الحقوق القانونية الشّركسيّة

الحقوق القانونية الشّركسيّة
4-31-700x221

إعداد: عادل بشقوي                                                                                                                                                         20 مايو/أيار 2014، الذكرى السّنويّة المائة والخمسون للإبادة الجماعية الشركسية والتطهير العرقي والترحيل والأعمال الشّرّيرة المرافقة الأخرى التي قامت بها روسيا القيصرية…

عرف الوطن الشركسي عبر آلاف السّنين  بأنه يقع في المنطقة الواقعة في شمال – غرب القوقاز المحاذية لشواطئ البحر الأسود الشّماليّة – الشّرقيّة والممتدة بين بحر آزوف وأبخازيا، حيث شهدت المنطقة على مدار السنين محاولات الغزاة والطّامعين والمستعمرين للسيطرة على شركيسيا من خلال الحملات والحروب العدوانيّة التي تخللتها عمليات الكر والفر، إلا أن الشّراكسة ومن خلال ممارستهم لحقهم الطّبيعي في الحرّيّة والكرامة الوطنيّة، فقداستطاعوا في كل مرّة تعرّضوا فيها لمحاولات السيطرة عليهم وعلى وطنهم بان يلجأوا إلى الجبال ويستمروا في عمليات المقاومة والإغارة على أعدائهم ليستطيعوا في نهاية المطاف من طردهم أو القضاء عليهم، إلا أنّهم تعايشوا أيضاً بالود مع بعض الشعوب والأمم التي عبرت المنطقة سواءاً بشكل مؤقّت كالإغريق واليونان القدماء أو الّذين هم من أصول فارسية أو تركيّة وانتقلوا إلى منطقة القوقاز وأقام بعضهم بجوار بعض القبائل الشركسيّة بشكل دائم، وهكذا استطاع الشّراكسة من البقاء في وطنهم الذي ورثوه عن اجدادهم، إلى أن أعلنت روسيا القيصرية حربا عدوانيّة لا هوادة فيها من اجل السّيطرة على شركيسيا بأي ثمن والقضاء على وجود الأمّة الشّركسيّة، واستمرّت هذه الحرب 101 سنة والتي اعتبرت أطول حرب خاضتها الدّولة الرّوسيّة على مدى تاريخها، وهي الحرب الرّوسيّة/الشّركسيّة أو كما تُدْعى بالحرب الرّوسيّة – القوقازيّة، لكن الّتي أسمتها الحكومة الروسيّة وللآن بالحرب القوقازيّة، في محاولة من أجل نزع الصّفة الواقعيّة عنها وعن مجرياتها وتداعياتها!  

مطابقة الواقع مع النتائج وتداعياتها

إن حقوق الأمة الشركسية غير القابلة للتصرف أو التنازل أو التناسي لا يمكن ولا يجوزأن تهمل أو أن يفرط بها لأن الشراكسة يتوقون إلى العيش في وطنهم كأي أمّة أخرى وإلى استرجاع حقوقهم المسلوبة الّتي هي أحب الى القلب والوجدان مما تم الحصول عليه وما يتوهم البعض بان هناك في هذا العالم ما هو أغلى من الوطن، خاصة وأن السعي لذلك هو غاية نبيلة بحد ذاتها ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التفاني والصدق والإيثار للوصول إلى الهدف المنشود، وان كل من ينسى أو يتناسى الوطن أو يفكر بالتنازل عن الحقوق الوطنية المشروعة سواء الشخصية أو الجماعية فانه يعتبر منافقا وانتهازيا وعميلا رخيصا لكل متربص بالأمة سواء في الوطن أو في أماكن تواجد المجتمعات والجاليات الشركسية على امتداد العالم.

فيما يتعلق بما سبق فإن المنطق يفرض تحرّي القواعد التي تتصل بشتّى مجالات التفكير الإنساني في مختلف ميادين الحياة؛ فالإنسان، و”من أجل تصحيح تفكيره من حيث الأسلوب والصورة وكذلك من حيث المحتوى والمادة، يحتاج الى معرفة قواعد المنطق وقوانينه، وإلا سوف لن يتمكَّن من أن يفكِّر تفكيراً صحيحا، بحيث يميِّز من خلاله الحق من الباطل فيتورَّط في الخطأ والإنحراف الفكري من غير أن يدرك سبب ذلك”. وهنا وبناءاً عليه يستدل من خلال المعرفة بأن تصحيح عملية التفكير ومطابقة المنطق على الواقع سيؤدّي بالضّرورة إلى بلوغ الحقيقة الماثلة ألا وهي أن الذي يكونغير مُطَّلع على قوانين المنطق أو لا يراعيها، فليس هناك ضمان لصحَّة أفكاره أصلاً” (http://www.al-kawthar.com/manteq/lesson1.htm).

في سياق متصل، لكن جاء في الوقت الذي كانت الحرب الروسيّة – الشّركسيّة تضع أوزارها ولم تنطبق على الحالة الشّركسيّة في ذلك الزّمان، رغم أن الشّراكسة تعرّضوا للقتل والإبادة الجماعيّة والتطهير العرقي ما أدّى إلى التّهجير القسري لتسعين بالمئة من الّذين بقوا على قيد الحياة في ظروف قاسية ووحشيّة، فقد تم تطوير ومن ثم إقرار القانون الدولي الإنساني خلال المائة والخمسون عاما الماضية برعاية اللجنة الدّوليّة للصليب الأحمر، والّذي صدر بعدها بشكل  قواعد دولية “أجمعت على حقيقة واحدة مفادها أن هدف هذا القانون هو حماية الأشخاص الذين يعانون من ويلات الحرب”، و”يتضمن في معناه الواسع النصوص القانونية الدولية كافة التي تؤمّن الحماية للفرد وحقوقه”؛ وهو “مجموعة القواعد الدولية الموضوعة بمقتضى معاهدات أو أعراف، والمخصصة تحديداً من أجل حل المشاكل ذات الصفة الإنسانية الناجمة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، والتي تحد “– لاعتبارات إنسانية- من حق أطراف النزاع من اللجوء إلى ما يختارونه من أساليب أو وسائل للقتال، وتحمي الأشخاص والممتلكات” (http://www.icrc.org/ara/war-and-law/index.jsp).

الحق الطّبيعي والأنظمة الإستبداديّة

والحق الطبيعي هو الحق الذي يملكه كل إنسان لحظة ولادته، كحق الكرامة الإنسانية والحرية في اختيار ما يناسبه لتقرير مصيره. ويحدد أن لكل إنسان،بغضالنظرعنجنسهوعمرهومكانسكنهولونهوانتمائهالعقائدي حقاً ثابتاً يمتلكه كإنسان. أن الحقوق الثابتة هي كحق الملكية وهي ليست كالحقوق المكتسبة،لذلك”لايمكنلأحدالتصرفبهاكسلبهاأوالتخليعنهاأواستبدالها” و”الحقوق الطبيعية على ارتباط وثيق بالحقوق الإنسانية“، وتعتبر هذه الحقوق حقوق أبديةوليست مرحلية   وتنتمي بكاملها لمجموعة الحقوق الأساسية ولايمكن لسلطة بشرية التدخل بها أو حتّى التأثير عليها (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D9%82_%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9%D9%8A).

ومن البديهي أن “تركيا العثمانيّة” تتحمل جزءًا من المسؤولية أيضا عن عواقب المحنة الشركسية، التي لعب العثمانيّون دوراً في العديد من عناصرها، سواء كان سلبيا أو إيجابياً، والتي أدّت في نهاية المطاف إلى تهجير المهجّرين الشّراكسة إلى الأماكن التي قرّرتها وأقرّتها لهم سلطات الإمبراطورية العثمانية والتي في النتيجة كانت تصب في تأمين مصالحها فيما يتعلّق بحماية الحدود والتخوم في أطراف الإمبراطوريّة المترامية الأرجاء والتي كانت في حالة من الضعف والتفكك؛ والآن، ومن هذا المنطلق يأتي واجب الدّولة التركية في دعم قضايا حقوق الإنسان التي تتعلق بالأمّة الشّركسيّة، وأن تمد يد المساعدة والمناصرة إلى الشراكسة العالقين في أتون الحرب الأهلية الّتي تجري الآن في سوريا، للخروج إلى شاطئ الأمان “أوّلا”، وقد حدث ذلك بالفعل على نطاق محدود عندما نقلت طائرة مجموعة من المهجّرين الشركس السوريّين بتاريخ 27 مارس/آذار 2013 من بيروت إلى غازي عنتاب في تركيا لإيوائهم في مجمع خاص بالشراكسة السوريين؛ و”ثانيا” لمساندة الأمّة الشركسيّة في سبيل الحصول على هدفها الأسمى ألا وهو استرداد الحقوق الشّركسيّة في العودة إلى الوطن الأم واسترداد الحقوق المسلوبة.

ولأن المحنة التي تعرّضت لها الأمّة الشّركسيّة كانت ولا تزال نتيجة لسياسة إستبداد وطغيان روسيا القيصريّة واستمرار الحكومات الرّوسيّة المتعاقبة على نفس النهج الإستعلائي والسّادي في التعاطي مع الشّراكسة وقضيّتهم التي لم يتم البت بها على النحو المطلوب، فإنّه من الحتمي أن يتم إلقاء الضوء على الأنظمة القائمة على الطغيان من أجل المقاربة والمقارنة، والتي تتألّف من الأنظمة الفاشية والعنصرية والنازية والتي لا تبدي أي اهتمام للقيم الإنسانيّة السامية وتعمل دائماً على التدخل في حياة الأفراد والجماعات معتمدةً على القمع وعلى سياسة الإستحواذ والإستقواء من أجل فرض الأمر الواقع الّذي لن يكون في جميع الأحوال متماشياً مع مصلحة المراد قمعهم، بل للتأثير على معنوياتهم ومجريات حياتهم، وبالتالي يمكن وصف الأنظمة المشار إليها على النحو التّالي:

*النّظام الفاشي، “يصبح الفرد في دول الأنظمة الفاشية أداةً لا تملك في الحقيقة إلا الحقوق الأولية (كحق التنفس مثلا)”. و”تُهدر في النظام الفاشي كل الحقوق الطبيعية إذ تحاول هذه الأنظمة بناء جوهر اجتماعي ذو لون واحد ولا تتورع في هذا المنحى عن محاولة كسر شوكة الفرد والتدخل قسرا في تشكيل جوهره ليتماشى مع مبادئ النظام الذي يعتبر نفسه صاحب كلمة الفصل لأن هدفه في النهاية هدف سامي وشريف ألا وهو خير الجميع (كما يؤمن ويعتقد)” أو حماية الكيان الّذي يحرص على تعزيزه وتقويته، “فينزوي الفرد وينطوي على نفسه في محاولاته حماية شخصه وغالبا ما يصير النفاق أهم وسائل التفاعل البشري الأفقي. وخلال أيام الأنظمة الفاشية الأخيرة لا تتورع السلطات التي تكون قد اندمجت في سلطة واحدة، عن إبعاد كل الأفراد المختلفين معها رأيا وعن حرمانهم حتى من الحقوق الأولية كحق الحياة”.

*”النّظام النازي يرفض وجود عرق أو لون إلى جانب العرق الذي يعتبره أفضل العروق”، “فهو إذاً يحاول التدخل في الأفراد شكلا وجوهرا”.

*نظام الفصل العنصري يقوم على قوانين حكم الأقلية للأغلبيّة كما كان الحال في جنوب أفريقيا، ويكمن هدف نظام الفصل العنصري (الأبارثايد) إلى خلق إطار قانوني يحافظ على الهيمنة الاقتصادية والسياسية للأقلية. ويتم تقسيم الأفراد إلى مجموعات عرقية وطبقيّة

(http://www.alanba.com.kw/ar/arabic-international-news/428351/07-12-2013).

إن الإفراط بالتبجح والغرور الّذي يسيطر على البعض ويلازمه، يجعله بالضّرورة متمسّكاً بمصالحه الذّاتيّة والأنانيّة بغض النّظر عن الظروف والنتائج والسبل التي يختارها ويحاول انتهاجها وفرضها لتحقيق أطماعه وأغراضه. وليس بخفي أن معظم الحروب تقع من أجل إشباع الأطماع التوسعية بأراضي الغير ومن أجل السيطرة على مقدّرات وثروات ومصائر الأمم والشعوب. والتاريخ يشهد على الظلم والقتل والتدمير والاحتلال والتهجير عبر انتهاكات مارسها الطّغاة للإعتداء على حريات الآخرين وسلب حقوقهم واحتلال أوطانهم، من خلال القسوة الّتي لا تعرف حدوداً ولا قيوداً من أجل إشباع الرغبات والنزوات الإستعماريّة (http://www.elaph.com/Web/opinion/2013/7/821676.html).

جهود منظمة اليونسكو لحماية المواقع التراثية العالمية في غرب القفقاس

لجنة التراث العالمي في اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة) وخلال دورتها ال (33) التي عقدت في مدينة إشبيلية الإسبانية في الفترة من 22 إلى 30 يونيو/حزيران 2009، قامت بدراسة 178 حالة لمواقع للتراث العالمي (http://www.unesco.org/new/ar/media-services/single-view/news/world_heritage_committee_to_meet_in_seville_to_inscribe_new_sites_on_unescos_world_heritage_list/) كما قامت بالنظر في طلبات إدراج مواقع جديدة على قائمة “اليونسكو للتراث العالمي”، وتناول اجتماع اللجنة ضرورة الحفاظ على مواقع التراث العالمي في منطقة غرب القفقاس وخاصة منطقة سوتشي التي ستقام على أرضها دورة الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة في عام 2014، وكذلك المناطق المحيطة بها.

وقد دعا قرار اللجنة الختامي مدعوماً بتوصيات منظمة السلام الأخضر في الدولة الروسية، الى اتخاذ قرارات بشأن النظام القانوني لحماية التراث، وتوضيح حدود المنطقة المحمية، وقواعد إدارة المحميات الطبيعية في اقرب وقت ممكن، وبالإضافة إلى ذلك، طُلب من الحكومة الروسية مراجعة الخطط والبرامج المتعلقة بالبرنامج الاتحادي المعروف باسم ” جنوب روسيا (2008-2012) ” التي تقرّر تنفيذها في  اقليم كراسنودار وجمهورية الأديغيه وجمهوريّة كاراشاي/شركس، وضمان توافقها مع حماية المواقع القيمة التي تعتبر من التراث العالمي، كما أنها طلبت خرائط ومعلومات مفصلة عن وضع الألعاب الأولمبية الشتوية في عام 2014 وغيرها من البنى التحتية في المواقع والمناطق المجاورة التي تتعلق بما يسمى تراث حديقة سوتشي الوطنية، ووثائق لتقييم أثر هذه المشاريع على القيم البيئيّة والإقليميّة والعالمية لهذه المواقع، وضرورة نشر هذه الوثائق للجمهور؛ بالإضافة إلى ذلك نص قرار لجنة التراث العالمي على ان تقوم روسيا بتقديم تقرير في الأول من شباط 2010 حول حالة المواقع التراثية ومركز التراث العالمي والتدابير المتخذة لتنفيذ توصيات لجنة التراث العالمي والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، المنعقد في عام 2008، لكي يتسنى للجنة التأكد والاطلاع عليه في دورتها ال 34، المزمع عقدها خلال إجتماعها التّالي (http://www.unesco.org/ar/home/whc/)

