ذكرى الحادي والعشرين من مايو/أيار – إضفاء الطابع المؤسسي على الغزو الأيديولوجي — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


25 مارس/آذار 2022

ذكرى الحادي والعشرين من مايو/أيار

الفصل الثّامن

إضفاء الطابع المؤسسي على الغزو الأيديولوجي

PHOTO-2022-03-24-21-02-44

من بين المخاطر التي تواجه الشركس هي الدعاية العدائية التي لا تزال تنكر الحقوق المقدسة للشركس فيما يتعلق بوطنهم من خلال استخدام تقنيات وأدوات مختلفة. تنعكس النية في وطنهم وفي الشتات وفقًا لطريقة منهجية فعالة لتحويل انتباه الشركس واهتماماتهم إلى أمور تافهة؛ لكن استمرارية وديمومة الأمة الشركسية تتطلب منها تأكيد بقائها من خلال التعبير عن مخاوفها الحاسمة في الحاضر والمستقبل.

يجب أن يأخذ الشركس ذلك بشكل إيجابي، من خلال أن يكونوا حازمين في مطالبهم وفي سعيهم إلى الحصول على الإقرار من خلال الحفاظ على الثقة بالنفس للمطالبة بحقوقهم المشروعة وفقًا للوسائل القانونية والمشروعة. يجب ملاحظة ذلك مع الحفاظ على الامتنان لأسلافهم، والتحدث عن الفظائع التي تعرضت لها أمتهم، والتنسيق بين الشركس في أنحاء العالم للتعاون بين كافّة الجمعيات النشطة الصادقة والتركيز على المساهمات لاحتياجات الناس ضمن هيكل يشبه الفريق في كل ما يساهم في تعزيز الوسائل اللازمة لممارسة أمور هامة مثل الإعلام.

يجب على الشركس، من أجل تأكيد وجودهم واستمراريتهم ومثابرتهم، معارضة ورفض نهج فرض هيمنة الاحتلال ومفاهيم الأمر الواقع التي تهدف إلى تلويث جهود الشركس للحفاظ على هويتهم القومية في أماكن وجودهم. يجب عليهم أيضًا الانتباه إلى ما يهمهم، وتجنب تشويه صورتهم من خلال الاعتماد على الأفراد أو الهياكل الذين يتصرفون بأسلوب خاضع، وكذلك بنمطٍ يتبعه ”المتسلقون في المجتمعمن خلال استفزاز الانتهازيين المتملِّقين أو الأفراد الجشعين، ومحاولة التلميح بأن الشركس  ضعفاء، وغير مرغوب فيهم ولا يحسدون على ما هم فيه.

فبعد كل النتائج المروعة والكارثية التي أصابت المشهد الشركسي، يوجد دائمًا أمل بأن هناك شيئًا يستحق النضال من أجله والسعي لتحقيقه. شركيسيا هي موطن الشركس ولا أحد يستطيع تغيير ذلك.

الحادي والعشرون من مايو/أيار، هو يوم الذكرى الشركسية، والولاء لشركيسيا

21 مايو/أيار 2012، يؤشر إلى الذكرى السنوية للإبادة الجماعية الشركسية، والتطهير العرقي، والترحيل القسري لـِ 90٪ من الذين بقوا على قيد الحياة. لقد تم إهمالهم من قبل العالم الواسع في أكثر من أربعين دولة في عالم اليوم، بعد 101 عامًا من الحرب المدمرة التي شُنّت ضد شركيسيا وبقائها ككيان للأمة الشركسية في خضم ظروف وأوضاع قاسية، مرتبطة بمخاطر هائلة.

ترتبط هذه الذكرى بوطن الأجداد، الذي لن يُنسى أبدًا طالما أن للشركس عرق ينبض وجفن يغمض. إنهم يحبون وطنهم بقدر ما يحترمون ويعجبون بأجدادهم الشجعان الذين ضحوا غالياً وكثيرًا. لقد بذلوا كل ما في وسعهم للدفاع عن أنفسهم وكرامتهم ووطنهم، بينما رفضوا الاستسلام والإذلال والعار تحت حكم الاحتلال الروسي القيصري البغيض.

على الرغم من المناشدات المتعددة التي وجهت إلى القيادة الروسية ومجلس الدوما الروسي للاعتراف بالإبادة الجماعية ضد الأمة الشركسية وكذلك المسؤولية عن الترحيل القسري الذي سببته الحرب في القوقاز، لم يستجب القادة الروس، على الرغم من الأدلة التاريخية والمئات من الوثائق الرسمية التي تم الحصول عليها من الأرشيفات الروسية الرسمية وكذلك من أرشيف تبليسي، والتي احتفظت بالوثائق العسكرية الروسية الرسمية المحفوظة بعد الاحتلال الروسي لجورجيا، حيث أصبحت تبليسي فيما بعد مركزًا للقيادة العسكرية الجنوبية للقوات الروسية التي كانت تعمل في القوقاز بشكل عام وفي شركيسيا بشكل خاص.

لا يمكننا، في هذا النطاق، سوى أن نتذكر قرار اللجنة الأولمبية الدولية بعقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في مدينة سوتشي. إنه الموقع الذي يحتل مكانة خاصة في الذاكرة البشرية والشركسية على حد سواء، نظرًا لخصوصية الموقع كونه آخر عاصمة لشركيسيا عندما كان الاحتلال القيصري الروسي قد حدث. توجد مقابر متناثرة في المنطقة لمن قضوا نحبهم وهم يدافعون عن وطنهم. كما أن أهمية الحدث تكمن في التذكير بإقامة العرض العسكري الاستفزازي للقوات المنتصرة في نهاية الحرب الروسيةالشركسية.

أنهت السلطات العسكرية الروسية المسؤولة عن الحرب ضد الشركس المهمة: ”في 21 مايو/أيار 1864، تم تأكيد صاحب السمو الأمير ميخائيلالقائد العام لجيش القفقاس (الجيش الروسي في القفقاس) — بالإعلان اعتبارًا من اليوم بأمر {الإخضاع النِّهائي لغرب القفقاس ونهاية حرب القفقاس}“.900

يتم تذكر الحدث المهم في نهاية الحرب الروسيةالشركسية بشكل يوضح ما حصل: ”يعتبر الشركس سوتشي آخر عاصمة لشركيسيا المستقلة. كان مينائها هو المكان الذي رُحِّلَ منه الشركس إلى الإمبراطورية العثمانية. وعلاوة على ذلك، فإن منطقة كراسنايا بوليانا {Kbaada} (كبادا باللغة الشركسية)، والتي أصبحت مركزًا للألعاب الأولمبية لعام 2014، كانت المكان الذي احتُفِلَ فيه بإجراء عرض للقوات الروسية في 21 مايو/أيار 1864، معلنين من خلاله انتهاء الحرب ضد الشركس“.901

يتذكر الشركس ماضيهم المؤلم بكل كوارثه وتداعياته كدروس، حيث عملت عوامل الشر والاستبداد والحرب الوحشية على تكريس القمع. يجب أن يكون الهدف الرئيسي هو مستقبل مشرق، وواعد، ومزدهر مع الأمل والتفاؤل لتحقيق الصداقة والأخوة والسلام بين جميع دول العالم في القرن الحادي والعشرين الذي يؤمل أن يسود فيه الاستقرار والتقدم والاحترام المتبادل بين الشعوب.

سيكون من دواعي تقديرنا أن تصل دعوة صوت العقل إلى حكومة الفيدراليّة الروسية لاتخاذ خطوة إيجابية نحو حل القضيّة الشركسية والمشاكل المتعلقة بها، والتي لم يتم حلها بعد. فالنتائج ستكون أفضل حالا من خلال إقامة مصالحة مع الشركس؛ تؤدي إلى الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية، والاعتذار الرسمي للأمة الشركسية، والتعويض المعنوي والمادي، وحق العودة إلى الوطن وحق تقرير المصير على التراب الشركسي.

يتبع…

Share Button

اترك تعليقاً