حضرات القُرّاء الأعزاء،
يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد
عادل بشقوي
18 مارس/آذار 2022
ذكرى الحادي والعشرين من مايو/أيار
الفصل الثّامن
التطورات فرضت نفسها على الساحة الدولية
على ما يبدو، لم تستطع الإمبريالية الروسية إخفاء خصائصها الحقيقية وإظهار استمرار ممارساتها الإستعمارية السابقة لإظهار وجهها الفعلي والواقعي في القرن الحادي والعشرين، من خلال احتلال وضم شبه جزيرة القرم وأجزاء من شرق أوكرانيا؛ واستئناف حركة زعزعة الاستقرار والتدخل في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة الأخرى. إن ما يحدث حتى الآن في جنوب شرق أوكرانيا يشير إلى عدم المسؤولية بالإضافة إلى عدم الاهتمام واللامبالاة في احترام القانون الدولي وحق جميع الدول في الحفاظ على حريتها واستقلالها. كل هذه الأعمال تذكر بالأمة الشركسية التي كانت ترغب في العيش بحرية دون تدخل أجنبي أو وصاية استعمارية، لكنها واجهت حربًا مدمرة دمرت كل شيء وأثّرت على الجميع بطريقة أو بأخرى.
بدت القضية الأرمنية ملحة في الذكرى المئوية للمآسي التي حدثت في عام 1915، خلال العهد العثماني، حيث حث البرلمان الأوروبي تركيا على الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، 884 في حين تتجه العديد من الدول نحو الاعتراف بحقيقة الإبادة الجماعية الأرمنية.
في هذا الصدد، شاركْت في تأليف مقال بعنوان ”تحليل سوتشي ويريفان“ (Sochi and Yerevan Analysis) مع صديقي غارغين نالبانديان (Garegin Nalbandian)، عضو النادي الجيوسياسي في لوس أنجلوس في الولايات المتحدة، حيث تمت ترجمة المقال إلى اللغتين العربية والتركية. يذكر أن 21 مايو/أيار بالنسبة للشركس هو مثل 24 أبريل/نيسان بالنسبة للأرمن، وقد ذُكِرَ في المقال ما يلي:
كانت زيارة بوتين لأنقرة في عام 2014، وزيارته إلى ضريح أتاتورك خلال الزيارة، بمثابة تحضير وتغطية لزيارته إلى أرمينيا، بدلاً من تركيا في 24 أبريل/نيسان 2015، ولكن بالطبع، ربما كانت هذه بداية سياسة أردوغان مع بوتين وعلاقات تركيا الحذرة مع روسيا.
أراد بوتين أن يُظهر للأرمن عرض متبجح، من أجل إبقاء هذا البلد رهينة لخططه وصفقاته الإقليمية، من أجل إبقاء أرمينيا تحت سيطرة روسيا واستيعاب الأرمن، حسب أولوياته وخياراته، وفي نفس الوقت منع أي اتصالات مباشرة بين الشركس والأرمن، كما حدث بين الشركس والجورجيين من قبل.
في أبريل/نيسان الماضي، وعندما كان العالم يُحيي ذكرى مائة عام على الإبادة الجماعية للأرمن، شعر العديد من الشركس بالأرمن، وأعرب العديد منهم عن مشاعرهم الإيجابية حيال ذلك؛ ومع ذلك، سمّم فلاديمير بوتين الأجواء عندما سافر إلى يريفان ولعب دورًا ماكرًا. فالكثيرين من الشّركس انزعجوا لرؤية بوتين يدفع أجندته باستخدام الإبادة الجماعية للأرمن.
ذهب بوتين إلى أرمينيا في أبريل/نيسان 2015؛ ومع ذلك، كانت زيارته للقاء رؤساء ونخب الدول الأخرى الذين ذهبوا أيضًا إلى أرمينيا. لقد كان حدثًا للتواصل السياسي بالنسبة له. وفي خطابه هناك، ذكر بوتين كلمة إبادة جماعية، ليس على أنها إبادة جماعية للأرمن، ولكن على أنها مشاركة روسيا في ”منع الإبادة الجماعية“.