ليس من المستغرب أن صمّمت الفيدرالية الروسية في هذا الوقت بالذات ومع سبق الإصرار على تقديم سوتشي لاستضافة دورة الألعاب الأولمبيّة الشتوية لعام 2014 وذلك ضمن خطتها الرامية إلى التصدي للمد القومي الشركسي، وهي على ما يبدو حاولت إظهار نفسها للعالم بصورة منافية للوقائع والحقائق، لا بل عملت على تغيير معالم التراث الإنساني والمناطق الطبيعية والإعتداء على الأحياء البريّة ناهيك عن شطب وطمس الهوية الشركسية للمنطقة ومحاولة صبغها بانها روسية خالصة وبأنها لا تمت لمحيطها الإقليمي بأية صلة؛ وليس هناك طريقة أفضل من إظهار هذه الصورة إلّا من خلال منطقة سوتشي التي تعتبر رمزاً للمقاومة الوطنيّة الشركسية، وكونها آخر عاصمة لشركيسيا الحرة المستقلة، فبالرغم من افتقار سوتشي للبنية التحتية اللازمة لعقد هذه الألعاب بالإضافة إلى البيئة غير المناسبة وطبيعة الطقس والحاجة الى انفاق عشرات مليارات الدولارات من الخزينة الروسية التي كانت تشعر بالضعف والوهن نتيجة للازمة المالية العالمية آنذاك، إلّا أن موسكو أصرّت على موضوع الفوز بفرصة عقد الألعاب في سوتشي وسط  تنافس محموم، بشكل يظهر صحة الإعتقاد بأن الفيدرالية الروسية (الرسمية) حاولت فرض الأمر الواقع في سوتشي ومنطقة شمال القوقاز ومن دون حل القضايا الجوهريّة وكذلك عملت على بث الدعاية من أجل تسخيرها ضمن إطار منسّق من خلال تجاهل الحقوق الشّركسيّة وعدم الإتيان على ذكر الحقيقة الكامنة بأن الشّراكسة عاشوا في وطنهم لأكثر من ستة آلاف سنة متتالية وبأن مقابر ضحايا الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة متناثرة في منطقة سوتشي وخصوصاً في كرسنايا بوليانا؛ وتناسي حقيقة أن ميناء سوتشي كان أحد الموانئ الرئيسيّة التي قامت القوات الروسية الغازية بتجميع الشركس بها لاقتلاعهم من وطنهم ومن ثمّ تهجيرالأغلبيّة الساحقة منهم عبر البحر الأسود بعيداً عن القوقاز. وهذا يشير إلى أن سياسة الفيدرالية الروسية لا تزال ترتكز على إيصال الشراكسة إلى حافة اليأس والقنوط وإلى طريق مسدود من أجل التسليم بالأمر الواقع والإستكانة وعدم المطالبة باسترجاع الحقوق الشّركسيّة المغتصبة.

الحقوق الشّركسيّة وارتباطها بالقانون الدولي

إن الحقوق الشّركسيّة لا تقتصر على حق عودة جزءٍ يسيرٍ من المهجّرين الشّراكسة إلى وطنهم الأم الواقع في شمال القوقاز، بل هو أبعد وأشمل من ذلك بكثير، ولا يمكن إختصار عناصر القضيّة المتعدّدة إلى الخضوع لظروف وأهواء ووعود فارغة المحتوى والتي إن أخذت على غير جديتها وسوء نيّة من يروج ويدعو لها، ستؤثّر بالتالي على حق جمعي أصيل من حقوق كافّة أفراد الأمّة الشّركسيّة بلا استثناء.

وحق العودة للوطن هو حق محفوظ لأي شعب طُرد أو هُجّر أو أُخرج من موطنه الاصلي لأي سبب كان وفي أي وقت، وتجب العودة إلى الديار أو الأرض أو البيت الذي كان يعيش فيه حياة اعتيادية قبل تاريخ التّرحيل، وهذا الحق ينطبق على كل شخص سواء كان رجلاً أو امرأة، وينطبق كذلك على أحفاد وذرية أيٍ منهما مهما بلغ عددهم وأماكن تواجدهم وأمكنة ولادتهم والظروف المختلفة ومنها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. و”حق العودة حق غير قابل للتصرف، وهومستمد من القانون الدولي المعترف به عالمياً”. وهو “مكفول بمواد الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948، إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 13 على الآتي: ( لكل فرد حق مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده)”، وحق العودة “لا يسقط بالتقادم”، مهما طالت المدة التي حُرِم فيها المغتَصَبة أرضَهم من العودة إلىديارهم، لأنه “حق غير قابل للتصرف”. وهذا يعني  أنه من “الحقوق الثابتة الراسخة، مثل باقي حقوق الإنسان” التي لا تسقط بالتقادم أي بمرور الوقت، و”لا تخضع للمفاوضة أو التنازل، ولا تسقط أو تعدل أو يتغيّر مفهومها في أي معاهدة أو اتفاق سياسي من أي نوع” (http://www.un.org/ar/documents/udhr/hr_law.shtml).

و”حق العودة أيضاً يتبع حرمة الملكية الخاصة التي لا تزول بالاحتلال أو بتغيير السيادة على البلاد. وينطبق حق العودة على كل مواطن طبيعي سواء ملك أرضاً أم لم يملك، لأن طرد اللاجئ أو مغادرته لموطنه لا يحرمه من جنسيته الأصلية وحقه في المواطنة، ولذلك فإن حقه في العودة مرتبط أيضاً بحقه في الهوية التي فقدها وانتمائه إلى الوطن الذي حرم منه. ولا تعني عودته أن يرجع إلي أي مكان داخل الوطن الذي هجّر منه فقط، لأن عودة اللاجئ تتم فقط بعودته إلى نفس المكان الذي طرد منه أو غادره لأي سبب سواء هو أو أبواه أو أجداده”. (http://aqsaonline.org/news.aspx?id=1076)

