التقديم لكتاب “شركيسيا: ولدت لتكون حرة” للكاتب عادل بشقوي

 حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسياولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد.

عادل بشقوي


تقديم

التقديم للبروفيسور ميراب تشوخوا (Merabi Chukhua)

23  أبريل/نيسان 2021

PHOTO-2021-04-21-14-40-07

تتذكر البشرية العديد من الفظائع التي ارتكبت ضد الشعوب. ومن بينها، تعتبر الإبادة الجماعية للشركس التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر واحدة من أفظع وأقسى الجرائم. ونتيجة لهذه الأحداث الدامية، قُتل 90٪ من السكان الشركس أو أجبروا على مغادرة وطنهم. فعلى الرغم من أن الشركس تركوا أرضهم الأصلية، إلا أنه لم يتم القضاء عليهم. لقد مر أكثر من 150 عامًا منذ ذلك الحين، لكن العواقب الوخيمة للإبادة الجماعية الشركسية لم يتم القضاء عليها بعد. طوال هذه الفترة، التزمت الفيدرالية الروسية وكذلك القوى السياسية العالمية الصمت المميت بشأن هذه القضية. لقد تم كسر هذا الصمت بالقرار التاريخي لبرلمان جورجيا في 20 مايو/أيار 2011. في العالم، أصبحت جورجيا أول دولة تعترف بالإبادة الجماعية، وقدمت تقييمًا قانونيًا وسياسيًا دقيقًا للمأساة الشركسية، واستعادت العدالة التاريخية.

لقد ترك مفهوم الإبادة الجماعية أثرًا كبيرًا على علم النفس العرقي للشركس: لا يزال العديد من الشركس لا يأكلون الأسماك التي يتم صيدها في البحر الأسود لأنهم يعتبرون أنها تتغذى من أجساد أجدادهم. في اللغة الشركسية، ظهرت كلمةثبققواد“ {Tlapqghakwad} (حرفياخسارة الأمة“)، إشارة إلى الإبادة الجماعية. ولأسباب واضحة، لم تنعكس هذه الكلمة في أي من القواميس الشركسية الصادرة في الفيدرالية الروسية.

يعرف تاريخ العالم حالات إبادة جماعية مختلفة: البوسنة والشيشان ورواندا، لكن الإبادة الجماعية للشركس فريدة من نوعها، حيث فقد الشركس ثلاثة أرباع عدد السكان وسيادتهم والأهم من ذلك وطنهم. لذا فإن الشركس منتشرون في أكثر من خمسين دولة في العالم. إنهم يستحقون وضع اللاجئين، لكن للأسف لا يمكنهم الاستفادة منه.

من الأهمية بمكان ألا تنسى المجموعة الإثنية الشركسية العصرية الأهوال التي حدثت في القرن التاسع عشر. فبعد أن أدركت هذه الأحداث المأساوية، فهي في الواقع كارثة في الوعي الشركسي على نحوٍ كافٍ، فهو لا إراديًا ولا شعوريًا يصنفها على أنها إبادة جماعية. وكم سيكون مفاجئًا، أن كل هذه الأمور قد لاحظها المؤرخ الروسي إ. كوتسينكو (I. Kutsensko) بشكل مناسب وصحيح:

من المستحيل إخفاء الحقيقة بشأن الإبادة الجماعية. في جمهوريات الأديغه، لا تزال ذكريات هذا الحدث حية، ويتم إثراؤها بتفاصيل جديدة، حيث تثير اهتمامًا كبيرًا. يتم الكشف عن ذكريات الماضي الدموي المأساوي بشكل خاص في 21 مايو/أيارفي كل ذكرى سنوية لحرب القفقاس. أصبح هذا اليوم يوم حداد لكثير من الناس. وهكذا تم الاعتراف بالإبادة الجماعية منذ فترة طويلة من قبل المثال الرئيسيمن خلال الوعي الجماعي للسكان الأصليين وحتى من قبل جزء كبير من الروس. إنّهُ لا يزال غير معترف به فقط من قبل القيادة السياسية الرسمية لروسيا وإداراتها المحلية المطيعة.

الكتاب الحالي مكتوب بهذه الروح: الشخصية العامة والوطني الشركسي عادل بشقوي الذي يعيش في الأردن، وذلك نتيجة لإبادة روسيا الجماعية، لا يمكنه بطبيعة الحال أن ينسى الوطن حيث انه يقضي الليالي في ذكرى وطنه المفقود لأنه هو حفيد مباشر لشركس يقاتلون من أجل الحرية وضحية تم نفيه من وطنه.

إن نضال الشركس من أجل الحرية لا يزال مستمرا. أعتقد أن الكتاب هو جزء من هذا الكفاح. سوف يجد طريقًا بسهولة إلى قلوب المكافحين الذين يناضلون من أجل إحياء شركيسيا. أولئك الذين يأخذون المأساة الشركسية في قلوبهم يصبحون بطبيعة الحال أعضاء في المجتمع الشركسي. اليوم، نحن جميعنا شراكسة لأنه من المستحيل معرفة هذه الإبادة الجماعية وعدم التعاطف معها، وعدم القيام بأي شيء للقضاء على عواقبها. أعتقد أن كل شيء في هذا العالم سوف يتغير، وستستعاد العدالة، وفي يوم من الأيام، سترى البشرية الشعب الشركسي المنتصر، والذي يتحد اليوم بسبب التفكير في الوطن والمستقبل.

البروفيسور ميرابي تشوخوا،

الأستاذ في جامعة تبليسي الحكومية،

مدير المركز الثقافي الشركسي (الأديغي) بجورجيا، تبليسي.

Share Button

اترك تعليقاً