كانت هناك، وتوجد إبادة جماعية في كل مكان تورطت فيه روسيا. لقد مر الروس من هنا، حيث كانت هناك قرية؛ فهذه عبارة شائعة في القوقاز. وللأرمن نفس القول عن الأتراك.
أعلنت روسيا الاحتفال بذكرى يوم كراسنايا بوليانا (Den’ Krasnoi Polyany) في 21 مايو/أيار من هذا العام. بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون شيئًا عن 21 مايو/أيار، فهو يوم مهم للشعب الشركسي. 21 مايو/أيار هو يوم ذكرى وحزن لجميع الشركس على مقتل ضحايا الإبادة الجماعية. المصطلحات كراسنايا بوليانا (Krasnaya Polyana) و كراسنودار (Krasnodar) وأي شيء مرتبط باللون الأحمر يرتبط بالدم — في هذه الحالة، الدم الشركسي.
في الختام، يوضح ”التنافس“ الأخير بين روسيا وتركيا مسرحية كتبها نفس ”كاتب السيناريو“؛ للتغطية على الأجندة الرئيسية، وهي نقل السلطة والسيطرة من روسيا (القبيلة الذهبية الموسكوفية) إلى تركيا (بيزنطة). دعونا لا نستسلم للمشاعر، ودعونا نحلل الحقائق. إذا سمحنا للشر بالانتصار فإن القوقاز بأكمله، والشرق الأوسط، وربما العالم بأسره، سيكونون في حالة حرب، والحرب العالمية الثالثة، التي ربما تكون قد بدأت بالفعل، لا يجب أن تنتشر. معا يمكننا اخماد الحريق. الأمر لا يتعلق بالدين. إنه عن الخير والشر. يرجى الوقوف مع الخير من خلال منع الحروب وتعزيز السلام. أوقفوا الإبادة الجماعية في المستقبل لأن ذلك هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله.885
جاء في مقال بعنوان ”سنة أقل من العد التنازلي للاستعمار الروسي“:
مرت حلقات ووقائع كثيرة، بينما شاهد الجمهور العريض والمتفرجون وشهدوا نزاعات وأزمات وحروبًا وأحداثًا كان بعضها مأساويًا و/أو مخيفًا.
ومن هذه الأحداث المهمة الحرب المدمرة التي اندلعت في أغسطس/اب الماضي في منطقة القوقاز، وكانت في الأساس صراعًا من أجل مكاسب إمبريالية واستعمارية أظهرت المنافسة العنيفة للسيطرة على أرض الآخرين بطرق ووسائل من الوصف والخداع المختلفة.886
أعطت المقالة فكرة عن الوضع، ليس فقط حول شركيسيا، ولكن حول شمال القوقاز بشكل عام.
لقد مرت مناسبة ”دوران قرص الزمن“ السنوي هذا من قبل، لأكثر من 140 مرة، في حين عانت العديد من الأمم في شمال القوقاز من احتلال أجنبي وحشي استمر كل هذه الحسابات الزمنية، في حين كان المحتلّون يتمتعون بكونهم ساديين قاموا باحتلال الأرض.
واغتنمت الفرصة للسيطرة على قدر ومصير الملايين من البشر المُهيْمَن عليهم والخاضعين والمنفيين، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم من أفراد أمم صغيرة، لكن شراهة الجيران الجشعين الطموحين المتعطشين للدماء الذين لديهم الجرأة لجعلهم الضحايا الذين اضطروا لتحمل البؤس في ظل ظروف فقدان الأمل والحريات المدنية التي لم يتم تبريرها بعد وأن حقوقهم يجب ان تستعاد وتسترد.887
وخلص المقال إلى أن ”حلم الأمس هو أمل اليوم وحقيقة الغد. قيل ما يلي عن الاستحالة: لا شيء مستحيل. هناك أساليب تؤدي إلى كل شيء، وإذا كان لدينا ما يكفي من الإرادة فستكون هناك الوسائل المناسبة. وغالبًا ما نقول إن الأشياء مستحيلة لمجرد ابداء ذريعة“.888
يتبع…