و”التطهير العرقي” يعطى هذا الوصف تبعا للقانون الدولي، ويعد “قانونا جريمة حرب لا تسقط بالتقادم ويحاكم عليها كل شخص من أصغر جندي إلى أكبر رئيس قام بذلك، سواء بالأمر أو التنفيذ أو التحريض أو عدم منع وقوع الجريمة، وذلك حسب ميثاق روما عام 1998، الذي نشأت بموجبه محكمة الجرائم الدولية”. إذن “تعتبر عملية الطرد المنظم لعرق من الأعراق من دياره جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، كذلك منعهم من العودة بقتل العائدين أو تسميم آبارهم أو تدمير بيوتهم أو حرق محاصيلهم الزراعية أو بأي وسيلة أخرى سواء بالقول أو بالعمل هو جريمة حرب أيضاً”. وكل من ينفذ إحدى هذه الجرائم أو يدعو إليها أو يحرض على تنفيذها بالفعل أو القول أو يسكت عنها إذا كانت لديه سلطة، سواء بالترغيب أو الترهيب أو الإعلان أو الإغراء يكون قد اقترف جريمة حرب. و”حسب ميثاق روما، فإن استيطان (اغتصاب) مواطني الدولة المعتدية للأرض المحتلّة هو جريمة حرب أيضاً”.

ومن جهة أخري فباجتماع الحقوق الشخصية الفردية، وبالاعتماد على حق تقرير المصير الذي أكدته الأمم المتحدة لكل الشعوب عامة يصبح بذلك حق العودة حقا جماعيا أيضاً. وعليه فكل اتفاق على إسقاط  حق، غير قابل للتصرف، وباطل قانوناً، كما أنه ساقط أخلاقياً في الضمير العالمي، وتنص المادة الثانية من معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 على أن أي اتفاق بين القوة المحتلة والشعب المحتل أو ممثليه باطلة قانوناً، إذا أسقطت حقوقه؛ ويمكن الإعتبار مما جرى في أماكن مختلفة مثل جنوب أفريقيا في التخلص من سياسة الفصل العنصري واسترجاع الأكثرية السوداء لحقوقها، وكذلك ما حصل في تيمور الشرقية وكوسوفو وغيرها من الحالات المشابهة.

وللاجئين الحق في التعويض حسب قانون التعويض العام. فلهم الحق في التعويض عن الخسائر المادية الفردية مثل تدمير بيوتهم واستغلال ممتلكاتهم والإستيلاء عليها، والخسائر المعنوية الفردية مثل المعاناة واللجوء وفقدان أفراد الأسرة، والخسائر المادية الجماعية مثل مرافق ومقدرات الوطن كالطرق والجسور والموانئ والمياه والثروات الطبيعية والمعادن والأماكن المقدسة، والخسائر المعنوية الجماعية مثل فقدان الجنسيّة والهويّة والشّتات (الإغتراب) والاقتلاع من الوطن والتمييز العنصري والأرشيفات الوطنية والآثار الحضارية. ولهم أيضاً الحق في التعويض عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم ضد السلام الإقليمي والعالمي. يمكن التذكير هنا بالتعويضات الألمانية عن ضحايا النازية (http://article.wn.com/view/WNATc9d39df5b3db883697619df27575b907/)، كما وتوجد لدى الأمم المتحدة قوانين محددة وإجراءات معروفة طبقت بنجاح بعد الحرب العالمية الثانية وفي حالات تعويض البوسنة والهرسك وكذلك في تعويض المتضررين من احتلال الكويت عام 1990.

كذلك يجب تأمين سلامة وخير وأمن سكان المناطق التي جرت فيها عمليات عسكرية، وتسهيل عودة أولئك الذين فرّوا من هذه المناطق منذ نشوب القتال، وهو في ذلك لا يؤكد فقط حق العودة، بل ويؤكد مفهوم أن الأمر كان تهجيرا قسرياً، ونتيجة لتداعيات القتال والاستعمار.

إن حق العودة الوارد ذكره في شرائع الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والقوانين ذات الصلة ومجمل ما جاء من قرارات دولية في هذا الإطار، يظهر بأن الحق في العودة والتعويض من الحقوق التي لا تنقضي مع مرور الوقت وبأنها من الحقوق المتّصلة اتصالا وثيقاً بالجماعات وتطالب بها أينما كانت على أساس من الشرعية والحق وبديلاً عن الظلم والاضطهاد. ويظهر أن هناك مجموعتان من الحقوق التي يمكن أن تقرر للشركس في القانون الدولي العام: أولا بصفتهم جماعات اضطروا في وقت من الأوقات للخروج (التعرض للتهجير القسري) من أراضيهم الأصلية ليقطنوا كأقليات في دول غير دولتهم الأصلية، وهنا يتقرر لهم ما يمكن ان يتقرر لأي شعب تمّ إخراجه من أرضه كما تم ذكره أعلاه، وهذا يتعلّق بمجموعة الحقوق المقررة لهم في عهدة الدولة الروسية؛ وثانياً حقوقهم كأقليات تتواجد كلٍ منها في إقليم دولة غير الدّولة الأصلية (وهذا الجزء ليس في مدار البحث هنا).

إن حق الشركس في مطالبة روسيا وتوافقاً مع التسلسل التاريخي الذي يظهر حقيقة أن الشراكسة أرغموا على ترك وطنهم الأصلي، والبحث عن مواطن بديلة، وبعيداً عن الحال الذي آلت إليه تلك المجتمعات المتفرقة، “يظهر أن القانون الدولي العام يتضمن من المرتكزات القانونية ما يمكن أن يفيد بأن للشّراكسة الحق في المطالبة بحقوقهم التاريخية التي لم ولن تسقط بالتقادم”، وهذه الحقوق كما ذكر أعلاه تنحصر في الحق بالعودة والتعويض معاً. و “لا يعتبر التعويض بديلاً عن العودة، بل هو حقٌ آخر مضاف إلى حق العودة”.

