الثلاثاء، 18 أبريل/نيسان، 2017
موسكو تنمّي بشكل واضح وغير مقصود الهويات المضادة للروس في شمال القوقاز
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
18 أبريل/نيسان 2017
ستاونتون 18 أبريل / نيسان — رصد المؤرخون في كثير من الأحيان أن شمال القوقاز يمكن أن يتحد فقط على أساس الإسلام أو هوية الجبلييلن، وعكس ذلك فإن شعوبه سيتقاتلون فيما بينهم، وأن موسكو عملت تقليديا بجد للإبقاء عليهم منقسمين خشية أن يظهر أي تماسك فيما بينهم ما سيكون أساساً لتحدي الحكم الروسي.
لكن السلطات الروسية في عهد فلاديمير بوتين تتخذ الآن خطوات في مجالين رئيسيين يقوضان كل تلك الاستراتيجية السابقة، إما بسبب الفشل في فهم ما هو على المحك أو بسبت التركيز على النتائج التكتيكية قصيرة الأجل، وبالتالي جعل سيطرة روسيا على المنطقة على الأقل أكثر صعوبة في المستقبل.
الأول يتعلق بالشركس، وهي أمّة قامت القوات القيصرية بتهجيرها، وعمل السوفييت على تقسيمها إلى أكثر من خمسة أجزاء، وترفض الحكومة الروسية الحالية الاعتراف بهؤلاء الشراكسة الذين يسعون إلى العودة إلى وطنهم كمواطنين من أبناء الشراكسة بسبب الصراعات في سوريا حيث يعيش العديد منهم هناك.
ويقول فاليري خاتازوكوف (Valery Khatazhukov)، رئيس مركز حقوق الإنسان في جمهورية قبباردينو – بلكاريا، إنه ينبغي منح الشركس في سوريا وأماكن أخرى ذلك الوضع لأنهم يتحدثون إحدى لغات الدولة — إن لغتهم هي رسمية في جمهورية أديغيا (Adygey Republic) — لكن موسكو ليست على استعداد للقيام بذلك (kavkazr.com/a/cherkesy-dobivayutsa-priznania/28435551.html).
وبدلا من ذلك، فقد خصّصت حصصا لكل من جمهوريات شمال القوقاز والمقاطعة الروسية المجاورة حيث يعيش معظم الشراكسة الآن وقامت بإيجاد العقبات، بما في ذلك دفع رسوم عالية للحصول على التأشيرات وتصاريح الإقامة، مما حال دون قيام الشركس السوريين حتّى بملء هذه الحصص.
ويضيف خاتازوكوف أنه علاوة على ذلك، وفي حالة واحدة شائنة قامت السلطات الروسية بإبعاد اللاجئين السوريين من مصحات في قباردينو – بلكاريا من أجل توفير مساكن للاجئين من أوكرانيا عقب الغزو الروسي لذلك البلد، وضم شبه جزيرة القرم.
ولو أعطت السلطات الروسية ببساطة الشركس من سوريا وضع المواطنين، وسمحت لهم بالعودة، لكان من الممكن أن تطرأ زيادة في عدد الشعب الشركسي في شمال القوقاز، وهو ما كانت تخشاه موسكو دائما. لكن بحرمانهم من ذلك الوضع وتقييد دخولهم، فإن السلطات الروسية حتّى أوجدت لهم نتيجة أسوأ.
كما كان الحال في الفترة التي سبقت أولمبياد سوتشي، عندما رفضت موسكو احترام ما كان في حقول القتل الذي حصل في عام 1864،، حيث قتل فيها الشركس أو طردوا أدّى ذلك إلى تشدّد المجتمع الشركسي في جميع أنحاء العالم، والآن، أفعالها أو بالأحرى رفضها ليس سوى تشدّدهم بشكل أشد بل لتوحيدهم.
في الواقع، من اللافت للنظر أن الروس وأفراد المجموعات الفرعية الشركسية التي ترعاها موسكو يتحدثون الآن بشكل حصري عن الشركس، وهو أمر يشجعهم على التفكير بأنفسهم كأمّة بدلا من أن يكونوا مجموعات غير منضبطة من الشعوب الأصغر وربما العمل على أساس أنّها جماعة محلية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن اللوم سيقع على موسكو فقط.
الحالة الثانية تنطوي على هوية آلان (Alan) “أوستيا الشمالية”. في عام 1994، أضافت جمهورية أوسيتيا الشمالية وتعتبر جزء من الفيدرالية الروسية وصف ألانيا (Alania) إلى اسمها، مما يربطها بمملكة القرون الوسطى التي كانت تحمل هذا الاسم والتي حكمت أجزاء من شمال القوقاز. قبل أيام قليلة، صوتت جمهورية أوسيتيا الجنوبية، التي ساعدت القوات السوفيتية على إنفصالها عن جورجيا، على إعادة تسمية نفسها بدولة ألانيا.
وقد اعتبر هذا القرار الأخير، ولا سيما بالاقتران مع القرار الأول، انتقادا حادا أو متعاطفا كمؤشر على أن جمهورية أوسيتيا الجنوبية ستنضم قريبا إلى جمهورية أوسيتيا الشمالية داخل حدود الفيدرالية الروسية. ويبدو أن هذه هي نية موسكو، لكن طريقة إعادة التسمية لها بالفعل بعض العواقب غير المقصودة.
ذلك لأن اليخان خارسيف (Alikhan Kharsiyev)، ونائب مجلس الدوما من إنغوشيتيا (Ingushetia)، يشير إلى أن الأوسيتيين ليسوا الأمة الوحيدة التي لها جذور في ألانيا. تقريبا جميع شعوب وسط شمال القوقاز لها ذلك، وهي الحقيقة التي كان يمكن للباحثين من المنطقة أن يخبروا موسكو بها، إن لم يكون قد تم قمعهم باعتبارهم “أعداء الشعب” (mk.ru/politics/2017/04/13/alanskaya-golovolomka.html).
فهو يقول أن الآن هناك كل فرصة للتحدث عن هوية ألان المشتركة هذه، للتركيز على ما “يوحد” بدلا من أن “يقسّم” شعوب شمال القوقاز، وهو أمر مهم بشكل خاص لأننا وحدنا “نحن شعوب صغيرة، ولا يعتمد علينا سوى بالقليل”. ولكن معا، يمكن عمل المزيد.
أما فيما يتعلق بقرارات الأوسيتيّين باطلاق اسم ألانيا على أنفسهم، فهذا شأنهم الخاص بهم؛ لكن عليهم أن يتذكّروا أن هناك رموزا وآثاراً لألان في إنغوشيتيا والشيشان وقباردينو-بلكاريا وكراشاييفو-شركيسيا أيضا، ويجب على جميع هذه الشعوب أن تتحد على أساس هذه الهوية السابقة وأن لا ينسوا هويتهم، كما يقول خارسييف.
واضاف، “إننا ملزمون ببدء مناقشة متحضرة حول كل هذه المسائل المثيرة للجدل. ليس لدينا الحق في أن نقترح أن كل شيء طبيعي وأن نكون صامتين”، وهو ما يفتح المجال أمام “أناس غير مسؤولين وأميين وببساطة محرّضين لملء هذا الفراغ” خاصة بين الشباب.
ويختتم بالتساؤل: “كلما طال الوقت الذي يؤجل فيه السياسيين حل هذه القضية، كلما زاد الضرر، بالنسبة للقوقاز وروسيا. ومن الواضح أنّهُ سيتعين على قيادة البلاد عاجلا أو آجلا تناول هذه المسألة. لكن ماذا بشأننا؟ هل سنتصرف كالمعتاد ونشكو لبعضنا البعض حول موسكو؟” أو أننا سوف نقوم في النهاية بالتصرف لوحدنا؟”
ويعتقد نائب مجلس الدوما بوضوح أن الانتقال من الهويات العرقية إلى هوية ذات قاعدة تاريخية سيكون نقطة انطلاق نحو اندماج شعب شمال القوقاز في الأمة السياسية الروسية. لكن هناك احتمال كبير بأن تكون النتيجة عكس ذلك تماما، وأن دولة ألان الكبرى ستكون أكثر استعداداً لمقاومة موسكو حتّى أكثر من مكوناتها الأصغر.
http://windowoneurasia2.blogspot.com/2017/04/moscow-unwittingly-promoting-broader.html