جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية
5 مايو/أيار 2018
خمسٌ وعشرون عاماً مضت على الإعلان عن تأسيس جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية والتى تنادى ثلة من الغيورين الذين استغرقهم الإعداد لذلك سنتين، ومن منطلق الحرص على تعددية المؤسسات الشركسية لتمكينها من تحقيق الأهداف التي أُنشِئت من أجلها، وحرصا على إضفاء روح العمل الجماعي ضمن الإتجاهات والتخصصات المختلفة الهادفة إلى خدمة المجتمع الشركسي في الأردن اعتمادا على المبادئ الديمقراطية والحوار المتأنى الهادئ المرتكز على حرية الرأي والرأي الآخر، كان هناك حرصا على الإستفادة من التجارب التي مرت بالأمة الشركسية بشكل عام والتطورات الإيجابية التي حدثت مع الشركس في الأردن منذ قدومهم وتوطينهم فيه بشكل خاص.
وعلى اثر التطورات التي حدثت في بداية التسعينيات من القرن الماضي وتفكك الإتحاد السوفياتي وتاثير ذلك على الأمة الشركسية في الوطن الأم في القفقاس من ”النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية“، وكذلك ما ”دار من مناقشات على هامش أعمال المؤتمر الثقافي الشركسي الثاني“ والذي عقد في عمان في شهر تموز من عام 1991، ”فقد استقر رأي بعض الأخوة الشراكسة من المهتمين بمصير ومستقبل الشراكسة في القفقاس وفي كل مكان وعزموا أمرهم للسير في بلورة مشروع نظام صندوق شركسي هدفه خدمة القضية الشركسية وحق الشراكسة في العالم والمساعدة في تحقيق الهوية الشركسية لبلاد الشراكسة يستطيعون من خلاله تقديم الدعم والمساعدة ويساهموا أيضاً من خلاله في زيادة وتقوية العلاقات“ ما بين الشعب في الأردن والقفقاس وفي العالم. ”وضمن الأطر التي يعبر عنها ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ويجيزها.“
عقد المؤسسون اجتماعات ”أساسية“ و“تحضيرية“ في منازل بعض المؤسسين ثم تتابعت وتم تشكيل لجان تحضيرية بشأن التأسيس من أجل إعداد مسودات النظام الأساسي، وعقدت اجتماعاتها في مكتب الأستاذ ”محمد خير“ سعيد لامبر الذي كان رئيسا للجنة التحضيرية، وكذلك في الجمعية الخيرية الشركسية، وتم تقديم التقرير النهائي للمراحل الأولى من تأسيس الجمعية.
وتمت موافقة الجهات الرسمية على النظام الأساسي لجمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية وذلك بموجب كتاب معالي وزير الداخلية السيد سلامة حماد المؤرخ بتاريخ 22 / 7 / 1993، الموجه الى الهيئة التأسيسية لجمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية.
بعد التأسيس تم تشكيل ”اللجنة المشرفة“ والتي تولت إدارة الجمعية لمدة سنة كاملة. فكان هم الجمعية تأكيدالإنتماء للقفقاس وحق العودة. ومن هذا المنطلق تم استقبال مراسل صحيفة لوفيغارو الفرنسية، وبكل صراحة وخلال سياق اللقاء الصحفي، طالب الموجودين بحق العودة. وفي نفس الفترة الزمنية، خلال زيارة قام بها بعض أعضاء الجمعية الى موسكو طالبوا خلال اللقاء مع المسؤولين السوفيات آنذاك بالإعتراف بحق عودة الشراكسة الى الوطن، والذي سيتم حتماً يوماً ما.
ويمكن تلخيص أهداف وغايات جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية بما يلي:
— ”تنمية العلاقات الثقافية والإجتماعية والفنية والإقتصادية وروح التفاهم والتعاون بين شراكسة الأردن ومن ينضم اليهم من إخوانهم المواطنين الأردنيين والشراكسة في القفقاس“.
— ”التعرف على واقع الحياة في القفقاس وتعريف شعوبها بحقيقة قضايانا الوطنية والقومية وإعطاء صورة حقيقية عن آمال ومواقف المملكة الأردنية الهاشمية الثابتة تجاه جميع القضايا“ وشرح القضايا المعاصرة المختلفة.
— ”تشجيع الأعضاء على التعاون والإستثمار في المجالات الإقتصادية والزراعية والصناعية والتجارية والتي تعود على البلدين بالفائدة والمنفعة وبما تسمح به القوانين والأنظمة المرعية“.