وحقوق الشركس كأقليات حتّى في وطنهم الأصلي تقتضي الإشارة إلى “عصر النهضة الأوربية الّتي شهدت اتفاقات وإعلانات تتعلق بحماية حقوق الإنسان الأساسية، ومنها ما يخص الأقليات.  وتراوحت بين إعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776 إلى إعلان حقوق الإنسان في فرنسا عام 1789 ومعاهدة فينا لعام 1815 التي حرمت تجارة الرقيق، إلى معاهدة برلين عام 1878 التي عنيت بموضوع حقوق الأقليات بشكل عام”. و”هكذا توالت الإعلانات والاتفاقات مستندة إلى هذا الإعلان الذي يُعدّ الينبوع الأساسي لكافة المعاهدات التي تلته إلى  يومنا هذا، منها على سبيل المثال لا الحصر الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري لعام 1973 – 1978، وقرار الجمعية العامة للأمم المتّحدة 1981 الذي أكدت المادة السادسة منه على شمول كافة الحريات الأساسية منها حرية الفكر والوجدان والدين والمعتقد والعبادة والطقوس والكتابة والأعياد وإقامة الشعائر.  والحقيقة أنه يمكن اعتبار إعلان 1992 للأمم المتحدة مرجعية بحثية في تناول الحقوق الخاصة للأقليات باعتبار أنها أدرجت حقوق الأقليات في وثيقة منفصلة سعت إلى إلزام الدول بتقديم الأمن والحماية اللازمين لوجود الأقليات وحفظ هويتها وثقافتها وحقوقها الفردية والجماعية”.

(ومن أهم المعاهدات اللاحقة فيما يخص حقوق الأقليات هي معاهدة “سيفر” لعام 1920 التي نصت على الالتزام بحماية حقوق الأقليات، ومنحهم حق تقديم الشكاوى إلى المحكمة الدولية، وصولاً إلى ميلاد ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 الذي عبر عن ولادة عالم جديد مبني على الاحترام المتبادل لإرادة الشعوب ورغبتها في السلام والاستقرار.  ثم جاء بعد ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.  هنا نذكر بنص المادتين 1 و 2 اللتان أكدتا على أنه “يولد جميع الناس أحراراً متساوون في الكرامة والحقوق ،،،، ولكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات،،،، دون تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي”، والتذكير أيضاً بما أكدته المادتان 7 و 18 من الإعلان نفسه .)

وكذلك إعلان الأمم المتحدة  بشأن حقوق الشعوب الأصلية الصادر في 13 سبتمبر/أيلول 2007. {وقد صاغت الجمعية العامة للأمم المتحدة مسودته وتمت مناقشته رسميا على امتداد ما يربو عن 20 عاما قبل أن تعتمده الجمعية العامة في 13 أيلول/سبتمبر 2007. وتؤكد الوثيقة حقوق الشعوب الأصلية في العيش بكرامة وفي صون مؤسساتها وثقافتها وتقاليدها وتعزيزها، وأن  تسعى إلى تحقيق تنميتها بما يتماشى مع إحتياجاتها وتطلعاتها. وتعنى هيئات الأمم المتحدة الأخرى بحقوق الشعوب الأصلية من خلال اتفاقيات مثل اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 وإتفاقية التنوع البيولوجى ( المادة 8 ي)}.

ﺤﻕ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ

إن المتابع للقضية الشركسية يلاحظ انه توجد هناك فجوة شاسعة بين كل من “التناول السياسي والقانوني” للقضية الشركسية وعناصرها الرئيسية، فما يقره القانون (بنود قانون و/أو دستور روسيا) من جانب تحاول بعض الجهات تفريغه من محتواه من خلال سياسات الوعود والتعامل السلبي والنشاطات الثقافية المقصورة على امور فنية بحتة وأهمها إضفاء طابع إجتماعي على النشاطات والإجتماعات وتبادل الزيارات والإتصالات المختلفة الّتي يستشف منها النية المبيتة (مع سبق الإصرار) بالإيحاء للجميع للبقاء في الشّتات لما له من تداعيات ايجابية عليهم، ويبقي التنسيق بينها سواء مع السلطات التابعة للدولة الروسية في شمال القوقاز والأطراف الرسميّة بها والجمعيّة الشّركسيّة العالميّة من جهة، أو مع السلطات الروسية مباشرة من خلال سفاراتها والمراكز الثّقافيّة الروسية التابعة مباشرة لوزارة الخارجية الروسيّة من جهةٍ أخرى، لكي يتم فرض سياسة أمر واقع، تتجاهل الأمور البديهيّة من أجل طمس القضايا الجوهرية(http://www.sawasya.net/news_Details.aspx?Kind=4&News_ID=100).

ولذا لابد دائماً من الإشارة للقوانين الدولية ذات الصلة، كحد أدني لا يتم قبول ما دونهافي العمل مع كل من أراد التعامل والتحاور، بحيث لا يجوز التنازل عن الحقوق الوطنية المشروعة الثابتة، ويجب مراعاة إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (http://www.un.org/arabic/events/indigenous/2008/declaration.shtml). لذلك، فالمنطق يفرض إيجاد نواة عمل لتمثل الشراكة بين الشركس في كل أماكن تواجدهم وكافة المهتمين بقضيتهم، وبين منظّمات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، وذلك من أجل تفعيل القرارات والقوانين الدولية وشرح القضيّة الشّركسيّة للعالم بشكل وافي، وبما يتلائم مع حق العودة غير المشروط والتعويض وحق تقرير المصير، بلا مزايدات من أي طرف كان، والعمل على رفض كل ما يتمخض عنه إمكانية التنازل عن أي حق من حقوق الشراكسة. بالإضافة إلى ذلك، يجب الإهتمام بنشر المعرفة والمعلومات الموثّقة التي تتتعلق بالقضية الشركسية لأبناء الأمة الشّركسيّة ليكونوا على دراية بما حدث وما سيحدث، ويجب إدامة الإتصال والتواصل على الدوام من أجل ذلك الغرض باستعمال تكنولوجيا الإتصالات العصريّة (http://www.zowaa.org/Arabic/articles/art%20180512-2.htm).

ﺤﻕ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ﻋﺎﻡ 1917ﻡ 

ﺍﺭﺘﺒﻁ ﻤﺒﺩﺃ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﺒﺎﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ﻋﺎﻡ  1917ﻡ ﻤﻨﺫ ﺒﺩﺍﻴﺘﻬﺎ، ﺤﻴﺙ ﻅﻬﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﻓﻲ ﺇﻋﻼﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺸﻌﺏ ﺭﻭﺴﻴﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﺎﻡ 1917ﻡ، ﺠﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺤﻕ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﻴﺘﻠﺨﺹ ﻓﻲ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺨﺼﺎﺌﺹ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻜل ﺸﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻤﻡ ﻤﻊ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺒﺭﻭﻟﻴﺘﺎﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻨﻰ ﺘﻀﺎﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ، ﻭﻴﻌﻨﻰ ﺃﻴﻀﺎ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺤﻕ ﻜل ﺸﻌﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻤﻀﻁﻬﺩﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻴﺵ ﺘﺤﺕ ﻗﻬﺭ ﻭﻅﻠﻡ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻻﻨﻔﺼﺎل ﻭﺘﻜﻭﻴﻥ ﺩﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ، ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺯﺍﻴﺎ ﻭﺍﻟﻘﻴﻭﺩ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ، ﻤﻊ ﻤﻨﺢ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﻼﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﻗﻠﻴﻡ ﺭﻭﺴﻴﺎ (ﻤﺭﺍﺴﻴﻡ ﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺭﻭﺴﻴﺎ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ، 18 : 1917) و (ﻋﻤﺎﺩ،2002: 27). وعلى هذا الأساس طبق حق تقرير المصير على الشعوب التي كانت تعيش تحت حكم القياصرة، ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺎﻟﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻕ ﺸﻌﻭﺏ ﺩﻭل ﺍﻟﺒﻠﻁﻴﻕ “ﺇﺴﺘﻭﻨﻴﺎ ﻭﻟﻴﺘﻭﺍﻨﻴﺎ ﻭﻻﺘﻔﻴﺎ ﻭﺸﻌﺏ ﺃوﻜﺭﺍﻨﻴﺎ”، ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﺃﻥ ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻬﺎ 62% ﻤﻥ ﺴﻜﺎﻥ ﺭﻭﺴﻴﺎ (ﺴﻌﺩ ﺍﷲ،38 :1986). ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻨﺨﻠﺹ ﺇﻟﻰ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻤﻔﺎﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﻠﺸﻔﻴﺔ ﺍﻟﺭﻭﺴﻴﺔ ﺍﻋﺘﺭﻓﺕ ﺒﺤﻕ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﻭﻁﺒﻘﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﻭﻻﺩﺘﻬﺎ، ﻭﺍﻋﺘﺒﺭﺘﻪ ﻤﺒﺩﺃءاً ﺃﺴﺎﺴﻴﺎ ﻷﻱ ﺘﺴﻭﻴﻪ ﺴﻠﻤﻴﺔ ﺒﻌﺩ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ (http://www.ancme.net/studies/15).

لغة وثقافة الشّراكسة

تعتبر اللغة من المكونات الرّئيسيّة للهويّة القوميّة ومن العناصر الأساسيّة للثّقافة لأي شعب أو أمّة. وعليه فإنه يجب إلقاء نظرة للإطّلاع على ما آل إليه وضع اللغة الأديغيّة وهي لغة الشّراكسة، والّتي تبدو وكأنها في طريقها إلى الإندثار، بسبب عدم وجود برامج أو جهود مؤسسية جدية لوقف الإنحدار الّذي يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى إنقراض اللغة، والقضاء عليها قضاءاً مبرماً، وذلك لأن ما نسبته 90% من تعداد الأمّة الشّركسيّة يقيم في  ديار الشّتات ولا تستعمل لغة الأم إلا على نطاق ضيق جداً، وهناك ما نسبته 10% فقط من التعداد الكلي يقيم في الوطن في شمال القوقاز في ستة مناطق (جيوب) منها ثلاث جمهوريات ذات حكم ذاتي، إلا أن اللغة الأديغيّة ليست في مستوى يضعها في مستوى لغة رئيسية سواء في الدراسة أو التعاملات الرسميّة، حيث أن اللغة الروسية هي اللغة الرسمية والتي يجب استعمالها حسب القانون الساري في كل مجالات الحياة.

