حق الاختلاف وأنانية تهميش الآخرين
عادل بشقوي
26 يوليو/تموز 2017
تعقيبا على ما يجري على مواقع التواصل الإجتماعي، آود أن أبيّن التالي:
1. يقضي أدب الحوار بأن لكل فرد من أفراد المجتمع الحق بابداء الاختلاف مع الأخرين وحرية إبداء الرأي والرأي الآخر ضمن حسن الظن، وبعيداً عن الإقصاء والتهميش، إذ أن الحكمة تختصر هذه المفاهيم بالقول: “أرقى الناس هو أقلهم حديثا عن الناس وأنقى الناس هو أحسنهم ظنا بالناس”.
2. تسجيل المواقف الذي قد يكون من أجل الإفصاح لبعض الجهات عن المدى الذي قد يذهب اليه أشخاصاً لإبداء المواقف التي قد تكون من قبيل التأويل السلبي الدي يعتمد على الإشاعات والأخبار المشكوك في صدقها وصحتها من أجل الاستحواذ على الراي العام الهادف إلى الترويج لمفاهيم وسياسات كيدية وحاقدة تؤدي الى زعزعة الثقة بثوابت وحقوق لا يمكن التنازل عنها. وفي هذا المفهوم يقول الكاتب نجيب محفوظ: “العقل والمصلحة بعيدا عن المبادئ قد تنشأ عنهما الكثير من الكوارث”.
3. يتراءى للمتابعين أن بعض المشاركين في مواقع التواصل الإجتماعي يعملون على فرض آرائهم على الآخرين، وهم ليسوا مستعدين للتسليم بالرأي والرأي الآخر، ما يعطي الانطباع بأنهم يعتبرون أن دورهم تلقيني ولا يجوز حتى التفكير في مناقشتهم، او مخالفة افكارهم المشكوك أصلاً في صحتها ومشروعيتها.
4. شاركت مؤخراً بإبداء رأيي عبر التعليق على خبر منشور على صفحة أحد الأخوة الذي هو بنفس الوقت صديقي على فيسبوك. تناول التعليق تمادي أحدهم بانتقاد الجزء الهام من الأمة الشركسية، القابض على الجمر، والذي استطاع المحافظة على الوطن رغم كل اساليب القمع القيصري الروسي منذ عام ١٨٦٤. تمت الإشارة إلى رأيٍ متطرّفٍ وحتّى مضحك، والذي يروج له أصحاب الفكر الإقصائي الجاهل. إنهم يسقطون من حسابهم أن القرن الحادي والعشرين لا يقبل ان تكون هناك رجعية فكرية أو اجتماعية تعيدنا الى العصور القديمة.
5. ذلك يُذكِّر بأن وصف شذاذ الآفاق ينطبق على من يطلقون الاتهامات على الآخرين جزافاً من خلال الردح الرخيص الذي وصل إلى حد التكشير عن الأنياب، ويعتبر ذلك خارجا عن نطاق اي موضوع يخص القضية الشركسية ويكون قيد البحث، شكلا ومضمونًا. ولم تكن مصادفة أن يبرز أحدهم ليبدى أنه يتبع طرفاً أخر في معادلة الحقوق الشركسية، مع العلم أن هذا الشخص كان قد ابدى عبر حواره معي في السابق من خلال ماسنجر (Messenger) آراء قام بعد ان تم تعيينه مسؤولا في احدى المؤسسات بتغييرها بشكل عكسي وجذري، لا اريد التطرق لها الآن.
6. هذا يدل على أن العاجزين عن تقديم ما هو مفيد للناس، لا يملكون الحجة القوية في تناول اي موضوع مطروح للبحث او الحوار لكي يتمكنوا من إتباع المنهج العلمي في البحث وإثبات ما يعتقدون، وهم لا يستطيعون إقناع الآخرين بالتي هي أحسن. وبالتالي يقومون رغم محاولاتهم الظهور بمظهر القائمين والقيمين على العلم والأمور الثقافية بإظهار جوهرهم وطبيعتهم حيث لا يتمكنون من إبقاء طباعهم وغرائزهم بخافية عن أحد. وهذا يثبت ان “الطبع غلب التطبع” و”الإناء ينضح بما فيه”.
7. ان الابتعاد عن الموضوع الأساسي من خلال القفز غير المحسوب لا يعني سوى العجز وتقديم المصلحة الشخصية وفق توجه نرجسي مدفوعا بالغطرسة المتعنتة، ويطفو ذلك على السطح ليحل محل المصلحة العامة ومحاولة لأولئك الذين يرتضون لأنفسهم ان يهبطون الى مستوى متدنٍ من الإنحدار الذي يتنافى مع المثل القائل: “أخلاقي سر ارتقائي”. إن الذين لا يمكنهم الحوار أكاديميا وبشكل حضاري، لا يمكنهم تحمل أمانة تقييم الآخرين ولا المشاركة في العمل الجماعي الذي يمكن ان يستفيد منه الجميع، بل ويتمادون في الترويج للدعاية العابرة للحدود ونشر الإشاعات المغرضة المعروف مصدرها جيدا.