الإستقلال الشركسي / المسألة هي التّحرُّر القومي والكرامة – من كتاب “شركيسيا: ولدت لتكون حرة” للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


 

18 يونيو/حزيران 2021

الإستقلال الشركسي

الفصل الثاني

المسألة هي التّحرُّر القومي والكرامة

PHOTO-2021-06-17-22-44-48

تتمنى جميع الدول والشعوب الأصلية في العالم أن يكون لها الحق في العيش بحرية وعلى نحوٍ مستقل دون تدخل أجنبي في شؤونها القومية. كما أنهم يرغبون في الصعود والارتقاء والازدهار لأنهم ملزمون أخلاقياً بالحفاظ على هويتهم الوطنية ولغتهم وتراثهم وثقافتهم من أجل التعايش الوطني والبقاء كأمم محترمة تحتفظ بكرامتها وتحافظ على سيادتها واستقلالها.

لم يكن هذا في الاعتبار قبل أكثر من 450 عامًا عندما بدأ الموسكوفيّون حروبهم العدوانية واعتداءاتهم على جميع الشعوب والأمم من حولهم، عابرين الحدود وخطوط الدم والفظائع حتى وصلوا إلى الأهداف التي أرادوا تحقيقها بغض النظر عن الثمن الباهظ. فكان عليهم أن يدفعوه وكان على الضحايا أن يعانوا. ويتضح أن ذلك لا ينطبق على الدول الناشئة نتيجة احتلال أراضي الآخرين والضم غير المشروع لشعوب وأمم أخرى بالقوة والأمر الواقع“.

كانت محنة الأمم القديمة في شمال القوقاز ذات التاريخ المؤكد لأكثر من ستة آلاف سنة أن تكون عرضة للغزوات والجرائم القيصرية الروسية. كانت تقوم أساسًا على الحرب والتوسع والقتل وبالتالي تم احتلال أراضي شمال القوقاز بأكملها. لقد دمروا الأوطان، وارتكبوا فظائع إلى درجة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وقضوا على جزء كبير من السكان بالإضافة إلى النفي القسري، وترحيل وتهجير أمم بأكملها. لقد انتزعوا في نهاية المطاف حرية واستقلال عشرات الأمم والشعوب.

استمر القتل والتدمير لعدة قرون، مع احتلال القياصرة الروس كافّة أجزاء شمال القوقاز.

قررت روسيا من خلال القيادة التي اوجدها وساندها جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) الحالي 155 ان تحافظ على سياساتها الإمبريالية المتمثلة في التسلح وإعادة التسليح والحفاظ على المجتمع المنغلق والتحديث في جميع المجالات، لكن إلى الحد الذي من شأنه أن يُبقي السلطات لها اليد العليا في السيطرة الكاملة على جميع مناحي الحياة، والأعمال التجارية والتكنولوجيا، مع استمرار محاولة استيعاب كل ما في وسعها من جميع البلدان التي تحيط بالدولة الروسية العدائية، والتي لوحظت من خلال العلاقة مع كل من جورجيا وأوكرانيا واليابان وجمهوريات البلطيق الثلاث وغيرها.156 ولا ننسى إرهاب أوروبا بغازها ونفطها، إلى جانب تخويف وترهيب كل الأمم المحتلة وفق السياسات الاستعمارية الروسية المعروفة التي بدأت في عهد القياصرة.157

كان على الشركس والشيشان والداغستان والأوسيتيين والأبخاز وغيرهم أن يتحملوا عواقب الجرائم التي ارتكبها الروس. كثير من الناس في أوقات مختلفة، بعد أن فقدوا حريتهم واستقلالهم، تأثروا بالتعرض للبرد الشديد في الشتاء والحر الشديد خلال الصيف. أُجبروا على العيش والسفر لشهور طويلة على رمال ساحل البحر الأسود. كان عليهم أن ينتظروا دورهم للصعود على متن السفنالنعوشالعائمة بينما آخرين من عائلات بأكملها كانت مصابة بامراض شديدة بسبب الأوبئة، ناهيك عن الرحلات البحرية والبرية التي يعتريها الألم والمعاناة وأحيانًا الموت المحتوم.

