حضرات القُرّاء الأعزاء،
يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد
عادل بشقوي
14 مايو/أيار 2021
شركيسيا
الفصل الأول / علم الآثار غير المحمي والتراث القديم
في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2016، نشر بول غوبل (Paul Goble) ”نافذة“ بعنوان ”علم الآثار السوداء يهدد الآثار الثقافية لشعوب شمال القوقاز“، حيث تناول إحدى القضايا المهمة التي يواجهها ويعاني منها شمال القوقاز بشكل عام والشركس بشكل خاص.60
تتكون الفكرة الرئيسية للنصب الأثري الوطني للتراث التاريخي الموروث والمقتنيات الثقافية التاريخية من أشياء فنية قيّمة لا تقدر بثمن. لا يقتصر الأمر على فترة زمنية محددة أو حقبة تاريخية معينة، بل يشمل جميع العصور التاريخية والزمنية التي مرت على هذه الأمة القديمة (الأصيلة). ويُشار إلى الخطر على أنه ”تهديد لم يحظ باهتمام كبير حتى الآن الذي هو تهديد الأشخاص الذين يسرقون المعالم الثقافية لهذه الشعوب لبيعها من أجل الربح“.61
إن الاستنتاج بالتعامل والتفاعل بين الثقافة والحضارة الشركسية والثقافات والحضارات العظيمة الأخرى له آثار إيجابية من جميع الجوانب. لقد أوجد حضارة ذات معايير ومفاهيم إنسانية. في واقع الأمر، يمكن إرجاعها إلى ”العصر الحجري القديم“. أيضًا، ”كما يقول ألكسندر سكاكوف (Aleksandr Skakov) من معهد بريماكوف للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية (Primakov Institute on the World Economy and International Relations) في موسكو: منطقة شمال القوقاز هي منطقة اتصال لثلاث حضارات عظيمة، والمنطقة غنية بالفن الذي يستعد أولئك الذين يجمعون الأعمال الفنية في أماكن أخرى لدفع أسعار باهظة من أجلها“.62
يواصل بول غوبل تحليله قائلاً: ”الوضع في هذا الصدد“ كارثي على وجه الخصوص ”في كل من مقاطعة كراسنودار، وجمهوريتي كراشييفو – شركيسيا، وقباردينو – بلكاريا، وأبخازيا. ويستخدم أولئك الذين ينخرطون في {التعامل بالآثار بطريقة غير قانونية} وسائل الإعلام وغيرها من الوسائل لمحاولة إقناع القادة المحليين والسكان بأن هذه {الآثار} يمكن أن تجلب لهم الأرباح“.63
وذكر غوبل أيضًا: ”وفقًا لبعض التقديرات، يقول الباحث في موسكو، إن حوالي 10 بالمائة فقط من جميع الأشخاص المشاركين في البحث عن القطع الأثرية في شمال القوقاز يفعلون ذلك باعتبارهم {يتداولون بالآثار بطريقة غير مشروعة}“.64
لقد كان للسلوك الأناني الذي يشير إلى الكراهية والعنصرية نتائج سلبية ومدمرة لجزء من الحضارة الإنسانية. يتم تنفيذ ذلك من قبل أولئك الذين حاولوا وما زالوا يحاولون التدمير والعبث 65 بثقافة أثرية قديمة وأصيلة ذات تقدير كبير. مع العلم أن هذه التصرفات غير المسؤولة تساهم في فقدان الإرث الثقافي والتاريخي، فلا يمكن تعويض العناصر التالفة أو المخفية. إن الهدف الخبيث وراء ذلك هو طمس الحقائق التاريخية الملموسة.
هناك أمثلة حية لإلغاء القوانين المعمول بها فيما يتعلق بموضوع الآثار ”غير القانونية“ الضار. وبحسب ما ورد، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه قد تدخل شخصيًا في مثل هذه الإكتشافات. لقد تلاعب بشكل غير مبرر بمواقع قيِّمة على الساحل الشركسي على البحر الأسود. وقد تم العبث بالمناطق والمواقع الأثرية، 65 للتغطية على ما قيل في خطاب بوتين الشهير باللغة الإنجليزية في مدينة غواتيمالا. كانت المناسبة موضوع دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي لعام 2014، حيث ذُكر أن ”الإغريق القدماء عاشوا حول سوتشي منذ قرون عديدة“، وهي التي تقع على ساحل البحر الأسود.66
مع العلم أن الإغريق قد أقاموا علاقات قوية مع الشركس في حقبة تاريخية معينة وكذلك أقاموا علاقات متينة معهم، حيث لم يثنيه ذلك عن أن يتعمد عدم ذكر الشركس على أنهم المالكون الشرعيون وسكان الأرض المضيفة، حيث عُقِدت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في عام 2014.
وعلى ما يبدو، أولئك الذين كانوا يقودون تلك الحملة لتدمير ما تبقى من التراث التاريخي والديني المتعدد للأمة الشركسية يعرفون ما يفعلون. إنهم يهدفون إلى القضاء على كل ما يربط الشركس بوطنهم وتاريخهم عبر العصور.
يتبع…