— ”التعاون في المجال الثقافي والإعلامي ودعم كل ما ما يمكن أن يزيد ويقوي أواصر العلاقات ما بين البلدين بالإستعانة بوسائل الإعلام المختلفة“.
— ”تبادل الزيارات والوفود والمنجزات الثقافية المختلفة وكذلك المحاضرات“.
— ”تقديم المساعدات في المجالات الدينية، والفنية والإقتصادية والإنسانية“.
— ”إنشاء صندوق دعم خاص للغايات والأهداف المذكورة تحت إدارة أو إشراف مجلس الأمانة العامة في الجمعية وتحت أي إسم يختارونه“.
وفقا للنظام الأساسي لجمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية، ”يوكد القائمون على هذه الجمعية على ضرورة التعاون والتنسيق ما بين الجمعية وأية جمعيات أو تجمعات شركسية وقفقاسية أخرى في العالم بحيث تتشابه معها بالغايات والأهداف الواردة أعلاه والطلب من المنظمات والجمعيات الدولية والإنسانية لتقديم الدعم والمساعدة لمنفعة وخدمة الشعبين الشقيقين وبما تسمح به الأنظمة والقوانين المرعية. وتؤكد الجمعية والقائمون عليها على ضرورة المشاركة في المؤتمرات والمهرجانات والإحتقالات الوطنية التي تزيد من عمق وقوة أواصر العلاقة والتعاون بين البلدين“. وتم البدء بالممارسة الفعلية والعملية للأهداف الواعدة التي كان من المفترض التعامل معها وعلاجها في مجالات الإضطلاع بمواصلة ومتابعة الشؤون المتعددة والمتنوعة من خلال الانفتاح الفكري ومواكبة واستنباط التطورات التي تهم الشركس والتواصل مع الجميع، الذي هو في صميم دائرة إهتمام الجمعية، رغم العوائق والعقبات المصطنعة والمفتعلة التي وُضعت في الطريق من أجل فرض تحويل وتغيير في زخم الحركة باتجاه الأهداف والطموحات المرجوة.
ويمكن إدراك بعض الانجازات المذكورة فيما يلي:
— كان يؤمل من مميزات النظام الأساسي للجمعية ان يكون مرنا يعالج اية امور سلبية عايشها أو واجهها المجتمع الشركسي في السابق، حيث أنّهُ لا يوجد له شبيه في أية مؤسسة شركسية في الأردن. ويمكن تأسيس جمعيات شقيقة مشابهة في أماكن الوجود الشركسي الأخرى. ومنذ تأسيس الجمعية كانت جهودها تنصبُّ على مخاطبة الشباب الغيورين ليكونوا أصدقاءا وذخراً للشراكسة في القفقاس سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وقامت الجمعية في عدة مناسبات وأزمات بتقديم المساعدات المادية والمعنوية اللازمة لمن احتاج اليها.
— وإيماناً بحتمية وأهمية حضور المرأة الشركسية بالحاضر والمستقبل في شتى مجالات الحياة بالإضافة إلى كونها المدرسة الأولى في كل أسرة شركسية، وبضرورة مشاركتها في اتخاذ القرارات عبر ممارسة النشاطات المختلفة في المجتمعات الشركسية، فقد انضمت سيدتين كأول عضوتين مركزيتين في الجمعية، وإنتساب سيدات وآنسات كعضوات عاملات، إضافة إلى تقديم بعض الأخوات طلبات إنتساب للجمعية.
— ومن حقيقة متابعة الأهداف الرئيسية للجمعية في توعية الشراكسة قومياً ولإحياء الفكر القومي الشركسي، في كافة أماكن تواجدهم في المجال الوطني وإلى مشروعية الحقوق الشركسية ولفت الأنظار الى ضرورة معرفة الطرق والوسائل القانونية والسلمية والحضارية الواجب اتباعها من أجل تحقيق المطالب القومية ومنها حق العودة والمواطنة للشراكسة في وطنهم في القفقاس، فقد قام وفدا من الجمعية بزيارة رؤساء الجمهوريات الشركسية الثلاث والإلتقاء معهم وتجولوا في تلك الجمهوريات وقابلوا وحاورا الزعماء الشركس وأطلعوهم على النظام الأساسي الذي كتبوة باللغة الشركسية وتباحثوا معهم في مشروعية وعدالة القضية الشركسية.
— شاركت الجمعية في معظم المناسبات القومية التي اقيمت في مناطق متعدّدة من العالم مثل الأردن وروسيا الفيدرالية والقفقاس وتركيا والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، وأصدرت البيانات وقامت بإرسال الرسائل والمناشدات والإستنكارات الى مسؤولين وجهات مختلفة في جميع أنحاء العالم.
— بادرت الجمعية في مناسبات عديدة بالإدلاء برأيها لإسماع صوتها بشأن الوضع الشّركسي في أمور مختلفة مطروحة على الساحة الشركسية، منها إحياء المناسبات القومية خاصة يوم الحادي والعشرين من أيار، واستخدام الأساليب المتاحة لإسماع صوت الشركس عالياً وللفت الأنظار الى عدالة القضية الشركسية والحاجة الى ايجاد الحلول المناسبة، وقد كانت الجمعية من المعارضين الرئيسيين لإقامة ما كانت ستُسمّى ألعاب ”شركسيادا“ فيما لو عقدت، وهي ألعاب رياضية اقتُرح أن تُعقد بين النوادي الشّركسيّة من أجل التجسير للقبول بدورة ألعاب سوتشي الأولمبية الشتوية. وكذلك قامت بنشاطات عارضت من خلالها إقامة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي، أرض الإبادة الجماعية الشركسية.
— بسبب تلاقي أهداف وغايات جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية مع الأهداف الحقيقية التي أنشئت من أجلها الجمعية الشركسية العالمية على ضوء تفكك الاتحاد السوفياتي السابق، ولضرورة التلاقي والتناغم القومي ومتابعة الحقوق الشركسية المشروعة، أرادت الجمعية أن تكون عضواً عاملا في الجمعية الشركسية العالمية، إلا أن طلبها قوبل بالرفض في ذلك الوقت وذلك نتيجة للتطورات التي طرأت على أهداف الجمعية الشركسية العالمية والتي اختصرت إلى غايات ثقافية واجتماعية ولقاءات غلب عليها طابع العلاقات العامة والشخصنة، بينما تم نقل مركزها الرئيسي الى نالتشيك، كي لا تنعقد اجتماعاتها ونشاطاتها الرئيسية في كافة اماكن وجود المجتمعات الشركسية في العالم.
— أنشأت الجمعية صندوق سواعد الخير الشركسية، حيث يعمل من خلال التعاون بين الأعضاء واتاحة المجال للاشتراك بالصندوق اختياريا. فمن جهة ”يهدف الصندوق الى تحقيق التكافل لخدمة أعضائه المشتركين وذلك بتقديم منحة مالية للمشترك في حالتي الوفاة أو العجز الكلي“، ومن جهة أخرى يقوم بتقديم منح لتدريس الطلاب بالجامعات الرسمية الأردنية”.
— ومن اللجان المنبثقة عن جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية والتي لها حضور ملموس في الشأن القومي هي الحركة القومية الشركسية، التي اهتمت اهتماما حصريا بممارسة النشاطات المتعلقة بأبعاد متعددة من القضية الشركسية، والتي هي بحاجة الى متابعة وعلاج بعد طول انتظار منذ انتهاء الحرب الروسية-الشركسية والإبادة والتطهير العرقي والتهجير القسري.
— تم إنشاء ”مركز شركيسيا للدراسات والأبحاث“ من أجل القيام بمهام عقد نشاطات التمكين والدورات والندوات والمؤتمرات والأبحاث والدراسات والترجمة والتوثيق المتعلقة بالمجتمع الشركسي وتطورات القضية الشركسية. ويمكن من خلال المركز أن تتم معالجة الأمور الحياتية التي تهم المجتمع الشركسي في كافة مجالات الحياة الثقافية والفكرية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية والسياسية.
— في العشرين من شهر مايو/أيار من عام 2014، وفي النادي الأهلي بعمان، نظّمت جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية والحركة القومية الشركسية في ذكرى المأساة الشركسية، عرضاً للنسخة العربية من فيلم الإبادة الجماعية الشركسية الذي أنتجه المنتج نارت شقم وساهمت الجمعية في ترجمته وتسجيل الصوت باللغة العربية، حيث لاقى إقبالا لافتا وأعقبه إقامة معرض للصور والوثائق التي تحكي قصص الحرب والإبادة والتهجير التي حلت بالأمة الشركسية.
وتكمل جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية الطريق الذي اختطته لنفسها، على أمل الوصول إلى الهدف المرتجى في يوم من الأيام وتستعيد الأمة الشركسية حقوقها بالطرق القانونية والحضارية وعبر اتباع الوسائل السلمية.