وتنص المادة الأولى من إﻋﻼن اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﺸﺄن حقوق اﻷشخاص اﻟﻤﻨﺘﻤﻴﻦ إﻟﻰ أﻗﻠﻴﺎت ﻗﻮﻣﻴﺔ أو إﺛﻨﻴﺔ وإﻟﻰ أﻗﻠﻴﺎت دينيّة وﻟﻐﻮيّة: “ﻋﻠﻰ اﻟﺪول أن ﺗﻘﻮم، كل ﻓﻲ إﻗﻠﻴﻤﻬﺎ، بحماية وجود اﻷﻗﻠﻴﺎت وهويتها اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ أو الإثنيّة، وهويتها اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ والدينية واﻟﻠﻐﻮية، وﺑﺘﻬﻴﺌﺔ اﻟﻈﺮوف اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺘﻌﺰيز هذه اﻟﻬﻮية” (http://www.ohchr.org/Documents/Publications/GuideMinoritiesar.pdf).

و”وجود بيئة لغوية وثقافية آمنة هو جوهري لإنماء شخصية الفرد، ولا ريب أن هذه البيئة تكون متاحة في العادة للأشخاص المنتمين للأغلبية أكثر منه للأشخاص المنتمين إلى أقليات وهكذا لا يعد مبدأ المساواة وعدم التمييز كافيا وحده لضمان تمتع الأقليات وأفرادها بالمستوى ذاته والمتاح للأغلبية وأفرادها.. وتقوم الحاجة إلى الاعتراف للأقليات بمعاملة تفضيلية تكفل لها الحفاظ على السمات والخصوصيات العديدة ومنها اللغة وتكون الدول التي تهمها موضوع الأقليات ملزمة باتخاذ التدابير الايجابية الكفيلة بتوفير بيئة آمنة ومشجعة للأقليات لإنماء لغاتها وتطوير سماتها وهويتها الخاصة”. لقد عكس الميثاق الأوربي في ديباجته حقيقة أن حماية اللغات الإقليمية أو لغات الأقليات في أوروبا يسهم في الحفاظ على الثروة الثقافية وإنمائها”، وهي في المحصّلة إثراءاً للتراث الإنساني (http://www.hrea.org/index.php?doc_id=367).

(وينظر الدارسون والمختصون بالقانون الدولي وحقوق الإنسان إلى اللغة وحمايتها على أساس أن حماية الحقوق اللغوية للأقليات يتمثل في ضمان أن الأفراد جميعهم يتمتعون ببيئة لغوية آمنة ومشجعة.. أما المقاربة الثانية فيمكن وصفها بأنها مقاربة بيئية لأنها تنظر إلى التنوع الثقافي كقيمة في حد ذاتها، وانه كالتنوع البيولوجي بحاجة إلى الحماية لما ينطوي عليه من قيمة ذاتية يتعين الحفاظ عليها. ولا يظهر أن هذه المقاربة تقدم شيئا للاعتراف بحقوق لغوية كحقوق للإنسان وذلك لأنها لا تربط هذه الحقوق بالشخص بل بالمطلق أي باللغة ذاتها.)

و”قد تضمن الميثاق الأوروبي للغات الإقليمية أو لغات الأقليات تعريفا وظيفيا للغة الأقلية أو للغة الإقليمية حيث نصت المادة الأولى على أن اللغات الإقليمية أو لغات الأقليات تعني اللغات المستخدمة تقليديا فوق إقليم معين من الأقاليم الخاضعة للدولة من جانب مواطنيها الذين يشكلون مجموعة اقل عددا من بقية السكان.. وتختلف عن اللغة / اللغات الرسمية لهذه الدولة .. ويلاحظ في هذا الشأن أن الميثاق يشير إلى وجود إقليم داخل الدولة وهو منطقة جغرافية تشكل هذه اللغة أسلوب التعبير لعدد من الأشخاص داخلها مما يبرر اتخاذ تدابير مختلفة للحماية وهي تلك المنصوص عليها في الميثاق”.

(http://www.alwatan.com/graphics/2003/02feb/23.2/heads/ct6.htm)

————————————————————-

مواقع مرجعية

http://www.al-kawthar.com/manteq/lesson1.htm

http://www.icrc.org/ara/war-and-law/index.jsp

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D9%82_%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9%D9%8A

http://en.wikipedia.org/wiki/Natural_law

http://www.unesco.org/new/ar/media-services/single-view/news/world_heritage_committee_to_meet_in_seville_to_inscribe_new_sites_on_unescos_world_heritage_list

http://www.unesco.org/ar/home/whc

http://www.ens-newswire.com/ens/oct2010/2010-10-14-insgaz.html

http://www.plands.org/arabic/speechs/001.html

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=21164

http://aqsaonline.org/le_3.php?id=1076&baab=7&kesm=18

http://article.wn.com/view/WNATc9d39df5b3db883697619df27575b907

http://arabic.dci-palestine.org/sites/arabic.dci-palestine.org/files/al-hd_al-dwly_al-khas_balhqwq_al-mdnyh_walsyasyh.pdf

http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b003.html

http://www.un.org/ar/documents/udhr/hr_law.shtml

———————————————————–

ملاحق

1) إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية

2) اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها

3) مكافحة التمييز ضد الشعوب الأصلية

4) مكافحة التمييز العنصري

5) ﺤﻕ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﻓﻰ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ

http://justicefornorthcaucasus.info/?p=1251672723
Share Button

اترك تعليقاً