخرى وجهها السافر المعروف تماماً!

حيثما كانت رياح التغيير من شأنها أن تؤدّي، فإن الكرة الآن في الجانب الجورجي، حيث أن عليهم أن يأتوا برد الفعل المناسب؛ لكن المبادئ والقيم والقوانين والأعراف الدولية تقتضي بان تكون جورجيا على قدر “كلمة الشرف” الّتي أعطاها قادتها الشرعيّين  للشراكسة.

وباختصار، سار تسلسل الاعتراف الجورجي من خلال السلسلة التالية من المراحل:

– ابتدأ بالاتصال والتفاعل بين نشطاء شراكسة وقادة جورجيّين.

– عقد مؤتمرين شركسيّيْن في تبليسي في العام 2010، وعقدا في مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني بعنوان: “الأمم المغيّبة، المجابهة للجرائم: الشّركس وشعوب شمال القوقاز بين الماضي والمستقبل”.

– فى شهر مارس/آذار 2010، (http://www.civil.ge/eng/article.php?id=22231) وقع النشطاء الشراكسة والمشاركين في المؤتمر الشركسي الأول في تبليسي على كتاب رسمي موجّه إلى البرلمان الجورجي طالبين فيه الاعتراف بالإبادة الجماعية الشّركسيّة، استنادا إلى الحقائق الموثّقة.

– وأذنت السلطات الجورجية للشراكسة بالوصول إلى الوثائق المحفوظة في أرشيفات تبليسي، والتي تم كتابتها وحفظها من قبل القادة العسكريين وضباط الجيش القيصري الروسي التابعين للقيادة الجنوبية الروسية، عندما تم احتلال تبليسي من قبل الإمبراطورية الروسية، وأصبحت روسيا تهاجم شركيسيا من الجهة الجنوبيّة-الشّرقيّة (http://www.circassian-genocide.com/TbilisiIndex.php).

– تدارس البرلمان الجورجي، داخل لجانه (http://www.civil.ge/eng/article.php?id=22961) المطالب الشركسية العادلة، وقام بتشكيل لجان علمية متخصصة تتألف من العلماء المتخصصين والمؤرخين والأكاديميين من أصول مختلفة حتى من روسيا نفسها، والّذين حضروا جلسات خاصة، وعروض علمية ووثائق قانونيّة (http://www.parliament.ge/files/1544_32742_536746_genocidi-en.pdf)مؤكّدين وقوع أعمال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تعرّض لها الشراكسة.

– في الحادي عشر من يونيو/حزيران 2010، عقدت جلسة استماع علنية في البرلمان الجورجي عن القضية الشركسية. وقد بثت على الهواء مباشرة للجمهور على التلفزيون الوطني الجورجي، حيث شوهدت من قبل العديد من الجورجيين. وتحدث إثنان من المؤرّخين الجورجيّين المشهورين وهما، بيجان شورافا (Bejan Chorava)وميراب شوخوا (Merab Chukhua)، وقدّما شهادتهما أمام البرلمان عن الحقائق التاريخية. وكانت صدمة للاستماع إلى شهاداتهم والأدلة المقدمة.

– بعد مرور 14 شهرا من تاريخ تقديم الرسالة الشركسية، أيدت اللجان البرلمانية الجورجية في 19 مايو/أيار 2011، مشروع قرار للاعتراف بمجزرة القرن التاسع عشر وترحيل الشركس (http://www.civil.ge/eng/article.php?id=23466)، حيث عقد البرلمان الجورجي في 20 مايو/أيار 2011 (http://www.civil.ge/eng/article.php?id=23472)، جلسة وصوّت على مشروع القرار والتي أسفرت عن الموافقة على (http://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251656096) الاعتراف بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي الّذي لحق بالأمة الشّركسيّة في القرن التاسع عشر.

– وفي 21 مايو/أيار 2012، (http://www.civil.ge/eng/article.php?id=24790) افتتح نصب الإبادة الجماعية الشركسية على شاطئ منتجع أناكليا على البحر الأسود، في جورجيا، بعد ان تم تشييده، لتخليد ذكرى الضحايا الشراكسة، جنبا إلى جنب مع عقد مؤتمر بشأن القضية الشركسية (http://diaspora.gov.ge/index.php?lang_id=ENG&sec_id=124&info_id=2698). والمشاركين بجميع الوقائع المذكورة كانوا يحضرون من دول المهجر المختلفة ومن شمال القوقاز.

لقد أظهر الشراكسة باستمرار الصدق والصبر. وكانوا يتطلّعون دائما للأفضل، لكن كانوا دائمي الإستعداد للأسوأ، حيث أنّهم كثيرا ما واجهوا أطرافاً مختلفة تمارس نقض العهد و/أو التّنصّل من الوعود والعهود، حيث انّهم دائما تحلّوا بالجرأة لتحمل العواقب بشجاعةٍ وثبات. لم ينتظروا الأمور الجيدة لأن تحدث لهم؛ بل بدلا من ذلك عملوا بجد لتحقيق أهدافهم.

نقل عن موقع: صفحة “الناجون من الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة” على الفيسبوك

Share Button

بيان الحركة القومية الشركسية حول مغالطات الدولة الروسية الاخيرة

جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية

بيان الحركة القومية الشركسية

 حول مغالطات الدولة الروسية الاخيرة  بشان عودة شراكسة سوريا الى الوطن التاريخي شركيسيا:                            

شارت الانباء الواردة من العاصمة الروسية موسكو، مركز القيادة الروسية الى ان رد مجلس الدوما الروسي على طلب رئيس الأديغة خاسه في جمهورية الأديغي، آدم شعيب بوغوص حول مساعدة شراكسة سوريا لعودتهم الى وطنهم التاريخي شركيسيا بعد ان ضاقت بهم السبل جراء الحرب الدائرة الان في سوريا والتي تأتي على الاخضر واليابس، أفاد “بان  شراكسة سوريا هم أحفاد المهاجرين من شمال وغرب القوقاز من الأصول الأديغيه الذين لم يقبلوا بالمواطنة الروسية واختاروا الهجرة الطوعية من المنطقة عقب انتهاء العمليات العسكرية للحرب القوقازية (1817-1864). وبذلك، فإن أجداد شراكسة سوريا الحاليين أقاموا في أراضٍ لم تكن ضمن الدولة الروسية حتى هجرتهم في العام 1864 إلى الإمبراطورية العثمانية فلا يمكن اعتبارهم مهاجرين من الدولة الروسية وفقا للفقرة 3 للمادة 1 من القانون الفيدرالي”، وبالإضافة إلى تفاصيل تتعلق باعتبارات صاغها ما دعي بالقانون الفيدرالي الروسي وكذلك “تطبيق البرنامج الحكومي في دعم المواطنين المقيمين في الخارج في عودتهم إلى الوطن والمقرر في صيغته الجديدة بالقانون الرئاسي رقم 1289 في 14 سبتمبر/ أيلول من عام 2012، وأن مسألة شمول شراكسة سوريا بالقانون الرئاسي رقم 1289 اسوة بالمواطنين المقيمين في الخارج تقول الدوما تحتاج إلى دراسة شاملة بالتعاون مع وزارة الخارجية الروسية ودائرة الهجرة في الفيدرالية الروسية”.

وبناءاً على هذا الرد من الدوما ، فان الحركة القوميّة الشّركسيّة المنبثقة عن جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنيّة تود أن  توضح ما يلي:

– إن رد الدوما الروسي يتناقض مع الوقائع والحقائق التاريخية من جهة ومع الدستور والقوانين الروسية السارية من جهة أخرى، وما جاء في الرد لا يلمح فقط إلى تجاهل حقوق الشعب الشركسي (الأمة الشركسية) كإحدى القوميات الأصلية أو الأصيلة في شمال القوقاز، بل وتجاهل حقوقها الإنسانيّة ومبادئ وشرائع حقوق الإنسان والقانون الدولي.

– هناك إصراراً من الجانب الروسي على تسمية الحرب الروسيّة / الشركسيّة بالحرب القوقازية مما يؤدّي إلى تجاهل التسمية الحقيقية، وإلى تحويل الأنظار والإهتمامات إلى قراءة ما بين السطور من اجل محاولة تشويه الواقع وتغيير الوقائع.

– إن الحرب الرّوسيّة / الشّركسيّة التي امتدت لمدة مائة وسنة بين الأعوام (1763-1864)،والتي تشير اليها روسيا بالمسمى التالي: “العمليات العسكرية للحرب القوقازية (1817-1864)”، وهو مسمى يتناقض مع صحّة الوصف ودقّة التاريخ، ما يثير التباساً في المعنى والمبتغى.

– هناك تناقضاً في الوعود الروسية الموثقة والشفهية التي لم ترى النور بشكل جدي ومتوازن ابتداءاً من تصريحات الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين في عام 1996 وما تلاها من تعاطي السلطات الروسية مع الجمعية الشركسية العالمية التي اتخذت نالتشيك مقراً لها، وانتهاءاً بالطريق المسدود الّذي وصلته المحنة الإنسانيّة التي يواجهها الشّراكسة السوريون نتيجة لاستمرار العنف في سوريا، وعدم رغبة السلطات الروسية التعاون في هذا الظرف المأساوي المتكرر.

– الإقرار الذي لم يسبق له مثيل من  قبل الدوما الروسية يبين بما لا يدع مجالا للشك بان الشراكسة من الأصول الأديغيّة والذين يشكلون 90% من الأمة الشركسية قد تم تهجيرهم بعد إبادة جماعية منظّمة وتطهير عرقي في ظروف مأساويّة إلى خارج الوطن التاريخي، وهو ما وصف بأن شراكسة سوريا الحاليين أقاموا في أراضٍ لم تكن ضمن الفيدرالية الروسية حتى تاريخ تهجيرهم في العام 1864 إلى الإمبراطورية العثمانية، فلا يمكن اعتبارهم مهاجرين من الدولة الروسية وفقا للفقرة 3 للمادة 1 من القانون الفيدرالي، وهذا اعتراف روسي غير مسبوق يثبت ويعلن بأن روسيا قامت باحتلال وطنهم في عام 1864، وعليه، فكيف يمكن أن يكون مواطنوا مناطق محتلة يحملون جنسيّة الدّولة التي احتلت وطنهم؟

– بذلك، فقد اعترف مجلس الدوما الروسي بعدم انضمام الأمّة الشركسية طوعا إلى الإمبراطورية الروسية قبل 450 عاما وذلك بعكس الادعاءات الرسميّة الروسيّة التي احتفلت بموجبها الحكومة الروسيّة في سبتمبر/أيلول 2007 بذكرى ذلك الحدث باشراك أطراف شركسيّة تعتبر جزءاً من الإدارة الرّسميّة الروسيّة في شمال القوقاز وبعضاً من شراكسة الشتات المرتبطين بالجمعية الشركسية العالمية، ومعنى ذلك أيضاّ بأن مجلس الدوما الروسي اعترف بأن الوطن الشركسي لم يكن في وقت من الأوقات جزءا من الإمبراطورية القيصريّة الروسية بل احتلته الإمبراطورية القيصريّة الروسية في القرن التاسع عشر بعد حرب وحشيّة مدمّرة.

وتود الحركة القومية الشركسية ان تشير الى ان ما كان حقا يوما يبقى حقا أبدا ولا  يجوز ان تخضع قضايا الشعوب لقانون التقادم، وتؤمن الحركة القومية الشركسية بان شركيسيا التي كانت  ومنذ الازل وما تزال الوطن التاريخي للشراكسة  ستبقى وطن الشراكسة ابدا.

حرر في عمان

الحركة القومية الشركسية

نقلا عن: موقع الحركة القومية الشركسية (http://www.jaccf.org/?p=687)

Share Button