نافذة على أوراسيا: بوتين يحاول ولكنّه فشل في تحييد تتار القرم

نافذة على أوراسيا: بوتين يحاول ولكنّه فشل في تحييد تتار القرم

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

            ستاونتون 14 مارس/آذار – في مؤشر آخر على أن الأسوأ ما زال في الافق في شبه جزيرة القرم، سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دون جدوى من اجل تحييد تتار القرم في مكالمة هاتفية مع مصطفى جميلوف (Mustafa Cemilev)، الرئيس السابق لمجلس تتار القرم والزعيم الروحي لأمته .

            في مقال نشر على غراني آر يو (Grani.ru) يوم أمس، يستنتج ألكسندر بودرابينيك (Aleksandr Podrabinek) هذه النتيجة بعد تقديم التقرير الأكثر تفصيلا حتى الآن بشأن ما أسماه هذا الأسبوع المناورة من قبل “المنشق ومنظومة البوليس السري التي بلغت أوجها في مكالمة هاتفية لمدة 30 دقيقة بين بوتين وزعيم تتار القرم  (grani.ru/opinion/podrabinek/m.226636.html)

            إن نهج الكرملين نحو جميلوف لافت للنظر لأن موسكو غير راغبة في التحدث مع قادة الأوكرانيّين منذ الاطاحة بفيكتور يانوكوفيتش (Viktor Yanukovich) من قبل قوى ميدان (Maidan). وفي يوم 18 فبراير/شباط، التقى مسؤول روسي رفيع المستوى مع جميلوف في سيفاستوبول (Sevastopol) وأخبره بأن بوتين يرغب في أن يلتقيه.

            وليس من المستغرب نظرا لماضيه باعتباره كان منشقاً في العهد السوفياتي وخصوصا فيما يتعلق بدوره في إيجاد مجموعة المبادرة للدّفاع عن حقوق الإنسان في الإتّحاد السّوفياتي (Initiative Group for the Defense of Human Rights in the USSR) في عام 1969، فإن جميلوف تعامل مع هذا الاقتراح بحذر شديد خشية “القبول بتسوية مذلّة” من خلال اجتماع لا يستطيع التنبؤ بنتائجه.

            من الواضح، فإن زعيم تتار القرم لم يكن عليه القبول. ولكن كما أشار معلق غراني آر يو، كان عليه أن يأخذ في الاعتبار حقيقة أن “السلطات الأوكرانية والسياسيين الغربيين يعيشوا مع حلم الحوار مع روسيا الّذي من المفترض أنها سوف تساعد على حل الوضع في شبه جزيرة القرم” وفي غيرها من المناطق.

                طلب رئيس الوزراء الأوكراني  أرسني ياتسينيوك (Arseni Yatseniuk) ووزير الخارجية التركي من شميليف عدم رفض لقاء مع بوتين. ونتيجة لذلك، طار شميليف يوم الثلاثاء إلى موسكو حيث التقى مع سفراء أوكرانيا وروسيا الذين الذين طلبوا منه أيضا الاتفاق على الإجتماع مع بوتين.

            وكان الوسيط بين شميليف وبوتين هو مينتيمير شايمييف (Mintimir Shaymiyev)، الرئيس السابق لجمهورية تتارستان. حيث أن يوم الاربعاء، اجتمع جميلوف مع مينتيمير شايمييف في الممثليّة الدائمة لتتارستان في موسكو، وبعد محادثات استمرت لمدة ساعة، ذهب شايمييف إلى غرفة أخرى وتم طلب جميلوف على الهاتف.

            كان على الخط بوتين الذي كرّر بأدب ولكن بحزم ما أصبح الخطوط الأساسية لدعاية الكرملين حول ما يحدث في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا وماذا يجب أن يحدث بعد ذلك. وقال جميلوف في وقت لاحق للصحفيين انّه صدم من استخدام بوتين للدعاية كبديل للحجة لما كان بعد كل ذلك محادثة خاصة .

            ورد زعيم تتار القرم من جانبه أنه مهما كانت الطّريقة الّتي تم حل مشكلة القرم بها، فمن الضروري أن يتم الحفاظ على السلامة الإقليمية لأوكرانيا. وقال بوتين انه يعلم مدى صعوبة حياة جميلوف وتتار القرم وأنه يمكن مناقشة أي زيادة في صلاحيات الحكم الذاتي في المستقبل بعد استفتاء 16 مارس/آذار.

            وقال جميلوف ان انضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا سيكون “انتهاكا فظاً لوحدة أراضي أوكرانيا ولاتّفاقيّة [بودابست] لعام 1994 والّتي تضمن لأوكرانيا الحفاظ على سيادتها في مقابل التخلي عن الأسلحة النووية”. وتصدّى بوتين لذلك بالإعراب عن رايه بأنه يجب أن يسمح لسكان شبه جزيرة القرم التعبير عن رأيهم.

            فيما يتعلق بتتار القرم، فإن بوتين، على حد تعبير بودرابينيك، “وعد بأنّه سيتم إعادة تأهيل كافّة حقوق تتار القرم بسرعة وفعالية” بعد الاستفتاء “وليس كما حدث في أوكرانيا”. وحذر جميلوف من أن الوضع في شبه جزيرة القرم هو “متفجر” وأن الاستفزازات ممكنة جدا.

            وقال بوتين انّه لا ينبغي لأحد أن يحاول ذلك، مضيفا أنه أصدر أمره بأن “لن يلحق تتار القرم أي ضرر”. وفي ختام المحادثة، أعرب زعيم الكرملين عن أمله في أنه يمكن أن يستكمل حديثهما في المستقبل.

            ماذا كان كل ذلك؟ يتساءل بودرابينيك ببلاغة. لم يكن جميلوف في روسيا منذ عام 1986. لم يكن أبدا شريكا للساسة الروس. وفي الوقت الحاضر، فإنه “لا يشغل أي وظائف حتى في المجلس”. وباختصار، فإن بطريرك تتار القرم لا يبدو مرشحاً محتملاً لعقد محادثات مع بوتين.

            ووفقا لمعلق غراني آر يو، يعتقد جميلوف ان “بوتين يريد تحقيق حياد  تتار القرم في الوضع الراهن غير المستقر”، خاصة وأن ” لا تزال الأحداث الأكثر جدّيّة أمامنا”. وزعيم الكرملين “يفهم بوضوح أن تتار القرم هم قوة سياسية حقيقية وحيدة ومنظمة تنظيما جيدا في شبه جزيرة القرم”.

            ويخلص بودرابينيك بأن كل ذلك يوحي، أن “موسكو تشعر بالقلق إزاء الرد العسكري في شبه جزيرة القرم حتى لو كان هذا سوف يكون صراعاً مدنياً أو حرباً غير نظاميّة” ويريد أن يتخذ خطوات لمنعها. على ما يبدو، على أقل تقدير، يريد بوتين أن يكون في وضع يمكنه من الادعاء بأنه بذل ما في وسعه لمنع مثل هذا الاحتمال .

            ولكن على الرغم من هذه المكالمة الهاتفية المهذّبة، فقد فشل بوتين بزعزعة موقف جميلوف وتتار القرم. وقد بقي هو وهم ملتزمين بسلامة أراضي أوكرانيا ومعارضين للإستفتاء غير القانوني المزمع عقده في 16 مارس/آذار الذي يشرف عليه بوتين .

المصدر (http://windowoneurasia2.blogspot.com/2014/03/window-on-eurasia-putin-tries-but-fails.html)

Share Button

اترك تعليقاً