لسوء الحظ، لم تقتصر المآسي التي واجهتها أمم شمال القوقاز على نظام روسي معين. لقد امتد ذلك ليشمل جميع الأنظمة المتعاقبة، لتصل إلى الفيدرالية الروسية الحالية. عندما يتم اتباع سياسة إمبريالية روسية مهيمنة وقادرة، سيكون لها الحرية في الاختيار والعمل، والاستفادة من السبل والوسائل المتاحة  للاستمرار في تغيير وضع الأراضي التي تسيطر عليها. انهم مستمرون في تقسيم وإعادة تقسيم المناطق الإدارية لشمال القوقاز وأماكن أخرى،158 التي توصف بأنهاتقسيمات إدارية في الفيدرالية الروسيةبطريقة صارمة للسيطرة والحكم. ناهيك عن شبه جزيرة القرم وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.

فينافذة على أوراسيا، في إبريل/نيسان 2008، سلط بول غوبل (Paul Goble) الضوء على مثال للجهود الروسية الحثيثة لتنفيذ سيطرتها. وأكد على أنخطة موسكو المتجددة لدمج المناطق في شمال القوقاز إما مع المناطق الروسية المجاورة أو مع بعضها البعض تهدد بقاء المجتمعات القومية هناك وتقود بعض أعضائها إلى التفكير في الاستقلال باعتباره السبيل الوحيد لإنقاذ شعوبهم من الانقراض“.159

وأضاف أيضًا،محمد باراخوييف (Magomet Barakhoyev)، ناشط إنغوشي، يشير بأن خطط الحكومة الروسية لدمج المناطق في شمال القوقاز هي في الواقع خطة {لإضفاء الطابع الروسي} على المجموعات غير الروسية هناك وفي أماكن أخرى (www.ingushetiya.ru/news/14036. html)“.160

وبالإشارة إلى العنوان المذكور، تجدر الإشارة إلى أن الأمر برمته هو احتلال واستعمار تقوم بهما إمبراطورية جشعة من جهة، ومن جهة أخرى، تمارس الأمم الصغيرة حقها الأساسي في الدفاع عن النفس ضد قوى القهر الغاشمة التي ارتكبت كل أنواع الإرهاب، إضافة إلى الفظائع بالإضافة إلى الاحتلال والضم الشامل.

فالمسألة قومية بحتة، تصنف وتوصف بأنها مجرد دفاع عن النفس لشعوب وأمم مهددة بالفناء والانقراض أو الذوبان في بوتقة روسية متعددة الأعراق. لم يكن الدين أبدًا سببًا أو عاملًا رئيسيًا، ولكن من التجارب الصعبة، يؤمن كل هؤلاء الأشخاص المضطهدين انهإذا كان الشيء يستحق القيام به، فإنه يستحق القيام به بشكل جيد“.

لا يمكنك أن توازن بين من أرادوا الحق لكنهم لم يستطيعوا تحقيقه وبين من أرادوا الخطأ ولكنهم حققوه. سيأتي اليوم الذي ستحقق فيه جميع الأمم التي تحتلها وتحكمها روسيا الاستعمارية حقوقها المشروعة في الحرية والاستقلال. ومهما كانت الجهود التي بذلتها المخابرات السوفيتية (KGB) لإنقاذ الاتحاد السوفياتي من الانهيار والحفاظ على السيطرة على الأمم الأخرى، إلا انها فشلت.

حدث تفكك الاتحاد السوفياتي سيئ السمعة، حيث تمخضت عنه خمس عشرة دولة مستقلة بينما احتفظت ما يُطْلق عليها الفيدرالية الروسية بفريستها المتمثلة في شمال القوقاز وأماكن أخرى كجزء لا يتجزأ من كيانها. وما حدث مع الاتحاد السوفياتي سيتكرر مع الآخرين مهما فعلوا لمنع حدوث ذلك، عندما تعود عشرات الأمم المستقلة وتولد من جديد.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً