الحرب الروسية-الشركسية (1763–1864) / تداعيات الحرب الروسية-الشركسية – من كتاب “شركيسيا: ولدت لتكون حرة” للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


14 سبتمبر/أيلول 2021

الحرب الروسيةالشركسية (1763–1864)

الفصل الثالث

تداعيات الحرب الروسيةالشركسية

PHOTO-2021-09-13-23-02-44

كانت شركيسيا ضحية وكان عليها أن تتعامل مع حرب طويلة الأمد ومدمرة شنتها الإمبراطورية القيصرية الروسية. وقد شعر وأحسّ كل السكان بالعواقب الوخيمة. لقد تم تدمير الوطن الشركسي، واقتُرِف القتل الجماعي ضد الأغلبية الشركسية، وتم ترحيل قسري لأولئك الذين تمكّنوا من البقاء على قيد الحياة، واضطُّهِدَ باقي السكان (10 في المائة)، وهم السكان الباقون الذين فروا إلى الجبال وتمكنوا لذلك البقاء على قيد الحياة. (لقد شاركت بالمأساة جميع فئات الناس وتذوقوا مرارة هذه العواقب).

ويمكن وصف الموقف بأنه مسابقة من الأكاذيب والمزاعم:

كان الروس ينظرون إلى المقاومة الشركسية على أنها تمرد ضد سيادة معترف بها، في حين أن الشركس في الواقع يعتبرون أنفسهم كيانًا مستقلاً وأن صراعهم مع روسيا هو حرب بقاء وطنية. 

من جانبهم، لم ينظر الروس إلى الشركس على أنهم رعايا متمردين فحسب، بل آمنوا أيضًا بدورهم بأنهم جلبوا الحضارة للشعوب البدائية التي ستتخلى عن طرقها السابقة بمجرد أن ترى تفوق الثقافة الروسية.320

كانت إحدى النتائج الإيجابية التي حدثت أثناء الحرب طويلة الأمد هي وجود شعور بالمسؤولية والحاجة إلى التماسك. لقد وفرت الحرب الثّبات والتضامن من خلال التأكيد والإعلان عن هويتهم، والتي تتميز بعناصر ملموسة: ”في عام 1834، أبرم الأبزاخ (Abadzekhs) والناتخواي (Natukhais) والشابسوغ (Shapseghs) والأوبيخ (Ubykhs) تحالفًا متبادلًا مناهضًا لروسيا، تلاه في العام التالي إعلانا عن قيام أمة شركيسيا المستقلة“.321

في غضون ذلك، وبعد إعلان بيان استقلال شركيسيا، تم توزيعه على وسائل الإعلام الأوروبية الكبرى في ذلك الوقت. وهكذا،بحلول عام 1836، أنشأ الشركس علمهم الوطني الأول: ثلاثة أسهم متقاطعة تحت ثلاثة نجوم، تمثل عشائر الزان (Zan)، وآيتك (Aitek)، وبولوتوكو (Bolotoko) {التي تُعتبر من أقدم عشائر الشركس}، وتواجهها تسعة نجوم أخرى في نصف دائرة على خلفية خضراء. بدأ الشركس في تطوير شعور بالوحدة الوطنية في نفس الوقت الذي كان فيه الروس، الذين يرونهم متمردين خاضعين لسلطتهم بموجب معاهدة أدرنة، يستعدون للسيطرة على ساحل البحر الأسود بأي وسيلة لازمة.322

ساهمت عمليات الترحيل التي تمت قبل وبعد عام 1864 في تأجيج الموقف من المأساة عندما اضطرت السلطات الطاغية المعنية إلى طرد مئات الآلاف من المرحلين. كانوا يستخدمون سفنًا مهترئة، غرق العشرات منها مع جميع ركابها الذين واجهوا صعوبة كبيرة في الإبحار عبر الأمواج الساحقة والظروف الجوية المزعجة في البحر الأسود. لقد أحضروا أولئك المنفيين من أرضهم المقدسة ليُنقلوا إلى مناطق جديدة، بعيدًا عن مهد أفئِدتهم، موطن آبائهم وأجدادهم، إلى أن يسمح لهم الوقت بالعودة إلى ديارهم بكرامة وكبرياء.

إن انتشار الأمراض المعدية، مثل السِّل، والجدري، والزحار، والكوليرا، والجرب، والإسهال الحاد، والتهاب الشُّعَب الهوائية، والالتهاب الرئوي، كانت أسبابًا مباشرة للتمييز ضدهم عند وصولهم إلى موانئ القدوم، جعل السكان المحليين يرفضون إقامة الوافدين اللاجئين في مدنهم وبلداتهم ومجتمعاتهم. لم يُسمح لهم حتى بالاستقرار في المنطقة المجاورة حتى يتمكن السكان المحليين من تجنب الإصابة أو العدوى بأمراض خطيرة وغير مرغوب فيها.

من موانئ الوصول تلك، كان لا بد من تشتيت الشركس لاحقًا إلى مناطق أخرى من الإمبراطورية العثمانية وفقًا لخطة رسمية مسبقة، أُعِدّت للاستخدام الأمثل لأولئك الأشخاص المُحبَطين الذين كانوا موجودين في مواقع تم تنظيمها وخُصِّصت لهم، وقد تم توظيفهم للدفاع عن أراضي الدولة العثمانية ومصالحها، خاصة في الدول المحتلة سابقًا في البلقان والمناطق العربية.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً