الخميس 17 مارس/اذار 2022
يعتقد بوتين أنه يعمل على إعادة إحياء الإمبراطورية السوفيتية؛ لكنّهُ في الواقع، يعيد إيجاد الظروف التي أدّت إلى زوالها
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
20 مارس/اذار 2022
ستاونتون، 13 مارس/آذار — قد يعتقد فلاديمير بوتين أنه يعيد إحياء الإمبراطورية السوفيتية. لكنه في الواقع، يقوم بإعادة تهيئة الظروف التي أدت إلى زوالها — وبطريقة تضمن أن تكون نهاية إمبراطورية جديدة مركزها موسكو أكثر عمقًا وأكثر عنفًا، وربما ”يوغوسلافيا مع أسلحة نووية“ الأمر الذي خشاه الغرب في عام 1991.
كان أحد أهم دوافع زوال الاتحاد السوفياتي عامل ديموغرافي. بحلول عام 1989، شكل غير الروس ما يقرب من نصف سكان ذلك البلد. وبعد أن انهار، كان تعداد سكان الفيدرالية الروسية في البداية يصل إلى 80 في المائة من أصل روسي، مما جعل هذا البلد أسهل في الحكم ومع تحديات أقل لسلامة أراضيه.
إذا تمكن بوتين من استيعاب بيلاروسيا وأوكرانيا، فإنه سيوجد إمبراطورية موسكو التي ستكون مرة أخرى حيث كان الاتحاد السوفييتي في نهاية الثمانينيات، دولة سيكون فيها عدد العرقيين الروس وغير الروس متساوٍ تقريبًا مرة أخرى. وسيواجه بوتين مشاكل من كليهما وهي التي تجعل أعمال العنف الخطيرة أكثر احتمالا مما كان عليه في عام 1991.
لا يقتصر الأمر على الافتقار إلى أيديولوجية شاملة للنزعة الأُممية التي كان لها تأثير عميق على الروس وغير الروس على حدٍ سواء، لكن الظروف على جانبي هذا الانقسام تميل بشكل جذري إلى حد أكبر ضد الآخر، حتى وهم منقسمون فيما بينهم وأكثر استعدادًا للقتال مما كان عليه معظمهم قبل 30 عامًا.
روّج بوتين لصنف من القومية الروسية يكون مسيئًا لجميع غير الروس تقريبًا، لكن ثبت أن ذلك غير قادر على توحيد العرق الروسي. بدلًا من ذلك، في حين أن الإساءة إلى غير الروس هي أكثر نتائجها وضوحًا، فقد فشلت ”أيديولوجية“ كهذه في توحيد سكان روسيا المتنوعين إقليمياً.
وكان لدى غير الروس تجربة أطول وأحدث مع الاستقلال، وإذا أُجبروا لفترة من الوقت على التنازل عنه، فسيكونون أكثر استعدادًا للقتال ليس فقط ضد المركز الإمبراطوري لموسكو ولكن أيضًا ضد بعضهم البعض. وستصبح النزاعات بين الروس وغير الروس أمرًا شائعًا، وستكون النزاعات بين غير الروس أكثر تواترًا.
في هذه الحالة، من المرجح أن يتفكك الجيش الروسي ولن تكون الأسلحة بجميع أنواعها، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل مثل الرؤوس الحربية النووية، تحت سيطرة أي مركز. بدلاً من ذلك، ستكون متاحة للناس من مختلف الجوانب على وجه التحديد ”يوغوسلافيا ذات الأسلحة النووية“ التي خشيها الغرب في عام 1991 ولكن ذلك لم يحدث.
تم تجاهل هذه الاحتمالات إلى حد كبير، والسبب الرئيسي لذلك يشمل الآثار المترتبة على ما يجب على المجتمع الدولي فعله لوقف بوتين في أوكرانيا. كثيرون يتراجعون لأنهم يخشون اندلاع حريق نووي. لكن إذا فهم المرء ما يدفع بوتين نحوه، فقد يدرك أنه إذا فاز هناك، فلن يقل احتمال حدوث ذلك.
هذا لا ينم عن تصرفات متهورة. ويجب تجنب الحرب النووية بأي ثمن. لكن يجب أن يكون هناك اعتراف بأن سياسة عدم مواجهة بوتين بشكل أكثر فظاظة الآن قد لا يجنِّب العالم هذا النوع من الحرب. وإذا تم فهم ذلك، يمكن التعامل مع تحديات حرب بوتين في أوكرانيا بطريقة أكثر عقلانية.
يجب إيقاف بوتين هناك لأنه إذا لم يكن كذلك، فإن زعيم الكرملين سوف يمهد الطريق للكارثة التي يعتقد الكثيرون أنهم يتجنبونها من خلال عدم دعم كييف. في الواقع، من المرجح أن يصبح تفكك روسيا وجزء كبير من أوراسيا أيضًا أكثر رجوحًا إذا نجح في حربه في أوكرانيا أكثر مما هو عليه إذا هُزم.
المصدر:
http://windowoneurasia2.blogspot.com/2022/03/putin-thinks-he-is-restoring-soviet.html