نافذة على أوراسيا: هل يوجّه اللوم لبوتين للحملة الّتي تسبق سوتشي – أم لا؟

نافذة على أوراسيا: هل يوجّه اللوم لبوتين للحملة الّتي تسبق سوتشي – أم لا؟

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

            ستاونتون، 16 ديسمبر/كانون الأوّل – كلما يحدث شيء سيئ في روسيا، فإن الملاذ الأخير للمعلقين المؤيدين للنظام هو القول بأن الحاكم ليس مسؤولا وتُحمّل المسؤوليّة إلى المرؤوسين: وبالتالي يمكن الإستمرار لمنح الرجل في الكرملين المصداقية لأي شيء جيد يحدث ولكن لا يكون مسؤولا عن أي شيء سيئ.

            كان ذلك سمة إعتياديّة في فترة غورباتشوف عندما كان كثيرين في كل من موسكو والغرب يسرفون في الإشادة بالرئيس السوفياتي بِما يشاؤون ولكن على وجه التّقريب بتهوّر من أجل تحويل المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين في نظامه لعديد من الأشياء الفظيعة مثل عمليات القمع في الجمهوريات غير الروسية التي وقعت تحت ناظريه.

            (وبطبيعة الحال، هذا النمط ليس مجهولاً في بلدان أخرى حيث يتم إلقاء اللوم على المرؤوسين بدلا من اعتبار الشخص في موقع المسؤولية العليا ما يمكن المسؤول في السلطة الفرصة لتغيير الاتجاه دون الحاجة إلى الاعتراف بالخطأ. لكن الحالة الرّوسيّة متميزة بسبب الإدّعاءات الّتي يقوم بها بشكل روتيني هؤلاء الموجودين بالسّلطة العليا.)

            ولكن كما يدرك معظم أعضاء هذه المجموعة وكما يرى العديد من المراقبين الآخرين، هناك مشكلتان خطيرتان مع هذا النهج. فمن جهة، إن كان الزعيم قوي بما فيه الكفاية للقيام بأمور إيجابية، يجب أن يكون في وضع يمكنه من منع أو معاقبة السّيّئين؛ وإذا لم يفعل أو لا يتمكن من ذلك، فإنه ربما ليس قوياً كما يريد أنصاره أن يصدقوا بأن يكون.

            ومن جهة أخرى، تستمر الجهود لتحويل المسؤولية بعيدا عن الحاكم إلى البيروقراطية، في حين يقصد ربما لفسح المجال للحاكم لتغيير المسار، ولديها تأثير تسليط الضوء على القوة وحتى استقلال المرؤوسين وربما تشجيعهم عن غير قصد ليكونوا كذلك أكثر.

            هذه الإنعكاسات تم الدّفع بها من خلال مقال بارز في صحيفة “فيدوموستي” (Vedomosti) الصادرة اليوم يوحي بان الحملة ضد مناصري حماية البيئة، والصحفيين، ومؤخرا نشطاء الشركس في فترة الإستعدادات لأولمبياد سوتشي هي نتيجة “صراع” من قبل هياكل السّلطة من أجل “النفوذ السياسي والتدفقات النقدية” (vedomosti.ru/opinion/news/20220011/olimpiada-silovikov).

            وكما تشير الصحيفة الموسكوفيّة، فإن جميع الخبراء يتفقون أن هذه الحملة ترتبط بشكل مباشر بالأولمبياد: “تريد السلطات تطهير الأراضي حول سوتشي من المستائين الذين يمكن أن يضروا بصورة” الدولة المضيفة للألعاب، و”لا أحد يفكر أن [هذه الأعمال] يمكن أن تؤثر سلبا على تطور الأحداث” من بعدهم.

            ومع ذلك، لا يوجد أي ذكر لدور بوتين، إلا بشكل غير مباشر. “فيدوموستي” تقول “سعي المركز لوضع التدفقات المالية تحت السيطرة هو منطقي … ولكن في الوضع الحالي من تدهور مؤسسات الدولة (في هذه الحالة المحاكم)، يمكن أن يؤدي إلى تركيز السلطة في أيدي منافسيهم وإلى تعزيز نفوذ الحرس القديم (siloviki)”.

            ومن المرجح أن بعض من الحرس القديم قد تجاوزوا سلطتهم في هذه الحالة، إلا أنّه من المستحيل أن نصدّق أن بوتين ليس وراء ما حدث. زعيم الكرملين هاجم الجماعات التي يجري الآن الهجوم عليها من قبل مرؤوسيه، وبالتالي لا بد له من تحمل المسؤولية في نهاية المطاف – إلا إذا أراد شخص ما أن يزعم أنه قد فقد السيطرة على الوضع.

            ذلك السؤال لا يمكن تجنبه وخصوصا عندما تكون تصرفات المسؤولين الروس لذلك عكسية جداً كما هو الحال في أعقاب اعتقال عدداً من نشطاء الشركس في شمال القوقاز يوم الجمعة. فعلى الرغم من أنه قد أفرج عنهم إلا أنهم عرضة للاستدعاء للاستجواب اليوم، هذه الاعتقالات أعادت تنشيط الحركة الشركسية.

            ادّعى المعلّقون الرّوس فجأة وبشراسة مع بعض التبرير عن وجود جهد شركسي لتعبئة مقاطعة دورة ألعاب سوتشي التي من المقرر إجراؤها في الموقع حيث كان أسلاف شراكسة اليوم قد تعرّضوا لإبادة جماعية فيه على أيدي القوات الروسية في عام 1864.

            و أشار نفس هؤلاء المعلقين إلى أن الجهود الشركسية لجعل موسكو تقبل بالعودة إلى شمال القوقاز لمزيد من مواطنيهم من سوريا، ناهيك عن إحياء جمهورية شركسيّة موحّدة في شمال القوقاز بدى وكأنه وصل إلى طريق مسدود في الأشهر الأخيرة.

            لكن الاعتقالات الأخيرة، كما تشير إيكاترينا سوكريانسكايا (Ekaterina Sokriyanskaya) من منظّمة ميموريال لحقوق الإنسان، قد غيّرت الوضع بأساليب جوهريّة. إن تأثير هذه الحملة هو مجرد عكس ما كانت السلطات الروسية تأمله و”الآن سيدوّي الموضوع الشركسي بصوت أعلى” من أي وقت مضى (caucasustimes.com/article.asp?id=21220).

            أنها تشير إلى أن السّلطات، وعن طريق مساواتها الشراكسة، وعلماء البيئة، والصحفيين، حيث أيا منهم لم يدعو في أي وقت مضى للعنف، مع الإرهابيين لن يغضبهم فقط لكن ذلك سوف يجذب الدعم لقضيتهم على وجه التحديد لأن السلطات الروسية قد بالغت إلى حدٍ بعيد.

            نظّم الشتات الشركسي مظاهرات في نيويورك ومدن غربية أخرى يوم أمس، حيث أن أحداثاً جذبت اهتماما جديدا لقضيتهم. واليوم، تنشر صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” (Nezavisimaya gazeta)، بأن الشركس في شمال القوقاز بصدد عقد مؤتمر للدّعوة الى قيام شركيسيا موحّدة (ng.ru/regions/2013-12-16/2_olimpiada.html).

                ونظرا لهذا التحول في الأحداث، فمن السهل أن نرى لماذا يمكن لبوتين أن يرغب في تجنب تحمل المسؤولية عن حملة باءت بالفشل. ما هو أقل من السهل قبوله أن هناك يبدو أن العديد من الآخرين في موسكو والغرب على حدٍ سواء ما زالوا على استعداد تام لمساعدته على القيام بذلك.

المصدر:

(http://windowoneurasia2.blogspot.com/2013/12/window-on-eurasia-is-putin-to-blame-for.html)

Share Button

اترك تعليقاً